في صورة النقض مانع } من ثبوت الحكم { فقد بطل العلة } لامتناع تخلف الحكم عن العلة من غير مانع { وإن وجد المانع } فلا يبطل التعليل { لكن أكثر أصحابنا يقولون العلة توجب التخلف لمانع فهذا تخصيص العلة ونحن لا نقول به بل نجعل عدم المانع معتبرا في العلة } شطرا أو شرطا { فيكون عدم الحكم } عند وجود المانع { بعدم العلة } لانعدام جزئها أو شرطها هذا ما ذهب إليه فخر الاسلام واختاره المص والخلاف قليل الجدوى لهم { في جواز التخصيص القياس على الأدلة اللفظية كالعام } فكما أن التخصيص ثمة لا يقدح في حجية العام كذلك هنا لا يقدح في عليه الوصف { والثابت بالاستحسانات فإنه مخصوص عن القياس الجلي ولأن التخلف قد يكون لفساد العلة وقد يكون للمانع } من ثبوت الحكم والمعلل قد بين أنه لمانع فيجب قبوله لأنه بيان أحد المحتملين { كما في العلل العقلية } فإن الحكم قد يتخلف عنها لمانع { وذكروا أن جملة ما يوجب عدم الحكم خمسة مانع من انعقاد العلة كانقطاع الوتر في الرمي وكبيع الحر أو من تمامها كما إذا حال شيء فلم يصب السهم وكبيع ما لا يملكه أو مانع من ابتداء الحكم كما إذا أصاب فدفعه الدرع وكخيار الشرط } فإن السبب وهو البيع وجد فيه والشرط دخل على الحكم وهو الملك ودخوله عليه أسهل من دخوله على الأول لأنه يستلزم الدخول عليه بدون العكس { أو من تمامه كما إذا اندمل بعد إخراج السهم والمداواة وكخيار الرؤية } فإن البيع فيه صدر مطلقا من غير شضرط فأهجب الحكم ولكن لم يتم لعدم الرضاء به عند عدم الرؤية { أو من لزومه كما إذا جرح وامتد حتى صار طبعا له وامن } فإن قلت إن أريد بالحكم القتل فما ذكر غير ثابت وإن أريد الجرح فهو لازم قلت بل المراد الجرج على وجه يفضي إلى القتل لعدم مقاومة المرمى فالاندمال مانع من تمام الحكم لحصول المقاومة { وكخيار العيب } فإنه حصل فيه السبب والحكم بتمامه لتمام الرضاء لكن على تقدير العيب يتضرر المشتري فقلنا بعدم اللزوم { ولا تخصيص في الأولين } لعدم وجود العلة فيهما بخلاف الثلث الاخر ولذلك لم يقل المص أن الموانع خمسة بل قال ما يوجب عدم الحكم خمسة { ولنا أن التخصيص في الالفاظ مجاز } أي مستلزم له وهو من خواص اللفظ { فيخص بها } وفيه نظر لانا لانم أن التخصيص مطلقا مستلزم للمجاز بل التخصيص في الألفاظ كذلك { وترك القياس بدليل أقوى } وهو الاستحسان { لا يكون تخصيصا لأنه } أي لان القياس { ليس بعلة حينئذ } لأن من شرطه أن لا يعارضه دليل أقوى منه { ولأن العلة في القياس يلزم من وجوده وجود الحكم لاجماع العلماء على وجوب التعدية إذا علم وجود العلة في الفرع من غير تقييدهم بعدم المانع } فكل ما لا يلزم من وجوده وجود الحكم بل يتخلف عنه ولو المانع لا يكون علة { مع أن هذا التقييد واجب } لأنهم لما أجمعوا على ذلك علم أنه لا تعدية عند وجود المانع فعلم من تركهم التقييد أن المراد بالعلة ما يستجموع جميع ما يتوقف عليه التعدية من عدم المانع وغيره { فعلم أن عدم المانع حاصل عند وجود العلة فهو } أي عدم المانع { إما ركنها أو شرطها فإذا وجد المانع فقد عدم العلة } وفيه نظر لأن غلبة الظن كافية في العلية سواء استلزمت الحكم أم لا ونمنع الاجماع على وجوب التعدية مطلقا بل مع شرائط { ثم عدمها } أي عدم العلة { قد يكون لزيادة وصف } على ما جعل علة { كما أن البيع المطلق } أراد به ما يقابل المقيد بالشرط وهحوه علة { فإذا زيد الخيار عليه فقد عدم } المطلق بزوال وصف الاطلاق { أو لنقصانه } أي لنقصان وصف هو من جملة أركان العلة أو شرائطها { كالخارج النجس مع عدم الجرح علة للانتقاض } أي لانتقاض الوضوء { وهذا } أي عدم الجرح { معدوم في المعذور } فلا يكون عله { ومنه } أي من دفع العلل المؤثرة { فساد الوض2ع وهو أن يترتب على نقيض ما تقتضيه } وهذا إنما يسمع قبل ثبوت تاثير العلة وإلا يمتنع من الشارع اعتبار الوصف في الشيء ونقيضه على ما أفصح عنه المص بقوله { ولا شك أن ما يثبت تأثيره شرعا لا يمكن فيه فساد الوضع } فيه نظر لأن هذا مبني على ظن ظهور التأثير ولا تأثير في نفس الأمر لا على التأثير في نفس الأمر { وما ثبت فساد وضعه علم عدم تأثيره شرعا وسيأتي مثاله ومنه عدم العلة مع وجود الحكم } ويسمى بعدم الانعكاس { وهذا لا يقدح في العلية لاحتمال وجوده بعلة أخرى } فإن الحكم يجوز أن يقبت بعلل كثيرة كالملك بالبيع والهبة والارث { ومنه الفرق } وهو أن يبين في الأصل وصف له مدخل في العلية لا يوجد في الفرع { قالوا هذا فاسد لأنه غصب منصب التعليل } إذا السائل مترشد في موقع الانكار فإذا ادعى عليه شيء آخر وقف موقف الدعوى وهذا بخلاف المعارضة فإنها إنما تكون بعد تمام الدليل فالمعارض لا يبقى سائلا بل يصير مدعيا ابتداء { وهذا نزاع جدلي } يقصدون به عدم وقوع الخبط في البحث وغلا فهو نافع في إظهار الصواب ولذلك هو مقبول عند كثبر { ولأنه إذا ثبت علية المشترك } بين الأصل والفرع { لا يضر الفارق } تولزم ثبوت الحكم في الفرع ضرورة ثبوت العلة فيه سواء وجد الفارق أو لم يوجد { لكن إن أثبت في الفرع مانعا } لثبوت الحكم فيه { يضر } ويكون قادحا في العلية { وكل كلام صحيح في الأصل إذا ورد على سبيل الفرق لا يقبل ينبغي أن يورد على سبيل الممانعة حتى يقبل } هذا تعليم ينفع المناظرات وهو أن كل كلام يكون في نفسه صحيحا أي يكون في الحقيقة منعا للعة المؤشثرة فإنه إذا أورد على سبيل الفرق يمنع الجدلي توجيهه فيجب أن يورد على سبيل المنع لا على سبيل الفرشق فلا يتمكن الجدلي من رده { كقول الشافعي اعتاق الراهن تصرف يبطل تحق المرتهن فيرد كالبيع } فإن بيع الراهن يبطله فيرد { فإن قلنا بينهما فرق فإن البيع يحتمل الفسخ لا العتق } فإنه لا يحتمله { بمنع توجيه هذا الكلام فينبغي أن يورده على هذا الوجه وهو أن نحكم الأصل } وهو بيع الراهن { إن كان } حكم الأصل { هو البطلان فلا نم ذلك } لأن الحكم عندنا في بيع الراهن التوقف { وإن كان التوقف ففي الفرع } وهو العتق { إذا دعيتم البطلان لا يكون الحكمان متماثلين وإن ادعيتم التوقف لا يمكن لأن العتق لا يحتمل الفسخ وكقوله في العمد قتل ىدمي مضمون فيوجب المال كالخطأ فنقول ليس كالخطأ اذ لا قدرة فيه } أي في الخطأ { على المثل } لأن المثل جزاء كامل فلا يجب مع قصور الجناية وهو الخطأ فإن أورد على هذا الوجه ربما لا يقبله الجدلي فنورده على سبيل الممانعة { فتوجيه هذا ان حكم الأصل } وهو الخطأ { شرع المال خلفا عن القود } يعني المال شرع خلفا عن القود لأن الأصل وجوب القود لكن لم يجب لما قلنا من أن قصور الجناية بالخطأ لا يوجب المثل الكامل فوجب المال خلفه { وفي الفرع } وهو العمد الحكم عند الشافعي { مزاحمة اياه } أي مزاحمة المال القود فلا يكون الحكمان متماثلين { ومنه الممانعة } وهي منع مقدمة الدليل إما مع السند أو بدونه { فهي إما في نفس الحجة } بأن يقول لانم إن ما ذكرت من الوصف الجامع علة أو صالح للعلية ولا بد في الجامع من ظن العلية وإلا لأدى إلى التمسك بكل طرد فيؤدي إلى اللعب فيصير القياس ... ضائعا والمناظرة عبثا فاحتاج ال مص في جريان الممانعة في نفس الحجة إلى بيانه بقوله { لاحتمال أن يكون متمسكا بما لا يصلح دلايلا كالطرد والتعليل بالعدم ولاحتمال أن لا يكون العلة هذا } أي الوصف الذي ذكره وإن كان صالحا للعلية { بل غيره كما ذكرنا في قتل الحر بالعبد } عبد فلا يقتل به الحر كالمكاتب فقيل لانم أن العلة كونه عبدا بل جهالة المستحق أنه السيد أو الوارث { وأما في وجودها في الأصل أو في الفرع كما مر وأما في شروط التعليل وأوصاف العلة ككونها مؤثرة ومنه المعارضة قوله واعلم أن ال معترض } إشارة إلى تقسيم الاعتراض على المناقضة والمعارضة لا تقسيم المعارضة وفيه تنبيه على أن مرجع جميع الاعتراضات إلى المنع والمعارضة لأن غرض المستدل الالزام بإثبات مدعاه بدليل وغرض المعترض عدم الالزام بمنعه عن اثباته بدليله والاثبات يكون بصحة مقدماته ليصلح شاهدا وسلامته عن المعارضة لتنفذ شهادته فيترتب الحكم عليه والدفع يكون بهدم أحدهما فهدم شهادة الدليل يكون بالقدح في صحته بمنع مقدمته من قدماته وطلب الدليل عليها وهدم سلامته يكون بفساد شهادته في المعارضة بما يشقابله وبمنع ثبوت تحكمها مما لا يكون من القبلين لا يتعلق بمقصود الاعتراض فالنقض وفساد الوضع من قبيل المنع والقلب والعكس والقول بالموجب من قبيل المعارضة { أما أن يبطل } المعترض { دليل المعلل ويسمى مناقضة } المعترض ان منع مقدمة الدليل يسمى ممانعة وإذا ذكر لمنعه سندا يسمى مناقضة لكن عند أهل النظر المناقضة عبارة عن منع مقدمة الدليل سواء كان مع السند وبدونه وعند الأصولي عبارة عن النقض ومرجهاها إلى الممانعة لأنها امتناع عن تسليم بعض المقدمات من غير تغيين وتخلف الحكم بمنزلة السند له { أو يسلمه لكن يقيم الدليل على نفي مدلوله ويسمى معارضة ويجري في الحكم } بأن يقيم دلايلا على نقيض الحكم المطلوب { وفي علية الأولى يسمى معارضة في الحكم والثانية يسمى معارضة في المقدمة } كما إذا أقام المعلل دليلا على ان العلة للحكم هو الوصف ليس بعلة { أما الأولى فإما بدليل المعلل وإن كان بزيادة شيء عليه } يفيد تقريرا وتفسيرا لا تبديلا وتغييرا { وهو معارضة فيها مناقضة } أما المعارضة فمن حيث إثبات نقيض الحكم وأما المناقضة فمن نحيث إبطال دليل المعلل إذا الدليل الصحيح لا يقوم على النقيضين } فإن دل دليل المعترض على نقيض الحكم { بعينه فقل } إنما يسمى بذلك لأن المعترض جعل العلة شاهدا له بعدما كان شاهدا عليه { كقوله صوم رمضان صوم فرض فلا يتأدى إلا بتعيين النية كالقضاء فيقول المعترض صوم فرض فيستغني عن التعيين بعد تعينه كالقضاء لكن هنا } أي في صوم رمضان { تعيين قبل الشروع } في الصوم من الله تعالى { وفي القضاء } تعيين { بالضشروع } من جهة العبد { وكقول مسح الرأس ركن فيسن تثليثه كغسل الوجه فيقول } المعترض مسح الرأس { ركن فلا يسن تثليثه بعد اكماله بزيادة على الفرض في محله وهو الاستيعاب كغسل الوجه وإذا دل } دليل المعترض { على حكم آخر } لا على