وبعد ذلك قال تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله) وبين ان الذين آمنوا أشد حبا لله أي لعبادته وتعظيمه وبين أن هؤلاء اذا رأوا العذاب علموا أن القوة لله جميعا دون الانداد وتتبرأ من اتبع ممن اتبعهم عند رؤية العذاب والذين يتبعون يتمنون الرجوع مرة أخرى حتى يتبرءوا ممن تبرأ منهم ثم بين انه يريهم أعمالهم حسرات عليهم ومن تفكر في هذه الآيات يستغني بتأملها عن كل تذكر. ثم قال (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) فشرط فيه كلا الشرطين (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) الذي يزين لكم اللهو والهوى فانه عدو مبين. فخالفوه الى ما هو حلال وان شق عليكم ثم قال (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) فحذر من الشيطان بهذا النوع من التحذير وقبح قول من حكى عنهم اذا قيل لهم (اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) فاختار تقليد الآباء واتبع طريقهم على ما بينه الله تعالى من الحق ومثلهم بقوله (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) فوصف المنعوق بأنه وان سمع فهو بمنزلة الصم البكم لما لم يؤثر قول من دعاه الى عبادة الله فيه وبين بعد ذلك ما أحل وما حرم فقال (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله) وبين ان ذلك وما أشبهه هو الحرام الا للمضطر وأعاد زجر من يكتم الحق ويشتري به ثمنا قليلا وبين انهم يأكلون في بطونهم نارا تحقيقا لما يستحقونه من العذاب وانهم اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ثم انه تمم هذا الزجر والوعظ بقوله (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) وبين ان ذلك غير مقبول الا بأن يؤمن المرء بالله فيعرفه حق المعرفة ويؤمن بالملائكة والنبيين ويؤتي المال وهو يحبه (ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب) ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويوفي بعهد الله اذا عاهده وبعهد الناس ويصبر على البأساء والضراء يعني فيما ينزل به من جهة الله من الشدائد والأمراض قال تعالى (أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) وذكر في موضع آخر (إنما يتقبل الله من المتقين) وبين تعالى حكم القصاص في آيات فقال (ولكم في القصاص حياة) لان من تصور انه اذا قتل يقتل كف عن القتل فيبقى حيا من قتله ثم ذكر تعالى فيمن يحضره الموت الوصية للوالدين والأقربين وهذا وان نسخ وجوبه فهو مرغوب فيه من الثلث او ما دونه ثم قال (فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه) ترغيبا في ازالة الخلاف وبقاء الالفة، ثم بين تعالى حكم الصيام في آيات كثيرة وأوجب صيام شهر رمضان على المقيم الصحيح وزجر عن خلافه.
[مسألة]
فان قيل فلما ذا قال (وعلى الذين يطيقونه فدية).
Sayfa 41