Delillerin Tespitinde Usül-i Fıkıh
تقويم الأدلة في أصول الفقه
Araştırmacı
خليل محيي الدين الميس، مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
Türler
وقال الله تعالى: ﴿وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي﴾ أي أنكحت بالإجماع فاستعارت المرأة الهبة للنكاح لاتصال بينهما سببًا، فإن الهبة وإن وضعت لتمليك الرقبة فإنه يتصل بتمليك ملك المتعة اقتضاء، فإن من ملك جارية هبة ملكها متعة وحل له وطؤها إلا بمانع كالعقد سبب لتمليك الوطء إلا بمانع.
ولما كان لفظ تمليك الرقبة سببًا لملك المتعة صح استعارة الألفاظ المملكة للأعيان لعقد النكاح الموضوع لملك المتعة، وصحت الاستعارات بهذين المعنيين من كل متكلم لأن سبب صحة الاستعارة هذا الاتصال الذي أشرنا إليه، وهذا مما يقف عليه كل متكلم إذا تأمل لأن هذا السبب الذي به صحت الاستعارة سمعًا مما يوقف عليه بالتأمل.
وكان هذا من حجج الشرع كالمقاييس التي أقيمت مقام النصوص لا يتبع فيها السماع، ويصح من كل قايس لأن المسموع من القياس إنما صح لأن النص كان معلومًا بوصف منه لتبين أثره دون سائله فيه في إيجاب ذلك الحكم، ولما صح من السلف بهذا المعنى صح من كل قائس فإن المؤثر مما يوقف عليه بالتأمل في نظائره، والبحث عن وجوه الطلب والاستعارة أمر شائع من الخطباء والكتبة والشعراء حتى استحق الواحد منهم المدح بإبداع الاستعارات والتعريضات فتبين أن المجاز أحد نوعي الكلام.
والنوع الآخر هو الحقيقة، وأن للمجاز من الأنواع والعموم والأحكام ما للحقيقة لأنه مستعمل بمنزلته إلا أن المطلق من الكلام لحقيقته حتى يقوم الدليل على مجازه، لأن معنى الحقيقة أصل منه، والثاني طارئ عليه فلا يثبت ِإلا بدليله.
ومن المتأخرين من ظن أن المجاز لا عموم له، وأنه غلط لأن الاستعارة إقامة المستعار من اللفظ مقام الحقيقة لذلك المسمى الذي استعير له، لولاه لكان المتكلم به مخلًا بالغرض فكان لا يحسن التكلم به.
فلما كان المستعار أحسن من الحقيقة علم أنه مثله في البيان وأربى عليه بحسن الصيغة.
وتبين أن حد المجاز ما أثبت المراد بالكلام بظاهره كذلك مجازًا إلا بما لم يتكلم به من ضمن أو اقتضاء ونحوه كما يكون بعينه لو تكلم بالحقيقة الصريح.
وتبين بما قلنا أن اللفظ الواحد لا يشتمل على الحقيقة والمجاز لأنهما مختلفان لا يجتمعان كالثوب على البدن لا يجوز أن يكون عارية وملكًا في وقت واحد، وكانا عن الانتظام أبعد من المعاني التي تشترك تحت لفظ واحد؛ وقد مر أن المشترك لا عموم له فهذا أولى.
ولهذا لم يجعل علماؤنا المس حدثًا لأن الجماع مراد بقوله: ﴿أو لامستم النساء﴾ وهو مجاز فبطل أن تكون الحقيقة مرادة وهو المس.
1 / 120