نقيض الحكم { يلزم منه ذلك النقيض يسمى عكسا } مأخوذ من عكست الشيء رددته إلى ورائه على طريقة الأولى { كقوله في صلاة النقل عبادة لا يمضي في فسادها فلا يلزم بالشروع كالوضوء } فإن كل عبادة تجب بالشروع لا بد أن يجب المضي فيها إذا فسدت كما في الحج فيلزم بحكم عكس النقيض إن كل عبادة إذا فسدت لا يجب المضي فيها لا يجب بالشروع { فيقول لما كان كذلك وجب أن يستوي فيه النذر والشروع كالوضوء } فإنه لا يمضي في فساده فلا يجب بالشضروع والنذر لأن الشضروع مع النذر لا ينفصل أحدهما عن الآخر وإذا كان كذلك لزم استواء النذر والشروع في هذا الحكم أعني في عدم وجوب صلاة النفل بهما واللازم بطل وجوبها بالنذر اجماعا وفيه نظر لأنه لا دليل هنا على أنه لو كان عدم وجوب المضي في الفاسد عله لعدم الوجوب بالشروع لكان عله لعدم الوجوب بالنذر { والأول } أي القلب { أقوى من هذا } أي من العكس { لأنه } أي لأن المعترض { جاء بتحكم آخر } غير نقيض حكم المعلل وهو اشتغال بما لا يعنيه { و} أيضا جاء المعترض { بتحكم مجمل وهو الاستواء } المحتمل لشضمول الوجود وشمول العدم وإثبات الحكم المبين أقوى من إثبات الحكم المجمل { ولأنه } أي ولأن الاستواء { يختلف في الصورتين } ومن شرط القياس إثبات مثل حكم الأصل في الفرع { ففي الوضوء } وهو الأصل الاستواء { بطريق شمول العدم } أي عدم الوجوب بالنذر أيضا { وفي الصلاة النفل } وهو الفرع الاستواء { بطريق شضمول الوجود } أي الوجوب بالشروع أيضا { وأما بدليل آخر } عطف على قوله فإما بدليل المعلل { وهو معارضة خالصة وهو } أي المعترض { أما أن يثبت نقيض حكم المعلل بعينه أو بتغيير أو يثبت حكما يلزم منه ذلك النقيض كقوله المح ركن في الوضوء فيسن بتثليثه كالغسل فيقول } المعترض { مسح فلا يسن تثليثه كما في الخف وهذا } أي الوجه الأول الذي نظيره قوله المسح ركن في الوضوء { أقوى الوجوه } لدلالته صريحا على ما هو المقصود من ا لمعارضة { وكقولنا في المعارضة } الخالصة التي يثبت نقيض حكم المعلل بتغيير { ما في صغيرة لا أب لها صغيرة فتنكح كالتي لها اب } لعلة الصغر { فيقال صغيرة فلا يولى عليها بولاية الأخوة كالمال } فإنه لا ولاية لأخ على مال الصغيرة لقصور الشضفقة فالعلة هي قصور الشفقة لا الصغر على ما يفهم من ظاهر العبارة وإلا لم يكن معارضة خالصة بل قلبا فالمعلل أثبت مطلق الولاية { فلم ينف } المعارض { مطلق الولاية بل ولاية بعينها } وهو ولاية الأخ { لكن إذا انتفت هي ينتفي سائرها بالاجماع } من جهة أن الأخ اقرب القرابات بعد الولادة فنفي ولايته يستلزم نفي ولاية العم وغيره فهذا مثال الوجه الثاني من المعارضة { توكالتي } مثال الثالث { نفي اليها زوجها فنكحت فولدت ثم جاء الزوج الأول فهو أحق بالولد } لم يقل عندنا لأنه قول مرجوح عنه لأبي تحنيفة { لأنه صاحب فراش صحيح فيقال } لازوج { الثاني صاحب فراش فاسد فيستحق النسب كمنت تزوج بغير شهود فولدت فالمعارض وإن أثبت حكما آخر } وهو ثبتوت النسب من الزوج الثاني { لكن يلزم من ثبوته من الثاني نفيه عن الأول فإذا ثبت المعارضة فالسبيل الترجيح بأن الأول صاحب فراش صحيح وهو أولى بالاعتبار من كون الثاني حاضرا } مع فساد الفراش لأن صحته توجب حقيقة النسب والفاسد شبهة وحقيقة الشيء أولى بالاعتبار لا يقال بل في الخصور حقيقة النسب لأن كون الولد من مائه غير متيقن عندنا { وأما الثانية فمنها ما فيه معنى المناقضة وهو أن يجعل العلة معلولا والمعلول علة وهي قلب أيضا } من قلبت الاناء جعلت أعلاه أسفله { وإنما يرد هذا إذا كان العلة حكما لا وصفا } لأنه لا يمكن جعل الوصف معلولا والحكم علع { نحو الكفار جنس يجلد بكرهم مائة فيرجم ثيبهم كالمسلمين } لأن جلد المائة غاية حد البكر والرجم غاية الثيب فإذا وجب في البكر غايته وجب الثيب أيضا غايته لأن النعمة كلما كانت أكمل فالجناية عليها يكون أفحش فجزاؤها أغلظ فإذا وجب في البكر ا لمائة يجب في الثيب أكثر من ذلك وليس هذا إلا الرجم فإن الشرع ما أوجب فوق الجلج المائة إلا الرجم { والقرأة تكررت فرضا في الأولين فكانت فرضا في الاخريين كالركوع والسجود فيقول } المعترض { المسلمون إنما يجلد بكرهم مائة لأنه يرجم ثيبهم } فجعل المعلل جلد البكر علة لرجم الثيب والمعترض قلب وجعل رجم الثيب علة لجلج البكر { وإنما تكرر الركوع والسجود فرضا في الأوليين لأنه تكرر فرضا في الاخريين واالمخلص عن هذا } لا يريد بالمخلص الجواب عن هذا القلب بل يريد الاحتراز عن وروده { أن لا يذكر } الحمين { على سبيل التعليل } أي تعليل أحدهما بالاخر { بل يستدل بوجود أحدهما على وجود الاخر وهذا إذا ثبت المساواة في المعفي الذي بني الاستدلال عليه { نحو ما يلزم بالشروع إذا صح } الشروع { كالحج } فيجب الصلاةوالصوم بالشروع تطوعا وفيه خلاف الشافعي { فقالوا الحج إنما يلزم بالشروع فيقول } المعترض { الغرض الاستدلال من لزوم المنذورعلى لزوم ما شرع لثبوت التساوي بينهما بل الشروع أولى لأنه لما وجب رعاية ما هو سبب القربة وهو النذر فلان يجب رعاية ما هو القربة أولى ونخو الثيب الصغيرة يولى عليها في مالها فكذا في نفسها كالبكر الصغيرة } فيثبت إجبار الثيب الصغيرة على النكاح وفيه خلاف الشافعي { فقالوا إنما يولى على البكر في مالها لأنه يولى في نفسها فيقول الولاية شرعت للحاجة إلى التصرف والنفس والمال والبكر والثيب فيها سواء } فلا نقول الولاية في المان علة للولاية في النفس بل نقول كلتهاهما شرعتا للحاجة فيكونان متساويين فإذا ثبت أحديهما ثبت الاخرى { وهذه المساواة غير ثابتة في المسألتين الأوليين } أما في مسألة الرجم فلأن الرجم والجلد ليسا بسواء في أنفسهما لأن احدهما قتل والاخر ضرب ولا في شروطهما حيث يشترط لأحدهما ما لا يشترط للآخر فلا يمكن الاستدلال بوجود أحدهما على وجود الاخر وأما في مسألة القراءة فلأن الشفع الأول والثاني ليسا سواء في القراءة لأن قراءة السورة ساقطة في الشفع الثاني وكذا الجهر ساقط فيه وإليه أشار بقوله { على ما ذكروا } فلا يمكن للشافعي المخلص عن هذا القلب ويمكن لنا المخلص عنه في مسألة الشروع في النفل والثيبة الصغيرة { ومنا خالصة } ليس فيها معنى المناقضة { فإن أقام } المعترض { الدليل على نفي علية ما أثبته المعلل فمقبولة } وإن ثبت علية وصف المعلل وظهر تأثيره لأنه ما ثبت قطعا بل ظنا يجوز أن يكون بيان علية وصف ىخر موجبا لزوال الظن بعلية وصف المعلل استقلالا { وإن أقام } الدليل { على علية شيء آخر فإن كانت } العلة { قاصرة لا تقبل عندنا } كما إذا قلنا الحديد بالحديد موزون مقابل بالجنسفلا يجوز متفاضلا كالذهب والفضة فيعارض بأن العلة في الأصل هي الثمنية دون الوزن ويقبل عند الشافعي لأن مقصود ال معترض إبطال علية وصف المعلل فإذا بين علية وصف آخر يحتمل أن يكون كل منهما مستقلا بالعلية وأن يكون كل منهما جزء علة فلا يصح الجزم بالاستقلال { وكذا إن كانت العلة متعدية إلى مجمع عليه } لا يقبل { كما تعارضنا بأن العلة الطعم والادخار وهو متعد إلى الارز وغيره فلا فائدة له إلى نفي الحكم في الجص لعدم العلة وهي لا تفيد ذلك لأن الحكم قد يثبت بعلل شتى } وفيه نظر لأن وصف المعلل يحتمل ان يكون جزء علة وهذا كاف في غرض المعترض أعني القدح في علية وصف المعلل { وإن تعدى } الشيء الاخر الذي ادعى المعترض علية { إلى فرع مختلف فيه يقبل عند أهل النظر للاجماع } من المعلل والمعترض { على أن العلة أحدهما فقط } لأنه لو استقل كل منهما بالعلية لما وقع في الفرع المختلف فيه { فإذا ثبت أحدهما انتفى الاخر } بناء على أن العلة واحدة لا غير { لا عند الفقهاء لأنه ليس لصنحة أحدهما تأثير في فساد الاخر } وجواز فساد أحدهما على تقدير صحة الاخر لا يحدي في دفع ما ذكروا ولا نفعا لأهل النظر لأن الخلاف في لزوم البطلان فتدبر { فصل } { في دفع العلل الطردية } وهي ما يثبت عليتها بمجرد الدوران وجودا فقط أو وجودا وعدما والمراد بها هنا ما ليست بمؤثرة ليعمم المناسب والملايم فيصح الحصر في المؤثرة والطردية { وهو أربعة انواع الأول القول بموجب العلة وهو التزام ما يلزمه المعلل بتعليله مع بقاء الخلاف } في الحكم المقصود { وهو ملجيء المعلل إلى العلة المؤثرة } أي يجعله مضطرا إلى القول بمعنى منؤثر يرفع الخلاف ولا يتمكن الخصم من تسليمه مع بقاء الخلاف { كقوله ال مسح ركن في الوضوء فيسن تثليثه كغسل الوجه فيقول } المعترض { يسن عندنا أيضا لكن الغرض البعض كقوله تعالى برؤسكم وهو } أي البعض { ربع أو اقل } منه { فالاستيعاب تثليث وزيادة وإن غير وقال يسن تكراره ثلاث مرات نمنع ذلك في الأصل } أي لانم أن الركنية توجب هذا { بل ا لسنون في الركن التكميل في أركان الصلاة بالاطالة } كما في القراءة والركوع والسجود { لكن الغسل لما استوعب المحل لا يمكن تكميله غلا بالتكرار } لان تكميله بالاطالة يقع في غير محل الغرض { وهنا } أي في مسح الرأس { المحل } وهو الرأس { متسع } يمكن التكميل بدون التكرار { على أن التكرار ربما يصير غسلا فيلزم تغيير المشروع } زيادة توضيح لكون المسنون هو التكميل بالاطالة دون التكرار { فالاعتراض على تقدير الأول قول بموجب العلة وعلى تقدير الثاني ممانعة } والتفصيل أن نقول إن أردتم بالتثليث جعله ثلثة أمثال الغرض فنحن قائلون به لأن الاستيعاب تثليث وزيادة وإن أردتم بالتثليث التكرار ثلت مراة نمنع هذا في الأصل { وكقوله صوم فرض فلا يتأدى إلا بتعيين فنسلم موجبه لكن الاطلاق تعيين } لأنه باطلاقه ينتظم تعيين الشارع { وكقوله المرفق لا يدخل في الغسل لأن الغاية لا تدخل تحت المغيا } قلنا { نعم لكنها غاية الاسقاط فلا تدخل تحته الثاني الممانعة وهي إما في الوصف } بأن يمنع الوصف الذي يدعي المعلل علية في الأصل لو في الركوع { كقوله في مسألة الأكل والشرب } كفارة الافطار { عقوبةمتعلقة بالجماع فلا يجب بالاكل والشرب كحد الزنا فلا نم تعلقها بالجماع بل هي متعلقة بالفطر } على وجه يكون جناية كاملة { وكقوله في بيع التفاحة بالتفاحين إنه بيع مطعوم بمطعوم مجازفةفيحرم