وفي الخارج كانت الرياح تعصف بقوة، والهواء المجنون يزمجر في الأبعاد، جارا خلفه أطواد الثلوج، وأغصان الأدواح من أعالي الجبال.
أما الباب المضطرب فوق رزاته، فقد كان يئن أنينا مزعجا.
اقترب الأحداث من وردة المسنة، التي كانت تبرم دولابها تحت مئزر الداخون، وقال لها فريد، وهو أكبر الأحداث سنا: احكي لنا حكاية يا أم وردة، حكاية طويلة وجميلة.
كانت ليالي الشتاء طويلة كثيرة الساعات، وكان الأهل يرسلون أولادهم في أغلب الأحيان إلى الأم وردة؛ لتعلمهم مخافة الله، ومحبة القريب، وتقص على مسامعهم حكايات قديمة.
فابتسمت الأم وردة لفريد وقالت له: أية حكاية تود أن أقصها عليك يا بني؟ أعصفور النار ... أم سيدة البحيرة الوردية؟
فأجابها الأحداث بحمية: لا، لا، بل حكاية مخيفة يا أم وردة.
فأردفت الفتيات الصغيرات قائلات وهن يضطربن: أجل نريدها مخيفة يا أم وردة.
فتجمعت الأم وردة، وبعد أن ترددت قليلا تركت شفتيها تتلفظان بهذه الكلمات: أصغوا لأقص عليكم ... فريد، انظر هل الباب مغلق ... فلا يجب أن يمر الروح القدس في هذه الساعة ... أصغوا لأقص عليكم حكاية بيلاطوس البنطي.
عندما سمع الأحداث هذا الاسم المخيف حدق بعضهم في بعض بخوف ورهبة ورسموا شارة الصليب على وجوههم.
ثم أكملت الأم وردة حديثها قائلة: أنتم تعرفون حق المعرفة أن بيلاطوس البنطي حكم بالموت على سيدنا يسوع المسيح.
Bilinmeyen sayfa