310

قلنا: أما في عرف المتكلمين فلا، وأما من حيث اللغة فقال أبو علي: لا، وقال أبو هاشم: نعم. ومنه: (كالعرجون القديم).

* * *

(المعنى)

ثم أخبر تعالى عنهم بما لا يعلمه إلا علام الغيوب، فقال تعالى: ولن يتمنوه أبدا يعني اليهود لن يتمنوا الموت، قيل: لأنهم يعلمون أنهم كاذبون، عن ابن عباس وجماعة، وقيل: إنما تركوا التمني حرصا على الدنيا، وخوفا من الموت أن يعجل لهم، وقيل: إنه تعالى أورد على قلوبهم ما توفرت معه دواعيهم إلى ترك إظهار التمني ليكون حجة لرسوله بما قدمت أيديهم بما أسلفوا من الأعمال القبيحة، وتكذيب الكتاب والرسول، عن الحسن والأصم وأبي مسلم وأبي علي، وقيل: بما عرفوا أن محمدا نبي فكتموا، عن ابن جريج. والله عليم بالظالمين قيل: إنه وعيد لهم، يعني عليم بما يستحقونه من الجزاء على قبيح فعلهم، وقيل: إنه إخبار عن علمه بضمائرهم، وما يمتنعون لأجله من إظهار التمني للموت خوفا أن يقع بهم. كأنه قيل: عالم بضمائرهم، عن أبي مسلم، وقيل: عليم بالحجج التي تفضحهم وتخزيهم، فيوردها عليهم، عن الأصم.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على أن أفعال العباد جارية من جهتهم [*] لذلك قال: بما قدمت أيديهم.

ويقال: لم أضاف الفعل إلى اليد، وبها يكون أم بغيرها؟

قلنا: على عادة العرب أن تضيف الفعل إلى اليد تأكيدا وتحقيقا للإضافة؛ إذ قد يضاف إليه ما يأمر به أيضا، ولأن أكثر الجنايات من الناس بأيديهم، فحمل الأمر على الغالب.

وتدل على صحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر عنهم بترك التمني، فكان الأمر على ما أخبر، لا سيما وقد جرى ذلك معهم على جهة الحجاج، فتدل على أنه أخبره بذلك علام الغيوب.

Sayfa 501