بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (قَالَ) الْفَقِيرُ إِلَى عَفْوِ الْخَلاقِ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَرَاقٍ، الشَّافِعِيُّ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ بِتَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ عَنْ كُلِّ حَدِيثٍ مُفْتَرًى، وَهَتَكَ حِجَابَ الْكَاذِبِ عَلَيْهَا فَلا يُلْقَى إِلا سَاقِطًا مُزْدَرًى، أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ وَأَدْعُوهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَلُوذُ بِهِ مُعْتَصِمًا وَمُنْتَصِرًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً لَا شَكَّ فِيهَا وَلا امْتِرَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْحَقِّ بشيرًا ومنذرًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ سَادَةِ الْوَرَى، وَأَئِمَّةِ الأَمْصَارِ وَالْقُرَى، مَا غَبَّرَ جُيُوشُ الْحَقِّ فِي وُجُوهِ الْمُبْطِلِينَ حَتَّى رَجَعُوا الْقَهْقَرَى (وَبَعْدُ) فَإِنَّ مِنَ الْمُهِمَّاتِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالتُّقَى، مَعْرِفَةَ الأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ لِتُتَّقَى، وَلِلإِمَامِ الْحَافِظِ أَبى الْفرج ابْن الْجَوْزِيِّ فِيهَا كِتَابٌ جَامِعٌ، إِلا أَنَّ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَاتٍ وَمُنَاقَشَاتٍ فِي مَوَاضِعَ، وَقَدِ اعْتَنَى شَيْخُ شُيُوخِنَا الإِمَامُ الْحَافِظُ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَن ابْن أَبِي بَكْرٍ الأَسْيُوطِيُّ بِكِتَابِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ الْمَذْكُورِ فَاخْتَصَرَهُ وَتَعَقَّبَهُ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ اللَّآلِي الْمَصْنُوعَةُ، فِي الأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ، ثُمَّ عَمِلَ ذَيْلا ذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً فَاتَتِ ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَأَفْرَدَ أَكْثَرَ الْمَوَاضِعِ الْمُتَعَقَّبَةِ بِكِتَابٍ سَمَّاهُ " النُّكَتُ الْبَدِيعَاتُ " وَهَذَا كِتَابٌ لَخَّصْتُ فِيهِ هَذِهِ الْمُؤَلَّفَاتِ، بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِمُحَصِّلِهِ إِلَى مَا سِوَاهُ الْتِفَاتٌ، وَبَالَغْتُ فِي اخْتِصَارِهِ، وَتَهْذِيبِهِ، وَتَبِعْتُ اللَّآلِيَ فِي تَرَاجِمِهِ وَتَرْتِيبِهِ، وَجَعَلْتُ كُلَّ تَرْجَمَةٍ غَيْرَ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ فِي ثَلاثَةِ فُصُولٍ:
(الأَوَّلُ) فِيمَا حَكَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِوَضْعِهِ وَلَمْ يُخَالَفْ فِيهِ.
(وَالثَّانِي) فِيمَا حَكَمَ بِوَضْعِهِ وَتُعُقِّبَ فِيهِ.
(وَالثَّالِثُ) فِيمَا زَادَهُ الأَسْيُوطِيُّ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ حَيْثُ كَانَتْ لَهُ فِي تِلْكَ التَّرْجَمَةِ زِيَادَةٌ وَقَدْ أَخَلَّ السُّيُوطِيُّ فِي زِيَادَاتِهِ بِبَعْضِ تَرَاجِمِ أَصْلِهِ، وَأَوْرَدَ فِي الْكتاب الْجَامِع آخر
1 / 3
الْكِتَابِ مَا حَقُّهُ أَنْ يُفْرَدَ بِالتَّرْجَمَةِ الْمَتْرُوكَةِ وَيُورَدَ فِيهَا، فَأَنَا نَقَلْتُ ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ الْجَامِعِ وَأَوْرَدْتُهُ فِي التَّرَاجِمِ اللَّائِقِ بِهَا فِي ثَالِثِ فُصُولِهَا، أَمَّا كِتَابُ الْمَنَاقِبِ فَفِيهِ أَبْوَابٌ وَفِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا الْفُصُولُ الْمَذْكُورَةُ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي فَصْلٍ مِنْهَا شَيْءٌ قُلْتُ: وَالْفَصْلُ الْفُلانِيُّ خَالٍ؛ وَجَعَلْتُ أَوَائِلَ الأَحَادِيثِ فِي أَوَائِلِ السُّطُورِ تَسْهِيلا لِلْكَشْفِ وَالظَّفَرِ بِالْحَدِيثِ الْمَطْلُوبِ، وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا قُلْتُ: حَدِيثُ كَذَا، وَاللَّفْظُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ لَفْظَةُ حَدِيثٍ هُوَ اللَّفْظُ الْمَرْفُوعُ، وَبَعْدَ تَخَرُّجِهِ أَذْكُرُ صَحَابِيَّهُ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ بِقَوْلِي: مِنْ حَدِيثِ فُلانٍ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي الحَدِيث حِكَايَة مُخَاطبَة مِنْهُ لِمُعَيَّنٍ أَوْ مُرَاجَعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ حِكَايَةُ مُخَاطَبَةِ جِبْرِيلَ لَهُ والحاكى غير النَّبِي، أَوْ حِكَايَةُ قِصَّةٍ لَيْسَتْ مِنْ لفظ النَّبِي فَأُضِيفَ لَفْظَةُ " حَدِيثٍ " إِلَى اسْمِ الصَّحَابِيِّ أَوِ التَّابِعِيِّ الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا قُلْتُ أَثَرُ فُلانٍ وَأَتْبَعْتُهُ لَفْظَهُ، ثُمَّ أَعْقَبَ كُلا بِذِكْرِ مُخَرِّجِهِ ثُمَّ بَيَانُ عِلَّتِهِ، وَمَا فِي زِيَادَاتِ السُّيُوطِيِّ مِمَّا لَمْ يُبَيِّنْ عِلَّتَهُ ذَكَرْتُ عِلَّتَهُ إِنْ لاحَتْ لِي، وَمَوَادُّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ الَّتِي يُسْنِدُ الأَحَادِيثَ مِنْ طَرِيقِهَا غَالِبًا: الْكَامِلُ لابْنِ عَدِيٍّ وَالضُّعَفَاءُ لِابْنِ خبان وَلِلْعُقَيْلِيِّ وَلِلأَزْدِيِّ وَتَفْسِيرُ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ وَمَعَاجِمُ الطَّبَرَانِيِّ وَالأَفْرَادُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَتَصَانِيفُ الْخَطِيبِ وَتَصَانِيفُ ابْنِ شَاهِينَ وَالْحِلْيَةُ وَتَارِيخُ أَصْبَهَانَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُصَنَّفَاتِ أَبِي نُعَيْمٍ وَتَارِيخُ نَيْسَابُورَ وَغَيْرُهُ مِنْ مُصَنَّفَاتِ الْحَاكِمِ وَالأَبَاطِيلُ لِلْجَوْزِقَانِيِّ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِكُلِّ عَلامَةٍ لِلاخْتِصَارِ فَلابْنِ عَدِيٍّ (عد)، وَلابْنِ حِبَّانَ (حب) وَلِلْعُقَيْلِيِّ (عق) وَلأَبِي الْفَتْحِ الأَزْدِيِّ (فت) وَلابْنِ مَرْدَوَيْهِ (مر) وَلِلطَّبَرَانِيِّ (طب) وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ (قطّ) وَلِلْخَطِيبِ (خطّ) وَلابْنِ شَاهِينَ (شا) وَلأَبِي نُعَيْمٍ (نع) وَلِلْحَاكِمِ (حا) وَلِلْجَوْزِقَانِيِّ (قا) وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ سَمَّيْتُ مَنْ رَوَاهُ إِنْ عَرَفْتُهُ وَإِلا نَسَبْتُهُ لابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَمَوَادُّ السُّيُوطِيِّ هِيَ مَوَادُّ أَصْلِهِ وَزَادَ تَارِيخَ ابْنِ عَسَاكِرَ وَتَارِيخَ ابْنِ النَّجَّارِ وَمُسْنَدَ الْفِرْدَوْسِ لِلدَّيْلَمِيِّ وَتَصَانِيفَ أَبِي الشَّيْخِ، فَأَعْلَمْتُ لابْنِ عَسَاكِرَ (كرّ) وَلابْنِ النَّجَّارِ (نجا) وَلِلدَّيْلَمِيِّ (مي) وَلأَبِي الشَّيْخِ (يخ) وَإِذَا قُلْتُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَوِ السُّيُوطِيُّ فَلَسْتُ أَعْنِي عِبَارَتَهُمَا بِلَفْظِهَا وَإِنَّمَا أَعْنِي مُلَخَّصَهَا وَمَحْصُولَهَا، وَإِذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي حَدِيثٍ لَا يَصِحُّ أَوْ مُنْكَرٌ وَنَحْوَهُمَا أَوْرَدْتُ لَفْظَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا أَوْ بَاطِلا أَوْ كَذِبًا أَحَدٌ مِمَّن بعد ابْن
