Arap Düşüncesini Yenileme
تجديد الفكر العربي
Türler
ضربنا أمثلة قليلة لمشكلات حقيقية حية نعيشها اليوم، حتى لنراها تحاصرنا من جميع أقطارنا، وتمسك برقابنا، لا يستطيع فكاكا منها إلا أولئك الذين ينفضون أيديهم من عصرهم، ليلوذوا بمعتصم في ركن من الماضي يأوون إليه، لكن هؤلاء لا يستطيعون الادعاء بأنهم هم المثقفون الذين يرتبطون بمجتمعهم بآصرة من أواصر الفكر.
فماذا لو تصدينا لهذه المشكلات الحقيقية الحية، فأخذنا الظن بأن طريق السلامة والأمان، هو أن نعرضها على ضوء ما قد نجده من ثقافة الأقدمين؟ إنني لأحسب أنه لو كان المقصود بإحياء التراث الفكري هو أن نفتح له المنافذ ليسري في كياننا العضوي سريانا يكون لنا وجهة النظر التي نهتدي بها في الحياة العملية بما يعتورها من صعاب ومشكلات، أقول إنه لو كان هذا هو المقصود، إذن فإحدى الوسائل الفعالة هي أن أفكر في مشكلاتي الراهنة على ضوء ما قد رآه الأسلاف إزاء مشكلاتهم التي بينها وبين مشكلاتي شبه، فمن هم رجال الفكر من هؤلاء الأسلاف، وماذا كانت مشكلاتهم؟
إنه لبعثرة للجهد أن أحلل الماضي كله لألتمس الجواب، ويكفيني في هذا السياق الذي نحن بصدده أن نأخذ شريحة زمنية نختارها من فترة ارتفعت فيها ثقافة السلف إلى أوجها، وتعقدت بهم خلالها سبل الحياة حتى كثرت مشكلاتهم التي كان على رجال الفكر أن يتصدوا لها، وأظنني لا أخطئ الاختيار لو وقفت في الموضع نفسه الذي وقف فيه الغزالي لينظر وراءه قليلا وحوله ويسأل نفسه: من هم جماعات المفكرين؟ وماذا كانت مشكلاتهم وطرائق حلولها عندهم؟ وبعد أن أوجز وصف الموقف سأرى وسيرى القارئ معي: إلى أي حد يتشابه أو لا يتشابه عصرنا ومشكلاته مع عصر أسلافنا ومشكلاته؟ ولو وضعنا السؤال في عبارة أخرى، قلنا: إلى أي حد أستطيع أن أجد العون على حل مشكلاتي العصرية عند أسلافي؟ ولو وجدت أن لا عون يمكن أن أستمده من هؤلاء الأسلاف، كانت الدعوة إلى إحياء التراث دعوة تغري السامع بنغمتها الجذابة، لكنها لا تنطوي على نتيجة عملية، سوى ما يجده محترفو الدراسة الأكاديمية النظرية فيها من رياضة للذهن، ومن حفاظ على الأثر بعد العين، يتذكر به أبناء العصر أن قد كان لهم آباء عاشوا حياتهم في نشاط فكري، وأجدر بهؤلاء الأبناء أن ينشطوا بالفكر كما نشط الآباء، ولكن في مشكلاتهم هم وبعقولهم هم وبحلولهم هم، لا في مشكلات الآباء ولا بعقول الآباء وحلولهم.
يحلل لنا الغزالي «أصناف الطالبين» - أي الذين يجاهدون للوصول إلى الحقيقة - إلى فئات أربع، هي بلغة الغزالي نفسه: (1)
المتكلمون، وهم الذين يدعون أنهم أهل الرأي والنظر. (2)
الباطنية، وهم الذين يزعمون أنهم أصحاب التعليم، والمخصوصون بالاقتباس عن الإمام المعصوم. (3)
الفلاسفة، وهم الذين يزعمون أنهم أهل المنطق والبرهان. (4)
الصوفية، وهم يدعون أنهم خواص الحضرة، وأهل المشاهدة والمكاشفة.
يقول الغزالي: إن «الحق» لا يعدو هذه الأصناف الأربعة، فإن شذ الحق عنهم فلا يبقى في درك الحق مطمع؛ إذ لا مطمع في الرجوع إلى التقليد بعد مفارقته.
وإني لألاحظ هنا ملاحظتين هامتين قبل أن أمضي مع الغزالي في وقفته من ثقافة عصره ورجال الفكر فيه:
Bilinmeyen sayfa