[64] قال ابو حامد مجيبا عن المتكلمين فى اثبات الارادة والاعتراض من وجهين الاول ان قولكم ان هذا لا يتصور عرفتموه ضرورة أو نظرا ولا يمكن دعوى واحد منهما وتمثيلكم بارادتنا مقايسة فاسدة تضاهى المقايسة فى العلم وعلم الله تعالى يفارق علمنا فى امور قررناها فلم تبعد المفارقة فى الارادة بل هو كقول القائل ذات موجودة لا خارج العالم ولا داخله ولا متصلا ولا منفصلا لا يعقل لانا لا نعقله فى حقنا قيل هذا عمل توهمك واما دليل العقل فقد ساق العقلاء الى التصديق بذلك فبم تنكرون على من يقول دليل العقل ساق الى اثبات صفة الله تعالى من شأنها تمييز الشىء عن مثله فان لم يطابقها اسم الارادة فلتسم باسم آخر فلا مشاحة فى الاسماء وانما أطلقناها نحن باذن الشرع والا فالارادة موضوعة فى اللغة لتعيين ما فيه غرض ولا غرض فى حق الله تعالى وانما المقصود المعنى دون اللفظ . على انه فى حقنا لا نسلم ان ذلك غير متصور فانا نفرض تمرتين متساويتين بين يدى المتشوف اليهما العاجز عن تناولهما جميعا فانه يأخذ احداهما لا محالة بصفة شأنها تخصيص الشىء عن مثله وكل ما ذكرتموه من المخصصات من الحسن أو القرب أو تيسر الاخذ فانا نقدر على فرض انتفائه ويبقى امكان الاخذ فانتم بين أمرين إما ان تقولوا انه لا يتصور التساوى بالاضافة الى اغراضه فقط فهو حماقة وفرضه ممكن وإما ان تقولوا التساوى اذا فرض بقى الرجل المتشوف أبدا متحيرا ينظر اليهما فلا يأخذ احداهما بمجرد الارادة والاختيار المنفك عن الغرض وهو ايضا محال يعلم بطلانه ضرورة فاذن لا بد لكل ناظر شاهدا وغائبا فى تحقيق الفعل الاختيارى من اثبات صفة شأنها تخصيص الشىء عن مثله
[65] اقول حاصل هذه المعاندة ينحصر فى وجهين أحدهما انه يسلم ان الارادة التى فى الشاهد هى التى يستحيل عليها ان تميز الشىء عن مثله بما هو مثل وان دليل العقل قد اضطر الى وجود صفة هذا شأنها فى الفاعل الاول وما يظن من انه ليس ممكنا وجود صفة بهذه الحال فهو مثل ما يظن انه ليس هنا موجود هو لا داخل العالم ولا خارجه وعلى هذا فيكون الارادة الموصوف بها الفاعل سبحانه والانسان مقولة باشتراك الاسم كالحال فى اسم العلم وغير ذلك من الصفات التى وجودها فى الازلى غير وجودها فى المحدث وانما نسميها ارادة بالشرع .
Sayfa 38