Fransızların Mısır ve Şam Bölgelerini İşgali
ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية
Türler
وكنا قد ذكرنا أن أمير الجيوش بعد حضوره إلى تجاه عكا أرسل كتب إلى مشايخ البلد الذين بالقرب منه فحضر إليه الشيخ عباس بن ضاهر العمر وأعرض لديه أحواله، فترحب به وأعطاه السلاح والكسوة وعشرة أكياس، وكتب له أن يكون متوليا بلاد أبيه، وحضر أيضا مشايخ بني متوال فأعطاهم حكم بلادهم، وصاروا من عند أمير الجيوش إلى مدينة صور، وقدموا له الذخاير من البلاد، وتسلموا القلعة التي كانت لآبائهم، ثم حضر أيضا رجل من جبل شيخا اسمه مصطفى بشير فأكرمه أمير الجيوش، وأمره أن يجمع عسكر من أهل تلك البلاد ويتوجه إلى مدينة صفد، فتوجه المذكور بخمسين نفر، ولما بلغ أهل البلد قدومه طردوا عسكر الجزار وسلموه البلد، وكان ذلك الرجل أصله من صفد.
وقد ذكرنا عن توجه الجنرال كليبر والجنرال منو إلى الناصرة، وكان قد اجتمع من الشام عساكر الإسلام من مغاربة وهوارا وعربان والغز الذين حضروا مع إبراهيم بيك، إلى أن بلغ جمعهم ثلاثين ألف مقاتل ما بين راكب وراجل، وخرجت هذه العساكر العديدة بقوة شديدة، ووصلت إلى مرج ابن عامر، فبلغ كليبر قدوم ذلك العسكر فسار إليهم بألف وخمسماية مقاتل، وحينما وصلوا وشاهدتهم تلك الجموع انهزموا من قدامهم مكيدة منهم، ولم يزل الفرنساوية في أثرهم إلى أن وصلوا إلى أطراف المرج، ومن هناك أحاطوا في الفرنساوية من كل جانب، ولما نظرهم الجنرال كليبر قد أحاطوا بالعسكر، فقسم رجاله أربعة أقسام مع كل قسمة منهم مدفع، واتصل الحرب بينهم، فعندما شاهدت أهالي الناصرة كثرة جيوش الشام وأن الفرنساويين قليلين جدا، فبادروا حالا وأخبروا أمير الجيوش فأحضر حالا الجنرال تركو وأمره بتحضير ثلاثة آلاف صلدات.
ومن بعد ساعة واحدة جهز العسكر المذكور، وأخذوا معهم أربعة مدافع وأمر الجنرال بونابارته أن يسيروا على وادي عبلين، ومن بعد مسيرهم بثلاث ساعات ركب أمير الجيوش وسار وراهم طالبا أثرهم، وفي نصف الليل وصل بالعساكر إلى بير البدوية، وأرسل إلى امرأة قريبة منهم اسمها سافورا وطلب ما احتاجه من الذخيرة تلك الليلة، وعند الصباح سار بالعسكر إلى أن نفذ إلى مرج ابن عامر، وصعد إلى تل عال فكشف أرض المرج ونظر إلى الجنرال كليبر في وسط البيدا وعساكر الإسلام محتاطة به، والهجمة من كل ناحية، وليس لهم عليه استطاعة، ثم نظر إلى جبل بعيد وعليه المضارب والخيام، وكان هذا أوردي الغز، فنزل أمير الجيوش وأفرز خمسماية مقاتل، وأمرهم أن يسيروا على الجبل ويكبسوا على الأوردي، وقسم العسكر الذي بقي معه ثلاثة أقسام؛ قسمان منهم ألف والقسم الثالث خمسماية، فأخذ منهم قسما واحدا ومدفعا واحدا وتوجه بذاته، والقسم الثاني تبعه من بعيد، والقسم الثالث الخمسماية ومعهم مدفعين أمرهم أن يسيروا إلى الحرب من الطرف الثاني إلى أن تصير العساكر المحاربين في وسطهم محتاطين بهم، وحينما وصل أمير الجيوش إلى عندهم ضرب مدفعا واحدا، ثم ضرب القسم الثاني ثم الثالث، وحينما سمعوا العساكر المحاربين المدافع، ونظروا قدوم النجدة، وعلموا أنهم صاروا في وسطهم، فولوا منهزمين وللنجاة طالبين، وصاروا يتراكضون في الجبال، وكانت الفرنساوية يضحكون عليهم.
