İslam'da Eğitim: Kabisî'nin Görüşüne Göre Eğitim

Ahmed Fuad Ahvani d. 1390 AH
116

İslam'da Eğitim: Kabisî'nin Görüşüne Göre Eğitim

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Türler

فالمعلم يعبس لصبي واحد لأنه ارتكب جرما يستأهل هذا اللون من العقاب. ولكن باقي الصبيان يشهدون دون شك هذا المظهر ويتأثرون به عن طريق العظة والعبرة. والقابسي يخشى إذا أدام المعلم العبوس أن يستأنس الصبيان بهذا السلوك فلا يتأثرون منه. والأمر كذلك في جميع أنواع العقاب، فالمبالغة في التهديد أو العذل أو الضرب يعتادها الصبيان فلا تفيد الأثر المطلوب في التأديب.

ثم عقوبة التقريع بالكلام من العقوبات التي لا تؤثر أثرها إلا إذا وقعها المعلم على الصبي في مواجهة غيره من الصبيان. ذلك أن الغرض من التقريع إذلال الصبي، وإسقاط منزلته، واحتقار شأنه. ولا يذل الصبي إلا بالنسبة إلى غيره من الرفقاء، ولا تسقط منزلته إلا بالإضافة إلى غيره من الزملاء. واحتقار شأنه المقصود منه خفض منزلته عن مستوى أقرانه لا مستوى معلمه، حيث كانت سلطة المعلم وقدره فوق مرتقى الصبي بطبيعة الحال. وفي هذا التقريع عظة لجميع الصبيان الحاضرين في الكتاب المشاهدين لهذا التعريض، فهم يخشون أن يقع بهم مثل ما يقع بمن يوجه إليه التشهير.

إلى جانب ذلك نجد القابسي يلجأ إلى استشارة والد الصبي إذا استحق العقاب زيادة عن ثلاث ضربات. وإذا بلغ الأمر حد إخبار آباء الصبيان واستشارتهم، فإن المسألة لن يحوطها الكتمان، وإنما تخرج إلى العلانية فيعلم بها جميع الصبيان. وفي هذا عظة لهم لأنهم يخشون عقاب الآباء أكثر من خشيتهم عقاب المعلم.

واستئذان آباء الصبيان في العقاب يحمل فائدة تهذيبية كبيرة. فهو دليل على التعاون بين البيت والمدرسة، وبين الوالد والمعلم؛ لأن كليهما يقول بتأديب الصبي، ويرمي إلى رياضته وتهذيبه. والمعلم - كما يقول القابسي - في منزلة الوالد. ولا يخفى أن سلطان الوالد على ولده أقوى وأشد من سلطان المعلم على الصبي؛ لأن الوالد هو الذي يقوم بالنفقة على ابنه، وهو الذي يتعهده بالتربية منذ الصغر حتى يبلغ السن التي يذهب فيها إلى الكتاب. وهو الذي يرعاه في الصباح الباكر قبل الانصراف إلى العلم، كما يرعاه مع الضحى حين أوبته من الكتاب. فالوالد يلازم ابنه ملازمة تجعل الابن يشعر بحاجته الدائمة في معاشه وفي منزلته الاجتماعية. لذلك كان سلطان الأب طبيعيا على ابنه، ويتبع ذلك خشية الابن من سطوة أبيه عليه، وخوفه من غضبه وعقابه. فالصبي يخاف أن يعلم والده بما يرتكب من ذنوب في الكتاب، ولذلك يحاول جهده تجنب ارتكاب هذه الذنوب.

ومما يدل على أن القابسي لا يرى بالعقوبة العلانية بأسا، أنه يرخص للمعلم أن يعهد إلى أحد الصبيان بالضرب إن أمن المعلم ألا يتجاوز الصبي في ضربه الحدود الموضوعة، وكان للمعلم عذر في تخلفه عن الضرب.

على أن القابسي نقل عن سحنون ووافقه في ذلك، أن الأصل هو قيام المعلم بنفسه بتوقيع العقوبة على الصبيان. ثم عاد القابسي فذكر عن سحنون إباحة تأديب الصبيان بعضهم بعضا.

ونحن نحبذ رأي القابسي الذي بدأ به، وهو قصر توقيع العقاب بواسطة المعلم وحده، والتنبيه على عدم إباحته للصبيان الذين: «تجري بينهم الحمية والمنازعة، فقد يتجاوز الصبي المطبق فيما يؤلم المضروب.» 56-ب.

ولا ندري لماذا عاد القابسي فأباح العقاب لأحد الصبيان بعد ذكر هذه الأسباب الوجيهة المانعة لولاية الصبي الضرب مما يخالف مبادئ التربية.

وعندنا أن هذه المسألة كانت تجري على عرف الناس في الكتاتيب، فأجازها سحنون كما أجازها القابسي مع التقييد والحيطة.

هذه خلاصة ما ذكره القابسي في العقاب، متمشيا مع روح الإسلام في مبادئه وأصوله، حيث يبدأ بالرفق وينتهي بالشدة، ويضع الأمور موضعها فيقرر العقوبة الملائمة للذنب، ويأخذ الصبيان بالشدة في رفق، وينصح بالحزم في غير قسوة، مع مراعاة الروح الإنساني وعاطفة الرحمة.

Bilinmeyen sayfa