1 / 4
الْجَوْزِيِّ ذَكَرْتُهُ، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ قُلْتُ، فَمِنْ زِيَادَتِي وَإِلا فَمِنْ مُؤَلَّفِ السُّيُوطِيِّ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ مَوْضُوع أَولا أَصْلَ لَهُ أَوْ كَذِبٌ فَلا أَذْكُرُ ذَلِكَ غَالِبًا اخْتِصَارًا، وَلأَنَّ مَوْضُوعَ الْكِتَابِ بَيَانُ الْمَوْضُوعِ فَهُوَ كَافٍ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، إِلا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لَمْ يُصَرَّحْ بِوَصْفِ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ بِكَذِبٍ وَلا وَضْعٍ فَأَذْكُرُهُ، وَرَاجَعْتُ حَالَ جَمْعِي لِهَذَا التَّلْخِيصِ مَوْضُوعَاتِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالْعِلَلَ الْمُتَنَاهِيَةَ لَهُ، وَتَلْخِيصَهُمَا لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ وَتَلْخِيصَ مَوْضُوعَاتِ الْجَوْزِقَانِيِّ وَالْمِيزَانَ لِلذَّهَبِيِّ أَيْضًا، وَلِسَانَ الْمِيزَانِ وَتَخْرِيجَ الرَّافِعِيِّ وَتَخْرِيجَ الْكَشَّافِ وَالْمَطَالِبَ الْعَالِيَةِ وَتَسْدِيدَ الْقَوْسِ وَزَهْرَ الْفِرْدَوْسِ السِّتَّةَ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ، وَتَخْرِيجَ الإِحْيَاءِ لِلْحَافِظِ الْعِرَاقِيِّ وَالأَمَالِي لَهُ وَتَلْخِيصَ الْمَوْضُوعَاتِ لِلْعَلامَةِ جَلالِ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ دِرْبَاسَ، فَرُبَّمَا أَزِيدُ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ وَغَيرهَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَأمين مَا أَزِيدُهُ غَالِبًا بِقَوْلِي فِي أَوَّلِهِ، قُلْتُ، وَفِي آخِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدَّمْتُ قَبْلَ الْخَوْضِ فِي الْمَقْصُودِ فُصُولا نَافِعَةً فِي مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ هَذَا الْفَنِّ لِطَالِبِيهِ (وَسَمَّيْتُهُ) " تَنْزِيهَ الشَّرِيعَةِ الْمَرْفُوعَةِ، عَنِ الأَخْبَارِ الشنيعة الْمَوْضُوعَة، وَالله المسؤل أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَأَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ وَمَنْ طَالَعَهُ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَقَلْبٍ سَلِيمٍ.
[فَصْلٌ]
فِي حَقِيقَةِ الْمَوْضُوعِ وَأَمَارَاتِهِ وَحُكْمِهِ: الْمَوْضُوع لُغَة اسْم مفعول من وضع الشَّيْء يَضَعهُ بِالْفَتْح وضعا حطه وأسقطه، وَقَالَ الْحَافِظ ابْن دحْيَة: الْمَوْضُوع الملصق وضع فلَان على فلَان كَذَا ألصقه بِهِ، وَاصْطِلَاحا هُوَ الحَدِيث المختلق الْمَصْنُوع مَأْخُوذ من الْمَعْنى الأول، لِأَن رتبته أَن يكون مطرحا ملقى لَا يسْتَحق الرّفْع أصلا، أَو من الْمَعْنى الثَّانِي لِأَنَّهُ ملصق بِالنَّبِيِّ، وَهُوَ شَرّ أَنْوَاع الضَّعِيف، وَله أَمَارَات مِنْهَا: إِقْرَار وَاضعه بِوَضْعِهِ كَحَدِيث فَضَائِل الْقُرْآن، اعْترف بِوَضْعِهِ ميسرَة بن عبد ربه، فَيرد حَدِيثه ذَلِك سَائِر مروياته، وَلَيْسَ هَذَا قبولا لقَوْله مَعَ اعترافه بالمفسق، وَإِنَّمَا هُوَ مُؤَاخذَة لَهُ بِمُوجب إِقْرَاره كَمَا يُؤَاخذ الشَّخْص باعترافه بالزنى وَالْقَتْل وَنَحْوهمَا، واستفيد من جعلنَا هَذَا أَمارَة أَنا لَا نقطع على حَدِيثه ذَلِك بِالْوَضْعِ، لاحْتِمَال كذبه فِي إِقْرَاره، نعم إِذا انْضَمَّ إِلَى إِقْرَاره قَرَائِن تَقْتَضِي صدقه فِيهِ قَطعنَا بِهِ وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ إخْبَاره لنا بذلك بعد تَوْبَته، وَمِنْهَا مَا ينزل منزلَة إِقْرَاره، ومثاله كَمَا قَالَ الْعَلامَة الزَّرْكَشِيّ والحافظ الْعِرَاقِيّ أَن يعين المتفرد
1 / 5
بِالْحَدِيثِ تَارِيخ مولده أَو سَمَاعه بِمَا لَا يُمكن مَعَه الْأَخْذ عَن شَيْخه أَو يَقُول إِنَّه سمع فِي مَكَان يعلم أَن الشَّيْخ لم يدْخلهُ، وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي نكت ابْن الصّلاح: الأولى أَن يمثل لهَذِهِ الأمارة بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل بِسَنَدِهِ الصَّحِيح أَنهم اخْتلفُوا بِحُضُور أَحْمد ابْن عبد الله الجويباري فِي سَماع الْحسن من أبي هُرَيْرَة، فروى لَهُم بِسَنَدِهِ إِلَى النَّبِي: سمع الْحسن من أبي هُرَيْرَة، قلت: إِنَّمَا عرف كذب هَذَا الحَدِيث بالتاريخ، فَلَو قَالَ الزَّرْكَشِيّ والعراقي فِي الصُّورَة الأولى: كَأَن يكذبهُ التَّارِيخ لشمل هَذَا الْمِثَال وَالله أعلم، وَمِنْهَا: أَن يُصَرح بتكذيب رَاوِيه جمع كثير يمْتَنع فِي الْعَادة تواطؤهم على الْكَذِب أَو تَقْلِيد بَعضهم بَعْضًا، وَمِنْهَا قرينَة فِي حَال الرَّاوِي كقصة غياث بن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مَعَ الْمهْدي وَسَتَأْتِي، وَمِنْهَا قرينَة فِي الْمَرْوِيّ كمخالفته لمقْتَضى الْعقل بِحَيْثُ لَا يقبل التَّأْوِيل، ويلتحق بِهِ مَا يَدْفَعهُ الْحس والمشاهدة أَو الْعَادة. وكمنافاته لدلَالَة الْكتاب القطعية أَو السّنة المتواترة أَو الْإِجْمَاع الْقطعِي، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا إِن لم يحْتَمل أَن يكون سقط من الْمَرْوِيّ على بعض رُوَاته مَا تَزُول بِهِ الْمُنَافَاة كَحَدِيث: لَا يبْقى على ظهر الأَرْض بعد مائَة سنة نفس منفوسة. فَإِنَّهُ سقط على رَاوِيه لَفْظَة: مِنْكُم، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: وَتَقْيِيد السّنة بالمتواترة احْتِرَاز عَن غير المتواترة فقد أَخطَأ من حكم بِالْوَضْعِ بِمُجَرَّد مُخَالفَة السّنة مُطلقًا، وَقد أَكثر من ذَلِك الجوزقاني فِي كتاب الأباطيل. وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى حَيْثُ لَا يُمكن الْجمع بِوَجْه من الْوُجُوه، أما مَعَ إِمْكَان الْجمع فَلَا. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن دَقِيق الْعِيد مُشِيرا إِلَى هَذِه الأمارة: وَكَثِيرًا مَا يحكمون بِالْوَضْعِ بِاعْتِبَار أُمُور ترجع إِلَى الْمَرْوِيّ وألفاظ الحَدِيث. وَحَاصِله يرجع إِلَى أَنه حصلت لَهُم لِكَثْرَة مزاولة أَلْفَاظ النَّبِي هَيْئَة نفسانية وملكة قَوِيَّة يعْرفُونَ بهَا مَا يجوز أَن يكون من أَلْفَاظ النُّبُوَّة وَمَا لَا يجوز، كَمَا سُئِلَ بَعضهم كَيفَ تعرف أَن الشَّيْخ كَذَّاب؟ قَالَ إِذا روى: " لَا تَأْكُلُوا الْقرعَة حَتَّى تذبحوها " علمت أَنه كَذَّاب؛ قلت وَقد استأنس بَعضهم لذَلِك بِخَبَر أبي حميد أَو أبي أسيد عَن رَسُول الله أَنه قَالَ " إِذا سَمِعْتُمْ الحَدِيث تعرفه قُلُوبكُمْ وتلين لَهُ أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ وترون أَنه مِنْكُم قريب فَأَنا أولاكم بِهِ، وَإِذا
