Tarajim Mashahir

Curci Zeydan d. 1331 AH
138

Tarajim Mashahir

تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)

Türler

(1) نشأته الأولى

ولد مدحت باشا

1

في الآستانة سنة 1822 ووالده الحاج علي أفندي أصله من روستشوك. نشأ مدحت في حجر أبيه، ولم يتلق من العلم في صباه إلا المبادئ الأولية، وكان يتنقل مع أبيه ويقيم حيثما أقام حتى استقر في الآستانة سنة 1836 وشب هناك وفيه ذكاء وهمة. وأهل الهمم والمطامع في ذلك العهد كانت تتوجه رغائبهم إلى خدمة الحكومة، فألحق مدحت أولا بسكرتارية الصدارة العظمى في الآستانة، وتنقل منها إلى مناصب مختلفة في الولايات، فأقام في دمشق سنتين ثم عاد إلى الآستانة سنة 1844 وبرحها إلى قونية سكرتيرا لمجلس تألف تحت رئاسة سامي بكير باشا، وارتقى سنة 1849 إلى سكرتير ثاني لمجلس الولاية، وفي سنة 1851 صار سكرتيرا أول له.

شكل 43-1: مدحت باشا، أبو الأحرار (ولد سنة 1822 وتوفي سنة 1883).

واتفق أن قبرصلي محمد باشا قائد جند الشام أساء التصرف في بعض الشئون المتعلقة بالأموال غير الأميرية في دمشق وحلب فاقتضت الحال انتداب من يتحرى الأسباب، ويحكم بما يتراءى له، فانتدبوا مدحت فسافر، وبعد ستة أشهر عاد وقد نظم مسألة الجمارك هناك ورد إلى خزينة الدولة 150000 ليرة عثمانية، وأثبت اشتراك القائد المشار إليه في الاضطرابات التي حصلت وأشار بعزله ، وأظهر مدحت في قضاء هذه المهمة ذكاء واقتدارا استلفتا انتباه الصدر الأعظم رشيد باشا، فولاه منصبا هاما في المجلس العالي فبقي في ذلك المنصب أثناء صدارة رشيد باشا وعالي باشا ورفعت باشا، وفي هذا المنصب عرف دخائل الأمور، واطلع على المخابرات المهمة التي دارت بين رفعت باشا وهو وزير للخارجية والبرنس منتشكوف مندوب قيصر الروس قبل حرب القرم.

وفي سنة 1854 أفضت الصدارة إلى قبرصلي محمد باشا الذي كان مدحت قد أشار بعزله عن الشام، فأراد الانتقام لنفسه من ذلك الشاب الجريء، فعهد إليه حل أعقد المسائل السياسية وأدقها يومئذ، وهي مسألة البلقان، وكانت ثائرة وقد تكاثرت فيها العصابات المتمردة، فوكل إليه تسكين الثورة وتنقية البلاد من العصابات، فذهب في هذه المهمة ونجح فيها نجاحا باهرا، ولما عاد من سفرته كان رشيد باشا قد رجع إلى الصدارة، ودارت المداولة بينه وبين عالي باشا بشأن منح الولايات العثمانية استقلالا إداريا

Decentralisation

وأخذ في وضع القوانين اللازمة لذلك، فقدم مدحت تقريره عن مهمته فأعجب الصدر الأعظم باقتداره، فعقد له على أهم ولايات الطونة (بلغاريا) على أن يجرب فيها الاستقلال الإداري، فحدث تغيير فجائي في الوزارة حال دون كل إصلاح.

وتعين بعد مدة قصيرة مندوبا خصوصيا لتفتيش ولايتي أيدن وسيلسترية؛ لأنهما كانتا قد تمردتا على الدولة فقضى تلك المهمة كما قضى مهمة سوريا من قبل، واطلع بذلك على مواضع الضعف في نظام الولايات، ورأى الخلل السائد فشكا الولاة فسعوا لدى الباب العالي في تبرئة أنفسهم، فأمر السلطان عبد المجيد يومئذ بإعادة النظر، وخاف العقلاء أن يتغلب الباطل، فرفع خير الدين أفندي أحد العلماء المشهورين في الآستانة تقريرا أيد به أقوال مدحت.

Bilinmeyen sayfa