135

مخرجهم من الضلالة ومنقذهم من الجهالة وكيف لا يتهمهم على نفسه ودينه من رأى فعلهم بسيدهم وسيد الناس أجمعين فيما عهده وأراده وقصده وهل يمكن عاقل بعد هذا أن يقول أي أمارة للخوف ظهرت اللهم إلا أن يقولوا إن القوم ما خالفوا نصا ولا نبذوا عهدا وإن كل ذلك تقول منكم عليهم لا حجة فيه دعوى لا برهان عليها فتسقط حينئذ المسألة من أصلها ويصير تقديرها إذا كان أمير المؤمنين (ع) غير منصوص عليه بالإمامة ولا مغلوب على الخلافة فكيف لم يطالب بها ولم ينازع فيها ومعلوم أنه لا مسألة في أن من لم يطالب بما ليس له ولم يجعل إليه وإنما المسألة في إن لم يطالب بما جعل إليه وإذا فرضنا أن ذلك إليه جاء منه كل الذي ذكرناه ثم يقال لهم إذا سلمتم أن وجوب إنكار المنكر مشروط فلم أنكرتم أن يكون أمير المؤمنين (ع) إنما أحجم عن المجاهدة بالإنكار لأن شروط إنكار المنكر لم تتكامل إما لأنه كان خائفا على نفسه أو على من يجري مجرى نفسه أو مشفقا من وقوع ضرر في الدين هو أعظم مما أنكروه وما المانع من أن يكون الأمر جرى على ذلك فإن قالوا لأن أمارات الخوف لم تظهر قلنا وأي أمارة للخوف هي أقوى من الإقدام على خلاف رسول الله (ص) في أوثق عهوده وأقوى عقوده والاستبداد بأمر لا حظ لهم فيه وهذه الحال تخرج من أن يكون أمارة في ارتفاع الحشيمة من القبيح إلى أن يكون دلالة وإنما يسوغ أن يقال لا أمارة هناك تقتضي الخوف وتدعو إلى سوء الظن إذا فرضنا أن القوم كانوا على أحوال السلامة متضافرين متناصرين متمسكين بأوامر الرسول (ص) جارين على سنته وطريقته فلا يكون لسوء الظن عليهم مجال ولا للخوف من جهتهم طريق فأما إذا فرضنا أنهم دفعوا النص الظاهر وخالفوه وعملوا بخلاف مقتضاه فالأمر حينئذ منعكس منقلب وحسن الظن لا وجه له وسوء الظن هو الواجب اللازم فلا ينبغي للمخالفين لنا في هذه المسألة أن يجمعوا بين المتضادات ويفرضوا أن

Sayfa 136