ويقال: لم لم يقل: هدي على وزن علي وإلي ولدي؟
قلنا: للفرق بينهما لأن (لدي) و(علي) يلزمهما الإضافة، وليست بمتمكنة، ففصل بينهما وبين المتمكنة، والعذر فيه أن (إلى) حرف ناقص، فجاز أن يتصل به الياء، فيلزمه حتى يصير كجزء منه، ثم قلبوا الألف ياء وأدغموها في ياء الإضافة. فأما هداي فاسم متمكن؛ لأنه تلزمه الإضافة حتى يصير بمنزلة حرف منه، فلم يدغموا للفرق بين المتمكن وغيره، وقوله: (فإما) أصله إن ضم إليها ما، وإنما كرر في قوله: (إما شاكرا وإما كفورا) ولم يكرر ههنا لأنه في الأول للعطف، وفي الثاني للجزاء.
* * *
(المعنى)
ثم بين تعالى إهباطهم إلى الأرض، فقال تعالى: (قلنا اهبطوا) أي انزلوا، والخطاب لآدم وحواء وإبليس، وقيل: لآدم وحواء وذريتهما، واختلفوا في تكرار الهبوط فقيل: الأول من الجنة إلى السماء، والآخر من السماء إلى الأرض، عن أبي علي، وقيل: المعنى واحد، وكرر تأكيدا، كقولهم: اذهب سالما، اذهب مصاحبا، وقيل: هو هبوط من درجة شريفة، وهبوط إبليس طرده ولعنه، والجنة كانت في الأرض، عن أبي مسلم، والأول أوجه؛ لأنه حمل الكلام على حقيقته وعلى ما تظاهر به الأخبار منها قيل: من الجنة، وقيل: من السماء جميعا تأكيد للكلام فإما يأتينكم مني هدى قيل: بيان ودلالة، وقيل: أنبياء ورسل، فمن تبع هداي أي اقتدى برسلي وأدلتي، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين كفروا أي كذبوا وجحدوا (بآياتنا) أي دلالتنا وما أنزلنا على الأنبياء (أولئك أصحاب النار) يعني الملازمون للنار هم فيها خالدون أي دائمون.
ويقال: إذا كان استحقاق العقاب يتعلق بالكفر وبالتكذيب فلم عطف أحدهما على الآخر؟
قلنا: لأن الكفر قد يكون بالعمل وبالتكذيب بالآيات، ويكون بالجهل بالحجة، فلما كان الإيمان الذي يستحق به الثواب يدخل فيه العلم والعمل حتى يكون هدى ذكر
Sayfa 346