254

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل وأهل اللغة، فلو كان ثم أمر وراء هذه الصيغة مع الإرادة لكان أمرا خفيا لا يطلع عليه إلا الأذكياء، والأمور الظاهرة لا يمكن تعليقها بالأمور الخفية فدل هذا على أن حقيقة الأمر ليس إلا نفس هذه الصيغة مع الإرادة، وكذلك النهي والخبر وغيرهما من صيغ الكلام.

الفصل الثاني في حدوث الكلام اعلم أنا قد بينا أن حقيقة الكلام هو هذه الحروف والأصوات، وأن معنى كونه تعالى متكلما به هو إيجاده هذه الحروف والأصوات في جسم، فإذا كان المراد بالكلام ما ذكرناه فالعلم الضروري حاصل بحدوثه، واستحالة قدمه، وماكان معلوما بالضرورة لم يفتقر إلى تحصيل دلالة.

وقد حكي عن بعض الحشوية من الحنابلة أن هذا القرآن المتلو في المحاريب والمكتوب في المصاحف قديم مع الله تعالى، وهذا جهل منهم بحقيقة القديم والمحدث. والأولى تنزيه كتابنا عن مثل هذه التهويسات والكلام عليها.

وأما الأشعرية فقد قالوا بأن الكلام الذي يثبت قدمه ليس هذه الحروف والأصوات ولا إرادتها ولا العلم بها، وإنما الكلام الذي يثبت قدمه هي صفة قائمة بذاته تعالى كسائر صفاته القديمة من القدرة والعلم والحياة.

والمعتمد ف بطلان مذهبهم طريقان: عقلية وسمعية.

أما العقلية فمن أوجه: الأول أنه يلزم من قدم كلامه حصول النقص في حقه، والنقص عليه محال. فالقول بقدم كلامه محال، وإنما قلنا إنه يلزم من قدم كلامه حصول نقص في حقه؛ فلأن المتكلم لا بد أن يفيد بكلامه فائدة حتى يخرج الكلام عن كونه عبثا، وتلك الفائدة إما أن تكون راجعة إلى

Sayfa 254