كالصبرة بالصبرة فنقول إن أراد المجازفة بالوصف أو بالذات بحسب الاجزاء فهي جائزة لجواز الجيد بالردي } هذا دليل علىجواز المجازفة بالوصف { وللجواز عند تفاوت الاجزاء } هذا دليل على جواز المجازفة بالذات بحسب الاجزاء فإن بيع القفيز بالقفيز جائز مع كون عدد حبات أحدهما الكثر { وإن أرادها } أيالمجازفة { بحسب المعيار يختص بما يدخل فيه } أي في المعيار { لانم ثبوتها في الفرع } أعني بيع التفاحة بالتفاحتين فإنه لا يدخل تحت الكيل والمعيار { وأما الممانعة في الحكم وهي أن يمنع ثبوت الحكم الذي يكون الوصف علة له في الفرع أو يمنع ثبوت الحكم الذي يدعيه المعلل بالوصف المذكور في ألأصل { كما في هذه المسألة } أي مسألة التفاحة بالتفاحتين { إن ادعيت حرمة تنتهي بالمساواة لانم امكانها في الفرع } لما ذكرنا الان وهذا اشارة إلى ال منع الأول { وإن ادعيتها غير متناهية } بالمساواة { لانم فيالصبرة } لانهما إذا كيلا ولم يفضل أحدهما على الاخر عاد العقد إلى الجواز وهذا إشارة إلى المنع الثاني { وكقوله في صوم رمضان فرض فلا يصح الا بتعيين النية كالقضاء فيقول أبعد التعيين } أي إن ادعيتم أن الصوم لا يصح إلا بتعيين النية بعد صيرورته متعينا { فلانم } ذلك { في الأصل } وهو القضاء فإنه إنما يصير متعينا بالشروع { أو قبله فلانم ذلك في الفرع } وهو صوم رمضان لأن تعيين النية قبل صيرورته متعينا ممتنع لأنه متعين بتعيين الشارع فلا يكون صحته متوقفة على تعيين النية قبل صيرورته متعينا لأنه يكون صحة صوم رمضان ممتنعة { وأما } الممانعة { في صلاح الوصف للحكم فإن الطرد باطل عندنا كما مر وأما } الممانعة { في نسبة الحكم إلى الوصف كقوله في الاخ لا يعتق على أخيه لعدم البعضية كابن العم فلانم ان العلة } أي علة عدم العتق { في الأصل } أي في ابن العم { هذا } أي عدم البعضية فإن عدم البعضية لا يوجب عدم العتق لجواز أن يوجد علة أخرى للعتق بل العلة عدم القرابة المحرمة { وكقوله لا يثبت النكاح بشهادة النساء مع الرجال لأنه ليس بمال كالحد فلانم أن العلة في الحد عدم المالية وكذا في كل موضع يستدل بالعدم على العدم } فإنه يمكن أن يقول عدم تلك العلة لا يوجب عدم الحكم فإن الحكم يمكن أن يثبت بعلة أخرى { الثالث فساد الوضع وقد مر تفسيرةوهو فوق المناقضة إذيمكنالاحتراز عنها بتغيير الكلام أدنى تغيير { أما هو } أي فساد الوضع { فيبطل العلة أصلا إذ لا يندفع بتعيين الكلام { كتعليله لايجاب الفرقة باسلام أحد الزوجين الذمين } إذ اسلم أحدهما قبل الدخول فعند الشافعي بانت في الحال وبعد الدخول بانت بعد ثلاثةاقرا فقد جعل الاسلام علة لايجاب الفرقة وعندنا يعرض الاسلام على الاخر فإن اسلم فهي له وان أبى يفرق بينهما في الحال سواء دخل بها أو لم يدخل { و} كتعليله { لابقاء النكاح مع ارتداد أحدهما } اذا ارتدا أحدهما قبل الدخول بانت في الحال وبعد الدخول بانت في الحال وبعد الخول بانت بعد ثلاثة اقرا عند الشضافعي فيجعل الردة علة لابقاء النكاح بمعنى أنه لا يجعلها قاطعة للنكاح وعندنا تبين في الحال سواء كان قبل الدخول أو بعده ثم يقيم الدليل على أن تعليله مقرون بفساد الوضع بقوله فإن الاسلام لا يصلح قاطعا للنعمة والردة لا يصلح عفوا ولا يذهب عليك إنه لا تعليل ولا فساد وضع عايته أنه لو قيل أن النكاح مبنى على العصمة والردة قاطعة لها فيكون منافية للنكاح ولا بقاء للشيء مع المنافي لمكان استدلالا على بطلان بقاء النكاح مع الارتداد لكنه لا يتعلق بمقصود المقام إذ ليس فيه بيان أن الخصم قد رتب على العلة نقيض ما تقتضيه { وكقوله إذا حجبإطلاق النية بقع عن الفرض فكذا بنية النفل } عند الشضافعي لأن مطلق النية في العبادة التي تتنوع إلى الفرض2 والنفل ينصرف إلى النقل كما في الصلاة والصوم فإذا استحق المطلق الفرض2 دل على استحقاق نية النفل للفرض وليس في هذا فساد الوضع بالمعنى المذكور بل بمعنى أن فيه حمل المقيد على المطجلق وهو مما لم يقل به أحد وإنما وقع الخلاف في حمل المطلق على المقيد وهذا ما ذكره بقوله { فإن بعض العلماء حملوا المطلق على المقيد فأما هذا فحمل المقيد على المطلق وهوبالطل وكقوله المطعوم شيء ذو خطر } بمعنىكثرة الاحتياج إليه { فيشترط لتملكه شرط زائد } وهو التقابض { كالنكاح } فإنه يشترط له الشهود ويتعلق بالمطعوم قوام النفس وبقاء الشخص كما يتعلق بالنكاح بقاء النوع { فيقال ما كان الحاجة إليه اكثر جعله الله تعالى أوسع } كالماء والهواء ففي ترتيب اشتراط التقابض في تملك المطعوم على كونه ذا خطر فساد الوضع { الرابع المناقضة وهي تلجىء أهل الطرد إلىالعلة المؤثرة كقوله الوضوء والتيمم طهارتان فيتوبان في النية فينتقض بتطهير الخبث } عن البدن أو الثوب { فيضطر إلى أن يقول الوضوء تطهير حكمي } أي تعبدي { كالتيمم } غير معقول فيشترط النية تحقيقا لمعنى التعبد { بخلاف تطهير الخبث } فإنه تطهير حقيقي { فيقول } المعترض { نعم الوضوء تطهير حكمي بمعنى أن النجاسة حكمية أي حكم الشارع في حقالصلاة فجعلها كالحقيقة حتى يزيلها الماء وكما يزيل الحقيقة { فهي } أي فالنجاسة { غير معقولة } بمعنى أن العقل لا يستقل فادراك ذلك من غير ورود الشرع إذ لا يعقل أن نجس اليد أو الوجه بخروج النجاسة من السبيلين ولا منافاة بين عدم استقلال العقل يدرك شيء وبين إدراكه إياه بمعونة الشرع وبعد وروده والمعتبر في القياس هو المعقولبة بمعنى أن يدرك العقل ترتب الحكم على الوصف من أن يستقل بذلكأو يتوقف على الشرع فعلى هذا يصح قياس غير السبيلين في الحكم يكون الخارج النجس منه سببا للحدث وأما قول صاحب الهداية أن تأثير خروج النجاسة في زوال الطهارة معقول فمعناه أن صاحب الشرع لما حكم بزوال الطهارة عن البدن عند خروجها عن السبيلين ادرك العقل إن هذا الحكم إنما هو لاجل هذا الوصف وإنه ليس بتعبد محض لا وقوف للعقل على سببه ولا يلزم من قول صاحب الهداية قياس المايعات على الماء في رفع الحدث كما صح قياسها عليه في رفع الخبث بناء على أن عدم معقولية النص هنا مفقود على قوله لأنه إنما يصح القياس في المايعات على الماء في رفع الخبث باعتبار أنها مزيلة قالعة للنجاسة كالماء وهذا لا يوجد في الحدث لأنه أمر مقدر لا يتصور قلعه { لكن تطهيرها بالماء معقول } لما بينا { بخلاف التراب } لأنه في نفسه ملوث لا يصير مطهرا إلا بالقصد والنية { فلا يحتاج إلى النية في ذلك } أي في التطهير فيحصل الطهارة سواء نوى أو لم ينو { بل } يتحتاج إليها { في صيرورته قربة والصلاة يستغني عنها } أي عن صيرورة الوضوء قربة { كما في سائر شرائط الصلاة } فإنها لا يتوقف على وضوء هو قربة وإنما يحتاج إلى كون الوضوء طهارة { وأما المسح فملحق بالغسل تيسيرا } وظيفة الرأس كانت هي الغسل لكن لدفع الخرج اقتصر على المسح فكان خلفا عن الغسل فاعتبر فيه حكم الأصل { فإن قيل غسل الاعضاء الاربعة غيرمعقول } فكيف يكون تطهيرها بالماء معقولا تقريره إن المتصف بالنجاسة الحكمية بحكم الشرع جميع البدن فإزالتها وتطهريها بغسل بعض الأعضاء الذي هو أقل البدن وخصوصا غير مخرج النجاسة الحقيقية ليست معقولة فيجب أن لا يحصل بدون النية كالتيمم { قلنا لما اتصف البدن بها } أي بالنجاسة بحكم الشرع وجب غسل البدن لأن حكم الشرع بسراية النجاسة وليس بعض الأعضاء أولى بالسراية من البعض فوجب غسل جميعها لكن سقط البعض في المعتاد دفعا للخرح وإلى هذا أشار بقوله { اقتصر على غسل الأطراف في المعتاد دفعا للخرج } وبقي غسل الأطراف الأربعة التي هي أمهات الأعضاء فلا يكون غسل تلك الأعضاء غير معقول فلا يجب النية { واقر على الأصل في غير المعتاد كالمني أو الحيض فإنه قليل الوقوع بالنسبة إلى البول والغائط فلا حرج في غسل جميع البدن على ما هو الأصل فلا يكتفي بالبعض { وفي هذا الفصل فروع آخر } مذكورة في أصول فخر الاسلام { طويتها مخافة التطويل } أي الزيادة على المقصود لا لفائدة فإن مقصود الأصولي ليس معرفة فروع الأحكام ويكفي فيتوضيح المقصود إيراد مثال أو مثالين { فصل } { في الانتقال } أي انتقال القايس في قياسه من كلام إلى آخر والكلام المنتقل إليه إن كان في غير علة وحكم فهو حشو في القياس خارج عن المبحث { وهو إنما يكون قبل أن يتم إثبات الحكم الأول } أما أن يكون في العلة فقط أو في الحكم فقط أو فيهما جميعا وأشار إلى هذه الأقسام بقوله { فلا يخلوا ما أن ينتقل إلى علة أخرى لاثبات علة } أي علة القياس { أو لاثبات الحكم الأول أو لاثبات حكم آخر يحتاج إليه الحكم الأول } إذ لو لم يحتج إليه لكان حشوا فيالكلام خارجا عن المقصود { أو ينتقل إلى حكم كذلك } أي يحتاج إليه الحكم الأول { فيثبته بالعلة الأولى } أي لا بد أن يكون إثبتاته بعلة القياس وإلا لكان الانتقال في العلة والحكم جميعا فصارت الاقسام منحصرة في أربعة { والأول صحيح كما إذا قال الصبي المودع إذا استهلك الوديعة لا يضمن لأنه مسلط على الاستهلاك فلما أنكره الخصم احتاج إلى إثباته } فهذا لا يسمى انتقالا حقيقة لأن الانتقال أن يترك الكلام الأول بالكلية ويشتغل باخر كما في قصة الخلي عم وإنما أطلق الانتقال على هذه القسم لأنه ترك هذا الكلام واشتغل بآخر وإن كان دليلا على الكلام الأول { وكذا الثاني عند البعض كقصة الخليل عم حيث قال إن الله يأتي بالشمس من المشرق ولأن الغرض إثبات الحكم فلا يبالي بأي دليل كان لا عند البعض لأنه لما لم يثبت الحكم بالعلة الأولى بعد ذلك انقطاعا في عرف النظار } لئلا يطول الكلام بالانتقال من دليل إلى دليل والغرض وهو إظهار الصواب لا يحصل وفيه نظر { وأما قصة الخليل عم فإن الحجة الأولى } وهو قوله ربي الذي يحي ويميت { كانت ملزمة واللعين عارضه بأمر باطل } وهو قوله أنا أحي وأميت { فالخليل عم لما خاف الاشتباه والتبيس على القوم انتقل إلى علة لا يكون فيها اشتباه أصلا } ولانزاع في جواز مثل هذا الانتقال } والثالث كقولنا الكتابة عقد يحتمل الفسخ بالاقالة فلا يمنع الصرف إلى الكفارة كالبيع بالخيار والاجارة فإنه إذا باع عبدا بشرط الخيار يجوز اعتاقه بنية الكفارة