خليج القلزم الذي على شرقي أوله أرض اليمن وعدن، وعلى غربيه: أرض الحبشة ورأس بربرة والخليج البربري، وكل واحد من هذه يسمى بحرا على حدة لعظمه، وأكثر ما يبلغ سالكو البحر الأعظم من جانب المغرب سفالة الزنج، ولا يتجاوزونها؛ وسببه أن هذا البحر طعن في البر الشمالي في ناحية المشرق، ودخله في مواضع كثيرة، وكثرت الجزائر في تلك المواضع وعلى مثله بالتكافي طعن البر في البحر الجنوبي في ناحية المغرب، وسكنه سودان المغرب، وتجاوزوا فيه خط الاستواء إلى جبال القمر التي منها منابع نيل مصر، فحصل البحر هناك فيما بين جبال وشعاب ذوات مهابط ومصاعد، يتردد فيها الماء بالمد والجزر الدائمين، ويتلاطم فيحطم السفن، ويمنع السلاك، ومع هذا فليس يمنعه عن الاتصال ببحر أوقيانوس من تلك المضايق.
ومن جهة الجنوب وراء تلك الجبال فقد وجدت علامات اتصالهما، وإن لم يشاهد، وبذلك صار بر المعمورة وسط ما قد أحاط به باتصال، وفي خلال هذا البر مستنقعات مياه كثيرة مختلفة المقادير، فمنها ما استحق بعظمته اسم البحر كبحر نيطش الأرمني وبحر الروم وبحر الخرز.
وإذا تقرر جملة المعمورة قلنا: إن الأرض قسمت إلى أقسام تقوم مقام الأجناس وهي مختلفة عند الأمم وأولاها التسبيع بالأقاليم الممتدة من شرق الأرض إلى غربها بالتلاصق في العرض، والإقليم هو الناحية والرستاق، والأصل فيها أن الاختلافات المحسوسة إنما تكون بالمسير في العروض وأظهرها لعامة الناس اختلاف النهار والليل فجعلوا ما يوجب تفاوت نصف ساعة إقليما حسبما تقدم ذكره. وهذا ما اخترناه من كلام أبي الريحان.
Sayfa 16