326

============================================================

النهيل شح معالمر العدل والنوحيل والمقابلة، فحملها عليهما يكون خرقا للاجماع، وإنه غير جائز، فثبت بمجموع ما ذكرنا أن النظر لا يفيد الرؤية.

الوجه الثاني أنا قد بينا أن النظر لا يفيد الرؤية بحال، فإذا كان كذلك فلم قلتم إنه لا يجوز أن يكون المراد بالنظر في الآية الانتظار، قالوا: النظر بمعنى الرؤية يمكن إسناده إلى الله، والنظر بمعنى الانتظار لا يمكن إسناده إليه. قلنا: لم لا يضمر فيه الثواب حتى يكون النظر معدى إليه، وهذا وإن كان على خلاف الأصل لكنه يجب المصير إليه، ويدل عليه أمران: الأول أن الله تعالى قابل بين أول الآية وبين آخرها، فلو كان المراد في أول الآية الرؤية لنفاها في آخرها، ولكان يقول في آخرها: ووجوه يومئذ باسرة غير ناظرة إلى ربها. ليشاكل القسمان، فلما لم يقل ذلك، بل قال: (تظن أن يفعل بها فاقرة) (1). فأوجب للكفار خوف العقاب وتوقع حصوله دون المنع من الرؤية، فوجب أن يكون الذي أوجبه للمؤمن هو انتظار الثواب وتوقع حصوله ليناسب آخر الكلام أوله، ويتسق نمط الآية، ويصير معناها: وجوه يومثذ ناضرة أي ناعمة لثواب ربها منتظرة، ووجوه يومثذ باسرة أي كالحة في مقابلة قوله ناضرة، تظن أن يفعل بها فاقرة أي تخاف حصول العقاب وتتوقع هجومه، ال وهي في مقابلة قوله منتظرة لثواب ربها.

الثاني إن كثيرا من الصحابة والتابعين فسروا الآية بذلك، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في معنى قوله تعالى: وجوه يومثذ ناضرة إلى ربها ناظرة. ينظرون إلى الله في الآخرة كما ينظرون إليه في الدنيا. أي ينتظرون ما يأتيهم من نعم وإحسان.

1 - سورة القيامة: آية25.

Sayfa 326