القول في أسماء أنواع الحجج
التي بها ابتلينا بعلم ما شرع الله تعالى من أحكامه ولزمنا العمل بها، وبها يمتاز البعض عن البعض بعرف لسان الفقهاء، وهذه الأسماء أربعة: الآية، والدليل، والعلة، والحال.
فأما الحجة: فاسم يعم الكل، وكذلك البينة والبرهان.
وتفسير الحجة: أنها اسم من حج إذا غلب، يقال: لج فحج أي غلب، وحاججته فحججته أي: غلبته ألزمته بالحجة حتى صار مغلوبًا.
فسميت الحجة حجة لأن حق الله تعالى يلزمنا بها، ويجعلنا مغلوبين في المناظرة مع الله تعالى بانقطاع العذر بها.
ويحتمل أن يقال بأن الاسم مأخوذ من معنى وجوب الرجوع إليه عملًا به من قول الشاعر:
يحجون سب الزبرقان المزعفرا
أي يرجعون إليه معظمين إياه، ومنه: "حج البيت".
ألا يرى أن الله تعالى سمى البيت مثابة للناس كما يسمى من الحج محجة، والمثابة المرجع، وسواء أوجبت علم اليقين أو دونه لأن العمل يلزمنا بنوعي العلم على ما يأتيك بيانه من بعد في باب خبر الواحد والقياس.
وكذلك البينة: وهي من البيان قال الله تعالى: ﴿فيه آيات بينات﴾ أي ظاهرات، وهذا لأن الحجة إنما يجب العمل بها إذا ظهر للقلب وجه الإلزام منها، وسواء ظهر ظهورًا أوجب علم اليقين وما دونه لأن العمل يجب بها على ما قلناه.
وكذلك البرهان: اسم للحجة على العموم لغة، وأنواعه أربعة على ما قلنا.
أما الآية: فاسم على الإطلاق لما يوجب علم اليقين، ولذلك سميت معجزات الرسل آيات، قال الله تعالى: ﴿ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات﴾، وقال تعالى: ﴿فاذهبا بآياتنا﴾ وهي المعجزات لأن المعجزة توجب علم اليقين بنبوة الرسل. وتفسيرها لغة: العلامة، قال الشاعر:
1 / 13