فوقعوا في التيه، وكان التيه قيل: في خمسة فراسخ، أو ستة، وقيل: اثنا عشر، وبقوا
فيها أربعين سنة، وفي التيه هلك موسى وهارون - عليهما السلام -، وانقرض القوم، ثم خرج يوشع بن نون بالناس، ولما حصلوا في التيه شكوا حر الشمس فظللهم الله بالغمام، وقيل: كان غماما أبيض، وقيل: هو السحاب الذي أتت الملائكة فيه يوم بدر، كان معهم في التيه، عن ابن عباس ومجاهد، ثم سألوا موسى الطعام، فأنزل الله تعالى عليهم المن والسلوى، وقيل: كان يسقط عليهم المن من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فكانوا يأخذون منها ما يكفيهم ليوم إلا يوم الجمعة، فإنهم يأخذون ما يكفيهم ليوم الجمعة والسبت؛ لأنه لم يكن يسقط عليهم المن والسلوى يوم السبت.
ويقال: كيف أنزل عليهم المن؟
قلنا: قيل: خلقه على الشجر، وقيل: أمطر عليهم، وكانوا إذا احتاجوا إلى الماء أخرج من حجر كان معهم اثنتي عشرة عينا على ما قص الله تعالى.
قوله تعالى: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58)
* * *
(القراءة)
قرأ أبو جعفر ونافع يغفر لكم بالياء مضمومة على ما لم يسم فاعله، وقرأ ابن عامر تغفر بالتاء مضمومة، رجع إلى الخطايا، وهو جمع، فتخير بين التذكير والتأنيث، وقرأ الباقون بالنون مفتوحة، وهو الاختيار؛ لأنه أشبه بما تقدم من قوله: وظللنا وأنزلنا وقلنا، ولأن أكثر القراء عليه.
ويقال: لم اتفق القراء على خطاياكم ههنا، واختلفوا في سورة الأعراف وسورة نوح، فقرأ بعضهم خطيئاتكم وآخرون خطاياكم؟
قلنا: لأن في الأعراف ونوح كتبتا في المصحف بالياء من غير ألف، وفي سورة البقرة بألف.
Sayfa 398