147

مسألة في نسخ الشرائع

أنكرت اليهود النسخ ثم اختلفوا، فمنهم من أنكره عقلا، ومنهم من أنكره شرعا، ومنهم طائفة تقر بذلك إلا أنها تقول: لم يأت بعد موسى صاحب معجز. فإذا بينا المعجزات بطل قولهم.

ويقال لهم: الشرائع مصالح ووجه وجوبها كونها مصالح؟ فلا بد من: بلى. فيقال: أليس يجوز أن تختلف المصالح بالمكلفين والأزمنة والأمكنة؟.

ويقال لهم: أليست مصالح تختلف في الأزمنة والأمكنة والمكلفين؟ فلا بد من: بلى، وإلا أنكروا المشاهدات لاختلاف الأسباب باختلاف الأزمنة والأمكنة والناس، وإن قالوا: نعم، قلنا: فلم لا يجوز أن يكون كذلك في مصالح الدين.

ويقال لهم: شريعة موسى هي شريعة آدم أم غيرها؟.

فإن قالوا: هما واحد.

قلنا: فوجب أن لا تضاف إلى موسى وتضاف إلى آدم -عليه السلام- وإن قالوا: هي غيرها، تركوا مذهبهم وقالوا بالنسخ.

ويقال لهم: أليس قبل مجيء موسى، وظهور المعجز عليه كان يقبح الإقرار بنبوته ويحرم؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أليس بعد بعثته وجب؟ فلا بد من: بلى، فيقال لهم: أوجب القبح أم قبح الواجب؟ فإن قالوا: لا ولكن هذا غير ذلك. قلنا: كذلك في نسخ الشرائع مثله.

ويقال لهم: أليس في زمن آدم كان يجوز التزوج بالأخت، وفي زمن يعقوب كان يجوز الجمع بين الأختين؟.

فإن قال: لا.

قلنا: ثبت ذلك بالنقل.

وإن قال: نعم.

قلنا: أليس ذلك نسخ بشريعة موسى عليه السلام.

ويقال له: ما تقول في رجل صحيح أمر بالصلاة، أو غني خوطب بالزكاة، أو قوي أمر بالجهاد، أيجوز ذلك؟ فلا بد من: بلى، فيقال: مرض الصحيح وعجز، وافتقر الغني، وضعف القوي، أيسقط عنه الأمر المتوجه عليه؟.

فإن قال: لا كابر، وإن قال: نعم.

قيل له: أليس هذا هو معنى النسخ أن يسقط واجبا أو يوجب مباحا.

Sayfa 171