2

İlim Bağlanmış

تقييد العلم للخطيب البغدادي

Yayıncı

إحياء السنة النبوية

Yayın Yeri

بيروت

Bölgeler
Irak
İmparatorluklar
Selçuklular
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، الْأَغَرِّ الْأَكْرَمِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى الصَّادِقِ الْأَمِينِ، النَّاطِقِ الْمُبِينِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا الْمُخْتَارِ، وَعَلَى إِخْوَانِهِ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَبْرَارِ، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَابِعِيهِمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لِلْعُلُومِ مِحِلَّيْنِ: أَحَدُهُمَا الْقُلُوبُ، وَالْآخَرُ الْكُتُبُ الْمُدَوَّنَةُ، فَمَنْ أُوتِي سَمْعًا وَاعِيًا، وَقَلْبًا حَافِظًا، فَذَاكَ الَّذِي عَلَتْ دَرَجَتُهُ، وَعَظُمَتْ فِي الْعِلْمِ مَنْزِلَتُهُ، وَعَلَى حِفْظِهِ مُعَوَّلُهُ؛ وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الْحِفْظِ قَلْبُهُ، فَخَطَّ عِلْمَهُ وَكَتَبَهُ، كَانَ ذَلِكَ تَقْيِيدًا مِنْهُ لَهُ، إِذْ كِتَابُهُ عِنْدَهُ آمِنٌ مِنْ قَلْبِهِ، لِمَا يَعْرِضُ لِلْقُلُوبِ مِنَ النِّسْيَانِ، وَيَنْقَسِمُ الْأَفْكَارُ مِنْ طَوَارِقِ الْحَدَثَانِ. وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ»، فَحَمَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ حُكْمَ كِتَابِ الْعِلْمِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ، وَكَرِهُوا أَنْ يُكْتَبُ شَيْءٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ فِي الصُّحُفِ، وَشَدَّدُوا فِي ذَلِكَ وَأَجَازَ آخَرُونَ مِنْهُمْ كِتَابَ الْعِلْمِ وَتَدْوِينَهُ، وَأَنَا أَذْكُرُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَأُبَيِّنُ وَجْهَهَا وَأَنَّ كَتْبَ الْعِلْمِ مُبَاحٌ غَيْرُ مَحْظُورٍ، وَمُسْتَحَبٌّ غَيْرُ مَكْرُوهٍ. وَبِالِلَّهِ تَعَالَى أَسْتَعِينُ، وَهُوَ حَسْبِي، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

1 / 28