Tarajim Mashahir
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Türler
شكل 13-1: الأمير عبد الرحمن خان (ولد سنة 1830 وتوفي سنة 1901).
وما زالت أفغانستان تابعة لدولة بابر حتى ظهر نادر شاه القائد الفارسي الشهير بنابليون الشرق (راجع ترجمته في الهلال 22 سنة 7)، فكان من جملة غزواته أنه فتح قندهار وكابل سنة 1737، واكتسب ثقة الأفغانيين فأحبوه وانتظموا في جنده وفي جملتهم شاب شجاع اسمه أحمد خان الدراني من قبيلة العبادلة، وكان يعرف بأحمد خان العبدالي.
شكل 13-2: تيمورلنك القائد المغولي الشهير.
وظلت أفغانستان في حوزة الفرس عشر سنوات، فلما قتل نادر شاه سنة 1747 اختار الأفغانيون أحمد المذكور أميرا عليهم، فأصبحت أفغانستان مملكة مستقلة وملكها أحمد العبدالي، وقد سموه أحمد شاه، فتولى حكومتها بضعا وعشرين سنة، وفتح بلادا كثيرة أخضعها للأفغان، فأصبحت مملكته تمتد من بحر قزوين غربا إلى حدود الهند شرقا، ومن أشهر حروبه واقعة بني بتان قرب دهلي حارب بها قبائل المهراتة من الهنود الوثنيين في 6 يناير سنة 1761 والمهراتة يومئذ في إبان بطشهم، وقد أعجزوا أعاظم السلاطين التيمورية في الهند حتى طمعوا بنزع السلطة من أيدي المسلمين، وكانت جنود الهند في تلك الواقعة ثمانين ألفا، وجند أحمد شاه ستين ألفا نصفهم من الأفغان، ولم يكن أحمد شاه يعتمد في حروبه على سواهم، فانهزمت المهراتة شر هزيمة ونكل بها الأفغانيون تنكيلا عظيما، فطار صيت أحمد شاه في أقطار الهند وهابه الملوك والأمراء، وانتشرت سطوته هناك ففتح بنجاب وكشمير والسند وما والاها.
ثم بلوجستان ومكران وبلخ وغيرها، واتسعت مملكة الأفغان في أيامه اتساعا عظيما، ونالت ثروة وسطوة لم تبلغ لهما قبله ولا بعده، وأحبه رعاياه وأكرموه حتى لقبوه ببابا، وصار اسمه «أحمد شاه بابا».
شكل 13-3: نادر شاه ، الفاتح الفارسي الشهير.
ولكن الممالك القائمة بقوة سلطانها أو أميرها فقط لا تلبث إذا هو مات أن تسقط حتى يقوم من يقيمها بعده، خلافا للحكومات المؤسسة على النظام والمقيدة بالشورى، فإن موت الملك قلما يؤثر فيها. ومات أحمد شاه سنة 1773 فخلفه ابن له اسمه تيمور، وكانت قصبة المملكة قندهار فجعلها كابل وهي لا تزال قصبة أفغانستان إلى الآن. وكان تيمور هذا حكيما عاقلا فاجتهد في استبقاء ما خلفه أبوه من العز فبقيت المملكة سعيدة طول أيامه، وتوفي بعد عشرين سنة، وخلف 23 ولدا، خلفه منهم ابنه الخامس شاه زمان، وقام النزاع بين الإخوة فتضعضعت المملكة وخرج كثير من الولايات من حوزتها، وصار القواد يختطفونها والأعداء يسطون عليها مما يطول شرحه، حتى أفضى الأمر إلى انقسامها، فاستولى على كابل أحد القواد من قبيلة الباركزائية واسمه دوست محمد (جد عبد الرحمن أمير الأفغان) في أوائل القرن الماضي، وطمحت مطامع نابليون بونابرت في أثناء ذلك إلى أواسط آسيا فبعث الجواسيس إلى أمرائها وملوكها وفي جملتهم شاه الأفغان، فخاف الإنكليز عاقبة تلك الدسائس فبعثوا سفيرا إلى الشاه سنة 1809 لمقاومة دسائس بونابرت، وكان ذلك أول علاقات الإنكليز بالأفغان، ثم سطا الفرس على الأفغان فحاصروا هرات سنة 1837 وتحرك الروس فخاف الإنكليز على أغراضهم، فأرسلوا سفيرا اسمه بارنس ليقيم في كابل، وازدادت العلائق بعد ذلك بين دوست محمد وإنكلترا، وكتبت المعاهدات وإنكلترا تنصره على كل مهاجم أو منازع، وكان دوست محمد شاه هذا حكيما ينظر في شئونه بعين الحكمة والدراية فاستفاد من علائقه الحسنة مع إنكلترا فائدة كبرى.
وتوفي دوست محمد عام 1863 ونذكر من أولاده ثلاثة، وهم: أفضل خان، وأعظم خان، وشير علي خان، وكان هذا أصغرهم، ولكن أباه اختصه بولاية العهد من دونهم فشق ذلك على أخويه، وقام النزاع بين الإخوة وشبت الحروب الداخلية، فكان النصر حليف شير علي خان حتى قبض على أخيه أفضل خان (والد الأمير عبد الرحمن) وألقاه في السجن، وكان عبد الرحمن شابا لا يزيد عمره على العشرين عام، ففر إلى بخارى ثم عاد إلى أفغانستان، وانضم إلى جيش عمه أعظم خان، وحارب معه حتى تمكن من دخول كابل بجيشه ظافرا، ثم طارد شير علي خان وتغلب عليه في مواقع كثيرة.
ثم عاد شير علي ومعه القبائل والأحزاب فأخرج عبد الرحمن من كابل، فأراد الالتجاء إلى الهند فمنعه حاكمها من الدخول إليها فاحتمى بروسيا نكاية بإنكلترا، وأقام عبد الرحمن بين سمرقند وتشقند عشر سنوات، والحكومة الروسية تجري عليه راتبا يزيد على مائة وخمسين جنيها في الشهر. (2) الأمير عبد الرحمن
هو عبد الرحمن خان بن أفضل خان بن دوست محمد خان، ولد عام 1830 ونشأ منذ نعومة أظفاره بين الفتن والحروب بما قام من التنازع على النفوذ في أفغانستان بين الروس والإنكليز. ناهيك بما استحكم من الخصام بين والده أفضل خان، وأعمامه أولاد دوست محمد خان، لكن عبد الرحمن يناضل عن والده نضالا حسنا، واشتهر بالشجاعة والإقدام، ولم تبق بقعة في أفغانستان لم تتلوث أرضها بدماء قتلاه. حتى إذا حمي وطيس الحرب بعد دخول الإنكليز لجأ هو إلى الروسيين وتلك عادة أمراء الأفغان في مثل هذه الأحوال. فأجرى القيصر عليه الرواتب والوظائف حتى كانت سنة 1880 وخلت كرسي الملك في كابل فأقامه الإنكليز عليها على أن يراعي جانبهم .
Bilinmeyen sayfa