الكتاب الذي أؤلفه هو صديقي الذي أؤثر فيه ويؤثر في.
كان أول ما ألفت كتابا باسم «مقدمة السبرمان» وذلك في 1909 وأنا في لندن أعاني اختمارات ذهنية كثيرة انفجر بعضها في هذا الكتاب. والآن بعد خمسين سنة أجدني لم أتغير عما قلت في ذلك الكتاب. بل كل ما حدث أني توسعت وتعمقت؛ ففي هذا الكتاب إشارات أو فصول موجزة عن: التطور، الاشتراكية، برناردشو، إبسن، الدين والعلم، حرية الفكر، داروين ... إلخ.
وهذه الإشارات أو الفصول قد صارت بعد ذلك مؤلفات ومجلدات أثرت في حياتي وأخصبتها وأدخلتني السجن وأسعدتني بدراسات وألهمتني خططا ما زلت في نتائجها ومناهجها.
وفي 1914 أخرجت أول مجلة أسبوعية في مصر باسم «المستقبل». والاسم نفسه يحوي دلالة لحياتي بعد ذلك؛ فقد كافحت دعاة الفعل الماضي الذين يعوون بشأن التقاليد. كما دعوت إلى العلم الذي نبني به مستقبلنا. وأجد في أحد الأعداد مقالا بعنوان «الله» يحوي أفكارا يمكن أن توصف عند الصديق بالحرية وعند العدو بالإلحاد.
وفي 1916 وجدتني أدعو في جريدة الأخبار إلى إلغاء الطربوش. وكان يحفزني على ذلك إحساس بأنه شارة الاستعمار التركي لمصر.
وكنت في إخراج مجلة المستقبل ودعوتي فيها إلى الاشتراكية وإلى المادية، ثم بعد ذلك في اقتراحي إلغاء الطربوش، مسوقا بالكتاب الصغير الذي ألفته في 1909 بعنوان «مقدمة السبرمان».
وحررت بعد ذلك مجلة الهلال سبع سنوات أخرجت فيها هذه الكتب. وهي جميعها امتداد وتوسع وتعمق لما جاء في مقدمة «السبرمان»: حرية الفكر، العقل الباطن، أحلام الفلاسفة.
ثم عملت في تحرير البلاغ فنشرت فيه مقالات جمعت بعد ذلك كتابا باسم «نظرية التطور وأصل الإنسان».
ومؤلفاتي في السيكلوجية - من «العقل الباطن» إلى ما تلاه من الكتب - هي امتداد لنظرية التطور؛ لأن العقل الباطن هو الحيوان الكامن في الإنسان.
واتجاهي الاشتراكي الحاضر هو امتداد للفصل الموجز الذي خصصته عن الاشتراكية في هذا الكتاب الأول الذي ألفته في 1909. وكنت وقتئذ عضوا بالجمعية الفابية الاشتراكية الإنجليزية.
Bilinmeyen sayfa