في رحلاتي ...»
شرع في الغناء بصوته الباريتوني الهادر.
كانت ثمة يد على ذراع جيمي. فالتفت. «عجبا يا إيلي، ما الأمر؟» «إن معي رجلا مجنونا، ينبغي أن تساعدني في الهرب منه.»
بمزيج من الإنجليزية والفرنسية: «انظري هذا هو كونغو جيك ... لا بد أنك تعرفينه يا إيلي، إنه رجل جيد ... هذه فنانة رائعة جدا يا كونغو.» «ألا ترغب السيدة في كأس صغيرة من الأنيزيت؟» «تناولي بعض الشراب معنا ... إنه مريح للغاية في هذا الوقت هنا وقد رحل الجميع.» «لا شكرا، أنا ذاهبة إلى المنزل.» «لكن الأمسية قد بدأت لتوها.» «حسنا، عليك أن تتحمل عواقب الرجل المجنون الذي معي ... اسمع يا هيرف، هل رأيت ستان اليوم؟» «لا، لم أره.» «إنه لم يصل في الوقت الذي توقعته فيه.» «أتمنى أن تمنعيه من الإفراط في الشرب يا إيلي. أنا قلق عليه.» «لست وصية عليه.» «أعلم، ولكنك تعلمين ما أعنيه .» «ما رأي صديقنا هنا في كل هذا الحديث الدائر حول الحرب؟» «لن أذهب؛ فالأجير لا بلد له. سأصبح مواطنا أمريكيا ... لقد عملت في البحرية من قبل ولكن ...» صفع ساعده المنحني المهتز بيد واحدة، وقرقعت ضحكة عميقة في حلقه ... ثم بمزيج من الإنجليزية والفرنسية: «23. أنا مناصر للفوضوية كما تعلم يا سيدي.» «ولكن إذن لا يمكنك أن تكون مواطنا أمريكيا.»
هز كونغو كتفيه.
همست إلين في أذن جيمي: «أوه أنا أحبه، إنه رائع.» «أتعرف سبب خوضهم لهذه الحرب هنا ... كي لا يقوم أولئك الأجراء في كل مكان بثورة كبيرة ... إنهم مشغولون للغاية بالقتال. لذلك فإن جيوم، وفيفياني، وإمبراطور النمسا، وكروب، وروتشيلد، ومورجان؛ ينادون جميعا بخوض الحرب ... أتعرف ما أول شيء فعلوه؟ لقد أطلقوا النار على جوريس؛ لأنه اشتراكي. الاشتراكيون خونة للاشتراكية الدولية، ولكن على الرغم من ذلك ...» «ولكن كيف يمكنهم دفع الناس للقتال وهم لا يرغبون فيه؟» «الناس في أوروبا عبيد لآلاف السنين. ليس كما هو الوضع هنا ... ولكنني رأيت الحرب. إنها عجيبة للغاية. عملت في إحدى الحانات في قرية بورت آرثر، ولم أكن سوى طفل صغير في ذلك الحين. كان أمرا شديد العجب.» «حقا! أتمنى أن أحصل على وظيفة مراسلة حرب.» «قد أعمل ممرضة في الصليب الأحمر.» «العمل مراسلة جيد جدا ... حيث تسكرين دائما في حانة أمريكية بعيدة كل البعد عن ساحة المعركة.»
ضحكا. «ولكن ألسنا بالأحرى بعيدين عن ساحة المعركة يا هيرف؟» «حسنا، فلنرقص. يجب أن تسامحيني إن كان رقصي سيئا للغاية.» «سأركلك إذا أخطأت في شيء.»
كان ذراعه متيبسا كالجص عندما أحاطها ليرقص معها. تكسرت جدران عالية من الرماد وطقطقت بداخله. كان يحلق كمنطاد على إثر رائحة شعرها. «قف على أصابع قدميك وامش تزامنا مع الموسيقى ... تحرك في خطوط مستقيمة، هذا هو السر في الأمر.» جرح صوتها مشاعره بشدة وكأنه قطع جسده بمنشار معدني حاد مرن وصغير. مرافق مهتزة، ووجوه محتشدة، وعيون كعيون دمية جولي ووج السوداء في كتب الأطفال، رجال بدينون مع نساء نحيفات، ونساء نحيفات مع رجال بدينين يدورون مكتظين حولهما. كان كالجص الذي يفتته شيء يخشخش مؤلما في صدره، وكانت هي بين ذراعيه كآلة معقدة بسن منشار فولاذي ذي وميض أبيض، وأزرق، ونحاسي. عندما توقفا اصطدم به صدرها، وجانب جسدها، وفخذها. فامتلأ جسده فجأة بالدماء المتدفقة مع العرق كحصان جامح. دفع نسيم عبر باب مفتوح دخان التبغ والهواء الوردي المتخثر في المطعم. «أريد يا هيرف أن أذهب لأرى الكوخ الذي وقعت فيه جريمة القتل، أرجوك خذني إلى هناك.» «وكأنني لم أر ما يكفي من إشارة الحظر في مكان ارتكاب الجريمة.»
تقدم جورج بالدوين في القاعة أمامهما. كان شاحبا كالطباشير، وكانت ربطة عنقه السوداء مائلة، وكانت فتحتا أنفه الرفيع منبسطتين وتبرز عليهما عروق حمراء صغيرة. «مرحبا يا جورج.»
نعق صوته لاذعا كبوق سيارة. «لقد كنت أبحث عنك يا إلين. ينبغي أن أتحدث معك ... ربما تعتقدين أنني أمزح. ولكني لا أمزح مطلقا.» «معذرة لدقيقة يا هيرف ... والآن ما الأمر يا جورج؟ عد إلى الطاولة.» «لم أكن أنا أمزح أيضا يا جورج ... أتمانع أن تطلب لي سيارة أجرة يا هيرف؟»
Bilinmeyen sayfa