1 / 6
سَمِعْتُمْ الحَدِيث عني تنكره قُلُوبكُمْ وتنفر مِنْهُ أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ وترون أَنه مِنْكُم بعيد فَأَنا أبعدكم مِنْهُ " رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَسَنَده صَحِيح كَمَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَغَيره وَبِقَوْلِهِ " مَا حدثتم عني مِمَّا تُنْكِرُونَهُ فَلَا تَأْخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَا أَقُول الْمُنكر وَلست من أَهله " رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ، وَعَن الرّبيع بن خثيم التَّابِعِيّ الْجَلِيل أَنه قَالَ: إِن للْحَدِيث ضوءا كضوء النَّهَار يعرفهُ وظلمة كظلمة اللَّيْل تنكره، وَمن أَنْوَاع هَذِه الأمارة أَن يكون الحَدِيث خَبرا عَن أَمر جسيم تتوفر الدَّوَاعِي على نَقله بِحَضْرَة الجم الْغَفِير ثمَّ لَا يَنْقُلهُ إِلَّا وَاحِد مِنْهُم (وَمِنْهَا) أَن يكون فِيمَا يلْزم الْمُكَلّفين علمه وَقطع الْعذر فِيهِ، فينفرد بِهِ وَاحِد (وَمِنْهَا) ركة لَفظه وَمَعْنَاهُ، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: والمدار على ركة الْمَعْنى فَحَيْثُ وجدت دلّت على الْوَضع سَوَاء انْضَمَّ إِلَيْهَا ركة اللَّفْظ أم لَا فَإِن هَذَا الدَّين كُله محَاسِن والركة ترجع إِلَى الرداءة فبينها وَبَين مَقَاصِد الدَّين مباينة، وركة اللَّفْظ وَحدهَا لَا تدل على ذَلِك لاحْتِمَال أَن يكون الرَّاوِي رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَعبر بِأَلْفَاظ غير فصيحة من غير أَن يخل بِالْمَعْنَى، نعم إِن صرح الرَّاوِي بِأَن هَذَا لفظ النَّبِي دلّت ركة اللَّفْظ حِينَئِذٍ على الْوَضع انْتهى قَالَ شيخ شُيُوخنَا الْبُرْهَان البقاعي: وَمِمَّا يرجع إِلَى ركة الْمَعْنى الإفراط بالوعيد الشَّديد، على الْأَمر الصَّغِير أَو بالوعد الْعَظِيم على الْفِعْل الْيَسِير، وَهَذَا كثير فِي حَدِيث الْقصاص، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَإِنِّي لأَسْتَحي من وضع أَقوام وضعُوا: " من صلى كَذَا فَلهُ سَبْعُونَ دَارا فِي كل دَار سَبْعُونَ ألف بَيت فِي كل بَيت سَبْعُونَ ألف سَرِير على كل سَرِير سَبْعُونَ ألف جَارِيَة، وَإِن كَانَت الْقُدْرَة لَا تعجز وَلَكِن هَذَا تَخْلِيط قَبِيح، " وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: " من صَامَ يَوْمًا كَانَ كَأَجر ألف حَاج وَألف مُعْتَمر وَكَانَ لَهُ ثَوَاب أَيُّوب، " وَهَذَا يفْسد مقادير مَوَازِين الْأَعْمَال (وَمِنْهَا) مَا ذكره الإِمَام فَخر الدَّين الرَّازِيّ أَن يروي الْخَبَر فِي زمن قد استقرئت فِيهِ الْأَخْبَار ودونت فيفتش عَنهُ فَلَا يُوجد فِي صُدُور الرِّجَال وَلَا فِي بطُون الْكتب فَأَما فِي عصر الصَّحَابَة وَمَا يقرب مِنْهُ حِين لم تكن الْأَخْبَار استقرئت فَإِنَّهُ يجوز أَن يروي أحدهم مَا لَيْسَ عِنْد غَيره، قَالَ الْحَافِظ العلائى: وَهَذَا إِنَّمَا يقوم بِهِ أَي بالتفتيش عَنهُ الْحَافِظ الْكَبِير الَّذِي قد أحَاط حفظه بِجَمِيعِ الحَدِيث أَو معظمه كَالْإِمَامِ أَحْمد وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين وَمن بعدهمْ كالبخاري وَأبي حَاتِم وَأبي زرْعَة وَمن دونهم كَالنَّسَائِيِّ ثمَّ الدَّارَقُطْنِيّ، لِأَن المآخذ الَّتِي يحكم بهَا غَالِبا على الحَدِيث بِأَنَّهُ مَوْضُوع إِنَّمَا هِيَ جمع الطّرق والاطلاع على غَالب الْمَرْوِيّ فِي الْبلدَانِ المتنائية بِحَيْثُ يعرف بذلك مَا هُوَ من حَدِيث
1 / 7
الروَاة مِمَّا لَيْسَ من حَدِيثهمْ، وَأما من لم يصل إِلَى هَذِه الْمرتبَة فَكيف يقْضِي بِعَدَمِ وجدانه للْحَدِيث بِأَنَّهُ مَوْضُوع هَذَا مِمَّا يأباه تصرفهم انْتهى (قلت) فاستفدنا من هَذَا أَن الْحفاظ الَّذين ذكرهم وأضرا بهم إِذا قَالَ أحدهم فِي حَدِيث لَا أعرفهُ أَو لَا أصل لَهُ كفى ذَلِك فِي الحكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَالله أعلم (قَالَ) السُّيُوطِيّ فِي شرح التَّقْرِيب: وَمن الأمارات كَون الرَّاوِي رَافِضِيًّا والْحَدِيث فِي فَضَائِل أهل الْبَيْت (قلت) أَو فِي ذمّ من حاربهم، وَذكر بعض شيوخي أَنه روى عَن شَيْخه الْحَافِظ الْمُحدث الْبُرْهَان النَّاجِي بالنُّون أَن من أَمَارَات الْمَوْضُوع أَن يكون فِيهِ: وَأعْطى ثَوَاب نَبِي أَو النَّبِيين وَنَحْوهمَا وَالله تَعَالَى أعلم (وَهل) يثبت الْوَضع بِالْبَيِّنَةِ كَأَن يرى عَدْلَانِ رجلا يصنف كلَاما ثمَّ ينْسبهُ إِلَى النَّبِي قَالَ الزَّرْكَشِيّ: يشبه أَن يجِئ فِيهِ التَّرَدُّد فِي أَن شَهَادَة الزُّور هَل تثبت بِالْبَيِّنَةِ، مَعَ الْقطع بِأَنَّهُ لَا يعْمل بِهِ، وَحكم الْمَوْضُوع أَن تحرم رِوَايَته فِي أَي معنى كَانَ بِسَنَد أَو غَيره مَعَ الْعلم بِحَالهِ إِلَّا مَقْرُونا بالإعلام بِأَنَّهُ مَوْضُوع، وَكَذَا مَعَ الظَّن لقَوْله " من حدث عني بِحَدِيث يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَاذِبين " رَوَاهُ مُسلم، وَقَوله يرى هُوَ بِضَم الْيَاء بِمَعْنى يظنّ، وَفِي الْكَاذِبين راويتان فتح الْمُوَحدَة على إِرَادَة التَّثْنِيَة وَكسرهَا على إِرَادَة الْجمع.
[فصل]
قَالَ الْحَافِظ ابْن كثير: حكى عَن بعض الْمُتَكَلِّمين إِنْكَار وُقُوع الْوَضع بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا الْقَائِل إِمَّا لَا وجود لَهُ أَو هُوَ فِي غَايَة الْبعد عَن ممارسة الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَقد حاول بَعضهم الرَّد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قد ورد عَنهُ بِأَنَّهُ قد قَالَ: سيكذب عَليّ فَإِن كَانَ هَذَا صَحِيحا فسيقع الْكَذِب عَلَيْهِ لَا محَالة، وَإِن كَانَ كذبا فقد حصل الْمَطْلُوب، وَأجِيب عَن الأول بِأَنَّهُ لَا يلْزم وُقُوعه الْآن إِذْ بَقِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أزمان يُمكن أَن يَقع فِيهَا مَا ذكر، وَهَذَا القَوْل وَالِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ وَالْجَوَاب عَنهُ من أَضْعَف الْأَشْيَاء عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث وحفاظهم الَّذين كَانُوا يتضلعون من حفظ الصِّحَاح ويحفظون أَمْثَالهَا وأضعافها من المكذوبات خشيَة أَن تروج عَلَيْهِم أَو على أحد من النَّاس.
