Kadın Deneyimi: Dünya Kadın Edebiyatından Seçmeler
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Türler
كانت هذه الأحاديث الحميمة تشعرني بعدم الارتياح. كأنما كنت أستمع إلى حديث عن حياة تامارا الغرامية. بل أسوأ من ذلك، لأن هوارد كان يتحدث عن عالم ليست لي فيه أية أهمية. •••
خلال الأسابيع الهنيئة التي تلت ذلك، لم يكن يشغلني سوى أمرين: كيف أذهب إلى «رمبار دي بيجوين» وأعود دون أن يراني أحد، وكيف أمنع أبي من تلقي البطاقات المرسلة من مدرسة مدموازيل «بالدي» للاستفسار عن أسباب تغيبي. ولم أعد أشغل نفسي كثيرا بحياة تامارا. كانت معي دائما متمالكة لنفسها، ساخرة قليلا، تستوقف بكلمة واحدة أية بادرة عاطفية من جانبي. ومع ذلك، تكون أحيانا رقيقة، فتمزج شعري البني المائل إلى الحمرة بخصلاتها السوداء، وتدفن وجهي في كتفها، مغمغمة: «اسكتي»، في حنان يكسب كلماتها حبا مقطرا.
ولأنها كانت تحتضنني، ولا تبخل علي بقبلاتها، خلتها - لسذاجتي - تحبني. ربما أقل من حبها لإميلي، لكن حب فريد، حنون، مثل حبي لها. لم تفه بحبها أبدا، أو على الأقل لم تفعل ذلك إلا في لحظات النشوة، لكني لم أعبأ. ولم تستوقفني غرابة التقاءاتنا الصامتة، والطريقة التي تريني بها الباب في نهايتها: كانت تحبني، وأنا أحبها، وكنا نستمتع سويا، وكان هذا هو كل ما يعنيني.
كانت انطباعاتي عنها في بعض الأحيان، كما في مدرسة الركوب، سريعة التبخر، وإذا كنت أتذكرها الآن، فإني نسيتها بمجرد أن خطرت لي وقتها. كما أني نسيت ما عرفته عن حياتها، عندما كانت تبقى أحيانا في الفراش، تدخن وعيناها نصف مغمضتين في شيء من التبلد، ووجهها خال من التعبيرات، غير مكترث، فأربض عند قدميها بلا حراك، في احترام هياب كذلك الذي نشعر به إزاء شخص فائق الجمال عند موته.
جربت أن أحذو حذوها، باستخدام لهجة جافة أو فظة، وبانتحال الإيماءات الرجولية التي تبدر منها كثيرا، والتظاهر بازدراء التقاليد، فنلت إعجاب زميلاتي في المدرسة بجرأتي. لكني أمام تامارا نفسها كنت ألزم الصمت في حصافة، خوفا من ابتسامتها الساخرة التي أتمنى معها أن تنشق الأرض وتبتلعني.
وبين الحين والآخر، كنت أثوب إلى رشدي. عندما تزجرني بتعليق أو هزة كتف، على كلمة رقيقة بدرت مني، أدرك على الفور فجأة بمرارة، أنني لست الشخص الذي تود سماع هذه الكلمات منه. لكني سرعان ما كنت أطرد هذه الأفكار، فإذا أمعنت في جفائها، أكدت لنفسي في سذاجة، أن الأمر بغير ذي أهمية «لأني لا أحبها إلى هذه الدرجة!»
حل شهر فبراير، دون الأمطار المألوفة، واخضرت أحواض المنتزه مرة أخرى، في ربيع سابق لأوانه. وبدا كل شيء طازجا ووضاء، عند مغادرتي للمنزل صباحا، في طريقي إلى المدرسة أو إلى تامارا. كانت مصاريع النوافذ تصطفق في مرح، وكل شيء يلتمع ويبرق، من عربات الخضراوات في الشارع إلى برج الكنيسة المستدق الطرف، كأنما اكتسى طلاء جديدا، عاكسا أسنة رماح صغيرة من ضوء الشمس. ولم تعد العجائز الثرثارة في حاجة إلى مرآة عند النافذة، من أجل التجسس على الآخرين، فقد صار بوسعهن الآن التظاهر باستنشاق الهواء النقي، ومتابعة المارة من خلال نوافذ مفتوحة على مصاريعها، وهن مختبئات خلف الستائر المطرزة بالدانتلا.
لم يعد أبي المشغول بطموحاته السياسية يكتفي بالحديث إلى مواطني الحي في قاعات الاجتماعات أيام الآحاد، فبدأ يجذب خيوطا أخرى لتحقيق أهدافه، وقلت بالتدريج فرص لقائنا. فإما أن يكون في رحلة صيد بالسهل، بصحبة محام ذي نفوذ، أو في رحلة بحرية مع أحد قباطنة الصناعة، أو حتى في سيارة بالريف مع أحد أعضاء نقابة المحامين أو رئيس لإحدى الجمعيات، تصحبه في أغلب الأحيان جمهرة من الأطفال الذين يحملون قضبان صيد السمك والساندوتشات.
لكن مثل هذا ما كان يمكن أن يستمر، وبالتدريج شعرت أن شيئا ما في سبيله للحدوث. كان ابن عم جوليا، بائع اللبن، قد ذكر لها في براءة أنه رآني في «رمبار دي بيجوين» فتساءلت عما يدعوني للذهاب إلى هذا الحي ذي السمعة السيئة . كما بدأت فتيات باسافان، اللاتي يصنعن الملابس بالنهار، يتساءلن عن سبب عودتي متأخرة في الأمسيات. وسألني مساعد الأسقف، الذي يقطن شارعنا، بحسن نية: ألا أخرج كثيرا في أيام العطلة؟ لم أعرف ماذا يدور بذهنه على وجه التحديد. ولعله أراد فقط أن يحذرني من الإهمال والكسل. هذا، على الأقل، هو ما قاله. لكن أسئلته كانت موجهة بطريقة غامضة، ومفعمة بالتلميحات، مما أرسل الرعدة في أوصالي.
كان ثمة علاج لكل هذا، كما ذكرت تامارا ذات مرة. فيمكنني استباق الإشاعات، بأن أذكر لأبي أني أراها بين الفينة والأخرى، وأطلب إذنه في مواصلة زيارتها. وما من شك في أنه لن يعترض، ومن ناحية أخرى سيستاء بالتأكيد لو علم من الآخرين بأمر هذه الزيارات التي يجهلها. لكن نصيحة تامارا بمصارحة أبي جاءت عرضا، وبدا لي أنها لا تخشى، إلا بقدر ضئيل للغاية، من الافتضاح، وفي الواقع لا تشعر بالخوف - أو بالأحرى لا تفكر بالأمر - ولهذا تركت الوقت يمر دون أن أعمل بنصيحتها. ولم أكن أملك، على أية حال، الشجاعة الكافية لإثارة الموضوع أثناء اللحظات الوجيزة التي أقضيها مع أبي.
Bilinmeyen sayfa