228

============================================================

الشهيد شرح معالم العدل والنوحيل المصلحة ويمنع عن إرادته، فلا يكون مريدا، فإذا عرفت ذلك فنقول: هذا المعنى بكماله حاصل في حق الله تعالى، فإنه يفعل أفعاله لغرض يخصها وليس منوعا من إرادتها، فيجب أن يكون تعالى مريدا لها، ما خلا الإرادة والكراهة.

واحتج النافون هذه الإرادة بوجوه ثلاثة: الأول أنه تعالى لو كان مريدا لكان لا يخلو إما أن يكون مريدا لذاته أو بإرادة قديمة أو بإرادة حادثة والأقسام كلها باطلة، فيبطل القول بكونه تعالى مريدا. وإنما قلنا إنه تعالى يستحيل أن يكون مريدا لذاته فلأنه لو كان مريدا لذاته لوجب أن يريد كلما صح أن يراد.

فهذا باطل، فالقول بكونه تعالى مريدا لذاته باطل أيضا، وإنما قلنا إنه تعالى لو كان مريدا لذاته لوجب أن يريد كلما صح أن يراد ؛ فلوجهين: أما أولا فلأنه تعالى لما كان عالما لذاته وجب أن يعلم كلما صح أن يكون معلوما، فكذلك لما كان تعالى مريدا لذاته وجب أن يريد كلما صح أن يراد.

وأما ثانيا فهو أن المرادات مشتركة في صحة أن يريدها كل مريد، فإذا اقتضت الذات كون بعضها مرادا وجب أن تقتضي الباقي، لأن اقتضاءها البعض ليس بأولى من اقتضائها للكل، إذ لا مخصص. وإنما قلنا إن ذلك باطل فلوجهين: أما أولا فلأن زيد إذا أراد حياة إنسان وعمرو يريد موته، فلو كان تعالى مريدا لكل المرادات لوجب أن يكون مريدا لحياة زيد وموته معا، وإنه محال.

وأما ثانيا فلأن الأشياء التي يصح أن تراد لا نهاية لها، فيلزم وجود ما لا نهاية له، وهو باطل فبطل أن يكون تعالى مريدا لذاته، وبهذا الدليل يبطل أن يكون تعالى مريدا بإرادة قديمة؛ لأنه ليس تعلق الإرادة القديمة ببعض المرادات أولى من تعلقها بالباقي، وحينئذ

Sayfa 228