1 / 8
[فصل]
صَحَّ عَن رَسُول الله أَنه قَالَ " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار، " قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ رَوَاهُ من الصَّحَابَة ثَمَانِيَة وَتسْعُونَ نفسا مِنْهُم الْعشْرَة المبشرة وَابْن مَسْعُود وصهيب وعمار بن يَاسر ومعاذ بن جبل وَعقبَة بن عَامر والمقداد بن الْأسود وسلمان الْفَارِسِي وَعبد الله بن عمر بن الْخطاب وَعَمْرو بن عبسة وَعتبَة بن غَزوَان وَعتبَة بن عبد السّلمِيّ وَأَبُو ذَر الْغِفَارِيّ وَأَبُو قَتَادَة وَأبي بن كَعْب وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَحُذَيْفَة بن أسيد وَجَابِر بن سَمُرَة وَجَابِر بن عَابس الْعَبْدي وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وسفينة والمغيرة بن شغبة وَعمْرَان بن الْحصين وَأَبُو هُرَيْرَة والبراء بن عَازِب وَزيد بن ثَابت وَزيد بن أَرقم وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع وَرَافِع بن خديج وَأنس بن مَالك وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَعبد الله بن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَمُعَاوِيَة ابْن حيدة والسائب بن يزِيد وَعَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ وَأُسَامَة بن زيد وَعَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ وَبُرَيْدَة بن الْحصيب وجهجاه الْغِفَارِيّ وجندع بن ضَمرَة الْأنْصَارِيّ وَأَبُو كَبْشَة الْأَنمَارِي وواثلة بن الْأَسْقَع وَعبد الله بن الزبير وَقيس بن سعد بن عبَادَة وَعبد الله بن أبي أوفى وَعَمْرو بن حُرَيْث وَأَوْس بن أَوْس وَسعد بن المدحاس وَأَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو مُوسَى الغافقي وَعبد الله بن يزِيد الخطمي وَأَبُو قرصافة جندرة بن خيشنة وَأَبُو رمثة واسْمه رِفَاعَة التَّيْمِيّ وَأَبُو رَافع مولى رَسُول الله وخَالِد بن عرفطة وطارق بن الأشيم وَالِد أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ وَعَمْرو بن الْحمق ونبيط بن شريط وَكَعب بن قُطْبَة ويعلى بن مرّة وَمرَّة الْبَهْزِي والعرس بن عميرَة وَسليمَان بن صرد وَيزِيد ابْن أَسد وَعبد الله بن زغب الْإِيَادِي وَعَفَّان بن حبيب وَعبد الله بن جَراد والمنقع ابْن الْحصين بن يزِيد التَّمِيمِي وَيزِيد بن خَالِد العصري ولاحق بن مَالك أَبُو عقيل
1 / 9
وَأَبُو مَيْمُون الْأَزْدِيّ وَرجل من أسلم صَحَابِيّ وَرجل آخر صَحَابِيّ وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَحَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ وَأم أَيمن حاضنة رَسُول الله، أسْند ابْن الْجَوْزِيّ أَحَادِيث هَؤُلَاءِ ثمَّ قَالَ وَرَوَاهُ أَيْضا أَبُو بكرَة وَسَهل بن الحنظلية ومعاذ بن أنس وَأَبُو هِنْد الدَّارِيّ وَسَهل بن سعد وَمَالك بن عتاهية وسبرة بن معبد وحبِيب بن حبَان وَخَوْلَة بنت حَكِيم وَلم يتهيأ لنا ذكر الْإِسْنَاد عَنْهُم انْتهى، وَذكر النَّوَوِيّ فِي مُقَدّمَة شرح مُسلم عَن بَعضهم: أَن عدَّة من رَوَاهُ من الصَّحَابَة مِائَتَان، قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ: وَأَنا أستبعد وُقُوع ذَلِك، وَقد جمع الْحَافِظ أَبُو الْحجَّاج الدِّمَشْقِي طرقه فَبلغ بهَا مائَة واثنين انْتهى وروى ابْن الْجَوْزِيّ عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب الإِسْفِرَايِينِيّ أَنه قَالَ: " لَيْسَ فِي الدُّنْيَا حَدِيث اجْتمع عَلَيْهِ الْعشْرَة غَيره، " قَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ: وَلَيْسَ كَذَلِك فقد ذكر الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أَن حَدِيث رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة رَوَاهُ الْعشْرَة وَقَالا: لَيْسَ حَدِيث رَوَاهُ الْعشْرَة غَيره، وَذكر أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه أَن حَدِيث الْمسْح على الْخُفَّيْنِ رَوَاهُ الْعشْرَة أَيْضا
[فصل]
قَالَ السَّيْف أَحْمد بن أبي الْمجد: أطلق ابْن الْجَوْزِيّ الْوَضع على أَحَادِيث لكَلَام بعض النَّاس فِي رواتها كَقَوْلِه فلَان ضَعِيف أَو لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَنَحْوهمَا، وَلَيْسَ ذَلِك الحَدِيث مِمَّا يشْهد الْقلب بِبُطْلَانِهِ وَلَا فِيهِ مُخَالفَة لكتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع وَلَا يُنكره عقل وَلَا نقل وَلَا حجَّة مَعَه لوضعه سوى كَلَام ذَلِك الرجل فِي رُوَاته، وَهَذَا عدوان ومجازفة انْتهى نَقله شيخ شُيُوخنَا الْعَلامَة الْمُحدث شمس الدَّين السخاوي فِي شرح التَّقْرِيب، وَقَالَ عقبه: بل مُجَرّد اتهام الرَّاوِي بِالْكَذِبِ مَعَ تفرده لَا يسوغ الحكم بِالْوَضْعِ وَلذَا جعله شَيخنَا يَعْنِي الْحَافِظ ابْن حجر نوعا مُسْتقِلّا وَسَماهُ الْمَتْرُوك وَفَسرهُ بِأَن يرويهِ من يتهم بِالْكَذِبِ وَلَا يعرف ذَلِك الحَدِيث إِلَّا من جِهَته وَيكون مُخَالفا للقواعد الْمَعْلُومَة، قَالَ وَكَذَا: من عرف بِالْكَذِبِ فِي كَلَامه وَإِن لم يظْهر وُقُوعه مِنْهُ فِي الحَدِيث وَهُوَ دون الأول انْتهى، وَخرج بقوله من يتهم بِالْكَذِبِ من عرف بِالْكَذِبِ فِي الحَدِيث وروى حَدِيثا لم يروه غَيره فَإنَّا نحكم على حَدِيثه ذَلِك بِالْوَضْعِ إِذا انضمت إِلَيْهِ قرينَة تَقْتَضِي وَضعه كَمَا صرح بِهِ الْحَافِظ العلائى وَغَيره.
1 / 10
(فصل) الوضاعون أَصْنَاف
(الصِّنْف الأول) الزَّنَادِقَة وهم السَّابِقُونَ إِلَى ذَلِك والهاجمون عَلَيْهِ، حملهمْ على الْوَضع الاستخفاف بِالدّينِ والتلبيس على الْمُسلمين، كَعبد الْكَرِيم بن أبي العوجاء وَمُحَمّد بن سعيد المصلوب والْحَارث الْكذَّاب الَّذِي ادّعى النُّبُوَّة فِي زمن عبد الْملك بن مَرْوَان، والمغيرة بن سعيد الْكُوفِي، حَتَّى قَالَ حَمَّاد بن زيد: وضعت الزَّنَادِقَة على النَّبِي أَرْبَعَة عشر ألف حَدِيث رَوَاهُ الْعقيلِيّ، وَقَالَ ابْن عدي: لما أَخذ ابْن أبي العوجاء وَأتي بِهِ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ فَأمر بِضَرْب عُنُقه قَالَ: وَالله لقد وضعت فِيكُم أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث أحرم فِيهَا الْحَلَال وَأحل فِيهَا الْحَرَام، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَقد كَانَ من هَؤُلَاءِ من يتغفل الشَّيْخ فيدس فِي كِتَابه مَا لَيْسَ من حَدِيثه فيرويه ذَلِك الشَّيْخ ظنا مِنْهُ أَنه من حَدِيثه.
