============================================================
الشهيد شح معالم العدل والنوحيل وجوابه أنا نقول: إن أرتم بالحس حصول الإدراك فهذا مذهبنا، فأي مانع منه، وإن أرتم أجساما مخصوصة فمن أين يلزم إذا كان مدركا أن يكون جسما.
ال ورابعها أنه تعالى لو كان له حالة بكونه مدركا لكان لا حكم هذه الصفة، فلا يجوز اثباتها له تعالى؛ لأنا لا نعقل للادراك حكما إلا كونه طريقا إلى لعلم بالمدرك وهو تعالى عالم بالأشياء بحقائقها وتفاصيلها.
وجوابه أن الصفة إنما يجب إثبات حكم لها إذا لم تكن معلومة بنفسها، وهذه الصفة نعلمها من أنفسنا بالوجدان ومن غيرنا بالاضطرار، وفي حق الله تعالى نعلمها بالاستدلال، كما قررناه آنفا، فإذا ثبت أنها معلومة لم يحتج إلى إثبات حكم ليكون طريقا إليها.
المسألة الخامسة في أنه تعالى مدرك لجميع المدركات ذهب جميع البصريين إلى أنه تعالى مدرك لجميع المدركات، وحكي عن أبي القاسم بن سهلويه (1) أنه نفى أن يكون تعالى مدركا للألم واللذة. ودليلنا عليه ما مر من ثبوت كونه تعالى مدركا، ولا يختص بمدرك دون مدرك، فيجب آن يكون مدركا لجميعها.
واحتج لمذهبه بأن الألم واللذة إنما يدركان بمحل الحياة في محل الحياة، وهذا هو حكمهما الذي يتميزان به عن غيرهما، وإدراك القديم تعالى هما كذلك مستحيل، فوجب ألا يدركهما.
1 - أبو القاسم ابن سهلويه (308-399ه) شيخ القاضي عبد الجبار بن أحمد، ويلقب بقاتل الأشعري؛ وسبب ذلك أنه ناظر الأشعري في مسألة فانقطع وحم ومات. ذكره صاحب المنية والأمل في الطبقة العاشرة قال: هو من أهل العراق وكان يشار إليه في جودة البيان وقوة النظر. وذكره النديم في الفهرست قال: ابن سهلويه ممن أخذ عن أبي هاشم ولا كتاب له يعرف ويلقب بقشور. انظر النديم: الفهرست 222/1، القاضي عبد الجبار: فرق وطبقات المعتزلة ص 117، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص324، ابن المرتضى: المنية والأمل ص111.
Sayfa 199