السادس مكملا لنسخة كاملة، فقد معظمها، إذ جاء في آخره «انتهى السفر السادس وبه تم جميع كتاب الدلالات السمعية»؛ ومما يلفت النظر في هذه النسخة كما في النسخة السابقة أنها لم تختم بدعاء من المؤلف نفسه، ولعلّ هذا هو الذي جعل ناسخ النسخة (ط) يقول: «قد انتهى إلى ها هنا ما وجد ...» .
وتضم النسخة (ر) ١٩٦ ورقة (أو ٣٩٢ صفحة) ومسطرتها ١٣ ٨ وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة عشرة، ومعدل الكلمات في السطر الواحد ٦ كلمات، وذلك لأنها مكتوبة بخط مغربي جميل كبير محلىّ بالعطفات والمدّات التي يتميز بها الخط الكوفي، وهي نسخة متقنة حقا لولا تفشي الحبر في بعض السطور أو بعض الصفحات بحيث تصبح قراءتها عسيرة. وهي من حيث الضبط تقع وسطا بين النسختين السابقتين.
وقد لقي الكتاب شيئا من الاهتمام في العصر الحديث- كما قدمت- وكان شغف عبد الحيّ الكتاني بطلبه، مما جعله- حسب تصويره- يلاحق التعقب لمواطن وجوده حتى حصل على نسخة منه محفوظة بمكتبة جامع الزيتونة رقم (٧٥٧٢) من تحبيس المشير أحمد باشا بتاريخ ١٢٥٦؛ استخرجها سنة ١٣٣٩ هـ بمعاونة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور قاضي تونس حينئذ، واستثار الكتاب إعجاب الكتاني- كما تقدم- فجعله قاعدة لمؤلفه «التراتيب الإدارية» وأضاف إليه مستعينا بمصادر لم يطلع عليها الخزاعي إما على سبيل البسط والإكثار من الأمثلة، وإما على سبيل الاستدراك، مميزا في كل موضع نصّ الخزاعي من إضافاته؛ وقد طبع التراتيب الإدارية في جزءين سنة ١٣٤٦ بالرباط. ولا ريب في أن ما أضافه الكتاني مفيد في معظمه، وإن كان في جوانب منه تزيد لا يخفى. إلا أن النسخة التي اطلع عليها تنقص الجزء العاشر- وهو الجزء الختامي- من الكتاب؛ وعن هذه النسخة ظهرت الطبعة التونسية، ناقصة كذلك، ثم استكملت من بعد، بعد العثور على ما يسدّ النقص في الكتاب.
وحصلت على تلك الطبعة- في شكلها الكامل- بعون من الصديق الأكرم الأستاذ الحاج الحبيب اللمسي، الذي كان يحسّ أن الكتاب بحاجة إلى تحقيق علميّ، لأنّ الطبعة التونسية، على ما بذل فيها من جهد، لم تكن محققة على نحو يوثّق الكتاب ويذيله بالفوائد والتعليقات الموضحة؛ وقد نقل إليّ الحاج الحبيب ما يجول في خاطره من إعجاب بالكتاب وضرورة تحقيقه؛ ولم ألبث بعد قراءة الكتاب من مشاركته في
1 / 15