(الصِّنْف الثَّانِي) أَصْحَاب الْأَهْوَاء والبدع وضعُوا أَحَادِيث نصْرَة لمذاهبهم أَو ثلبا لمخالفهم، روى ابْن أبي حَاتِم فِي مُقَدّمَة كتاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل عَن شيخ من الْخَوَارِج أَنه كَانَ يَقُول بعد مَا تَابَ: انْظُرُوا عَمَّن تأخذون دينكُمْ فَإنَّا كُنَّا إِذا هوينا أمرا صيرنا لَهُ حَدِيثا وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: كَانَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم الطَّالقَانِي من رُؤَسَاء المرجئة يضع الحَدِيث على مَذْهَبهم، وَحكى ابْن عدي أَن مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي بِالْمُثَلثَةِ وَالْجِيم كَانَ يضع الْأَحَادِيث الَّتِي ظَاهرهَا التجسيم وينسبها إِلَى أهل الحَدِيث يقْصد الشناعة عَلَيْهِم لما بَينه وَبينهمْ من الْعَدَاوَة المذهبية، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ صَاحب الْمُفْهم: استجاز بعض فُقَهَاء أهل الرَّأْي نِسْبَة الحكم الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْقيَاس إِلَى رَسُول الله نِسْبَة قولية فَيَقُول فِي ذَلِك: قَالَ رَسُول الله كَذَا، وَلِهَذَا ترى كتبهمْ مشحونة بِأَحَادِيث تشهد متونها بِأَنَّهَا مَوْضُوعَة لِأَنَّهَا تشبه فَتَاوَى الْفُقَهَاء وَلِأَنَّهُم لَا يُقِيمُونَ لَهَا سندا.
(الصِّنْف الثَّالِث) قوم اتَّخذُوا الْوَضع صناعَة وتسوقا جَرَاءَة على الله وَرَسُوله حَتَّى إِن أحدهم ليسهر عَامَّة ليله فِي وضع الحَدِيث كَأبي البخْترِي وهب بن وهب القَاضِي وَسليمَان ابْن عَمْرو النَّخعِيّ وَالْحُسَيْن بن علوان واسحق بن نجيح الْمَلْطِي، ذكر ذَلِك الامام أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فِي مُقَدّمَة كِتَابه الضُّعَفَاء والمجروحين.
1 / 11
(الصِّنْف الرَّابِع) قوم ينسبون إِلَى الزّهْد حملهمْ التدين النَّاشِئ عَن الْجَهْل على وضع أَحَادِيث فِي التَّرْغِيب والترهيب ليحثوا النَّاس بزعمهم على الْخَيْر ويزجروهم عَن الشَّرّ، وَقد جوز ذَلِك الكرامية وَكَذَا بعض المتصوفة كَمَا قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر، قَالَ حجَّة الْإِسْلَام الْغَزالِيّ: وَهَذَا من نزغات الشَّيْطَان فَفِي الصدْق مندوحة عَن الْكَذِب وَفِيمَا ذكر الله وَرَسُوله غنية عَن الاختراع فِي الْوَعْظ، وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام النَّوَوِيّ: خالفوا فِي ذَلِك إِجْمَاع الْمُسلمين الَّذين يعْتد بهم على تَحْرِيم تعمد الْكَذِب على رَسُول الله وعَلى أَنه من الْكَبَائِر لخَبر " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " بل بَالغ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فَكفر بِهِ (قلت) وَنقل الْحَافِظ عماد الدَّين ابْن كثير عَن أبي الْفضل الهمذاني شيخ ابْن عقيل من الْحَنَابِلَة أَنه وَافق الْجُوَيْنِيّ على هَذِه الْمقَالة، وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْكَبَائِر لَهُ: وَلَا ريب أَن تعمد الْكَذِب على الله تَعَالَى وَرَسُول الله فِي تَحْرِيم حَلَال أَو تَحْلِيل حرَام كفر مَحْض، وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي الْكَذِب عَلَيْهِمَا فِي مَا سوى ذَلِك وَالله أعلم، وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا تعلقوا بِهِ من الشّبَه الْبَاطِلَة فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث من أَنه إِنَّمَا ورد فِي رجل معِين ذهب إِلَى قوم وَادّعى أَنه رَسُول رَسُول الله إِلَيْهِم يحكم فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ فَبلغ ذَلِك رَسُول الله فَأمر بقتْله وَقَالَ هَذَا، أَو أَنه فِي حق من كذب عَلَيْهِ شَيْئا يقْصد بِهِ عَيبه أَو شين الْإِسْلَام وتعلقوا فِي ذَلِك بِمَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده بَين عَيْني جَهَنَّم " قَالَ: فشق ذَلِك على أَصْحَابه حَتَّى عرف فِي وُجُوههم
1 / 12
وَقَالُوا يَا رَسُول الله قلت هَذَا وَنحن نسْمع مِنْك الحَدِيث فنزيد وننقص ونقدم ونؤخر فَقَالَ: لم أعن ذَلِك وَلَكِن عنيت من كذب عَليّ يُرِيد عيبي وشين الْإِسْلَام، أَو: أَنه إِذا كَانَ الْكَذِب فِي التَّرْغِيب والترهيب فَهُوَ كذب للنبى لَا عَلَيْهِ أَو: أَنه ورد فِي بعض طرق الحَدِيث " من كذب عَليّ مُتَعَمدا ليضل بِهِ النَّاس فليتبوآ مَقْعَده من النَّار، " فَتحمل الرِّوَايَات الْمُطلقَة عَلَيْهِ، لأَنا نجيب عَن شبهتهم الأولى بِأَن السَّبَب الْمَذْكُور لم يثبت إِسْنَاده وَبِتَقْدِير ثُبُوته فَالْعِبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب، وَعَن الثَّانِيَة بِأَن الحَدِيث بَاطِل كَمَا قَالَه الْحَاكِم وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة اتَّفقُوا على تَكْذِيبه، وَقَالَ صَالح جزرة كَانَ يضع الحَدِيث، وَعَن الثَّالِثَة أَنه كذب عَلَيْهِ فِي وضع الْأَحْكَام فَإِن الْمَنْدُوب قسم مِنْهَا وَفِي الْإِخْبَار عَن الله ﷿ فِي الْوَعْد على ذَلِك الْعَمَل بذلك الثَّوَاب، وَعَن الرَّابِعَة بِاتِّفَاق أَئِمَّة الحَدِيث على أَن زِيَادَة: ليضل بِهِ النَّاس ضَعِيفَة، وَبِتَقْدِير صِحَّتهَا لَا تعلق لَهُم بهَا لِأَن اللَّام فِي قَوْله ليضل لَام الْعَاقِبَة لَا. لَام التَّعْلِيل أَو هِيَ للتَّأْكِيد وَلَا مَفْهُوم لَهَا وعَلى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ خرج قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاس بِغَيْر علم﴾ لِأَن افتراء الْكَذِب على الله محرم مُطلقًا سَوَاء قصد بِهِ الإضلال أم لَا.
(الصِّنْف الْخَامِس) أَصْحَاب الْأَغْرَاض الدُّنْيَوِيَّة كَالْقصاصِ والشحاذين وَأَصْحَاب الْأُمَرَاء وأمثلة ذَلِك كَثِيرَة (فَمن) أَمْثِلَة الأول مَا أوردهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي مُقَدّمَة كِتَابه قَالَ: صنف بعض قصاص زَمَاننَا كتابا فَذكر فِيهِ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن ﵄ دخلا على عمر بن الْخطاب ﵁ وَهُوَ مَشْغُول فَلَمَّا فرغ من شغله رفع رَأسه فرآهما فَقَامَ فقبلهما ووهب لكل وَاحِد مِنْهُمَا ألفا وَقَالَ لَهما: اجعلانى فِي حل، فَمَا عرفت دخولكما فَرَجَعَا وشكراه بَين يَدي أَبِيهِمَا عَليّ بن أبي طَالب ﵁، فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول " عمر بن الْخطاب نور فِي الْإِسْلَام سراج لأهل الْجنَّة " فَرَجَعَا فحدثاه فَدَعَا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وَكتب فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حَدثنِي سيدا شباب أهل الْجنَّة عَن أَبِيهِمَا المرتضى عَن جدهما الْمُصْطَفى أَنه قَالَ " عمر نور فِي الْإِسْلَام سراج لأهل الْجنَّة " وَأوصى أَن يَجْعَل فِي كَفنه على صَدره فَوضع فَلَمَّا أَصْبحُوا وجدوه على قَبره، " وَفِيه صدق الْحسن وَالْحُسَيْن وَصدق أَبوهُمَا وَصدق رَسُول الله، عمر نور الْإِسْلَام وسراج أهل الْجنَّة
