Kadın Deneyimi: Dünya Kadın Edebiyatından Seçmeler
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Türler
وأخيرا ساهمت خطوة وقحة من جانبي في تبديد ما تبقى من مخاوف. فقد كان لأبي صديق طفولة، هو فريدريك فان برج، يتمتع بسمعة سيئة. فدون أن يتمكن أحد من إثبات شيء قيل إنه عشق العديد من سيدات المجتمع الراقي في البلدة، وغرر ببعض الفتيات الصغيرات، وإنه يشاهد دائما في ملاهي «فيرسان»، البلدة الكبيرة المجاورة.
افترضت أن هذا الرجل الغارق في الملذات سيتقبل سوء سلوكي، وقدرت أنه ليس هناك من يستطيع أكثر منه إحاطتي بنوع الأخطار التي أخشاها. لهذا مضيت إليه في مكتبه. وكان، مثل أبي، يملك مصنعا. لكنه ورث ثروة كبيرة، فحد من نشاطه، وشغل نفسه بالمضاربات. لكنه كان يذهب كل يوم في نفس الموعد إلى مكتبه بضاحيتنا، من الثالثة إلى الخامسة. وأشيع أنه يحتفظ فيه، أيضا، بمسكن خاص.
هكذا كان الذهاب إليه مغامرة مجنونة. وكان المفروض أن تحول صداقته لأبي بيني وبين الإقدام على هذه الخطوة. لكن أملي فيه لم يخب. فقد تلقى كل شيء كأنه يستمع إلى نكتة، وبدا عليه الاستمتاع بما رويته له، وفي النهاية طمأنني. لم يكن حتى مضطرا لأن يعدني بكتمان الأمر عن أبي. كان له مسلك المتواطئ، وبدت له علاقة تامارا بأبي مثل التوابل المضافة إلى مغامرتي الغريبة. أما أنا، فأعترف بأني لم أفكر أبدا في هذا الجانب من الأمر. فلم يخطر ببالي أبدا أن أبي يستمتع بلحظات مماثلة من الحميمية مع تامارا، ولم يزعجني هذا الخاطر مطلقا، رغم ما قد يبدو في ذلك من غرابة. فلأن وقت أبي كان محدودا، وبدافع أيضا من كياسة طبيعية، لم يكن يقدم على زيارتها قبل أن يخطرها بنيته تليفونيا. ونادرا ما كانت زياراته تتعدى المرة أو المرتين في الأسبوع .. «لأسباب صحية»، هكذا أوضحت لي تامارا، التي لم يبد عليها أبدا الشوق لهذه الزيارات. ومع ذلك كانت تستعد لها بإزالة أعقاب السجائر، وبأن تجمع كل ما هو مبعثر على الأرض، وتدسه في أدراج الدولاب ثم تغلقها. وبهذا الشكل تحتفظ الشقة بطابعها البوهيمي، وتصبح نظيفة ومرتبة في الوقت نفسه. لكن هذه الاستعدادات لم تثر لدي سوى الشعور بأن تامارا تقوم بعمل مضجر.
تخلص مني فان برج بقرصة في خدي، عارضا علي في مرح أن آتي لزيارته، إذا سئمت المتع التي أنالها من تامارا. قال إنه سيعرف كيف يحملني على تقدير أنواع أخرى من المتع!
شعرت بمزيد من الراحة عندما غادرته، ومنذ تلك اللحظة نظمت حياتي كلها حول شارع رامبا دي بيجوين. •••
انصرم الشتاء في سلام. وقرب نافذتي، خشخشت فروع شجرة الليمون في مهب الريح. وظلت القطة مكانها قرب المدفأة . ومضى الأطفال يتزحلقون في الشارع. وكنت أصل المنزل دائما مع حلول الظلام، لكني لم أعد أخشى اختباء بعض الأشرار بين شجيرات المنتزه. فقد شعرت أني أصبحت شخصا ناضجا.
كنت قد أقلعت عن الانغماس في الحالة «الشاعرية»، كما أطلقت على ألعاب الخيال، ذلك التشويه للحياة الذي أوشك أن يصبح طبيعة ثانية لي. فرغم أني لم أكن قد قرأت شعر رامبو بعد، فقد كنت أستخدم المصطلح الذي التقيت به في كتاباته بعد ذلك، لدهشتي الساذجة، وهو تعبير «التشويش المنتظم». وكنت أومن أنه عن طريق التشويش المنتظم لخيالي، سأتمكن من بلوغ الحالات العليا للوعي الشعري. والحاصل أن حالات الغياب عن الوعي لم تتمخض عن شيء على الإطلاق، وكان المفروض أن يبصرني ذلك بالأمر. لكني ظننت أنه من الطبيعي ألا تعبر «الشاعرية» عن نفسها بأية وسيلة، وأنها في حالة كمون داخلي. إلى أن أتاح لي الاختفاء السريع لكافة هذه الخيالات، تقدير قيمتها.
لكني لم أضع وقتا في هذه الاعتبارات، ولا فكرت طويلا في الخطر الذي أفلت منه بالتخلي عن هذه الممارسات الخادعة. فكما سبق أن قلت، كنت أحيانا ما أفقد السيطرة على خيالي المريض، فيتملكني لدرجة أعجز معها عن التفكير السليم.
بعد أن احتلت تامارا المكانة الأولى في عقلي بفترة وجيزة - وهو أمر لم يستغرق أكثر من بضعة أسابيع - بدأ أبي يمتدح ما أسماه «صحوة شخصيتي». فقد أصبحت أكثر انتباها، وأقل فتورا في المشاعر، كما قال. ونجحت هذه التعليقات أخيرا في إزالة القليل من مشاعر الندم التي كانت تخالجني. كان أبي مبتهجا برؤية ما اعتراني من تغير، ناسبا كل ذلك إلى اجتيازي «للسن الحرجة». هنا أدركت أنه كان دائما في قلق بشأن عقلي البليد ونوبات الشرود المفاجئة التي تنتابني. وأدهشني هذا الاكتشاف، إذ لم يخطر لي من قبل أنه يعطي أقل اهتمام لوجودي. وكان من شأن سروره بما طرأ علي من تغير أن يدفعني إلى التفكير، لكني لم أكن أملك الوقت لذلك، إذ كنت أفكر في شيء آخر.
عندما أقول إني لم أعد أستسلم لأحلام اليقظة، أعني بذلك حالة التبلد التي لا ينتزعني منها شيء. لكن رغم أني لم أعد أسعى للهرب من الواقع - وكنت على العكس أنغمس فيه بكل سرور - فما إن أبتعد عن تامارا، حتى أجدني أفكر طول الوقت في اللحظات التي أمضيناها سويا، والتي شكلت بدورها نوعا من أحلام اليقظة، ولو أن موضوعها كان أكثر موضوعية مما دارت حوله أحلام يقظتي في السابق.
Bilinmeyen sayfa