[45] قال ابو حامد مجيبا عن الفلاسفة فى الاعتراض الذى وجهه عليهم صورة واحدة بالفعل وما لا وجود له لا يوصف بالتناهى وعدم التناهى الا اذا قدر فى الوهم وجودها ولا يبعد ما يقدر فى الوهم وان كانت المقدرات بعضها عللا لبعض فالانسان قد يفرض ذلك فى وهمه وانما الكلام فى الموجودات فى الاعيان لا فى الاذهان . فلا يبقى الا نفوس الاموات وقد ذهب بعض الفلاسفة الى انها كانت واحدة أزلية قبل التعلق بالابدان وعند مفارقة الابدان تتحد فلا يكون فيه عدد فضلا من ان توصف بانه لا نهاية لها وقال آخرون النفس تابعة للمزاج وانما معنى الموت عدمها ولا قوام لها بجوهرها دون الجسم فاذا لا وجود للنفوس الا فى حق الاحياء والاحياء الموجودون محصورون ولا تنتفى النهاية عنهم والمعدومون لا يوصفون أصلا لا بوجود النهاية ولا بعدمها الا فى الوهم اذا فرضوا موجودين
[46] ثم قال والجواب ان هذا الاشكال فى النفوس اوردناه عن ابن سينا والفارابى والمحققين منهم اذ حكموا بان النفس جوهر قائم بنفسه وهو اختيار ارسطو والمعتبرين من الاوائل . ومن عدل عن هذا المسلك فنقول له هل يتصور ان يحدث مع كل آن شىء يبقى أم لا فان قالوا لا فهو محال وان قالوا نعم قلنا فاذا قدرنا كل يوم حدوث شىء وبقاءه اجتمع الى الآن لا محالة موجودات لا نهاية لها فالدورة وان كانت منقضية فحصول موجود فيها يبقى ولا ينقضى غير مستحيل وبهذا التقدير يتقرر الاشكال ولا غرض فى ان يكون ذلك الباقى نفس آدمى او جنى او شيطان او ملك او ما شئت من الموجودات وهو لازم على كل مذهب لهم اذا اثبتوا دورات لا نهاية لها
Sayfa 285