المبحث الرابع
الوظائف التي شغلها
لم تذكر كتب التراجم عن حياة أبي بكر الباقلاني شيئًا يذكر قبل التحاقه بالمجالس التي كانت تعقد في قصر عضد الدولة البويهي، والتي أحضر من البصرة لأجل يمثل رأي الأشاعرة فيها. ويبدو من قصة اختياره لذلك أنه كان على جانب عظيم من الشهرة، فقد رشحه قاضي قضاة المعتزلة مع شيخه ابن مجاهد مع حداثة سنه، وفعلًا التحق بهذه المجالس، وشارك في العديد من المناظرات. وكما يبدو أنه انقطع لهذه المهمة في مجالس عضد الدولة، ويعتبر هذه عملًا كلفه به عضد الدولة البويهي.
ونظرًا لإعجاب عضد الدولة بالباقلاني اختاره مربيًا لولده الذي سمي فيما بعد بصمصام الدولة. ألف له أثناء تأديبه له كتاب التمهيد ليعلمه عقيدة الأشاعرة، التي كما يبدو أنه اقتنع بها عضد الدولة بعد أن كان يعتقد معتقد المعتزلة. وهذا - أيضًا - يعتبر عملًا كلفه به عضد الدولة بالإضافة إلى عمله الأول.
أخذ قدر الباقلاني في الصعود عند عضد الدولة، وظهر تفوقه العلمي، وقدرته الفائقة على الحجاج والنقاش، ومقارعة الخصوم بالأدلة والبراهين الساطعة، وبرز في إقامة الحجج الباهرة على الخصوم في ذكاء مفرط، وبراعة عجيبة، مع إلمام بشتى العلوم، ودراية تامة بمناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والعلمية، مما أهله لأن يرسله عضد الدولة البويهي على رأس البعثة التي أرسلها إلى ملك الروم سنة ٣٧١ هـ.
1 / 31