Lugat Terbiyesi
تهذيب اللغة
Araştırmacı
محمد عوض مرعب
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
٢٠٠١م
Yayın Yeri
بيروت
وَقَالَ إِسْحَاق بن مَنْصُور: قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل: مَن الْعَاقِلَة؟ فَقَالَ: الْقَبِيلَة، إلاَّ أنَّهم يُحمَّلون بِقدر مَا لَا يُطِيقُونَ، فَإِن لم تكن عَاقِلَة لم يُجعَل فِي مَال الْجَانِي وَلَكِن يُهدر عَنهُ. وَقَالَ إِسْحَاق: إِذا لم تكن الْعَاقِلَة أصلا فَإِنَّهُ يكون فِي بَيت المَال وَلَا تُهدر الديةَ.
قلت: والعَقْل فِي كَلَام الْعَرَب: الدِّية، سميت عَقلًا لِأَن الديَة كَانَت عِنْد الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة إبِلًا، وَكَانَت أموالَ الْقَوْم الَّتِي يرقئون بهَا الدِّمَاء، فسمِّيت الدِّيَة عَقْلًا لأنّ الْقَاتِل كَانَ يكلَّف أَن يَسُوق إبل الدِّيَة إِلَى فِنَاء وَرَثَة الْمَقْتُول، ثمَّ يَعْقِلهَا بالعُقُل ويسلمها إِلَى أوليائه. وأصل الْعقل مصدر عقلت الْبَعِير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حَبل يُثنَى بِهِ يَد الْبَعِير إِلَى رُكْبَتَيْهِ فيشدُّ بِهِ.
وَقضى رَسُول الله ﷺ فِي دِيَة الْخَطَأ الْمَحْض وبشِبه الْعمد أَن يغرمَها عَصَبةُ الْقَاتِل ويُخرج مِنْهَا وَلَده وَأَبوهُ فأمّا دِيَة الْخَطَأ الْمَحْض فَإِنَّهَا تقسم أَخْمَاسًا: عشْرين بنتَ مَخَاض، وَعشْرين بنت لبون، وَعشْرين ابْن لبون، وَعشْرين حِقّة، وَعشْرين جَذَعَة. وَأما دِيَة شبه الْعمد فإنَّها تغَلّظ، وَهِي مائَة بعير أَيْضا، مِنْهَا ثَلَاثُونَ حقة، وَثَلَاثُونَ جَذَعَة، وَأَرْبَعُونَ مَا بَين ثنية إِلَى بازلِ عامِها، كلُّها خَلِفة فعصبة الْقَاتِل إِن كَانَ الْقَتْل خطأ مَحْضا غرِموا الدِّيَة لأولياء الْقَتِيل أَخْمَاسًا كَمَا وصفت، وَإِن كَانَ القتْل شبه الْعمد غَرِموها مغلَّظة كَمَا وصفت فِي ثَلَاث سِنِين، وَهُوَ العَقْل، وهم الْعَاقِلَة.
وَيُقَال عقلتُ فلَانا، إِذا أَعْطَيْت ديتَه ورثتَه. وعقلتُ عَن فلَان، إِذا لزمتْه جنايةٌ فغرِمتَ ديتَها عَنهُ. وَهَذَا كَلَام الْعَرَب.
وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: (لاتعقل الْعَاقِلَة عمدا وَلَا عبدا وَلَا صُلحًا وَلَا اعترافًا) . الْمَعْنى أنّ الْقَتْل إِذا كَانَ عمدا مَحْضا لم تلْزم الديةُ عَاقِلَة الْقَاتِل؛ وَكَذَلِكَ إنْ صُولح الْجَانِي من الدِّيَة على مالٍ بِإِقْرَار مِنْهُ لم يلْزم عاقلتَه مَا صُولح عَلَيْهِ. وَإِذا جنى عبد لرجلٍ حرّ على إِنْسَان جِنَايَة خطأ لم تغرم عاقلةُ مَوْلَاهُ جِنَايَة العَبْد، وَلكنه يُقَال لسيّده: إمّا أَن تسلّمه برمّته إِلَى وليّ الْمَقْتُول أَو تفديه بمالٍ يؤدّيه من عِنْده. وَقيل معنى قَوْله: (لَا تعقل الْعَاقِلَة عبدا) أَن يجني حرٌّ على عبدٍ جِنَايَة خطأ فَلَا يغرم عاقلةُ الْجَانِي ثمنَ العَبْد. وَهَذَا أشبه بِالْمَعْنَى. وَرَوَاهُ بَعضهم: (لَا تعقل الْعَاقِلَة العَمْد وَلَا العَبْد) .
وَقَالَ سعيد بن الْمسيب فِي تابعِيه من أهل الْمَدِينَة: الْمَرْأَة تُعاقل الرجل إِلَى ثلث دِيَتهَا، فَإِذا جَازَت الثُّلُث رُدّت إِلَى نصف دِيَة الرجل. وَمَعْنَاهُ أنّ دِيَة الْمَرْأَة فِي أصل شَرِيعَة الْإِسْلَام على النّصْف من دِيَة الرجل، كَمَا أَنَّهَا تَرث نصفَ مَا يَرث الذّكر، فَجَعلهَا سعيد بن الْمسيب جراحَها مُسَاوِيَة جراحَ الذَّكر فِيمَا دون ثلث الدِّيَة، تَأْخُذ كَمَا يَأْخُذ الرجل إِذا جُنِي عَلَيْهِ، فلهَا فِي إِصْبَع من أصابعها عشر من الْإِبِل كإصبع الرَّجل، وَفِي إِصْبَعَيْنِ من أصابعها عشرُون من الْإِبِل، وَفِي ثَلَاث أَصَابِع
1 / 159