1 / 13
(وَمن أَمْثِلَة) الثَّانِي مَا رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: صلى أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين فِي مَسْجِد الرصافة فَقَامَ بَين أَيْديهم قاص فَقَالَ حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين قَالَا حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله: " من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله خلق الله من كل كلمة مِنْهَا طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان، وَأخذ فِي قصَّة نَحوا من عشْرين ورقة، فَجعل أَحْمد بن حَنْبَل ينظر إِلَى يحيى بن معِين وَيحيى ينظر إِلَى أَحْمد، فَقَالَ لَهُ أَنْت حدثته بِهَذَا فَيَقُول وَالله مَا سَمِعت بِهَذَا إِلَّا السَّاعَة فَلَمَّا فرغ من قصصه، وَأخذ القطيعات ثمَّ قعد ينْتَظر بقيتها قَالَ لَهُ يحيى بن معِين بِيَدِهِ تعال، فجَاء مُتَوَهمًا لنوال فَقَالَ لَهُ يحيى: من حَدثَك بِهَذَا الحَدِيث؟ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين، فَقَالَ أَنا يحيى بن معِين وَهَذَا أَحْمد بن حَنْبَل مَا سمعنَا بِهَذَا قطّ فِي حَدِيث رَسُول الله، فَقَالَ: لم أزل أسمع أَن يحيى بن معِين أَحمَق مَا تحققته إِلَّا السَّاعَة كَأَن لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يحيى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل غيركما، قد كتبت عَن سَبْعَة عشر أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين، فَوضع أَحْمد كمه على وَجهه وَقَالَ دَعه يقوم فَقَامَ كَالْمُسْتَهْزِئِ بهما (قلت) أقرّ ابْن حبَان ثمَّ ابْن الْجَوْزِيّ هَذِه الْحِكَايَة وَلم يطعنا فِي إسنادها وأنكرها الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد الْبكْرِيّ: فَقَالَ لَا أَدْرِي من ذَا أَتَى بحكاية مُنكرَة أَخَاف أَن تكون من وَضعه فَذكر الْحِكَايَة الْمَذْكُورَة وَالله تَعَالَى أعلم (وَمن) أمثلته أَيْضا مَا رَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا فِي مُقَدّمَة كتاب الضُّعَفَاء والمجروحين عَن مُؤَمل بن إهَاب قَالَ قَامَ رجل يسْأَل النَّاس فَلم يُعْط شَيْئا فَقَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هرون عَن شريك عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " إِذا سَأَلَ السَّائِل ثَلَاثًا فَلم يُعْط، فَكبر عَلَيْهِم ثَلَاثًا وَجعل يَقُول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثمَّ مر فَذكر ذَلِك ليزِيد بن هرون فَقَالَ كذب عَليّ الْخَبيث مَا سَمِعت بِهَذَا قطّ (وَمن أَمْثِلَة الثَّالِث) قصَّة غياث بن إِبْرَاهِيم مَعَ الْمهْدي ذكرهَا ابْن أبي خَيْثَمَة فِي تَارِيخه وهى: أَنه دخل على الْمهْدي وَكَانَ الْمهْدي يحب الْحمام ويلعب بهَا فَإِذا قدامه حمام فَقيل لَهُ
1 / 14
حدث أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: " حَدثنَا فلَان عَن فلَان أَن النَّبِي قَالَ لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح، فَأمر لَهُ الْمهْدي ببدرة فَلَمَّا قَامَ قَالَ: أشهد على قفاك أَنه قفا كَذَّاب على رَسُول الله، ثمَّ قَالَ الْمهْدي: أَنا حَملته على ذَلِك ثمَّ أَمر بِذبح الْحمام ورفض مَا كَانَ فِيهِ ".
(الصِّنْف السَّادِس) قوم حملهمْ الشره ومحبة الظُّهُور على الْوَضع، فَجعل بَعضهم لذِي الْإِسْنَاد الضَّعِيف إِسْنَادًا صَحِيحا مَشْهُورا، وَجعل بَعضهم للْحَدِيث إِسْنَادًا غير إِسْنَاده الْمَشْهُور ليستغرب وَيطْلب، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: وَمن هَؤُلَاءِ إِبْرَاهِيم بن اليسع وَهُوَ ابْن أبي حَيَّة كَانَ يحدث عَن جَعْفَر الصَّادِق وَهِشَام بن عُرْوَة فيركب حَدِيث هَذَا على حَدِيث ذَاك لتستغرب تِلْكَ الْأَحَادِيث بِتِلْكَ الْأَسَانِيد قَالَ: وَمِنْهُم حَمَّاد بن عَمْرو النصيبي وبهلول بن عبيد وأصرم بن حَوْشَب، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: وَهَذَا دَاخل فِي قسم المقلوب، وَقَالَ القَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الْكُبْرَى نقلا عَن السؤالات الحديثية الَّتِي سَأَلَ الْحَافِظ أَبُو سَعْدَان عَلَيْك عَنْهَا الْأُسْتَاذ أَبَا إِسْحَق الإِسْفِرَايِينِيّ: إِن من قلب الْإِسْنَاد ليستغرب حَدِيثه ويرغب فِيهِ يصير دجالًا كذابا تسْقط بِهِ جَمِيع أَحَادِيثه وَإِن رَوَاهَا على وَجههَا وَمِنْهُم من كَانَ يَدعِي سَماع مَا لم يسمع، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: حدث عبد الله بن إِسْحَق الْكرْمَانِي عَن مُحَمَّد بن يَعْقُوب فَقيل لَهُ مَاتَ مُحَمَّد قبل أَن تولد بتسع سِنِين، وَحدث مُحَمَّد بن حَاتِم الْكشِّي عَن عبد بن حميد، فَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا الشَّيْخ سمع من عبد بن حميد بعد مَوته بِثَلَاث عشرَة سنة.
(الصِّنْف السَّابِع) قوم وَقع الْمَوْضُوع فِي حَدِيثهمْ وَلم يتعمدوا الْوَضع، كمن يغلط فيضيف إِلَى النَّبِي كَلَام بعض الصَّحَابَة أَو غَيرهم، وَكَمن ابْتُلِيَ بِمن يدس فِي حَدِيثه مَا لَيْسَ مِنْهُ، كَمَا وَقع ذَلِك لحماد بن سَلمَة مَعَ ربيبه عبد الْكَرِيم بن أبي العوجاء وكما وَقع لِسُفْيَان بن وَكِيع مَعَ وراقه قرطمة، ولعَبْد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث مَعَ جَاره، وَكَمن تدخل عَلَيْهِ آفَة فِي حفظه أَو فِي بَصَره أَو فِي كِتَابه فيروي مَا لَيْسَ من حَدِيثه غالطا، قَالَ ابْن الصّلاح: وَأَشد هَذِه الْأَصْنَاف ضَرَرا أهل الزّهْد لأَنهم للثقة بهم وتوسم الْخَيْر فيهم يقبل موضوعاتهم كثير مِمَّن هُوَ على نمطهم فِي الْجَهْل ورقة فِي الدَّين، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر ويلتحق بالزهاد فِي ذَلِك المتفقهة الَّذين استجازوا نِسْبَة مَا دلّ عَلَيْهِ الْقيَاس إِلَى النَّبِي
1 / 15
، قَالَ: وأخفى الْأَصْنَاف الصِّنْف الْأَخير الَّذين لم يتعمدوا مَعَ وَصفهم بِالصّدقِ فَإِن الضَّرَر بهم شَدِيد، لدقة اسْتِخْرَاج ذَلِك إِلَّا من الْأَئِمَّة النقاد، وَأما بَاقِي الْأَصْنَاف فَالْأَمْر فيهم أسهل لِأَن كَون تِلْكَ الْأَحَادِيث كذبا لَا تخفى إِلَّا على الأغبياء.