وكذا إذا اجر عبدا ثم أعتقه بنيتها { فإن قيل عند لا يمنع هذا العقد } الصرف إلى الكفارة بل يمنعه { نقصان الرق فنقول الرق لم ينقص ويثبت هذا } أي عدم نقصان الرق { بعلة أخرى } كما نقول الكتابة عقد معاوضة فلايوجب نقصانا في الرق { وإن أثبتناه بالعلة الأولى فهو نظير الرابع } من الانتقالات كما نقول احتمال الفسخ دليل على أن الرق لم ينقص وكلاهما صحيحان والرابع أحق } لأن العلة التي أوردها يكون تامة في قطع الشبهات بلا احتياج إلى شيء آخر { وإن انتقل إلى حكم لا حاجة إليه وإلى علة لاثبات حكم كذلك فهو باطل } { تكملة } وهيتشتمل على أبواب وفصول { فصل } { في الحجج التي تصلح للدفع دون الاثبات } وتلقيبها بالقاصرة أولى من تلقيبها بالفاسدة إذ لا خلاف في صحتها نظرا إلى الاثبات { منها الاستصحاب } وهو الحكم ببقاء أمر كان في الزمان الأول ولم يظن عدمه { وهو حجة عند الشافعي } والمزني وأبي بكر الصيرفي خلافا للحنيفة والمتكلمين { في كل شيء } نفيا كان أو اثباتا { ثبت تحققه بدليل ثم وقع الشك في بقائه إن لم يقع ظن بعدمها وعندنا حجة للدفع } بمعنى لا يثبت حكم وعدم الحكم مستند إلى عدم دليله والأصل فيالعدم الاستمرار حتى يظهر دليل الوجود { لا للإثبات كحياة المفقود فيرث المفقود عنده لا عندنا لأن الإرث من باب الاثبات فلا يثبت به } أي بالاستصحاب { ولا يورث لأن عدم الإرث من باب الدفع فيثبت به والصلنح على الإنكار } أي مع إنكار المدعى عليه { وعندنا يصح } الصلح { لما قلنا } إن الاستصحاب لا يصلح حجة للإثبات فلا يكون براءة الذمة حجة على المدعى فيصح الصلح { ويجب البينة على الشفيع عندنا على ملك المشفوع به إذا أنكره المشتري } لأن ملك الشفيع الدار المشفوع بها ثابت بالاستصحاب فلا يكون حجة على المشتري فيجب البينة على الشفيع على ملك المشفوع بها { لا عنده وذا قال لعبده إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر ولا يدري أنه دخل أم لا فالقول قول المولى عندنا } لأن العبد تمسك بالصل فإن عدم الدخول هو الأصل فلا يصلح حجة لاستحقاق العتق على المولى له { إن بقاء الشرائع بالاستصحاب } فلو لم يكن حجة لما وقع الجزم بل الظن ببقائها { ولأنه إذا تيقن بالوضوء ثم شك في الحدث يحكم بالضوء وفيالعكس } يحكم { بالحدث وإذا شهدوا أنه كان ملكا للمدعي } يحكم بالمالكية له مع وقوع الشك في طريان الضد { فإنه حجة } للاجماع علىاعتبار الاستصحاب في كثير من الفروع { ولنا أن الدليل الموجب للحكم لا يدل على البقاء وهذا ظاهر } ضرورة أن البقاء غير الوجود وفيه نظر لأنه إن أريد عدم الدلالة بطريق القطع فلا نزاع وإن أريد بطريق الظن فمم ودعوى الظهور في محل الخلاف غير مسموع ثم ان ما ذكر نصب الدليل في غير محل الخلاف لأن الخصم لا يدعي أن موجب الحكم يدل على البقاء بل الدال على البقاء هو سبق الوجود مع عدم ظن المنافي بمعنى أنه يفيد ظن البقاء والظن واجب الاتباع { فبقاء الشرائءع بعد وفاته عم ليس بالاستصحاب بل لأنه لا نسح بشريعته } بالاحاديث الدالة على ذلك وفيه نظر لما عرفت فيما تقدم أن طريق زوال الحكم الشرعي غير منحصر في النسخ { وأما في حياته فقد مر جوابه في النسخ } من أن النص يدل على شرعية موجبة قطعا إلى زمان نزول الناسخ وعدم بيان النبي عليه السلام للناسخ دليل على عدم نزوله إذ لو نزل لبينه قطعا لوجوب التبليع والتبيين عليه عليه السلام { والوضوء والبيع والنكاح ونحوها يوجب حكما ممتدا إلى زمان ظهور مناقض } لجواز الصلاة وحل الانتفاع والوطى { لأن الثابت بيقين لا يزول إلا بيقين مثله } وهذا من فروع كون الاستصحاب حجة للدفع وقد مر أنه لا خلاف فيه { ومنها } أي من الحجج المذكورة { تحكيم الحال رب الطاحونة مع المستأجر إذا اختلفا بعد مضي المدة في جريان الماء وانقطاعه } ولا بينة { يحكم الحال } فإن تحكيم الحال عند عدم دليل آخر واجب { فإن كان جاريا في الحال كان القول قول رب الطاحونة وإلا } أي وإن لم يكن جاريا { كان القول قول المستأجر وهو } أي تحكيم الحال { يصلح للدفع دون الاستحقاق فلو مات مسلم وجاءت امرأته الذمية مسلمة وادعت الاسلام قبل موته وأنكرته الورثة فالقول لهم } لأنهم الرافعون ويشهد لهم ظاهر الحدوث(1) { ولا يحكم الحال لأن الظاهر لا يصلنح حجة الاستحقاق } من هنا ظهر أن تحكيم الحال أيضا من وجوه العمل بالظاهر { ومنها } أي من الحجج المذكورة { إضافة الحادث إلى أقرب الأوقات } من حملة ما يتمسك به للدفع دون الاستحقاق أن يضاف الحادث إلى اقرب أوقات حدوثه فإنه الأصل في الحوادث وقد تمسك به زفر في غثبات الاستحقاق على ما أفصح عنه هذه المسألة { مات ذمي فجاءت امرأته مسلمة وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة اسلمت قبل موته فالقول قولهم وقال زفر القول قولها لأن الاسلام حادث فيضاف إلى أقرب الأوقات ولهم أن سبب الحرمان ثابت في الحال فيثبت فيما مضى تحكيما للحال وهذا ظاهر نعتبره للدفع وما ذكره أيضا ظاهر يصلح للدفع إلا أنه اعتبر للاستحقاق ولا يصلح له قيلمن الحجج الفاسدة التعليل بالنفي كما ذكر في شهادة النساء } أي في الممانعة في دفع العلل الطردية { والاخ } من أن الأخ لا يعتق على أخيه عند الدخول في ملكه لعدم البعضية كابن العم { فإنه يمكن الوجود بعلة أخرى إلا أن يثبت بالاجماع أو النص أن له علة واحدة فقط } فإنه حينئذ يلزممن عدمها عدم الحكم { كقوله محمد في ولد الغصب } أنه غير مضمون { لأنه لم يغصب } فإنه لا يصح أن يثبت الضمان بعلة أخرى للاجماع على أن علة الضمان هنا هو الغصب لا غير { واعلم أنه إذا ثبت أن العلة واحدة } بالاجماع أو النص { فهو استدلال صحيح وإلا فليس من جملة الشرعية } إذ لم يقل أحد بحجيته بل هو تمسك بقياس فاسد بمنزلة الأقيسة الططردية { وكذا الكلام في تعارض الأشباه فإنه ترجيح فاسد لأحد القياسين } لا حجة برأسها { وقول زفر فيغسل المرافق مرجعه إلى التمسك بالاستصحاب } لا بما ذكر { لأن الأصل عدم الوجوب } تقريره ان من الغايات ما يدخل تحت المغيا ومنها ما لا يدخل فلا يدخل المرفق تحت حكم اليد بالشك والأصل عدم وجوب غسله وقد مرأن الاستصحاب حجة في الدفع { باب المعارضة والترجيح } وهو في اللغةجعل الشيء راجحا وفي الاصطلاح بيان القوة لأحد المتعارضين على الاخر { إذا ورد دليلان يقتضي أحدهما عدم ما يقتضي الاخر في محل واحد } احترز به عما يقتضي حل وطىء المنكوحة وحرمة قبل الحيضأمها { في زمان واحد } احترز به عما يقتضي حل وطىء النمكوحة قبل الحيض وحرمته عند الحيض ولا بد ههنا من اشتراط أمور آخر مثل اتحاد المكان والشرط ونحوذلك مما لا بد منه حتى يكون النفي واردا على ما ورد عليه الاثبات فلا حاجة إلى اشتراط أمر زايد وذكر اتحاد المحل والزمان زيادة توضيح وتنصيص على ما هو ملاك الامر في هذا الباب { فإن تساويا قوة } بأن يكون ظنيين أو قطعيين فلا عبرة بكون أحدهما متواتر والاخر مشهورا لأنهما قطعيان { أو يكون أحدهما أقوى بوصف هو تابع } كخبر يرويه عدل فقيه يرويه عدل غير فقيه { فبينهما معارضة والقوة المذكورة رجحان } في الصورة الثانية { وإن كان أقوى بما هو غير تابع } كالنص مع القياس { فلا يسمى رجحانا } لعدم التعارض فلا يقال النص راجح على القياس فهذه ثلث صورففي الأولى معارضة ولا ترجيح وهذا جائز إذ لا مانع من ذلك والحكم حينئذ التوقف وفي الثانية معارضة وترجيح وفيالثالثة لا معارضة ولا ترجيح { من قوله } عم متعلق بقوله رجحان { ازن وارجح } قاله للوزان حين اشتري سراويلا بدرهمين وتمامه فأنا معاشر الانبياء هكذا نزن { والمراد الفضلف القليل لئلا يلزم الربا في قضاء الديون فيجعل ذلك } الفضل القليل { عفوا } لأنه لقلته في حكم الوصف لزيادة الجودة { والعمل بالا قوى وترك الاخر واجب في الصورتين } الاخيرتين وأما حكم الثالثة فما ذكره بقوله { وغذا تساويا قوة } سواء تساويا عددا أو لا { ففي الاجماع } أي في معارضة الاجماع { بتعين التبديل } على ما مر بيانه { والكتاب والسنة } أي في معارضة الكتاب الكتاب والسنة السنة والسنة الكتاب { يحمل ذلك } أي ما وقع في صورة التعارض { على نسخ أحدهما الآخر } إذ لا نناقض بين أدلة الشرع لأنه أثر الجهل والشرع منزه عنه { لكنا لما جهلنا المتقدم توهمنا التعارض } ولا تعارض في الواقع فهو أثر جهلنا { فإن علم التاريخ } جوابه محذوف وهو يكون المتأخر ناسخا للمتقدم { والا يطل المخلص } بدفع المعارضة والجمع بينهما ما أمكن باعتبار المخلص من الحكم أو المحل أو الزمان ويسمى ذلك عملا بالشبهين { فإن تيسر } ذلك فيه { وإلا يترك العمل بهما ويصار من الكتاب إلى السنة ومنها إلى القياس } مثال المصير إلى السنة عند تعارض الايتين كقوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القرآن وقوله تعالى فإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فإنهما تعارضا فصرنا إلى قوله عم من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ومثال المصير إلى القياس عند تعارض السنتين ما روى نعمان بن بشير رضيه أن النبي عم صلى صلاة الكسوف كما يصلون ركعة وسجدتين وما روت عائشة رضيها أن النبي عليه السلام صلاها ركعتين بأربع ركوعات وأربع سجدت فصرنا إلى القياس على سائر الصلاوات { وأقوال الصحابة رضيهم } فإن القياس وقول الصحابي رضيهم في مرتبة واحدة يعمل بأيهما كان بشرط التحري وعند من أوجب تقليد الصحابي يجب المصير إليه أو لا ثم إلىالقياس وفيه إشارة إلى أن النسخ لا يجري بين قياسين إذ لا يتصور فيهما التقدم والتأخر ولا بين الاجماع ودليل آخر قطعي من الكتاب والسنة لأن الاجماع لا ينعقد مخالفا لنص قطعي { إن أمكن ذلك وإلا يجب تقدير الأصل } والحكم { على ما كان عليه } قبل ورود الدليلين { كما في سؤر الحمار حيث تعارض فيه الاثار } روى عن ابن عمر رضيه أنه نجس وروى عن ابن عباس رضيهما أنه طاهر { والاخيار } روى عن جابر رضيه أن النبي عم سئل إن توبضأ بما أفضلت الحمر قال نعم وبما أفضلت السباع وروى أنس رضيه أن النبي عم نهى عن لحوم الحمر الأهليه فإنها رجس وهذا