79

Taqreeb al-Tadmuriyyah

تقريب التدمرية

Yayıncı

دار ابن الجوزي،المملكة العربية السعودسة

Baskı Numarası

الطبعة الأولى

Yayın Yılı

١٤١٩هـ

Yayın Yeri

الدمام

Türler

حقائقها وكنهها كما قال الله تعالى عن نفسه: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠] . وقال: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣] . وقال عما في اليوم الآخر: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٧] . وفي الحديث القدسي الثابت في الصحيحين عن النبي ﷺ أن الله قال: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر". فما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر فيه ألفاظ متشابهة تشبه معانيها ما نعلمه في الدنيا، كما أخبر عن نفسه أنه حي، عليم، قدير، سميع، بصير ... ونحو ذلك. ونحن نعلم أن ما دلت عليه هذه الأسماء من الصفات ليس مماثلًا في الحقيقة لما للمخلوق منها، فحقيقتها لا يعلم معناها إلا الله. كما نعلم أن في الجنة لحمًا، ولبنًا، وعسلًا، وماء، وخمرًا ... ونحو ذلك، ولكن ليس حقيقة ذلك من جنب ما في الدنيا، وحينئذ لا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى. والإخبار عن الغائب لا يفهم إن لم يعبر عنه بالأسماء المعلومة معانيها في الشاهد، ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد، مع العلم بالفارق المميز، وأن ما أخبر الله به من الغيب أعظم مما يعلم في الشاهد. وهذا النوع الذي لا يعلمه إلا الله لا يسأل عنه لتعذر الوصول إليه. - وأما النسبي؛ فهو ما يكون مشتبهًا على بعض الناس دون بعض، فيعلم منه الراسخون في العلم والإيمان ما يخفى على غيرهم، إما لنقص في علمهم أو تقصير في طلبهم، أو قصور في فهمهم، أو سوء في قصدهم.

1 / 83