شبكة، وفى ظهرها لوح مكتوب بالقلم البربائيّ (^١)، رأيتها على هذه الحالة.
وكان التشيّع بها فاشيا، وأهلها طائفتان: الإسماعيلية (^٢) والإماميّة، ثمّ ضعف حتى لا يكاد ينبز به (^٣) إلّا أشخاص قليلة جدا، وأرضها واسعة الطّول، مسيرتها بسير الجمال يوم كامل وبعض آخر، من كلّ جانب، وبها جزائر كثيرة، بها نخيل وأشجار وغير ذلك.
وأسنا بلدة كبيرة [حسنة العمارة، مرتفعة الأبنية] مشتملة على ما يقارب ثلاثة عشر ألف منزل، ومدرستين وحمّامين وأسواق، وكان بها بيوت معروفة بالأصالة والرّئاسة والفضائل؛ حتى قيل إنّه كان بها فى وقت واحد سبعون شاعرا، وخرج منها جمع كبير من أهل العلم والأدب، وكان بها سراج الدّين جعفر بن حسّان الأسنائىّ رئيس الذات، حسن الصفات، كريم الأخلاق، طيّب الأعراق، ممدّحا (^٤) مقصودا من الآفاق، صنع له مجد الملك [جعفر] بن شمس الخلافة سيرة، وجمع فيها أسماء من مدحه من أهل بلده ومن ورد عليها، وفيها وفيه يقول بعضهم (^٥) من قصيدة منها:
فأسنا غدت تحكى العراق وقد غدا … أبو الفضل ذو الرأى الرّشيد رشيدا (^٦)
_________
(^١) فى المقريزى أن اللوح مكتوب بالقلم اليونانى؛ انظر: الخطط ١/ ٢٣٧.
(^٢) فيما يتعلق بالإسماعيلية، انظر ما كتبناه عن العبيديين بالحاشية رقم ٦ ص ٣٤، أما الإمامية فهو لقب عام لكثير من فرق الشيعة، ثم غلب على الشيعة الاثنى عشرية، وقد لقبوا بذلك لادعائهم أن الإمام المهدى المنتظر هو الثانى عشر من أولاد على بن أبى طالب، وقد قالوا بوجود سلسلة من اثنى عشر إماما، أوحى الله بهم لنبيه ﵇، وعينهم له بأسمائهم، أولهم على بن أبى طالب، وخاتمهم المهدى المنتظر المختفى فى السرداب محمد بن الحسن العسكرى؛ انظر فيما يتعلق بذلك كتابنا: المهدية فى الإسلام/ ١٢٩ وما بعدها.
(^٣) فى ز: «يتبين» وهو تحريف.
(^٤) فى ا: «ممدحا فى الآفاق».
(^٥) هو أبو القاسم عبد الرحيم بن على بن الحسين، الجمال الأسنائى، وستأتى ترجمته فى الطالع، وقد سقطت «بعضهم» من ط، فاضطرب المعنى.
(^٦) فى ا «ذو العقل»، وفى التيمورية خطأ: «ذو الرأى الرشيد رشيده».
1 / 37