يوجب نجاسة السؤر بمخالطة اللعاب المتولد من اللحم النجس فلما تعارضت الأدلة بقي الماء طاهر أعلى ما كان لأنه كان طاهرا بيقين والمتوضى محدثا كذلك فلا يزول بالشك واحد منهما وإنما لم يحكم ببقاء الطهورية لأنه يلزم حينئذ الحكم بزوال الحدث إذ لا معنى للطهورية إلا هذا وفيه ،إهدار لأحد الدليلين بالكلية لا تقرير الأصولال وإن لم يكن بد من أدنى عدول عن الأصل ضرورة امتناع الحكم ببقاء الطهورية في الماء والحدث في المتوضىء { وهو } أي التعارض فيالكتاب والسنة { أما بين آيتين أو قرائتين } في آية كقرأتي الجر والنصب في قوله تعالى وامسحوا برؤسكم وأرجلكم فإن الأولى يقتضي مسح الأرجل والثانية غسلها وما قيل أن المراد بالمسح في الرجل هو الغسل بقريننة قوله على الكعبين إذا المسح لا يضرب له غاية في الشرع فيكون من قبيل المشاكلة وفائدته التحذير عن الاسراف المنهي عنه فعطفت على الممسوح لا ليمسح لكن لينبه على وجوب الاقتصاد كانه قيل واغسلوا ارجلكم غسلا خفيفا شبيها بالمسح مردود بأن التثليث في غسل أعضاء الوضوء سنة والاسباع مستحب والقول بوجوب الاقتصاد على الوجه المذكور ينافي ذلك { أو نتين أو آية وسنة ومشهورة } أو متواترة { والمخلص إما من قبل الحكم أو المحل أو الزمان } فإنه أعتبر في التعارض الاتحاد في هذه الأشياء فالمخلص بأن يدفع الاتحاد في واحد منها { أما الأول } أي المخلص من قبل الحكم { فأما أن يوزع الحكم } بأن يجعل بعض أفراده ثابتا بأحد الدليلين وبعضه منفيا بالاخر { كقسمة المدعى بين المدعيين } بحجتها { أو بأن يحمل على تغاير الحكم } بأن يتبين مغايرة ما ثبت بأحد الدليلين لما انتفى بالاخر { كقوله تعالى لا يؤخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم وفي موضع آخر لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن بما عقدتم الايمان فكفارته الاية اللغو في الاية } الأولى { ضد كسب القلب } أي السهو بدليل اقترانه به فيها { و} اللغو { في } الآية { الثانية ضد العقد } بدليل اقترانه به فيها { والعقد قول يكون له حكم في المستقبل كالبيع ونحوه } قال الله تعالى يا أيها الذين آخنوا اوفوا بالعقود { فاللغو } في الآية الثانية { يشمل الغموس } إذ هو ما يخلوا عن الفائدة إذا فائدمة اليمين المشروعة تقيق البر والصدق لقوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا وقوله تعالى وإذا سمعوا اللغو { فأوجب عدم المؤاخذة في الغموس { و} الآية { الأولى تعتضي المؤاخذة فيه } لأنه من كسب القلب والمؤاخذة على كسب القلب ثابتة { فوقع التعارض } في الغموس { فجمعنا بينهما بأن المراد من المؤاخذة في الآية الأولى المؤاخذة في الآخرة بدليل اقترانه بكسب القلب وفي الثانية في الدنيا } أي بالكفارة أي لا يؤاخذكم الله بالكفارة في اللغو ويؤاخذكم بها في المعقودة ثم فسر الكفارة فقال { فكفارته إعام عشرة مساكين } وهذا تنبيه على طريق دفع المؤاخذة في الاخرة أي إذا حصل الاسم باليمين المعقد فوجه دفعه وستره إطعام عشرة مساكين ولما تغايرت المؤخذتان اندفع التعارض { والشافعي يحمل المؤاخذة في } الآية { الأولى على المؤاخذة في الثانية } أي في المؤاخذة في الدنيا { حتى أوجب الكفارة في الغموس } ويحمل { العقد في الثانية على كسب القلب } الذي ذكر في الآية الأولى حتى يكون اللغو هو عين اللغو المذكور في الآية الأولى وهو السهو ويكون العقد شاملا للغموس ويصير معنى الآيتين واحدا وهو نفي الكفارة عن اللغو وإثباتها على المعقودة والغموس وذلك لأن كسب القلب مفس والعقد بحمل فيحمل على المفسر ويندفع التعارض لكن ما قلنا أولى من هذا الان على ما قاله يلزم ان لا يكون العقد مجري على معناه الحقيقي من غير ضرورة بخلاف ما قلنا فإنه في عرف الشرع حقيقة في قول يكون له حكم في المستقبل وأيضا الدليل دال على المؤاخذة في الآية الأولى هي المؤاخذة الاخروية وهو اقترانها بكسب القلب إذا لاعبرة بالقصد وعدمه في المؤاخذة الدنيوية دل على هذا وجوب الكفارة في القتل خطأ وهو يحملها على المؤاخذة الدنيوية في الآيتين { قيل لا تعارض هنا واللغو في الصورتين واحد } وهو ضد الكسب } وهو السهو الخالي عن القصد وهذا ظاهر في الآية الأولى بدليل اقترانه بكسب القلب وكذا في الثانية { لأنه لا يليق من الشارع أن يقول لا يؤاخذكم بالغموس } الذي يدع الديار بلاقع بل اللايق أن يقول لا يؤاخذكم الله بالسهو كقوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } والمؤاخذة في الصورتين في الاخرة } لأن الاخرة دار الجزاء والمؤاخذة { لكن في الثانية سكت عن الغموس وذكر المنعقدة واللغو وقال الاثم الذي في ال منعقدة يستر بالكفارة لأن المراد المؤاخذة في الدنيا وهي الكفارة } فالاية الثانية دلت على عدم المؤاخذة في اليمين في السهو وعلى المؤاخذة في المنعقد ساكنة عن الغموس فالاية الأولى أوجبت المؤاخذة على الغموس والثانية لم يتعرض لها لا نفيا ولا إثباتا فاندفع التعارض وثبت الحكم على وفق مذهبنا { وأما الثاني } وهو المخلص من قبل المحل { فإن يحمل على تغاير المحل كقوله تعالى فلا تقربوهن حتى يطهرن بالتشديد والتخفيف فبالتخفيف يوجب المحل بعد الطهر قبل الاعتسال } المستفاد من الغاية { وبالتشديد يوجب الحرمة قبل الاعتسال فحملنا المخفف على العشرة والمشدد علىالأقل } وإنما لم يحمل على العكسس لانها إذا طهرت لاقل منها يحمل العود فلم يحصل الطهارة الكاملة فاحتيج إلى الاغتسال ليتأكد الطهارة { وأما الثالث } وهو المخلص من قبل الزمان { فإنه إذا كان صريح اختلاف الزمان يكون الثاني ناسخا لأول فكذا إذا كان دلالة كنصين أحدهما محرم والاخر مبيح يجعل المحرم ناسخا للمبيح لأن قبل البعثة كان الأصل الإباحة والمبيح ورد لإبقائه ثم المحرم نسخه ولو جعلنا على العكس } بأن جعلنا المحرم متقدما على المبيح { تكرر النسخ } إذا يكون المحرم ناسخا للإباحة الأصلية ثم المبيح يكون ناسخا للمحرم { وهو } أي التكرار المذكور { لا يثبت بالشك وفيه نظر لأن الإباحة الأصلية ليست حكما شرعيا فلا يكون الحرمة بعدها نسخا } وإنما تكون نسخا لو ورد في الزمان المتقدم دليل شرعي دال عليها وذلك غير مسلم { ولو قيل } بدل قوله ولو جعلنا على العكس تكرر النسخ { ولو جعلنا على العكس تكرر التبديل } أحدهما تبديل الإباحة لأصلية والثاني تبديل الحرمة { يندفع النظر } فتدبر قال فخر الاسلام هذا أي تكرر النسخ بناء على قول من جعل الإباحة اصلا ولنا نقول بهذا في الأصل الان البشر لم يترك سدى في شيء من الزمان وإنما هذا أي كون الإباحة أصلا بناء على زمان الفترة قبل شريعتنا فإن الإباحة كانت ظاهرة في الأشياء كلها بين الناس في زمان الفترة وذلك باق إلا أن يوجد المحرم وإنما كان كذلك لاختلال الشرائع في ذلك الزمان فلم يبق الاعتماد والوثوق على شيء منها وظهر الاباحة بمعنى عدم العقاب على الانتفاع به ما لم يوجد له محرم ولا مبيح واعلم أن الشيء الذي كان الانتفاع به ضروريا كالتنفس ونحوه فغير ممنوع غلا عند من جوز تكليف ما لا يطجلق وإن لم يكن ضروريا كأكل الفاكهة فإن لم يوجد له دليل المنع ولا دليل عدمه فحكمه الإباحة عند بعض المعتزلة وبعض الفقهاء من الحنفية والشافعية رحمها والحرمة عند ا لمعتزلة البغدادية وبعض الشيعة والتوقف عند الأشعري والصيرفي ومحل الخلاف الأفعال الاختيارية التي لا يقضي العقل فيها بحسن ولا قبح وأما التي يقضي فيها العقل فهي عندهم ينقسم إلى الواجب والمندوب والمخطور والمكروه والمباح وإذا تقرر هذا فيقال على المبيح إن أردت بالإباحة أن لا خرج في الفعل والترك فلا نزاع وإن أردت خطاب الشارع في الأزل بذلك فليس بمعلوم بل ليس بسمتقيم لأن الكلام فيما لا حكم فيه للعقل بحسن ولا قبح ويقال على المحرم إن أردت حكم الشارع بالحرمة في الأزل فغير معلوم إذا التقدير إنه لا محرم بل غير مستقيم لأن المفروض أنه لم يدرك بالعقل حسنه ولا قبحه وإن أردت العقاب على الانتفاع فباجطل لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فإنه يدل على نفي التعذيب قبل البعثة وأما الوقف فقد فسر تارة بعدم الحكم وأخرى بعدم العلم بالحكم إما بمعنى نفي التصديق بثبوت الحكم أي لا تدرك أن هناك حكما أم لا وإما بمعنى نفي تصور الحكم على التعيين مع التصديق يثبوت الحكم في الجملة أي لا تدرك أن الحكم خطرا وإباحة أما الأول فباطل لأنه جزم بعدم الحكم لا توقف وأيضا الحكم قديم عند الأشعري فلا يتصور عدمه وأما الثاني فرد بأنا نعلم قطعا أن الله تعالى في كل فعل حكما أما بالمنع أو بعدمه وأجيب بمنع ذلك ولا تناقض بين الحكم بالمنع والحكم بعدمه حتى يمتنع انتفاؤهما وإنما التناقض بين الحكم وعدم الحكم وهو لا يوجب الإباحة وأما الثالث فقيل أنه حق إذ التقدير أنه لا دليل من الشارع ولا مجال من العقل وهذا يساوي القول بالإباحة من جهة اتفاقهما على أنه لا عقاب على الفعل ولا على الترك فلا خلاف بينهما في المعنى وفيه نظر لأن مذهب التوقف هو أنه لا علم بالعقاب وعدمه وعدم القول بالعقاب أعم من القول بعدم العقاب فكيف يتساويان { ولقوله عم } عطف على قوله لأن قبل البعثة الخ { ما اجتمع الحلال والحرام } إلا قد غلب الحرام الحلال { أما إذا كان أحدهما } أي أحد النصين { مثبتا والاخر نافيا فإن كان النفي يعرف بالدليل كان مثل الاثبات وإن كان لا يعرف به بل يعرف بناء على العدم الأصلي فالمثبت أولى لما قلنا في المحرم والمبيح } فإنه لو جعل الثاني أولى يلزم تكرر التبديل بتغيير المثبت للنفي الأصلي ثم النافي للإثبات وأيضا المثبت مشتمل على زيادة علم ولأن ال مثبت مؤسس والنافي مؤكد والتأسيس أولى من التأكيد { وإن احتمل الوجهان } أي معرفة النفي بدليل ومعرفته بغير دليل بل بناء على العدم الأصلي { ينظر فيه } أي في ذلك النفي فإن تبين أنه بالدليل يكون كالاثبات وإن تبين أنه بناء على العدم الأصلي كان الإثبات أولى { فما روى أنه عم تزوج ميمونة رضيها فهو حلال مثبت وما روى أنه عم محرم ناف } هذا نظير النفي الذي يعرف بالدليل وذلك أن نكاح المحرم جائز عندنا