İslam'da Eğitim: Kabisî'nin Görüşüne Göre Eğitim
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Türler
وتختلف فكرة الإلزام التي نبسطها عند القابسي عنها في الدول الحديثة؛ ووجه الخلاف راجع إلى تطور النظم الاجتماعية، وتطور الفكرة عن الدولة ووظيفتها. والرأي الحديث أن الدولة مكلفة تعليم جميع أبناء الشعب حتى سن معينة دون أجر، فالتعليم واجب على الدولة تنفق عليه من خزائنها. ومن ناحية أخرى على الشعب واجب العلم، وهو واجب قانوني يعاقب صاحبه بالغرامة إذا لم يؤده. ولم تفصل الحقوق والواجبات في العصور القديمة هذا التفصيل، وإنما كانت الحقوق والواجبات كلها دينية، والعقاب عليها مستمدا من الدين، ويقوم الحاكم أو الوالي بتنفيذ هذه العقوبات. أشار القابسي إلى شيء من ذلك إذ سأله سائل عن حالة الوالد الذي يمتنع عن إرسال ابنه إلى الكتاب يتلقى الدين والعلم «هل للإمام أن يجبره؟» فأجاب القابسي أن ليس للإمام أن يجبره، وإنما يوعظ ويؤثم. وإذن فقد عرضت المسألة على بساط البحث، وأوشكت أن تتم أركان الإلزام من ناحية الدولة، لولا تردد الفقهاء في الحكم؛ لأن عقاب الوالد في حالة الامتناع عن إرسال ابنه إلى الكتاب يحتاج إلى دليل شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع، وليس فيها مثل هذا النص.
على أن المسألة اتجهت وجهة أخرى هي تطوع الأغنياء والأمراء بالإنفاق على الكتاتيب وإجراء الأموال عليها لتستمر على الحياة، وإذا تيسر افتتاح الكتاتيب وإقامة المسلمين فيها بالأجر، فليس ما يمنع الناس من إرسال أبنائهم إليها، ويحل عمل الأمراء محل الدولة. هؤلاء هم المحسنون الذين أشار إليهم القابسي. وقد كانت هذه العادة متبعة فعلا بتأثير حث الفقهاء الناس على طلب العلم والتعليم، والإشادة بفضل العلم.
وفي كتب التاريخ والتراجم إشارات كثيرة إلى المساعدات العظيمة التي قام بها الأمراء لافتتاح الكتاتيب.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تطورت الفكرة إلى شيء أسمى من ذلك وأكثر استقرارا وأشد ضمانا لحياة الكتاتيب، وفي حياتها حياة لتعليم الصبيان، تلك هي رصد الأوقاف على الكتاتيب والمدارس، وبذلك تتم حلقات هذه السلسلة الطويلة في تاريخ التعليم، والجهاد في سبيل نشره وإلزامه؛ إذ تبدأ بالتطوع ثم تستقر شيئا فشيئا مع الزمان حتى تنتهي إلى الوقوف عند الأوقاف المرصودة على التعليم. (6) تعليم الإناث
وتتم هذه الحلقة في إلزام التعليم بإشراك البنت إلى جانب الولد في هذه الفضيلة. وقد أقر القابسي هذا المبدأ لها، واعترف بحقها في التعليم وهو يقرر ذلك في سبيل الدين؛ لأن المؤمنين والمؤمنات مكلفون جميعا بنص القرآن، ولا تتيسر معرفة الدين إلا بنوع من التعليم.
ولم يكن تعليم المرأة في الإسلام بدعة، فالمعروف أن كثيرا من النساء نبغن في العلم والأدب والشعر، وجاء ذكرهن ونوادرهن في كتب الأدب والتاريخ، ولكن المسألة هي إلزام تعليمهن لا على سبيل الزينة بل على الوجوب الديني. فإذا أفتى الفقهاء بوجوب تعليمهن بأسانيد دينية، فليس ما يمنع من تعليمهن كما يتعلم الصبيان، وليس ما يمنع من ذهابهن إلى الكتاتيب في الصغر. فانتشار التعليم في البنات روح جديد لم يكن معهودا في الزمن الأول للإسلام. أما الذي كان معروفا في بدء الإسلام، وقبل الإسلام، فهو أن عددا قليلا يعد على أصابع اليد الواحدة من النساء كن يعرفن القراءة والكتابة؛ والأمر في ذلك يشبه عدد الرجال الذين كانوا يقرءون ويكتبون عندما أقبل الإسلام.
عن البلاذري: «قال النبي للشفاء بنت عبد الله العدوية من رهط عمر ابن الخطاب، ألا تعلمين حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة؟» وكانت الشفاء كاتبة في الجاهلية.
ثم عدد البلاذري بعض النساء الكاتبات منهن «حفصة زوج النبي، وأم كلثوم بنت عقبة، وعائشة بنت سعد التي قالت: علمني أبي الكتاب.»
11
هذا ما كان من شأن المتعلمات في فجر الإسلام، وقد استمرت هذه السنة متبعة جيلا بعد جيل، فكان الأمراء يعلمون بناتهم في داخل القصر ويجلبون لهن المعلمين والمؤدبين.
Bilinmeyen sayfa