284

وقيل: كان بنو إسرائيل إذا استضعفوا قوما أخرجوهم من ديارهم، فيتوجه على هذا أن يفادوا غيرهم، وهو قول أبي العالية والمبرد، وقال: ليس الذين أخرجوهم الذين فودوا، ولكنهم قوم آخرون على ملتهم، فأنبههم الله تعالى على ذلك، وقيل: ليس معنى تفادوهم تعطوا الفداء، ولكن معناه تأخذ الفداء، يعني يقاتل بعضكم بعضا، فإذا أخذه أسيرا أخذ الفداء، وتقديره: ثم أنتم تقتلون بعضكم بعضا، وتخرجونهم من ديارهم، وتأخذون من الأسارى الفداء، وقوله: أفتؤمنون ببعض الكتاب ليس معناه أنهم يخرجونهم وهو محرم، ويفدونهم، وهو واجب، وإنما يرجع ذلك إلى ما تقدم من بيان صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وغيره، عن أبي مسلم، وهو محرم عليكم) يعني الإخراج محرم عليكم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض يعني كفروا ببعض ما في الكتاب ولم يظهروه، ولم يعملوا به، وآمنوا ببعضه، واختلف العلماء فيه فقيل: إخراجهم كفر، وفداؤهم إيمان، عن ابن عباس وقتادة وابن جريج، وقيل: يلزمكم الكفر ببعض الكتاب بهذا الصنيع، وقيل: أخذ الله عليهم العهد بترك القتل، وترك الإخراج، وترك التظاهر عليهم، وأمرهم بفداء أسرائهم، فأعرضوا عن الكل إلا الفداء، فقال مجاهد: إن وجدته في يد غيرك فديته، ثم تقتله بيدك، وقيل: يكفرون ببعض ما كتموا من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك، عن أبي مسلم. فما جزاء من يفعل ذلك قيل: القتل والإخراج، وقيل: الكفر والإيمان الذي معهم، عن أبي القاسم، وقيل: القتل والإخراج والفداء، عن أبي مسلم منكم يعني من اليهود إلا خزي في الحياة الدنيا يعني ذلا وصغارا، وقيل: إخراج بني النضير عن ديارهم، وقيل: قتل بني قريظة وسبي ذواويهم. ويوم القيامة يردون يعني يرجعون إلى أشد العذاب قيل: عذاب لا روح فيه مع اليأس في التخلص، وقيل: أشد من عذاب الدنيا، عن الأصم، والأول أظهر وأزجر وأعم في الفائدة، وقيل: أشد منه لدوامه، عن أبي علي. وما الله بغافل عما تعملون تهديد لهم، بأنه عالم بسرائرهم، فيجازيهم على ذلك.

* * *

(النزول)

قيل: نزلت في بني قريظة والنضير، وقيل: عام في بني إسرائيل.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على أن عذاب الدنيا لا يسقط عذاب الآخرة.

Sayfa 475