مِنْهَا: أَنَّهُ يَكْمُنُ لِلصَّيْدِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْهُ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ مِنْهُ لِلصَّيْدِ فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لَا يُجَاهر عدوه بِالْخِلَافِ وَلَكِن بِطَلَب الْفُرْصَةَ حَتَّى يُحَصِّلَ مَقْصُودَهُ مِنْ غَيْرِ إتْعَابِ نَفْسِهِ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّمُ بِالضَّرْبِ وَلَكِنْ يُضْرَبُ الْكَلْبُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ فَيَتَعَلَّمُ بِذَلِكَ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَّعِظَ بِغَيْرِهِ كَمَا قِيلَ: السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْخَبِيثَ وَإِنَّمَا يَطْلُبُ مِنْ صَاحِبِهِ اللَّحْمَ الطَّيِّبَ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ إلَّا الطَّيِّبَ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَثِبُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا فَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ تَرَكَ وَيَقُولُ لَا أَقْتُلُ نَفْسِي فِيمَا أَعْمَلُ لِغَيْرِي، وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِكُلِّ عَاقِلٍ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَكَلَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِشَرْطِ عِلْمِهِمَا إلَخْ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا عِنْدَنَا) أَيْ سَوَاءً كَانَ نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا.
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِيمَا إذَا كَانَ نَادِرًا: فَفِي قَوْلٍ يَحْرُمُ، وَفِي قَوْلٍ يَحِلُّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.
وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَرْكِهِ لِلْأَكْلِ) اللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى مَعْمُولِ عَامِلٍ ضَعُفَ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ فَرْعِيَّتُهُ عَنْ غَيْرِهِ نَحْوَ * (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) * (الْأَعْرَاف: ٤٥١) .
* (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) * (البروج: ٦١) .
قَوْله: (ثَلَاث مَرَّات) أَي عِنْدهمَا بِرَأْي الصَّائِدِ عِنْدَهُ ط.
قَوْلُهُ: (مَا صَادَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَكْلِ الْمَذْكُورِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ تَرْكِهِ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (لَوْ بَقِيَ فِي مِلْكِهِ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ، وَشَمِلَ مَا لَمْ يُحْرَزْ بِأَنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ بَعْدُ وَالْحُرْمَةُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ أَحْرَزَهُ فِي بَيْتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْرُمُ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْإِمَامَ حَكَمَ بِجَهْلِ الْكَلْبِ مُسْتَنِدًا وهميا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا أَكَلَ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ.
عِنَايَةٌ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الزَّادِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ مَا أَتْلَفَهُ) أَيْ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ (لَوْ بَقِيَ فِي مِلْكِهِ) .
وَفِي التاترخانية: وَأَمَّا مَا بَاعَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْقَضَ إذَا تَصَادَقَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى جَهْلِ الْكَلْبِ.
قَوْلُهُ: (وَفِيهِ إشْكَالٌ ذَكَرَهُ الْقُهسْتَانِيّ) حَيْثُ قَالَ: وَهَا هُنَا إِشْكَال فَإِن الحكم بالشئ لَا يَقْتَضِي الْوُجُودَ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَحْكُمُ بِحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ الْمَيِّتَةِ عِنْدَ دَعْوَى الْوَلَدِ حُرِّيَّتَهَا اهـ.
وَصُورَتُهَا فِيمَا ظَهَرَ لِي: أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ بِنِكَاحٍ فَادَّعَى رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهَا أَنَّهَا أَمَتُهُ زَوجهَا من أَب الْوَلَدِ فَأَثْبَتَ الْوَلَدُ حُرِّيَّتَهَا تَثْبُتُ وَيَنْدَفِعُ عَنْهُ الرِّقُّ.
تَأَمَّلْ.
وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهَا بِالْحُرِّيَّةِ إنَّمَا سَرَى إلَيْهَا بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ فَيَعْتِقُ فَتَتْبَعُهُ أُمُّ الْوَلَد، وَكم من شئ يثبت ضمنا لَا قصدا اهـ مُلَخصا.
نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ أَمَتِهِ الْمَيِّتَةِ.
تَأَمَّلْ.
وَقَدْ يُجَاب عَن الاشكال بِأَنَّهُ لَا ثَمَرَة تترتب عَلَى ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، وَمَا قِيلَ الثَّمَرَةُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لَوْ بَاعَهُ وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ أَوْ لُزُومُ التَّوْبَةِ، فَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَائِتِ بِنَحْوِ الْأَكْلِ، وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ خِلَافِيَّةٌ كَمَا مَرَّ وَهَذِهِ وِفَاقِيَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ
7 / 24