تمسكا بالرواية الثانية خلافا للشافعي تمسكا بالرواية الأولى { فإنه اتفق } أي وقع الاتفاق بيننا وبين الخصم { على أنه لم يكن في الحل الأصلي } فيكون الخلاف في أنه عم كان في الإحرام أو في الحل الذي بعد الإحرام فمعنى أنه تزوجها في الإحرام أن الإحرام يتغير إلى الحل فالأول ناف والثاني مثبت { والإحرام حالة مخصوصة يدرك عيانا } فيكون كالإثبات { فكلاهما سواء فرجح بالراوي وراوي أنه محرم عبد الله بن عباس رضيهما ولا بعد له يزيد بن الأصم ونحوه } وهو راوي أنه حلال ثم ذكر نظير النفي الذي لا يكون بالدليل بقوله { ونحو اعتقت بريرة رضيها وزوجها حر مثبت واعتقت زوجها عبد ناف } لأن معناه أن رقبته لم تتغير بعد { وهذا ا لنفي إنما يعرف بظاهر الحال } لأنه لا يدرك عيانا بل بقاء على ما كان { فالمثبت أولى } فالأمة التي زوجها حر إن اعتقت يثبت لها خيار العتق عندنا خلافا للشافعي لترجيح روايتها إنها اعتقت وزوجها حر ثم ذكر نظير النفي الذي يحتمل الوجهان بقوله { وإذا أخبر بطهارة الماء ونجاسته فالطهارة وإن كان نفيا } ويدرك بظاهر الحال { لكنه مما يحتمل المعرفة بالدليل } بأن أخذا باناء طاهر من الماء الجاري ولم يغب عنه أصلا ولم يلاقه نجاسة فإن أخبر واحد بنجاسة الماء والآخر بطهارته { فيسأل فإن تبين وجه دليله كان كالإثبات وإلا } بل تمسك بالظاهر { فالنجاسة أولى وعلى هذا الأصل يتفرع الشهادة على النفي } يعني أن الشهادة على النفي إنما تقبل إذا كانت عن إحاطة علم به لأن الشهادة على مثل هذا النفي يعارض الشهادة على الإثبات ونقدم عليها فإن الشهادة على الإثبات وتقدم عليها فإن الشهادة على الإثبات مقدمة عليها ثم أن الشهادة على النفي الذي لم يحط به على الشاهد غير مقبولة أصلا لا أنها مرجوجة ساقطة في معارضة الشهادة على الاثبات { وأما في القياس } عطف على قوله وفي الكتاب والسنة { فلا يحمل } أحد القاسين إذا تعارضا { على النسخ } لأنه لا مدخل على الرأي في بيان انتهاء مدة الحكم { وقول الصحابي رضيهم فيما يدرك بالقياس كالقياس فيؤخذ بأيهما كان } من القياس ومن قول الصحابي رضيهم { بعد شهادة قلبه } وذلك لأن الحق واحد والمتعارضان لا يبقيان حجة في حق إصابة الحق ولقل المؤمنين نور يدرك به ما هو بط لا دليل عليه فيرجع إليه قال أبو الليس هذا عندنا وقال الشافعي يعمل بأيهما شاء من غير تحر ولهذا صار له في مسألة واحدة قولان وأقوال وأما القولان المرويان عن أصحابنا فأحدهما مرجوع عنه { ولا يسقطان بالتعارض كما يسقط النصان حتى يعمل بعده بظاهر الحال إذ في الأول إنما وقع التعارضص للجهل المحض بالنسخ منهما فلا يصح العمل بأحدهما مع الجهل وهنا ليس التعارض للجهل لأن المجتهد في كل واحد من الاجتهادين مصيب بالنظر إلى الدليل } ضرورة أن القياس دليل صحيح وضعه الشارع للعمل به { وإن لم يكن } مصيبا { بالنظر إلى المدلول } ضرورة أن الحق واحد لا غير { على ما يأتي فكل واحد } من القياسين { دليل له في حق العمل } وإن لم يكن دليلا في حق العلم وهذا بخلاف النصين فإن الحق فيهما واحد في حق العمل والعلم جميعا لجواز النسخ { فصل } { فيما يقع به الترجيح فعليك استخراجه من مباحث الكتاب والسنة متنا } المراد به ما يتضمنها من الأمر والنهي والعام والخاص ونحو ذلك كترجيح النص على الظاهر والمفسر على المجمل والمحكم على المفسر والحقيقة على المحاز والصريح على الكناية والعبارة على الاشارة والاشارة على الدلالة { وسندا } المراد به الاخبار عن طريق المتن من تواتر ومشهور واحاد مقبول أو مردود وترجيحه باعتبار الراوي كالترجيح بفقه الراوي وبكونه معروفا بالرواية باعتبار الرواية كترجيح المشهور على الاحاد وباعتبار المروي كترجيح المسموع من النبي عم على ما حيتمل السماع وباعتبار المروي عنه كترجيح ما لم يثبت انكاره لروايته على ما يثبت { وحكما } كترجيح الخطر على الإباحة { وامرا خارجا } كترجيح ما يوافق القياس على ما لا يوافقه ولكل من ذلك تفاصيل مذكورة في موضعها ومن مباحث { القياس } كترجيح ما عرف عليه الوصف فيه بالنص الصريح على ما عرف عليته بالايماء ثم في الايماء يترجح ما يفيد ظنا أغلب وأقرب إلى القطع على غيره وما عرف بالايماء مطلقا على ما عرف بالمنسابة لما فيه من الاختلاف ثم أن الراجح تأثير العين ثم النوع ثم الجنس القريب ثم الأقرب فالأقرب وإن اعتبار شأن الحكم لكونه المقصود أولى وأهم من اعتبار شأن العلة وعند التركيب ما يتركب من راجحين يقدم على المركب من مرجوحين أو مساو ومرجوح وفي المركبين اللذين يشتمل كل منهما على راجح ومرجوح يقدم ما يكون الراجح منه في جانب الحكم على ما يكون في جانب العلة وكل ذلك يظهر بالتأمل في المباحث السابقة إلا أنه جرت عادة القوم بذكر بعضها { والذي ذكروا في ترجيح القياس أربعة أمور الأول قوة الأثر } أي قوةالتأثير { كما مر في القياس والإستحسان وكما في مسألة طول الحرة } الحر الذي له طول الحرة لا يجوز له تزوج الأمة عند الشافعي { فإن الشافعي يقول برته فإنه مع غنية عنه كالذي تحته حرةقلنا هذا } أي نكاح الأمة مع طول الحرة { نكاح يملكح العبد بإذن مولاه إذ ادفع إليه مهرا يصلح للحرة والأمة وقال تزوج من شئت فيملكه الحر } قياسا على العلد { وهذا } القياس { أقوى أثرا } من قياس الشافعي { إذا زيادة محل حل العبد على حل الحر قلب المشروع } وعكس المعقول لأن ما يثبت بطريق الكرامة يزداد بزيادة الشرف وقد يقال أن هذا التضييق من باب الكرامة حيثمنع الشضريف من تزيج الخسيس مع ما فيه من منطنة الارقاق وكما جاز نكاح المجوسية للكافر دون المسلم وليس بشيء لأن رعاية الكرامة على هذا الوجه تؤدي إلى العود على موضعه بالنقض وهو أن يكون للعبد اتساع في الحل لا يكون للحر والاقاق ليس فوقالتضييع وهو جائز بالعزل بإذن الحر اتفاقا علىما نبه عليه المص بقوله { وتضييح الماء بالعزل بإذن الحرة يجوز } مع أنه إتلاف حقيقة { ولارقاق دونه } لأنه اتلاف حكما فيكون بالجواز أولى وهذه إشارة إلى أحد وجهي الضعف في قياس الشافعي ثم أشار على وجهه الآخر بقوله { ونكاح الأمة لمن له سرية جائز } عنده { مع وجود ما ذكر من العلة } وهي وصف إرقاق الماء مع الغنية عنه فهذا الوصف غير منعكس لوجوده هنا مع جوزا النكاح وفيه نظر لأن الحر لو كان قادرا على أن يشتري أمة لا يحل له نكاح الأمة عند الشافعي فكيف يحل له ذلك إذا كان له سرية أو أم أو ولد { وكما في نكاح الأمة الكتابية } عطف على قوله كما مر في القياس { فإنه يقول } الشافعي { الرق من الموانع } لأن له أثرا في تحريم النكاح في الحملة كما في نكاح الأمة على الحرة { وكذا الكفر } من الموانع كما في نكاح الحر بية للمسلم { فإذا اجتمعا } أي الكفر والرق { يصير كالكفر بلا كتاب } ويقوى المنع ككفر المجوسية { فلا يجوز للمسلم } نكاح الامة الكتابية قياسا على نكاح المجوسية والجامع الكفر كما ذكروعلى ما إذا كان تحته حرة قوله { ولأن الضرورة تندفع بإحلال الأمة المسلمة } إشارة إلىعلة الجامع في القياس الثاني والجامع ارقاق الماء مع الاستغناء عنه وعلته اندفاع الضرورة بإحلال الامة { وقلنا هو نكاح يملكه العبد المسلم فكذ ... ا الحر المسلم علىما مر } فيجوز عندنا نكاح الامة الكتبية للمسلم قياسا على العبد المسلم وعلى الحرة الكتابية { وأيضا هو } أي دين الكتابية { دين يصح مع للمسلم نكاح الحرة } التي هي على هذا ا لدين { فكذا } يصح للحر المسلم { نكاح الامة } التي هي على هذا الدين { فهذا } القياس { أقوى أثر إلا أن الرق منصف لا محرم } كالطلاق والعدة والقسم والحدود لأن الرقيق له شبه بالحيوان والجماد بواسطة الكفر فمن هذا الشبه قلنا أنه مال ثم له شبه بالحر من حيث الذات فأوجب هذان الشبهان التنصيف في استحقاق النعم التي يختص بالانسان { فطرف الرجال يقبل العدد } أي لما كان الرق منصفا وطرف الرجال يقبل التنصيف بالعدد اعتبر فيهم ذلك بأن يحل للحر أربع وللعبد ثنتان { لا طرف النساء } فإنه لا يقبل التنصيف بالعدد فيهم لأن المرأة لا يحل لها الا زوج واحد { فينصف باعتبار الأحوال فتحل الأمة } بالنكاح حال كونها { مقدمة على الر لا مأخرة } عنها فإنه حينئذ لا يصح نكاحها { وأما في } الأمة { المقارنة مع الحرة } في النكاح { فقد غلبت الحرمة } فلايصح أيضا نكاحها ولا يمكن هنا التنصيف بأن يقال لنكاح الامة حالتان حالة الانفراد عن الحرة وذلك بالسبق وحالة الانضمام وذلك بالمقارنة أو التأخير فحلت في إحدى الحالتين فقط تحقيقا للتنصيف لأن المقارنة والتآخير حالتان مختلفتان متعددتان حقيقة لا تصيران واحدة بمجرد التعبير عنهما بالانضمام فلا بد من القول بالتثليث والحاق المقارنة بالتأخير تغليبا للحرمة احتياطا { كما في الطلاق والقرء } التشبيه بالطلاق إنما هو في مجرد تكميل النصف بالواحد وجعل نصف الثلاثة إثنين لا واحدة تغليبا للحرمةاحتياطا لأن الحل كان ثابتا بيقين فلا يزول الا بعد التيقن بنصف التطليقات الثلاث وذلك في الثنتين دون الواحدة وليس التشبيه في جعل طلاقه الامة ثنتين تغليبا للحرمةحتى يرد الاعتراض بأن هذا تغليب للحل دون الحرمة { وكما في مسح الرأس } عطف على قوله وكما في نكاح الامة الكتابية { أن المسح في التخفيف أقوى أثرا من الركن في التثليث } وذلك لأن الاكتفاء بالمسح خصوصا مسح بعض المحل مع إمكان الغسل ومسح الكل ليس إلا للتخفيف وأما التثليث فقد يوجد بدون الركن كما في المضمضة والاستنشاق وبالعكس كما في أركان الصلاة { و} الامر { الثاني } من ترجيح القياس { قوة ثباته } أي ثبات الوصف { على الحكم والمراد منه كثرة اعتبار الشارع هذا الوصف في هذا الحكم كالمسح في التخفيف في كل تطهير غير معقول كالتيمم ومسح الخف والجبيرة والجورب بخلاف الركن فإن الركنية لا توجب التكرار كما في أركان الصلاة بل يوجب الاكمال ونحن نقول به } أي بالاكمال وهو الاستيعاب { وكقولنا في صوم رمضان أنه متعين فلا يجب التغيين في هذا الوصف اعتبره الشارع في الودائع والغصوب } فإنه لا يجب عليه أن يعين أن هذا الرد رد الوديعة أو رد المغصوب { وفي رد