يحنة بن رؤبة ١، صاحب أيلة، بقوم منهم، ومن أهل أذرح، يطلبون الأمان، وهذا يدل على تقاربهما ٢، كما شاهدته، وقول ابن وضاح في أذرح: إنها فلسطين، فوهم بلا شك. فإن الذي قال ٣ الحازمي ٤ والبكري ٥، وصاحب الغريب في شرح مسلم ٦، وغيرهم: إن أذرح مدينة في طرف الشام، في قبلة الشوبك، بينهما وبينه نحو نصف يوم، وهي في طرف الشراة، في طرفها الشمالي.
وأما اختلاف الأحاديث في تقدير مساحة الحوض، أوردنا الله إياه بفضله وكرمه، فالكلام عليها مشهور، وأحسن وجه قيل فيه: إن التقدير كان في كل وقت بحسب ما يفهم الحاضرون من المسافة، مع تقارب ذلك، وأنه نحو شهر، والمقصود منه هو التنبيه على الموضع الناقص من حديث ابن عمر- ﵄، وإزالة الإشكال ٧ عنه وبالله التوفيق.
٢- ومنها: ما رواه البخاري في كتاب المغازي ٨، فقال: "حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة ٩، عن حصين ١٠، عن أبي وائل ١١ حدثهم مسروق بن
_________
١ عند ياقوت: "يوحنه ". من أيلة، قدم على النبي ﷺ وهو في تبوك، مصالحة على الجزية، وقرر على كل حاكم بأرضه في السنة دينارا، فبلغ ذلك ثلاثمائة دينار، واشترط عليهم قري من مرّ بهم من المسلمين ... (معجم البلدان ١/٢٩٢) بتصرف.
٢ ويؤيده ذكر مسلم له في غزوة تبوك. وقال الحافظ نقلا عن المؤلف أنه قال ردا على ابن الأثير في تقديره المسافة بثلاثة أيام: "بل بينهما غلوة سهم ... "، (الفتح ١١/٤٧٢) . وتقدم أن المؤلف قال: "يسمع أهل كل قرية النداء من الأخرى" ص ٤٩. وقول ياقوت مسندا أن بينهما ميل واحد ص ٤٥/١ت، ص ٤٦ ت٥. كل هذا يؤكد خلاف ما ذكر نافع وغيره. ويحسم الخلاف في تقدير المسافة.
٣ ٢/أ.
٤ المؤتلف في الأماكن، ويسمى أيضا (ما اتفق لفظه واختلف مسماه من أسماء الأمكنة) . هذا الكتاب نشرته مجلة العرب منذ عام ١٩٧٩، ١٩٨٠م. (معجم المخطوطات المطبوعة ٥/٦٩) .
٥ معجم ما استعجم ١/١٣٠، ٢/٣٧٤.
٦ لعله كتاب "المفهم لما أشكل من كتاب مسلم" لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي (ت ٦٥٦) . ذكر منه نسخة في القرويين الجزء الثاني، والرابع. وفي الظاهرية. (عن مقال الشروح المغربية لصحيح مسلم) .
٧ لأن من طالع المختصر منه يقع في حيرة، لاسيما إذا تقرر لديه شدة التقارب بين جربى وأذرح. وفي نظري أن ما ذكر المؤلف ﵀ من أوجه الجمع بين الأحاديث المختلفة في تقدير المساحة وجه حسن وبه يزول اللبس في هذا الأمر، وإن كان الحافظ ﵀ رد هذا على المؤلف، وقد استفاده من القاضي عياض، وأفاد الحافظ بأن ما ذكره المؤلف يتم فيما لو كان التقدير متقاربا، أما وقد ظهر الاختلاف متباعدا إلى حد كبير فلا. (الفتح ١١/٤٧١) . قلت: وبعد العلم بما تقرر في المسافة بين جربى وأذرح لا يتم للحافظ ﵀ ما أراد. والأوجه في نظري ما نقله المؤلف عن عياض، وأن التقدير إنما كان تقريبا للأفهام. والله تعالى أعلم، نسأله التوفيق والإلهام.
٨ في٥/٦٠، ٦١.
٩ وضاح بن عبد الله اليشكري.
١٠ ابن عبد الرحمن السلمي.
١١ شقيق بن سلمة، الأسدي.
1 / 53