وعندما انقطع أثرهم أتى أمير الجيوش إلى عند الجنرال كليبر وتصافحا مع بعضهما بعض وتعانقا وفرحا بانهزام الأعداء، وحينما كانا واقفين وإذا بالخمسماية صلدات الذين صاروا إلى الجبل راجعة بالغنايم الوافرة؛ لأنهم كبسوا على أوردي الغز، وكان فيه مقدار ماية مملوك فقط، وأما باقي الغز فكانت تحارب في أرض المرج بعيدا عن أورديهم مقدار ساعتين، فعندما نظرت المماليك أن الفرنساوية مقبلين عليهم تركوا الأوردي وولوا منهزمين، فكبسوا عليه الخمسماية صلدات واغتنموه، وكان فيه خيرات كثيرة، وأخذوا الخيل والجمال والخيام والأمتعة والأسلحة والملبوس، وبات أمير الجيوش تلك الليلة في أرض المرج، وحينما أصبح الصباح أرسل خمسماية صلدات إلى قرية جنينين، وأمرهم أن ينهبوها ويحرقوها ففعلوا كما أمرهم، ثم إن أمير الجيوش أحرق تلك القرايا التي في جبل نابلوس؛ لأنهم ما طلبوا منه الأمان، ثم رجع إلى الناصرة، وبعده حضر بالعسكر إلى تجاه عكا.
وقد كنا ذكرنا أن أمير الجيوش كان قد أرسل مصطفى بشير الصفدي إلى صفد وملك قلعتها، وصاروا الذين كانوا من قبل الجزار إلى الشام، وجمع ابن عقيل عسكر وحضر إلى صفد فنهبوها وحاصروا القلعة، ولعلمهم بقلة الرجال بها هجموا بقوة شديدة، وكانوا الذين في القلعة يضربوا عليهم بالرصاص، فهلك منهم عدة رجال، ثم إن رجل من القلعة سقط من شباك وهجم ورا عسكر الشام، وضرب البيرقدار برصاص فقتله، وأخذ البيرق ورجع إلى القلعة، وحين بلغ أمير الجيوش قدوم عسكر الشام إلى صفد أمر الجنرال ميراد أن يسير بخمسماية راكب، ولما بلغ عسكر الشام قدومه رحلوا إلى جسر بنات يعقوب، وحين دخل الجنرال ميراد صفد بلغه هروب عسكر الشام فتبعهم، ولما وصل إلى الجسر فما وجد أحدا وأعلموه أنهم ساروا إلى الشام.
وأما مصطفى بشير حضر إلى عند أمير الجيوش فترحب به وأكرمه، وقد أخبروه عن فعل ذلك الرجل فأعطاه ماية وخمسين غرش، وأمر مصطفى بشير أن يعين عسكر من الفلاحين ولكل إنسان ثلاثين فضة كل يوم، فتوجه المذكور وعين جماعة، وسار بهم إلى جسر بنات يعقوب لعند الجنرال ميراد، فتركهم الجنرال على الجسر محافظين ورجع إلى عكا.
وأما الجنرال منو كان لم يزل مع الجنرال كليبر في الناصرة، فبلغه أن في مدينة طبرية عسكر الجزار، فأخذ ثلاثماية راكب من الفرنساوية والشيخ صالح والشيخ عباس أولاد ضاهر العمر، ولما قربوا من طبرية خرج عسكر الجزار إلى ملاقاتهم، وكانوا نحو ألفين مقاتل، وحين تقابل العسكران وانتشبت بينهما الحرب انكسر عسكر الجزار وولوا منهزمين وللنجاة طالبين، ولحق هذا الشجاع رجل من العسكر وضربه بحسامه وأرماه شطرين، وقتل منهم أوفر من مايتين، ورجع الجنرال ميراد إلى طبرية، فوجد بها حواصل حنطة وشعير ودرا ما ينوف عن ألفين غرارة، فأرسل أعلم بها أمير الجيوش، فرجع الجواب أن يطحنهم ويرسلهم إلى العسكر.
