İslam'da Eğitim: Kabisî'nin Görüşüne Göre Eğitim
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Türler
ونعود إلى ذكر بعض الشواهد التي تؤيد الرأي الذي نقول به، وهو أن اتباع منهج أهل الحديث يؤدي إلى التقييد والجمود. وجاء عن محور الألواح: «... وحدثني موسى عن جابر بن منصور، قال: كان إبراهيم النخعي يقول: من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد. قال محمد: وفي هذا دليل أنه لا بأس أن يلعط الكتابة بلسانه. وكان سحنون ربما كتب الشيء ثم يلعطه.» 60-أ. وفي هذا وصف لما كان يفعله أهل ذلك الزمان في محو ألواحهم. وقد أجاز القابسي تلك الطريقة؛ لأنه يعتمد في أحكامه على آراء الفقهاء من شيوخه، ولا يحيد عنها إلا بالتنظير والتفريع. ومحو الألواح من الأمور المتعلقة بالنظافة والقذارة لا بالنجاسة والطهارة. ولا حاجة لمن يريد الاستدلال على طريقة محوها إلى الاعتماد على آثار السابقين؛ إذ إنه من القذارة أن يلعط الإنسان الكتابة باللسان، وأن يقع أثر المداد على أثواب الرجال، فهو مفسدة للثوب، ولا مروءة فيها؛ لأن المروءة تتعلق بالعطف على الناس ومساعدتهم. وإذا نظرنا إلى هذه المسألة على أنها مظهر من مظاهر العرف المألوف، فمن العرف ما هو حسن، ومنه ما هو قبيح. وقد أجاز القابسي من العرف ما رآه حسنا، وقبح ما استهجنه كما رأينا.
ومثال آخر لهذا التقييد مسألة تعليم المسلم النصراني أو العكس: «قال ابن وهب سمعت مالكا سئل عن الذي يجعل ابنه في كتاب العجم، يعلمه به الوقف، فقال: لا. فقيل له: فهل يعلم المسلم النصراني؟ فقال: لا. فقيل فيعلم أبناء المشركين الخط؟ فقال: لا.» 47-ب، وفي تعليق القابسي على ما سبق أن: «الكافر نجس، ولذلك ينهى أن يعلموا الخط العربي، والهجاء العربي؛ لأنهم يصلون بذلك إلى مس المصحف إذا أرادوه.» 48-أ.
هذه الآراء بدأت منذ عهد مالك أو قبله بقليل، واستمرت إلى عصر القابسي الذي قبلها كما قبل آراء مالك كلها. ومع ذلك فهذه الأحكام عرضة للمناقشة والنقد. فقد قبل النبي فداء بعض المشركين في غزوة بدر بأن يعلموا عشرة من أبناء المسلمين الكتابة. وظلت صناعة الكتابة وتدوين الدواوين في أيدي الفرس والروم إلى أواخر الدولة الأموية. فلما تم إسلام أهل البلاد المغلوبة، أصبح من الحرام أن يعلم المسلم النصراني أو يعلم النصراني المسلم. ولماذا لم يكن هذا حراما قبل ذلك؟ وإذ فهمنا أن النصراني لا يعلم أبناء المسلمين خشية أن يحولهم عن دينهم، فلماذا يحرم على المسلمين تعليم أبناء النصارى في سبيل نشر الدين الإسلامي؟ وأغرب من ذلك النهي عن تعليم الخط العربي والهجاء العربي الذي إذا تم على ما يشتهون، انقطعت الصلة بين المسلمين وبين غيرهم من أبناء الديانات الأخرى، مما هو مخالف لطبيعة العمران، وما هو معروف من قوانين الاجتماع. وسلطان الحياة أقوى من سلطان الآراء. وليس أبلغ في دحض حجة القابسي مما نفعله في العصر الحاضر، من الأخذ عن المستشرقين، وإرسال البعوث الأزهرية إلى شتى أنحاء العالم لنشر الدين وتأليف لجنة لترجمة معاني القرآن الكريم.
والموضوع الذي طرقه القابسي هو التعليم، الذي يعتبر فرعا من العلوم الاجتماعية.
34
إذا اعتبرنا العلوم ثلاثة أقسام: رياضية، وطبيعية، واجتماعية.
هل المنهج الذي اتبعه القابسي يصلح في كشف حقائق هذا العلم؟ هل هذا المنهج يعتبر من مناهج العلوم الاجتماعية ومظاهر الحياة الإنسانية في الماضي والحاضر، سواء أكانت صادرة عن شعور أم عن لا شعور؟
التعليم هو دراسة الإنسان لا الطبيعة أو الرياضة. فهو فرع من العلوم الاجتماعية.
ويتبع في بحث العلوم الاجتماعية طرق ثلاث. (1)
طريقة الاستقراء التي تبدأ بالمشاهدة الخارجية وتنتهي بكشف القوانين، كما نفعل في بحث العلوم الطبيعية. (2)
Bilinmeyen sayfa