المبيع بيعا فاسدا والايمان } أن البر واجب عليه متعينا فلا يجب عليه التعيين أنه فعله لأجل البر { ونحوها } كتصدق النصاب علىالفقير بدونه نية الزكاة وكاطلاق النية في الحج { وكمنافع الغصب فإنه } أي الشافعي { يقول ما يضمن بالعقد يضمن بالاتلاف تحقيقا للجبر بالمثل تقريبا } وذلك لأن المنفعة مال كالعين { وإن كان فيه } أي في المثل تقريبا { فضل } وهو الضمان { فهو على المتعدي } لئلا يلزم إهدار حق المظلوم اللازم على تقدير عدم وجوب الضمان { ولأن إهدار الوصف أسهل من إهدار الأصل } يعني إن أوجب الضمان لا يلزم الا اهدار كون المماثلة تامة وإن لم يوجب الضمان لزم إهدار حق المغصوب منه في المثل بالكلية في الأصل والوصف والأول أسهل من هذا { قلنا التقييد بالمثل واجب في كل باب } من المعاملات والعبادات { كالأموال كلها والصلاة والصوم ونحوهما ووضع الضمان في المعصوم } أي عدم إيجاب الضمان في إتلاف المال المعصوم { جائز في الجملة } كاتلاف العادل مال الباغي والحربي مال المسلم { والفضل على المتعدي غيرمشروع أصلا } لقوله تعالى فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم { ويلزم منه } أي من الفضل على المتعدي { نسبة الجور ابتداء } أي بلا واسطة فعل العبد { إلى صاحب الشرع } واحترز بقوله ابتداء عن إيجاتب القيمة فيما لا مثل له لأن الواجب فيه قيمة عدل وهو معلوم الله تعالى والتفات إنما يقع لعجزنا عن معرفة ذلك الواجب فإن وقع فيه جور فهو منسوب إلى العبد بخلاف هذه المسألة فإن التفاوت فيها في نفس ذلك الواجب لأن المال المتقوم لا يماثل المنفعة فلو وجب يكون التفاوت مضافا إلى الشارع وذا لا يجوز { أما عدم الضمان } إن قلنا به { فمضاف إلى عجزنا عن الدرك } أي درك المثل فإن وقع جور يكون منسوبا إلينا لا إلى الشارع فهذا أولى ثم أجاب عن قوله ولأن إهدا الوصف إلى آخره بقوله { ولأن الوصف } وهو كون ال مماثلة تامة { وإن قل فائت } على تقدير وجوبالضمان { أصلا بلا بدل والأصل } وهو حق المغصوب منه في المثل { وإن عظم فائت إلى ضمان } يصل إليه { في دار الجزاء فكان هذا } الفوت { تأخيرا والأول } وهو فوت الوصف { إبطالا } والتأخير أولى من الإبطال ثم أجاب عن قياس الشافعي وهو قوله ما يضمن بالعقد يضمن بالاتلاف بقوله { وضمان العقد قد ثبت بالتراضي مع عدم المماثلة } فقياينا وهو أن التقييد بالمثل واجب في غصب ا لمنافع كما في سائر العدوانات لكن رعاية المثل غير ممكن في المنافع فلا يجب راجح على قياسه لكثرة اعتبار الشارع المماثلة في جميع صور قضاء الصلوات والصوم ونحوهما في جميع العدوانات { والثالث كثرة الأصول } التي يوجبد فيها حنس الوصف أو نوعه كتأثير وصف المسح في التخفيف يوجد في التيمم ومسح الخف والحبيرة فيرجح على تأثير وصف الركنية في التثليث لأنه في الغسل فقط { وهو قريب من الثاني } لأن قوة ثبات الوصف على الحكم يكون بلزومه له بأن يوجد في صرةكثيرة بل الثلاثة راجعة على قوة التأثير في الحقيقة لكن شدةالأثر باعتبار الوصف وقوة الثبات باعتبار الحكم وكثرة الأصول باعتبار الأصل فلا اختلاف بينهما إلا بحسب الاعتبار { والرابع وهوالعكس } أي العدم { عند العدم } أي عدم الحكم في جميع صور عدم الوصف يسمى لازم العكس المتعارف عكسا وذلك لأن العكس هو جعل المحكوم به محكوما عليه فعكس قولنا كلما وجد الوصف انتفى الحكم لازم لقولنا كلما وجد الحكم وجد الوصف وقولنا كلما انتفى الوصف انتفى الحكم لازم لقولنا كلما وجد الحكم وجد الوصف لان انتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزوم { كقولنا مسح } أي مسح الرأس مسح فلا يسن تكراره كمسح الخف { فإنه منعكس } فإن كل ما ليس بمسح فإنه يسن تكراره { بخلاف قوله ركن لأن المضمضة متكررة وليست بركن } أي مسح الرأس ركن وكل ما هو ركن يسن تكراره كسائر الاركان فإنه غير منعكس لأن عكسه إن كل ما هو ليس بركن لا يسن تكراره وهذا غيرصادق لأن المضمضة والاستنشاق ليسا بركنين ومع ذلك يسن تكرارهما { وكقولنا في بيع الطعام بالطعام مبيع عين } وكل مبيع عين { لا يشترط قبض بدله } كما في سائر المبيعات المتعينة { وينعكس ببدل الصرف والسلم فإن كل مبيع غير عين يشترط قبض بدله كما في الصرف والسلم } إنما قال قبض بدله دون قبضه لأن المبيع في السلم وهو المسلم فيه غير مقبوض والمقبوض وهو رأس المال غير مبيع { فإنه أولى من قوله كل منهما } أي من الطعامين { مال لو قوبل بجنسه حرم ربا الفضل } وكل مال لو قوبل بجنسه حرم ربا الفضل فإنه يشترط قبضه { فإنه لا ينعكس لاشتراط قبض رأس مال السلم غير الربوي } كالثياب فعكس القضية المذكورة وهو كل مال لو قوبل بجنسه لا يحرم ربا الفضل فإنه لا يشترط قبضه غيرصحيح في هذه الصورة وهذا العكس أضعف وجوه الترجيح أما إنه من وجوهه فلانه إذا وجد وصفان مؤثراان أحدهما بحيث يعدم الحكم عند عدمه فإن الظن بعليته أغلب من الظن بعلية ما ليس كذلك وأما أنه أضعف فلان المعتبر فيالعلية التأثير ولا عبرة للعدم عند عدم الوصف لأن الحكم قد يثبت بعلل شتى فما يرجع إلى تاثير العلل وهو الثلاثة الأول أقوى من العدم عند العدم { مسألة } { إذا تعارض وجوه الترجيح فما كان بالذات أولى مما كان بالحال أي الترجيح بالوصف الذاتي أولى منه بالوصف العرضي } والذاتي ما يقوم باشيء بحسب ذاته أو بحسب بعض أجزائه والعرضي ما يقوم باشيء بحسب أمر خارج عنه { كما تعارض جهةالفساد والصحة في صوم رمضان لم يبيته } أي لم ينو الصوم من الليل فإنه لا يصح الصوم عند اشافعي ويصح عندنا وذلك أن بعض الصوم وقع فاسدا لعدم النية فإنه لا عبادة بدونها والبعض وقع صحيحا لوجودها لكن الصوم لا يتجزىفإما أن يفسد الكل أو يصح الكل فلا بد من ترجيح أحدهما على الاخر { وهو ترجيح الفساد بكونه عبادة } وكل عبادة مفتقرة إلى ا لنية وهو وصف عارض لأن الامساك من حيث الذات ليس بعبادة بل صار عبادة بجعل الله تعالى { ونحن نرجح الصحة بكون النية في أكثر اليوم والترجيح بالكثرة ترجيح بالذاتي وذلك } أي الترجيح بوصفالعبادة { ترجيح عرضي وذكروا له أمثلة أخرى وفيما ذكرناه كفاية { فصل } { ومن التراجيح الفاسدة الترجيح بغلبة الاشتباه كقوله } أي قول الشافعي في أن الاخ المشتري لا يعتق { الاخ يشبه الولد بوجه وهو المحرمية } ويشبه { ابن العم بوجوه كحل الزكاة وحل زوجته وقبول الشهادة ووجوب القصاص وهذا باطل لأن المشابهة في وصف واحد مؤثر في الحكم المطلوب أقوى منها } أي من المشابهة { في ألف وصف غير مؤثر ومنها الترجيح بكون الوصف } أعم لزيادة فادته { كالطعم فإنه فإنه يشمل القليل والكثير ولا اعتبار لهذا } أي لعموم الوصف { إذا الترجيح بالقوة وهو التأثير لا بصورته } بأن يتكثر محال الوصف { ومنها الترجيح بقلة الاجزاء فإن علة ذات جزئين أولى من ذات أجزاء } وما لا جزء له أولى من ذات جزء بحكم الدلالة { ولا أثر لهذا لما ذكرنا } وفيه نظر لأن المراد بعدم التأير للأكثر والأعم والأوسط أن كان عدم التأثير مطلقا فلا خلاف في أنه يقدم المؤثر وإن عدم التأثير كالاخر فلاثم أنه لا يجوز ترجيحه بما يفيد زيادة ظن { مسألة } { يرجح بكثرة الدليل عند البعض لغلبة الظن } أي لاجل حصول غلبة الظن بالحكم { بها } أي بسبب كثرة الدليل { ولأن ترك الأقل أسهل من تركوالكل أو الأكثر } ولا يمكن أن يجعل الجمع بينهما لامتناع اجتماع الضدين ولا ترك الجميع لأن ترك الدليل خلاف الأصل فترك الأقل { لا عند أبي حنيفة وأبي يوسف لهما إن كل دليل مع قطع النظر عن غيره مؤثر فوجود الغير وعدمه سواء } لأن تقوى الشيء إنما يكن يوصف يوجد فيه ويكون تبعا له وأما المستقل فلا يحصل للغير قوة بانضمامه إليه بل يكون كل منها معارضا للدليل الموجب للحكم على خلافه فيستاقط الكل بالتعارض ولقائل أن يقول سلمنا أن الترجيح بالقوة لكن لا ثم أنه لا يحصل للدليل بانضمام الغير إليه وصف يتقوى له وهو كونه موافقا للدليل الاخر وموجبا لزيادة الظن { وأيضا لهما القياس على الشهادة فإنه لا ترجيح بكثرة الشهود وإجماعا و} أيضا { لهما الاجماع على عدم ترجيح ابن عم هو زوج أو اخ لام في التعصب } فإنه لا يرجح بحيث يستحق جميع المال { على ابن عم ليس كذلك بل يستحق بكل سبب على انفراده } ولو كان الترجيح بكثرة الدليل ثابتا واللازم منتف { اخلافا لابن مسعود رضيه في الأخير } أي في ابن عم هو أخ لام فإنه راجح عنده على ابن عم ليس كذلك فيستحق جميع الميراث ويحجب الآخر { بخلاف الاخ لأب وام فإنه يرجح على الأخ لأب بالأخوة لأم لأن هذه الجهة } أي جهة الاخوة لأم { تابعة لأولى } أي للأخوة لأب { لأن الحيز } أي تحيز القرابة { متحد } لأن الأخوة لأب والأخوة لأم كل منهما أخوة { فيحصل بهما } أي بالأخوة لأب والأخوة لأم { هيئة اجتماعية بخلاف الأولين } فيصير مجموع الاخوتين قرابة واحدة قوية فيرجح على الأضعف { فلا يرجح بكثرة الرواة ما لم يبلغ حد الشهرة فإنه } أي حين يبلغ حد الشهرة { يحصل هيئة اجتماعية } ويكون الحكم منوطا بالمجموع من نحيث المعنى فهي وصف واحد قوي الأثر فكانت صالحة للترجيح لأن المرجح هو القوة لا الكثرة وإن كانت القوة حاصلة من الكثرة فيعتبر هذه الكثرة المتأدية إلى هذه الهيئة وأما إذا لم يؤد إليها فلا تعتبر وذلك في كل موضع لا يحصل بالكثرة هيئة اجتماعية ويكون الحكم منوطا بكل واحد منهما لا بالمجموع فكثرة الاجزاء توجب القوة لا كثرة الجزئيات واعتبر ذلك بالشاهد كحمل الاثقال والحروب فإن الأكثر راجح على الأقل بخلاف المضارعة فإن الكثير لا يغلب القليل فيها بل واحد قوي يغلب الالاف من الضعاف فكثرة الأصول من قبيل الأول ولانها دليل قوة تأثير الوصف فهي راجعة إلى القوة كترجيح الصحة على الفساد بالكثرة في صوم مبيت لا بكل واحد من الاجزاء وكثرة الأدلة من قبيل الثاني لأن كل دليل هو مؤثر في نفسه بلا مدخل لوجود الاخر اصلا { و} لا يرجح { القياس بقياس آخر } يوافقه في الحكم لا في العلة ليكون من كثرة الأدلة لأنه لو وافقه في العلة كان من كثرة الأصول لأنه في العلة ليكون من كثرة الأدلة لأنه لو وافقه في العلة كان