طرحت ثلاثة شماريخ، فى كلّ شمروخ ثمرة واحدة، وأنّه قلع الجمّارة بأصلها، ووزنها فجاءت خمسة وعشرين درهما، كلّها بجريدها وخشبها وذلك بأدفو.
ورياحينه عطرة الرائحة؛ حكى لى الشيخ العالم فتح الدّين [محمد] بن سيّد الناس قال: قال لى الشيخ تقىّ الدّين (^١) القشيرىّ:
تروح إلى قوص تدرس بدار الحديث بها؟ فذكرت له بعدها وحرارتها، فقال:
أين أنت من طيب فاكهتها، وعطريّة رياحينها؟ ورطبها من أحسن الرّطب، صادق الحلاوة، كثير السّقر (^٢)، وفيه شئ تسلّ النواة منه وهو على عرجونه قبل أن يقطف، وفيه رطب لا يمكن تأخيره بعد أن يجنى غير لحظة، لنعومته وكثرة سقره، وقد قال ﷺ: «رطب طيّب وماء بارد، إنّ هذا من النعيم (^٣)».
وذكر ابن زولاق أنّه ليس نوع من أنواع التّمر بالعراق إلّا وفى صعيد قوص مثله، وفيه ما ليس فى العراق. وأنه لا يوجد تمر يصير تمرا قبل أن يكون رطبا إلّا بالصعيد (^٤).
_________
- وقد رجعت إلى المقريزى فوجدته ينقل الرواية بكلمة «جمارة» انظر: الخطط ١/ ٢٣٧، والجمارة- بالميم- واحدة الجمار، وهو شحم النخلة، وقد تشبه به سيقان النبات الغضة؛ قال: أبو صخر الهذلى:
إذا عطفت خلاخلهن غصت … بجمارات بردى خدال
الخدال جمع خدلة وهى ساق المرأة الممتلئة، قال الزمخشرى: «شبه أسوق البردى الغضة بشحم النخل، فسماه جمارا، ثم استعاره لأسوق النساء»؛ انظر: الأساس ١/ ١٣٣، وبهذا يكون المقصود من النص: النخلة الصغيرة ذات الساق الغض.
(^١) هو محمد بن على بن وهب، وستأتى ترجمته فى الطالع.
(^٢) السقر- بفتح السين وسكون القاف- هو الدبس- بكسر الدال المهملة وسكون الباء الموحدة أو بكسرهما معا- والدبس: عسل التمر: القاموس ٢/ ٥٠ و٢١٣
وانظر فيما يتعلق بهذا الخبر: الانتصار ٥/ ٣٤، وقد وردت فيه كلمة «سقر» بالضاد، وهى لغة فيها؛ انظر: تاج العروس ٣/ ٣٤٧.
(^٣) مدح رسول الله صلوات الله وسلامه عليه للتمر رواه أحمد والدارمى ومسلم والترمذى.
(^٤) يقول ابن زولاق:
«وبأسوان ألوان بغداد كلها (من الرطب)، وألوان الكوفة، وألوان البصرة، وأمر هارون-
1 / 27