قوله: ﴿فزيلنا بينهم﴾ و﴿كذلك زينا﴾ سواء، فاعلمه.
قال أبو عمرو: وقد أودعت هذا الباب من حروف التجويد جملةً سائرةً، وألفاظًا دائرةً، تخفى حقيقتها على أكثر القراء، وتعزب كيفية النطق بها على جماعة من أهل الأداء، ورتبتها على مخارجها حرفًا حرفًا، وكشفت عن خاص سرها، ونبهت على موضع غموضها ليقاس ما لم أذكره عليها، وترد نظائرها إليها، إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق.
ذكر الهمزة:
وهي حرف مجهورٌ، بعيد المخرج، شديدٌ، لا صورة له، وإنما تعلم بالشكل والمشافهة، ولبعد مخرج الهمزة لا يكون قارئًا من لا يستشعر بيانها في قراءته، ولثقلها صار فيها التحقيق والتخفيف بين بين والبدل والحذف، وليس ذلك لشيء من الحروف غيرها، فينبغي للقارئ إذا همز الحرف أن يأتي بالهمزة سلسلةً في النطق، سهلةً في الذوق، من غير لكزٍ ولا ابتهارٍ لها، ولا خروجٍ بها عن حدها، ساكنةً كانت أو متحركةً.
والناس يتفاضلون في النطق بالهمزة على مقدار غلظ طباعهم ورقتها فمنهم من يلفظ بها لفظًا تستبشعه الأسماع وتنبو عنه القلوب، ويثقل على العلماء بالقراءة، وذلك مكروهٌ، معيبٌ من أخذ به، وقد حدثني الحسين بن علي البصري، حدثنا
1 / 120