فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال: أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما وجدتها «١» في كتاب الله، ولا كانت عهدا عهده إليّ رسول الله ﷺ، ولكني كنت أرى أن رسول الله ﷺ سيدبر أمرنا- يقول: يكون آخرنا- وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى رسوله، فإن اعتصمتم به هداكم لما كان هداه له، وإنّ الله قد أجمع لكم أمركم على خيركم: صاحب رسول الله ﷺ ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة.
(٢: ٦٦١) ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قويّ عندي حتى أريح عليه حقه، إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحقّ منه، إن شاء الله. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذلّ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (٩٧٦) قال ابن أبي عزة القرشي الجمحي «٢»: [من الكامل]
شكرا لمن هو بالثناء خليق ... ذهب اللّجاج وبويع الصّديق
من بعد ما دحضت بسعد نعله ... ورجا رجاء دونه العيّوق
جاءت به الأنصار عاصب رأسه ... فأتاهم الصديق والفاروق
_________
(١) السيرة: ما كانت مما وجدتها.
(٢) أبو عزة الجمحي اسمه عمرو بن عبد الله، كان شاعرا أسريوم بدر ومنّ عليه الرسول فأطلقه، ثم أسر فيما قيل يوم أحد، فقتله الرسول وقال: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين (طبقات ابن سلام: ٢٥٣- ٢٥٧) وقيل: ما أسر يوم أحد هو ولا غيره، كان المسلمون يومئذ في شغل عن الأسر؛ والإشكال في قول ابن عبد البر بن أبي عزة، إذ يقول ابن حزم في الجمهرة: ١٦٢ «ولا عقب لأبي عزة» .
1 / 42