223

Gafilleri Uyarı

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Soruşturmacı

يوسف علي بديوي

Yayıncı

دار ابن كثير

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Yayın Yeri

دمشق - بيروت

إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا فُطُنًا ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وَخَافُوا الْفِتَنَا
نَظَرُوا فِيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ... أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنًا
جَعَلُوهَا لُجَّةً وَاتَّخَذُوا ... صَالِحَ الْأَعْمَالِ فِيهَا سُفُنَا
فَفِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِضَاعَتُكَ الَّتِي تُحْمَلُ فِيهَا، وَالْحِرْصُ عَلَيْهَا رِبْحُكَ وَالْأَيَّامُ مَوْجُهَا، وَالتَّوَكُلُ ظِلُّهَا، وَكِتَابُ اللَّهِ دَلِيلُهَا، وَرَدُّ النَّفْسِ عَنِ الْهَوَى حِبَالُهَا، وَالْمَوْتُ سَاحِلُهَا، وَالْقِيَامَةُ أَرْضُ الْمَتْجَرِ الَّتِي تَخْرُجُ إِلَيْهَا، وَاللَّهُ مَالِكُهَا.
وَرُوِيَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: أُبْلِغْنَا أَنَّهُ يُجَاءُ بِالدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَبَخْتَرُ فِي زِينَتِهَا وَبَهْجَتِهَا.
فَتَقُولُ: يَا رَبُّ اجْعَلْنِي لِأَحْسَنِ عِبَادِكَ دَارًا.
فَيَقُولُ اللَّهُ ﷿: لَا أَرْضَاكِ دَارًا لَهُمْ.
أَنْتِ لَا شَيْءَ كُونِي هَبَاءً مَنْثُورًا فَتَصِيرُ هَبَاءً مَنْثُورًا وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: يُؤْتَى بِالدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى صُورَةِ عَجُوزٍ شَمْطَاءَ زَرْقَاءَ بَادِيَةٌ أَنْيَابُهَا، مُشَوَّهٌ خَلْقُهَا، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا كَرِهَهَا، فَتُشْرِفُ عَلَى الْخَلَائِقِ فَيُقَالُ لَهُمْ: أَتَعْرِفُونَ هَذِهِ؟ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا.
فَيُقَالُ: هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي تَفَاخَرْتُمْ بِهَا وَتَقَاتَلْتُمْ عَلَيْهَا.
وَرُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَا فَتُلْقَى فِي النَّارِ فَتَقُولُ يَا رَبُّ أَيْنَ أَتْبَاعِي وَأَصْحَابِي؟ فَيَلْحَقُونَ بِهَا.
لَا يَكُونُ لَهَا عَذَابٌ، لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهَا.
وَلَكِنَّهَا تُلْقَى فِي النَّارِ لِكَيْ يَرَاهَا أَهْلُهَا فَيَرَوْنَ هَوَاءَهَا.
كَمَا أَنَّ الْأَوْثَانَ جُعِلَتْ فِي النَّارِ.
وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨]، وَلَا يَكُونُ لِلْأَوْثَانِ عُقُوبَةٌ، وَلَكِنْ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ وَالْحَسْرَةِ لِأَهْلِهَا.
وَكَذَلِكَ الدُّنْيَا، جُعِلَتْ فِي النَّارِ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ وَالْحَسْرَةِ لِأَهْلِهَا لِتَكُونَ لَهُمْ زِيَادَةُ الْحَسْرَةِ.
فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْمَلَ لِلْآخِرَةِ وَلَا يَشْتَغِلَ بِالدُّنْيَا إِلَّا مِقْدَارَ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: عَجَبًا لَكُمْ، تَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا وَأَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَلَا تَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَأَنْتُمْ لَا تُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ عَمَلٍ
٣١٧ - وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةُ الْأَسَدِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَهُّ قَالَ: " مَنْ أُشْرِبَ قَلْبُهُ حُبَّ الدُّنْيَا الْتَاطَ قَلْبُهُ مِنْهَا بِثلَاثٍ: شُغْلٍ لَا يَنْفَكُّ عَنَاؤُهُ، وَأَمَلٍ لَا يَبْلُغُ مُنْتَهَاهُ، وَحِرْصٍ

1 / 243