وَأما قَوْله ﴿ونادى أَصْحَاب النَّار أَصْحَاب الْجنَّة﴾ فَإِنَّهُم أول مَا يدْخلُونَ النَّار ينادون أهل النَّار ﴿وَنَادَوْا يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك قَالَ إِنَّكُم مَاكِثُونَ﴾ وينادون أَصْحَاب الْجنَّة ﴿أَن أفيضوا علينا من المَاء﴾ وَيَقُولُونَ رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ فيتركهم مِقْدَار سَبْعَة آلَاف سنة أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك ثمَّ يَقُول ﷿ سُبْحَانَهُ فِي آخر ذَلِك اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون فَعِنْدَ ذَلِك صَارُوا عميا وبكما وصما لَا يَسْتَطِيعُونَ الْكَلَام وَلَا يسمعُونَ وَلَا يبصرون فَهَذَا تَفْسِيرهَا
وَأما قَوْله ﷿ ﴿فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون﴾ فَكَانَ هَذَا عِنْد من يجهل التَّفْسِير ينْقض بعضه بَعْضًا حِين قَالَ ﴿وَلَا يتساءلون﴾ وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى ﴿وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون﴾ وَلَيْسَ بمنتقض ولكنهما فِي تَفْسِير الْخَواص فِي المواطن الْمُخْتَلفَة
فَأَما تَفْسِير ﴿فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون﴾ فَإِذا نفخ فِي الصُّور النفخة الثَّانِيَة قَامَ الْخَلَائق من قُبُورهم فَلَا أَنْسَاب بَينهم فِي ذَلِك الموطن وَلَا يعْطف بَعضهم على بعض قريب لِقَرَابَتِهِ حَتَّى ينجو من الْحساب إِلَى الْجنَّة وَلَا يسْأَل بَعضهم بَعْضًا فَذَلِك قَوْله جلّ ثَنَاؤُهُ ﴿وَلَا يسْأَل حميم حميما﴾ وَذَلِكَ قَوْله يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ وصاحبته وبنيه لكل امْرِئ مِنْهُم
1 / 56