[فصل]
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: لما لم يُمكن أحدا أَن يزِيد فِي الْقُرْآن أَخذ أَقوام يزِيدُونَ فِي حَدِيث رَسُول الله ويضعون عَلَيْهِ مَا لم يقل، فَأَنْشَأَ الله عُلَمَاء يَذبُّونَ عَن النَّقْل ويوضحون الصَّحِيح ويفضحون الْقَبِيح وَمَا يخلي الله مِنْهُم عصرا من الْأَعْصَار غير أَنهم قلوا فِي هَذَا الزَّمَان فصاروا أعز من عنقاء مغرب:
(وَقد كَانُوا إِذا عدوا قَلِيلا ... فقد صَارُوا أقل من الْقَلِيل)
قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: " الْمَلَائِكَة حراس السَّمَاء وَأَصْحَاب الحَدِيث حراس الأَرْض، " وَقَالَ يزِيد بن زُرَيْع: " لكل دين فرسَان وفرسان هَذَا الدَّين أَصْحَاب الْأَسَانِيد، " وروينا عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قيل لَهُ: هَذِه الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة؟ فَقَالَ تعيش لَهَا الجهابذة (قلت) وَذكر الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي طَبَقَات الْحفاظ أَن الرشيد أَخذ زنديقا ليَقْتُلهُ فَقَالَ: أَيْن أَنْت من ألف حَدِيث وَضَعتهَا فَقَالَ: أَيْن أَنْت يَا عَدو الله من أَبى إِسْحَق الْفَزارِيّ وَابْن الْمُبَارك يتخللانها فيخرجانها حرفا حرفا، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كِتَابه اخْتِلَاف الحَدِيث يمدح أهل الحَدِيث: التمسوا الْحق من وجهته وتتبعوه من مظانه، وتقربوا إِلَى الله باتبَاعهمْ سنَن رَسُول الله وطلبهم لأخباره برا وبحرا وشرقا وغربا، وَلم يزَالُوا فِي التنقير عَنْهَا والبحث لَهَا حَتَّى عرفُوا صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، وَعرفُوا من خالفها إِلَى الرَّأْي، فنبهوا على ذَلِك حَتَّى نجم الْحق بعد أَن كَانَ عافيا، وبسق بعد أَن كَانَ دارسا، وَاجْتمعَ بعد أَن كَانَ مُتَفَرقًا، وانقاد للسّنة من كَانَ عَنْهَا معرضًا، وتنبه عَلَيْهَا من كَانَ غافلا، وَقد يعيبهم الطاعنون بحملهم الضَّعِيف وطلبهم الْغَرِيب وَفِي الغرائب الدَّاء، وَلم يحملوا الضَّعِيف والغريب لأَنهم رأوهما حَقًا، بل جمعُوا الغث والسمين وَالصَّحِيح والسقيم ليميزوا بَينهمَا ويدلوا عَلَيْهِمَا، وَقد فعلوا ذَلِك فَقَالُوا فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع: " شرب المَاء على الرِّيق يعْقد الشَّحْم، " وَحَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه " كَانَ يبصق فِي الدواة وَيكْتب مِنْهَا، " موضوعان وضعهما عَاصِم الكوزي، قَالُوا: وَحَدِيث الْحسن " أَن رَسُول الله لم يجز طَلَاق الْمَرِيض، وَضعه سهل السراج، وَسَهل روى
1 / 16
" أَنه رأى الْحسن يُصَلِّي بَين سطور الْقُبُور " وَهَذَا بَاطِل، لِأَن الْحسن روى " أَن رَسُول الله نهى عَن الصَّلَاة بَين الْقُبُور، " وَقَالُوا: وَحَدِيث أنس بن مَالك رَفعه " لَا يزَال الرجل رَاكِبًا مَا دَامَ منتعلا " وَضعه أَيُّوب بن خوط، وَحَدِيث عَمْرو بن حُرَيْث: " رَأَيْت النَّبِي يسَار يَوْم الْعِيد بَين يَدَيْهِ بالحراب، " وَحَدِيث ابْن أبي أوفى " رَأَيْت رَسُول الله يمس لحيته فِي الصَّلَاة " وضعهما الْمُنْذر بن زِيَاد، وَحَدِيث يُونُس عَن الْحسن " أَن رَسُول الله نهى عَن عشر كنى، " وَضعه أَبُو عصمَة قَاضِي مرو، وَقَالُوا فِي أَحَادِيث على أَلْسِنَة النَّاس لَيْسَ لَهَا أصل، مِنْهَا: " من سَعَادَة الْمَرْء خفَّة عارضيه وَمِنْهَا: سموهم بِأحب الْأَسْمَاء إِلَيْهِم وكنوهم بِأحب الكنى إِلَيْهِم، " وَمِنْهَا: " خير تجاراتكم الْبَز وَخير أَعمالكُم، الخرز " وَمِنْهَا: " لَو صدق السَّائِل مَا أَفْلح من رده " وَمِنْهَا: " النَّاس أكفاء إِلَّا حائك أَو حجام، " مَعَ حَدِيث كثير قد رَوَوْهُ وأبطلوه انْتهى؛ وَقَالَ ابْن حبَان أَخْبرنِي الْحسن بن عُثْمَان بن زِيَاد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور قَالَ: مر أَحْمد بن حَنْبَل على نفر من أَصْحَاب الحَدِيث وهم يعرضون كتابا لَهُم، فَقَالَ: مَا أَحسب هَؤُلَاءِ إِلَّا مِمَّن قَالَ رَسُول الله " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة " قَالَ ابْن حبَان: وَمن أَحَق بِهَذَا التَّأْوِيل من قوم فارقوا الْأَهْل والأوطان وقنعوا بِالْكَسْرِ والأطمار فِي طلب السّنَن والْآثَار، يجولون البراري والقفار وَلَا يبالون بالبؤس والإقتار، متبعين لآثار السّلف الماضين وسالكين ثبج محجة الصَّالِحين، برد الْكَذِب عَن رَسُول رب الْعَالمين وذب الزُّور عَنهُ حَتَّى وضح للْمُسلمين الْمنَار. وَتبين لَهُم الصَّحِيح من الْمَوْضُوع والزور من الْأَخْبَار.
[فصل]
فِي سرد أَسمَاء الوضاعين والكذابين وَمن كَانَ يسرق الْأَحَادِيث ويقلب الْأَخْبَار وَمن اتهمَ بِالْكَذِبِ والوضع من رُوَاة الْأَخْبَار مُلَخصا من الْمِيزَان والمغنى وذيله
1 / 17
لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيّ ولسان الْمِيزَان لِلْحَافِظِ ابْن حجر مَعَ زَوَائِد من مَوْضُوعَات ابْن الْجَوْزِيّ مُرَتبا على حُرُوف المعجم، وغرضي من ذَلِك أَمْرَانِ، (أَحدهمَا) إِذا كَانَ فِي سَنَد حَدِيث من أَحَادِيث هَذَا الْكتاب أحد من الْمَذْكُورين مُتَّفق على تَكْذِيبه، فَإِنِّي أكتفى بقولى بعد تَخْرِيج الحَدِيث فِيهِ فلَان أَن من طَرِيق فلَان طلبا للاختصار، وهربا من التّكْرَار، وَإِن كَانَ غير مُتَّفق على تَكْذِيبه وَتَركه ذكرت من وَثَّقَهُ (وَثَانِيهمَا) عُمُوم النَّفْع بذلك فِي غير هَذَا الْكتاب حَتَّى إِذا مر بطالب الحَدِيث رجل من هَؤُلَاءِ فِي سَنَد حَدِيث توقف عَن الْعَمَل بِهِ حَتَّى ينظر إِلَى متابعاته وشواهده، وَلما مَرَرْت بحلب فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة مُتَوَجها إِلَى الْبَاب السلطاني لَا زَالَ مؤيدا بالعون الرباني، وقفت فِيهَا على كتاب لِلْحَافِظِ برهَان الدَّين الْحلَبِي سَمَّاهُ " الْكَشْف الحثيث عَمَّن رمي بِوَضْع الحَدِيث " فألحقت مِنْهُ هَهُنَا مَا ترَاهُ معزوا إِلَيْهِ، وَلم أذكر فيهم أحدا مِمَّن روى لَهُ الشَّيْخَانِ وَإِن رمي بذلك، لِأَن من رويا لَهُ فقد جَازَ القنطرة كَمَا قَالَه الإِمَام عَليّ بن الْمفضل المقدسى ﵀ وَالله الْمُوفق.
1 / 18
حرف الْهمزَة
(١) أبان بن جَعْفَر النجيرمي عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الصايغ، قَالَ ابْن حبَان: كَذَّاب وضع على أبي حنيفَة أَكثر من ثلثمِائة حَدِيث، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر صحفه ابْن حبَان وَإِنَّمَا هُوَ إباء بِهَمْزَة لَا بنُون، وخفف الْبَاء الْخَطِيب وَقَالَ ابْن مَاكُولَا هُوَ بِالتَّشْدِيدِ وَالْقصر.
(٢) أبان بن سُفْيَان الْمَقْدِسِي وَيُقَال أبين عَن الفضيل بن عِيَاض، قَالَ ابْن حبَان: روى أَشْيَاء مَوْضُوعَة، وَقيل أبين غير أبان قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمُغنِي: وَهُوَ الصَّحِيح وَكِلَاهُمَا لَهُ بلايا (قلت) قَوْلهم فلَان لَهُ بلايا أَو هَذَا الحَدِيث من بلايا فلَان قَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين الْحلَبِي: هُوَ كِنَايَة عَن الْوَضع فِيمَا أَحسب لِأَن البلية الْمُصِيبَة انْتهى وَأما قَوْلهم: لَهُ طامات وأوابد وَيَأْتِي بالعجائب، فَلَا أَدْرِي هَل يَقْتَضِي اتهام الْمَقُول فِيهِ ذَلِك بِالْكَذِبِ أم لَا يُفِيد غير وصف حَدِيثه بالنكارة، وَقد سَأَلت بعض أشياخي عَن ذَلِك فَلم يفدني فِيهِ شَيْئا، نعم رَأَيْت الْحَافِظ ابْن حجر قَالَ فِي بعض من قيل فِيهِ ذَلِك: إِنَّه لم يتهم بكذب وَالله أعلم.
(٣) أبان بن أبي عَيَّاش مَتْرُوك اتهمَ بكذب.
(٤) أبان بن المحبر عَن نَافِع، قَالَ ابْن حبَان: يَأْتِي عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ حَتَّى لَا يشك أَنه كَانَ يعملها.
(٥) أبان بن نهشل، قَالَ ابْن حبَان: يروي عَن الثِّقَات مَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ، وَقَالَ الْحَاكِم يروي عَن الْأَعْمَش وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد أَحَادِيث مَوْضُوعَة.
(٦) إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْحَرَّانِي الضَّرِير وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن أبي حميد قَالَ أَبُو عرُوبَة: كَانَ يضع الحَدِيث.
