فَأَيْنَ أَنْت يَا بطال من هَؤُلَاءِ السَّابِقين وَأَيْنَ عَمَلك من أَعْمَالهم وَهل بَقِي عمل لعامل فِي عصرنا هَذَا بِوَقْت أَو لَحْظَة من أوقاتهم وسبقهم وَإِنَّمَا نالوا الشّرف بسبقهم إِلَى الْإِسْلَام وبذلهم النُّفُوس وَالْكل فِي الله حَتَّى أيد الله بهم نبيه ﷺ وَأظْهر بهم دينه وأعلن بهم الْحق وَأظْهر بهم الصدْق فَكيف يَجْسُر على الطعْن عَلَيْهِم من عرف الله سَاعَة فِي عمره أم كَيفَ يجترىء على سبهم من يزْعم أَنه مُسلم وَالله ﷾ يَقُول للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله وَرَسُوله أُولَئِكَ هم الصادقون وَالَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم يحبونَ من هَاجر إِلَيْهِم وَلَا يَجدونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة وَمن يُوقَ شح نقسه فَأُولَئِك هم المفلحون وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان وَلَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك غَفُور رَحِيم
فَأَيْنَ أَنْت وَأَيْنَ لَك وَأهل عصرك من هَؤُلَاءِ هَيْهَات أَن تدْرك بعض شَأْنهمْ أَو أَن تبلغ مد أحدهم أَو نصيفه فَكيف وَأَنت ترجع فِي أَمرك كُله إِلَى عقلك الْفَاسِد ورأيك الْأَعْرَج فَتَقول قد فعل فلَان وَلم كَانَ ومم كَانَ وَأَنت يَا جَاهِل قد ضارع قَوْلك قَول إِبْلِيس حِين قَاس فَقَالَ ﴿خلقتني من نَار وخلقته من طين﴾ فَأَنت تعَارض كَمَا عَارض وليك الشَّيْطَان ثمَّ من أدل الْأَدِلَّة أَنَّك لَو تقطعت وَاجْتَهَدت لم يَصح لَك أصل تعتمد عَلَيْهِ إِلَّا أَن تكذب وتنقل الْكَذِب لتستريح إِلَيْهِ وَلَا رَاحَة لكذاب وَالله ﷿ يَقُول ﴿قتل الخراصون﴾ أَي لعن الكذابون وَقَالَ النَّبِي ﷺ من كذب على مُعْتَمدًا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار
1 / 11