[38] فلذلك لا ينفك من هذا الشك إلا أن ينزل أن العالم لم يزل يقترن بوجوده عدم ولا يزال بعد يقترن به كالحال فى وجود الحركة وذلك انها دائما تحتاج الى المحرك . والمحققون من الفلاسفة يعتقدون ان هذه هى حال العالم الأعلى مع البارى سبحانه فضلا عما دون العالم العلوى وبهذا تفارق المخلوقات المصنوعات فان المصنوعات اذا وجدت لا يقترن بها عدم تحتاج من أجله الى فاعل به يستمر وجودها
[39] قال ابو حامد وأما قولكم ان الموجود لا يمكن ايجاده ان عنيتم انه لا يستأنف له وجود بعد عدم فصحيح وان عنيتم به انه فى حال كونه موجودا لا يكون موجدا فقد بينا انه لا يكون موجدا الا فى حال كونه موجودا لا فى حال كونه معدوما فانه انما يكون الشىء موجودا اذا كان الفاعل له موجدا ولا يكون الفاعل موجدا فى حال العدم بل فى حال وجود الشىء منه والايجاد مقارن لكون الفاعل موجدا وكون المفعول موجدا لانه عبارة عن نسبة الموجد الى الموجد وكل ذلك مع الوجود لا قبله فاذا لا ايجاد الا لموجود ان كان المراد بالايجاد النسبة التى بها يكون الفاعل موجدا والمفعول موجدا . قالوا ولهذا قضينا بان العالم فعل الله أزلا وأبدا وما من حال الا وهو تعالى فاعل له لان المرتبط بالفاعل الوجود فان دام الارتباط دام الوجود وان انقطع انقطع لا كما تخيلتموه من ان البارى تعالى لو قدر عدمه لبقى العالم اذ ظننتم انه كالبناء مع البناء فانه ينعدم ويبقى البناء فان بقاء البناء ليس هو بالبناء بل هو باليبوسة الممسكة لتركيبه اذ لو لم يكن فيه قوة ماسكة كالماء مثلا لم يتصور بقاء الشكل الحادث بفعل الفاعل فيه
Sayfa 165