1 / 19
(٧) إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْعجلِيّ الإبزاري، عَن يحيى بن أبي طَالب وَغَيره، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ يضع الحَدِيث.
(٨) إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، قَالَ ابْن حبَان كَانَ يسرق الحَدِيث ويقلب الْأَخْبَار.
(٩) إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم أَبُو أَحْمد الْبَغْدَادِيّ، اتهمه ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد.
(١٠) إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق بن نخرة الصَّنْعَانِيّ عَن عبيد الله بن نَافِع اتهمه الدَّارَقُطْنِيّ.
(١١) إِبْرَاهِيم بن الْبَراء بن النَّضر بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ عَن شُعْبَة والحمادين، قَالَ ابْن عدي والعقيلي وَابْن حبَان وَالْحَاكِم حدث عَن الثِّقَات بِالْبَوَاطِيل، وَقيل فِي نسبه إِبْرَاهِيم بن حَيَّان بمثناة تحتية ابْن الْبَراء بن النَّضر بن أنس بن مَالك، وَقيل إِبْرَاهِيم بن حَيَّان ابْن النجار، وَقيل إِبْرَاهِيم بن حَيَّان البخْترِي، قَالَ الْخَطِيب فِي الموضح كثر الِاخْتِلَاف فِي نسبه لضَعْفه ووهن رِوَايَته فغيروا نسبه تدليسا.
(١٢) إِبْرَاهِيم بن الْبَراء عَن سُلَيْمَان الشَّاذكُونِي بِخَبَر بَاطِل وَالظَّاهِر أَنه غير الأول، وجعلهما ابْن حبَان وَاحِدًا.
(١٣) إِبْرَاهِيم بن بكر الشَّيْبَانِيّ الْأَعْوَر الْكُوفِي وَيُقَال الوَاسِطِيّ عَن شُعْبَة، روى مهنا عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ رَأَيْته وَأَحَادِيثه مَوْضُوعَة، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمُغنِي: قَالُوا كَانَ يسرق الحَدِيث.
(١٤) إِبْرَاهِيم بن بيطار الْخَوَارِزْمِيّ القَاضِي، وَيُقَال لَهُ: إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن عَن عَاصِم الْأَحول، قَالَ ابْن حبَان حدث بِأَحَادِيث لَا أصُول لَهَا.
(١٥) إِبْرَاهِيم بن جريج الرهاوي عَن زيد بن أبي أنيسَة، اتهمه الدَّارَقُطْنِيّ.
(١٦) إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر بن أَحْمد بن أَيُّوب الْمصْرِيّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مَجْهُول أَتَى بِخَبَر بَاطِل
(١٧) إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج عَن عبد الرَّزَّاق وَعنهُ مَحْمُود بن غيلَان، نكرَة لَا يعرف، وَأكْثر الَّذِي رَوَاهُ بَاطِل وَمَا هُوَ بالشامي وَلَا بالنيلي ذَانك صدوقان.
1 / 20
(١٨) إِبْرَاهِيم بن الحكم بن ظهير الْكُوفِي شيعي جلد، قَالَ أَبُو حَاتِم كَذَّاب.
(١٩) إِبْرَاهِيم بن حميد الدينَوَرِي، روى عَن ذِي النُّون الْمصْرِيّ عَن مَالك خَبرا بَاطِلا مَتنه لم يجز الصِّرَاط أحد إِلَّا من كَانَت مَعَه بَرَاءَة بِولَايَة عَليّ بن أبي طَالب، كَذَا فِي تَارِيخ الْحَاكِم، وسمى ابْن الْجَوْزِيّ رَاوِي هَذَا الْخَبَر إِبْرَاهِيم بن عبد الله الصاعدي.
(٢٠) إِبْرَاهِيم بن حَيَّان بمثناة تحتية ابْن حَكِيم بن عَلْقَمَة بن سعد بن معَاذ الأوسي الْمدنِي قَالَ ابْن عدي أَحَادِيثه مَوْضُوعَة.
(٢١) إِبْرَاهِيم بن حَيَّان بن البخْترِي تقدم.
(٢٢) إِبْرَاهِيم بن أبي حَيَّة بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة الْمُشَدّدَة، وَاسم أبي حَيَّة اليسع بن الْأَشْعَث الْمَكِّيّ قَالَ ابْن حبَان: روى عَن جَعْفَر وَهِشَام مَنَاكِير وأوابد يسْبق إِلَى الْقلب أَنه الْمُعْتَمد لَهَا انْتهى وَتقدم لَهُ ذكر فِي الصِّنْف السَّادِس من الوضاعين.
(٢٣) إِبْرَاهِيم بن خلف بن مَنْصُور الغساني اتهمه أَبُو الْحسن بن الْقطَّان بالمجازفة وَالْكذب
(٢٤) إِبْرَاهِيم بن رَاشد الأدمِيّ شيخ لمُحَمد بن مخلف قَالَ فِي الْمِيزَان اتهمه ابْن عدي وَقَالَ فِي اللِّسَان لم أر لَهُ فِي كَامِل ابْن عدي تَرْجَمَة.
(٢٥) إِبْرَاهِيم بن رَجَاء عَن مَالك، لَا يعرف وَالْخَبَر كذب.
(٢٦) إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا أَبُو إِسْحَق الْعجلِيّ الْبَصْرِيّ الضَّرِير الْمعلم وَهُوَ العبدسي وَهُوَ الوَاسِطِيّ، قَالَ ابْن عدي حدث بِالْبَوَاطِيل، وَقَالَ ابْن حبَان يَأْتِي عَن مَالك بِأَحَادِيث مَوْضُوعَة وَقيل: إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا الْعجلِيّ غير إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا الوَاسِطِيّ العبدسي وَالْعجلِي ثِقَة، قَالَ فِي اللِّسَان: وَهُوَ الصَّوَاب.
(٢٧) إِبْرَاهِيم بن زيد التفليسي، قَالَ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: حدث عَن مَالك وَابْن لَهِيعَة بالموضوعات.
1 / 21
(٢٨) إِبْرَاهِيم بن سَلام عَن الدَّرَاورْدِي، وَعَن ابْن صاعد، قَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: رُبمَا روى مَا لَا أصل لَهُ.
(٢٩) إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان اتهمه الذَّهَبِيّ بِحَدِيث: كَانَ على الْحسن وَالْحُسَيْن تعويذتان فيهمَا زغب جنَاح جِبْرِيل.
(٣٠) إِبْرَاهِيم بن شكر العثماني، مصري مُتَأَخّر كذبه الكتاني.
(٣١) إِبْرَاهِيم بن أبي صَالح، كذبه إِسْحَق بن رَاهَوَيْه.
(٣٢) إِبْرَاهِيم بن صبيح الطلحي شيخ لمطين، روى عَن ابْن جريج خَبرا مَوْضُوعا هُوَ آفته.
(٣٣) إِبْرَاهِيم بن صرمة الْأنْصَارِيّ عَن يحيى بن سعيد، قَالَ ابْن معِين: كَذَّاب خَبِيث.
(٣٤) إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الزبير الجُمَحِي الْكُوفِي عَن نَافِع، قَالَ الْأَزْدِيّ: مَنْسُوب إِلَى الْكَذِب.
(٣٥) إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن خَالِد المصِّيصِي عَن وَكِيع، قَالَ ابْن حبَان يسرق الحَدِيث ويروي عَن الثِّقَات مَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ وَقَالَ الْحَاكِم أَحَادِيثه مَوْضُوعَة.
(٣٦) إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَيُّوب، وَرُبمَا قيل، إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب المخرمي عَن القواريري وَسَعِيد الْجرْمِي وطبقتهما قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَهُ بَوَاطِيلُ.
(٣٧) إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن همام الصَّنْعَانِيّ عَن عَمه عبد الرَّزَّاق، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَذَّاب.
(٣٨) إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن السفرقع، قَالَ أَبُو الْفَتْح بن أبي الفوارس كَذَّاب وَضاع.
(٣٩) إِبْرَاهِيم بن عبد الله الصاعدي تقدم فِي إِبْرَاهِيم بن حميد.
(٤٠) إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد الْبكْرِيّ تقدم فِي الصِّنْف الْخَامِس من الوضاعين أَن الذَّهَبِيّ اتهمه بِوَضْع حِكَايَة الْقَاص مَعَ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين.
(٤١) إِبْرَاهِيم بن عقيل بن حبش الْقرشِي النَّحْوِيّ شيخ للخطيب، قَالَ ابْن الْأَكْفَانِيِّ كَانَ يركب الْإِسْنَاد.
(٤٢) إِبْرَاهِيم بن عكاشة عَن الثَّوْريّ، لَا يعرف وَالْخَبَر مُنكر، وَقَالَ ابْن أَبى حَاتِم: دلّ الْخَبَر
1 / 22