فأما الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى: ﴿ولا تقفُ ما ليس لك به علم﴾. فذلك لنا، إذ نص الحديث في الأصل يثبت به عندنا العلم فوجب أن تكون الآية لنا بدليل هذه الآية، وقوله تعالى: ﴿إن بعض الظن إثم﴾.
لا يدخل تحتها نفي قول من حيث القياس، إذ ذلك قطع لا أنه ظن، إذ الظن ما كان من حيث التخمين لا عن حقيقة أصل.
جواب ثانٍ: إنه إن كان من حيث القياس فذلك بمثابة نطق المتكلم في الأصل، ألا ترى أن أبا عبد الله قال في كتاب القياس: إذا كان الشيء يشبه الشيء، وأقبلت به وأدبرت فليس في نفسي منه شيء فقطع على أنه علم يقينا.
جواب ثالث: وهو إنا نقول لو جاء الرد لوجب القياس في الجوابات لأدى إلى إسقاط ذلك في أحكام الواجبات، فلما كانت من أحكام شرعا موجها من حيث القياس حقا كان ذلك في الأجوبة سواء.
وأما الجواب عن الذي قالوه من أن هذا قول إلى ساكت فذلك لا يؤثر شيئا، إذ السكوت على ضربين:
أحدهما: نفي الأصل.
والثاني: ساكت عن نطق بيّن، والساكت في أصل الأشياء كمن لا جواب له ولا فتوى عنه ولا يُنسب إليه بحال. وساكت عن نطق حاصل فإنه مستحق أن يُنسب إليه كل ما كان في معناه، وليس هذا إلا بمثابة مسكوت القرآن لما ثبت الأمر عن الصحابة إن سكتوا عما سكت عنه القرآن ثم قد ثبت وتفرد أن الكلام بالواجبات في القرآن لا يوجب سكوتا عن جريان الأحكام من حيث القياس ولا يكون ذلك نسبة قول إلى غير قول، وإلى سكوت بل هو قول
1 / 40