وقد ذكر ياقوت (^١) هذين الأمرين دون أي فاصل بينهما، وفي سياق واحد. وهكذا فعل ابن خلكان الذي نص على أن هذه المحاورة حدثت في ميدان شيراز (^٢) مما يدل على أن الإِيضاح ألف في شيراز. فأبو علي ألف كتاب الإيضاح بعد هذه المحاورة التي تؤكد عمق الصلة بين الاثنين بحيث إنهما يتحاوران في الميدان بلا كلفة ويثبت هذا الأمر أنهما قطعا فترة طويلة في علاقتهما وهذا يرجح أن الإيضاح لم يؤلف في أول صلتهما.
الأمر الثالث: افتراض يدعم هذا الذي سقته وحاولت التدليل عليه وهو افتراض يتعلق بموضوع بحثنا - تأليف التكملة - فالأرجح أن التكملة ألفت في بغداد وليس في شيراز وأن تأليفها قد تم بعد أن لحق أبو علي بعضد الدولة في بغداد عندما استقرت له الأمور بها عقب انتصاره في الحرب التي درات بينه وبين ابن عمة عز الدولة بختيار سنة ٣٦٦ هـ، تلك الحرب التي كان من نتائجها أن قرب الخليفة الطائع عضد الدولة وتزوج من ابنته، وأخذ يلقب بالملك (شاهنشاه).
والدليل على هذا الافتراض مأخوذ من مقدمة كتاب التكملة التي وضعها أبو علي إذ يصف فيها عضد الدولة بالملك العادل فيقول: "الحمد لله رب العالمين الذي جعل حمده فاتحة كتابه، وخاتمة دعوى أوليائه في جنته فقال تعالى: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وصلى الله على محمد آخر النبيين وعلى أنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وإياه نسأل، وإليه نرغب في إيزاع الشكر، وإلهام الحمد على ما منح الأنام، وشمل الخاص والعام من النعمة بالملك العادل عضد الدولة، أطال الله بقاءه، وأسبغ عليه نعماءه" (^٣). فهو يخاطبه هنا بالملك العادل بينما خاطبه في مقدمة الإيضاح
_________
(^١) معجم الأدباء ٧/ ٢٣٨.
(^٢) وفيات الأعيان ١/ ١٦٣.
(^٣) خطبة التكملة ص ١٨١.
1 / 35