[مسألة] وربما قيل فما معنى قوله (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) كيف يجوز في بعض القرآن أن لا يعلمه العلماء وانما يؤمنون به وقد أنزله الله بيانا وشفاء. وجوابنا ان في العلماء من يتأوله على ما تؤول اليه أحوال الناس في الثواب والعقاب وغيرهما فبين تعالى انه جل جلاله يعلم ذلك وهو تأويله وان الراسخين في العلم يؤمنون بجملة ذلك ولا يعرفونه ولم يمن بذلك الأحكام والتعبد وهذا كقوله (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل) وأراد به المتأول وقال بعض العلماء المراد ان الراسخين يعلمون أيضا وهم مع ذلك يؤمنون به فيجمعون بين الامرين بأنه قد يعلم معنى الكلام من لا يؤمن به وقد يؤمن به من لا يعلم معناه بقوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أي والا الراسخون في العلم ويقولون مع ذلك (آمنا به كل من عند ربنا) وكلا الجوابين صحيح وبين تعالى ان من في قلبه زيغ يتبع المتشابه كاتباع المشبهة والمجبرة ظاهرة ما في القرآن فذمهم بذلك. والواجب اتباع الدليل وليس في المتشابه آية الا ويقترن بها ما يدل على المراد. والعقل يدل على ذلك فالله تعالى جعل بعض القرآن متشابها ليؤدي الى اثارة العلم والى أن لا يتكلوا على تقليد القرآن ففيه مصلحة كبيرة. وقد قيل ان المراد لا يعلم تأويله على التفصيل عاجلا أو آجلا الا الله تعالى وان كان الراسخون في العلم يعلمون ذلك على الجملة دون التفصيل.
[مسألة]
Sayfa 58