وفي شهر شوال الموافق لشهر آدار تباين الطاعون في العساكر الفرنساوية، وكانت عليهم أعظم بلية ومات منهم خلق وافر، وكانت الحروب قايمة إلى مدينة عكا الليل والنهار، وهم يهجمون على الأسوار والكلل والقنابر عليهم مثل سيل الأمطار، وقد أهلكوا من العساكر الإسلامية والإنكليزية خلقا لا يحصى لما كانوا يخرجون إلى محاربتهم، وقد هدموا أبراج وأسوار عكا من ضرب المدافع والقنابر وهيجان العسكر، ولما نظر الجزار هدم البروج والأسوار فبدا يقيم حيطانها من الأزقة والشوارع، وخرق البيوت والمنازل إلى بعضها بعض وجعل لها منافذ خوفا من هجوم الفرنساوية؛ لما شاهد من جسارتهم القوية، وكانت الفرنساوية لم تكل عن الهجمات على الأسوار والوصول إلى الجدار، ولم يبالوا بذلك العمار، ولا يخشوا قصر الأعمار وهلاكهم في هذه الديار، بل هامين إلى العز والانتصار وقهر أحمد باشا الجزار وتملكهم على هذه الأقطار، وإذ كان أعداؤهم الإنكليز الذين قد أهلكوا عمارتهم على البواغيظ، وأسعف عليهم ذلك العزيز، وألقاهم في تيار التغلب والتعجيز؛ فلذلك أظهرت الفرنساوية أنواع العجايب في هذه المعامع والمواقع التي تذكر جيلا بعد جيل إذ لم يكن لها مثيل.
وقد مات في هذه المواقع الجنرال كفريل المهندس الكبير والعالم الخبير والشهم الشهير، لأن هذا البطل المهول قد تقرر عنه القول: إنه كان برجل واحدة والأخرى كان ملبسها خشب، وكانت أهل مصر تدعيه الجنرال أبو خشبة، فهذا المذكور أصابته كلة في كتفه، وأخذت الجرايحية يداوونه فسألهم: هل الجرح يطول ليبرا؟ فأجابوه: أنه يحتاج إلى مدة طويلة، وأما إذا قطعت اليد من الكتف فبرؤه قريب، فأجابهم: اقطعوا يدي ودعوني أنهض إلى تكميل خدمة المشيخة، ثم قطعوا يده من كتفه، وإذ كان هذا الجنرال لا يمكنه الكنون والسكون حتى يختم جرحه طفق يدور على المتاريس ليدبر الطبجية ويدلهم على الأماكن التي تضرب عليها المدافع والقنابر، فمن الشمس والهوا ورم عليه جرحه ومات، وعدمت المشيخة مهندسا عظيما ومدبرا عليما، وفي هذه المواقع مات الجنرال بون، فهذا البطل تعلق على السور وحدف البرنيطة إلى داخل البلد، وكان من الشجعان الشداد، وقد ارتعشت عساكر عكا ذلك النهار من فعل ذلك البطل المغوار، وبقوا يضعون اللحف بالزيت والقطران ويحدفوها على الأسوار بعدما يشعلوه بالنار، ويضربوهم بالقنابر والمدافع الكبار، وهم لا ينكفوا عن طلوع الأسوار والرصاص عليهم مثل سيل الأمطار، ويرموهم أيضا من الأسطحة بالحجار الكبار، وهذا الجنرال أصابته حجر في رأسه وهو متعلق على السور، فسقط وحملوه العسكر، ومات وشرب شراب الآفات.
ثم بعد هجمات كثيرة وحروب خطيرة، وتعب شديد وهول مكيد عزم أمير الجيوش على القيام عن مدينة عكا العسيرة لعلة خطيرة وأسباب كثيرة؛ وهو أنه أولا: أن ورد مركب صغير من بلاد خرسان إلى الإسكندرية، وفيه رجل من مدينة باريس، ومعه مكاتيب إلى بونابرته من بعض رؤساء المشيخة المحبين له يخبروه: أن رؤساء المشيخة أرفاقه الكبار مخامرين عليه، وقد منعوا عنه الإمداد ليهلك في هذه البلاد، وأيضا أن الإنكليز قد أخذت منهم كل ما اكتسبوه من الأقاليم، وهيجوا ملوك الإفرنج عليهم، وإن لم يحضر إليهم سريع وإلا يذهب تعبهم ويضيع، فهذه المكاتيب التي حضرت من بعض رؤساء المشيخة، وأيضا أتتهم الأخبار أن العمارة العثمانية العظيمة قد تجهزت، وقريبا تصل إلى الديار المصرية، وسرعسكرها مصطفى باشا كوسا، وأيضا أتتهم الأخبار أن العمارة المسكوبية حاصرت جزيرة كورفو من أعمال البندقية، وقد خرجت منها الفرنساوية.
Bilinmeyen sayfa