من كثرة الأصلو لأنه لا يتحقق تعدد القياس حقيقة الابتعاد العلة لأن نحقيقته ومعناه الذي يصير فيه حجة هي العلة لا الاصل فحينئذ لا يكون هناك قياسان بل قياس واحد مع كثرة الأصول وها يص3لح للترجيح مثاله علة الربا عند الشافعي رحمه الطعم وعند مالك الطعم مع الادخار وكل واحد من العلتين المتغايرتين توجب حرمة بيع الحفنة بالحفنتين { ولا } يرح { الحديث بحديث آخر وعلى هذا } الذي ذكرنا من أن كل ما يصلح د=ليلا مستقلا على الحكم لا يصلح مرجحا لاحد الدليلين { كل ما يصلح علة لا يصلح مرجحا } لأنه لاستقلاله لا ينضم إلى الآخر ولا يتحد به ليفيد القوة ثم بين ذلك في العلل الحسية لاحكام الشرعية التي وقع الاجماع على عدم الترجيح بكثرة العلة بقوله { وكذا إذا جرح أحدهما جراحة واحدة والاخر عشرا } أي عشر جراحات على مجروح واحد مات { فالدية نصفان } بينهما ولا يوزع الدية على الجراحات { وكذا الشفيعان بشقصين متفاوتين والشافعي لا يرجح صاحب الكثير أيضا } بمعنى أن يكون هو ا لمستحق دون الاخر { ولكن يقسم بقدر الملك لأن الشفعة من مرافقه } أي منافعة { كالثمرة والولد فنقول حكم العلة لا يتوله منها ولا ينقسم عليها } لأن المراد هنا بالعلة العلة الفاعلية والدار المشفوعة علة فاعلية يثبت بها الشفعة لا علةمادية يتولد منها المعلول بمنزلة الشجر والحيوان وتأثير العلة الفاعلية في المعلول ليس بطريق التولد بل بإيجاد الله تعالى إياه عقيبه فلا يكون ترتب استحقاق الشفعة على الملك كترتب الثمر على الشجر والولد على الحيوان { باب الاحتهاد } هو في اللغة استفراغ الجهد في أمر من الأمور ولا يستعمل إلا فيما فيه كلفة ولهذا يقال اجتهد في نحمل الحجر ولا يقال اجتهد في حمل الحزدلة واصطلاحا استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي { يتنوع إلى استدلال ظني } إنما قيد به لأن الاستدلال في المسائل الفقهية قد يكون قعيا كما في صورة الاقتضاء والضرورة { وقياسي } لأنه لا يخلوا من أن يكون في مرود النص أو في غيره والأول استدلال ظني والثاني قياسي { فبينه } أي بين القياس { وبين الاجتهاد عموم وخصوص } وهذا مما اشتبه على كثير من مهرة هذا الفن { وشرطه } أي شرط الاجتهاد { أن يحوي علم كثير من مهرة هذا الفن { وشرطه } أي شرط الاجتهاد { أن يحوي علم ما يتعلق بالاحكام من الكتاب والسنة بمعانيها } المعتبر هو العلم بمواقعها بحيث يتمكن من الرجوع اليها عند الطلب للحكم لا الحفظ عن ظهر القلب { لغة } بأن يعرف معاني المفردات والمركبات وخواصها في الافادة { وشرعا } بأن يعرف المنقولات الشرعية { وأقسامه المذكورة } في التقسيمات الأربعة { وعلمها } أي علم السنة { متنا } وهو نفس السنة والمقصود معرفة أقسامها من القولية والفعلية والتقريرية { وسندا } وهو طريق وصولها إلينا وفي ذلك معرفة ما يتعلق بالراوي { ووجوه القياس كما ذكرنا } بشرائطها وأحكامها وأقسامها والمقبول منها والمردود ليتمكن من الاستنباط الصحيح ويتضشمن ذلك معرفة مواقع الاجماع فإن القياس المخالف له مردود { وحكمه } أي أثره الثابت به { غلبة الظن } بالحكم فلا يجدي فيما يجب فيه الاعتقاد الجازم { مع احتمال الخطأ فالمجتهد عندنا يخطىء ويصيب وعند المعتزلة كل مجتهد مصيب وهذا } الاختلاف { بناء على أن عندنا في كل حادثة حكما معينا عند الله تعالى وعندهم الابل الحكم ما أدى إليه اجتهاد كل مجتهد فإذا اجتهدوا في كل حادثة } وأدى اجتهاد هذا إلى خلاف ما أدى إليه اجتهاد ذلك { فالحكم عند الله تعالى في حق كل واحد } ومن قلده { مجتهده لهم أن المجتهدين كلفوا بإصابة الحق ولولا تعدده يلزم التكليف بما ليس في وسعهم } لأن التكليف بالاجتهاد تكليف بإصابة الحق وليس في وسع المجتهد إلا الإصابة بما أدى إليه اجتهاده ولو كان الحق وراء ذلك لكان مكلفا بما ليس في وسعه { وهذا } أي اجتهاد المجتهد في الحكم { كالاجتهاد في أمر القبلة } والحق فيه متعدد بالاتفاق فكذا ههنا { فإن القبلة جهة التحري حتى أن المخطىء يخرج عن العهدة } أي عند عهدة الصلاة ولما استشعر أن يقال تعدد الحق يستلزم اتصاف فعل واحد بالمتنافيين كالوجوب وعدمه وهو محال تدارك دفعه بقوله { واختلاف الحكم بالنسبة إلى قومين جائز } بأن يكون الشيء واجبا على مجتهد والمقلدين له وغير واجب على آخر والمقلدين له { كما كان في إرسال رسولين إلى قومين } مع اختصاص كل منهما بأحكام { ثم اختلفوا } أي القائلون بحقية الجميع { فقال بعضهم يتساوى الحقوق } في الحقية { لأن دليل ا لتعدد لا يستلزم التفاوت بين الحكمين } وفيه نظر لأنه يجوز أن يثبت التفاوت بدليل آخر { وعند بعضهم واحد منها أحق لأنها } أي لأن الأحكام ا لاجتهادية { لواستوت لأصيب } بمجرد اختيار الحكم بأدنى دليل { من غير مبالغة في الاجتهاد } قال في التقويم لو تساوت الحقوق لبطل مراتب الفقهاء وتساوى الباذل كل جهة في الطلب ومن اختيار الحكم بأدنى طلب وبهذا التقرير اندفع ما قيل قبل الاجتهاد لا يعلم أن جميع الاجتهادات يتفق على شيء واحد فيكون الحق واحدا أو يختلف فيكون الحق متعددا إذا ليس كل مسألة اجتهادية مما يتعدد فيه الحق بل قد يجتمع الاراء على حكم واحد فيكون الحق واحد مجمعا عليه { ولنا قوله تعالى ففهمناها سليمان } ولو كان من الاجتهادين حقا لم يكن لتخصيص سليمان عم بالذكر جهة وفيه نظر لأن المعنى ففهمناها أي الفتوى والحكومة التي هو أحق وأفضل ويدل على ذلك قوله تعالى وكلا أتيناه حكما وعلما { وقوله عم إن أصبت فلك عشر حسنات وإن أخطأت فلك حسنة وفي حديث آخر جعل للمصيب أجرين وللمخطى واحدا } إذ لا تنصيص بتساوي الأجرين فلا مخالفة بين الديثين احفظ هذه الدقيقة فإن لها شأن { وقال اني مسعود رضيه إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان } وغيرها من الأحاديث والاثار الدالة على ترديد الاجتهاد بين الصواب والخطأ وهي وإن كانت من الاحاد الا أنها متواترة من جهة المعنى وإلا لم يصلح للاستدلال على الأصول ثم أشار إلى الاستدلال بدلالة الاجماع بقوله { ولأن الثابت بالقياس ثابت بمعنى النص } لأن القياس مظهر لا مثبت { وإن ورد نصان صيغة في حادثة لا يتعدد الحق } لأنه لا تعارض في أدلة الشرع فيكون أحدهما منسوخا والاخر ناسخا { اتفاقا فيكف } يتعدد الحق { إذا وردا معنى } إذ دلالتهما معنى لا تزيد على دلالتهما صريحا ولو وجد دلالتهما صريحا لا يكون مدلول كل منهما حقا فكذا إذا وجد دلالتهما معنى بالطريق الأولى ثم أشار إلى المعقول بقوله { ولأن الجمع بين الحضر والاباحة ممتنع } لاستلزامه اتصاف الشيء بالنقيضين والممتنع لا يكون حكما شرعيا { عند اتحاد المحل وهو لازم في شريعتنا } لأنه عم مبعوث إلى الناس كافة داع لهم إلى الحق بصريح النصوص أو معناها من غير تفرقة بين الاشخاص لدخولهم في العمومات نعلى السواء ثم أجاب عن تمسكهم بقوله { والتكليف بالاجتهاد يفيد لأنه إذا أخطجأ فهو مصيب نظرا إلى الدليل } وإلى رعاية شرائطه بقدر الوسع وله الأجر وعليه وجوب العمل بموجبه سواء أدى اجتهاده إلى ما هو حق عند الله تعالى أو خطأ فلا يلزم عبث { وأما مسألة القبلة فليس التحري فيها لاصابة جهة البيت بل لأن القبلة في حق من وجب عليه التحري } وهو الذي اشتبه عليه جهة الكعبة وليس عنده من يعرفها { جهة تحريه } يدل على ذلك أنه لو أصاب الجهة بلا تحر وعلمها في الصلاة لا تصح صلاته ولو أخطأ بعد التحري تصح { فليست بنظيرة لما نحن فيه وأما فساد صلاة من خالف الامام عالما حالة فلانه ينافي الاقتداء به } وبناء صلاته على صلواته فلا دلالة فيه على أحد المذهبين { ثم اختل علمائنا في المخطىء فعند البعض هو مخطىء ابتداء وانتهاء } أي بالنظر إلى الدليل في الابتداء { وبالنظر إلى الحكم } في الانتهاء { لما روينا من إطلاق الخطأ في الحديث } ومن حكم المطلق أن ينصرف إلى الكامل وهو الخطأ ابتداء وانتهاء وفيه نظر { ولقوله عم في أسارى بدر حين نزول لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم لو نزل بنا عذاب ما بخا إلا عمر } فدل هذا الحديث على أن المخطىء مخطىء ابتداء وانتهاء لأن المجتهد لو كان مصيبا من وجه لما كان مستحقا لنزول العذاب { وعند البعض مصيب ابتداء مخطىء انتهاء وهذا ما قال أبو حنيفة كل مجتهد مصيب والحق عن د الله تعالى واحد } فإن قوله بوحدة الحق دل على أن مراده من الاصابة في حق كل مجتهد الاصابة بالنظر إلى الدليل بمعنى أنه قد أقام الدليل كما هو حقه مستجمعا شرائطه وأركانه فيكون له إتيان بما كلف به من الاعتبار وليس في وسعه إقامة البرهان القطعي في الشرعيات حتى يكون مدلوله قطعيا { لقوله تعالى ففهمناها سليمان الاية سمى عمل كليهما حكما وعلما } ولو كان خطأ من كل وجه لما كان حكما وعلما بل ظلما وجهلا { لكن سليمان عم خص بإصابة الحق } وقد مر ما فيه من موضع النظر فتذكر { وتشطير الاجر } لم يقل وتنصيف الاجر لما عرفت فيما تقدم أ، أجر المخطىء ليس نصف أجر المصيب بل عشرة { يدل على هذا أيضا } أي على أنه مصيب من ودهدون وجه فإن الثواب إنما يكون على الصواب ولقائل أن يقول لاثم ذلك بل للمخطىء أجرا على كدة فيالاجتهاد { وأما قوله تعالى لولا كتاب من الله سبق فإن الحكم في الأسارى من قبل كان إما القتل أو المن فرخص النبي عم بالفداء أيضا فلولا الكتاب السابق بإباحة الفداء وهو الرخصة لمسكم العذاب على ترك العزيمة } وهي القتل أو المن فنزول العذاب كان واجبا على ترك العزيمة على تقدير عدم سبق الكتاب بالرخصة فالمعنى انتفى العذاب بترك العزيمة لسبق الكتاب بالرخصة فلا دلالة فيه على استحقاق العذاب بالخطأ في الاجتهاد { والمخطىء في الاجتهاد لا يعاتب } ولا ينسب إلى الضلال بل يكون معذورا ومأجورا { الا أن يكون طريق الصواب تبينا } فيكون الخطأ لتقصير من المجتهد فيعاتب وأما المخطىء في الأصول والعقائد فيعاقب بل يكفر أو يضلل لأن الحق فيها واحدا جماعا والمطلوب هو ا ليقين الحاصل بالادلة القطعية { القسم الثاني من الكتاب في الحكم ويفتقر إلى الحاكم وهو الله تعالى لا العقل على ما مر في باب الأمر } أما الحكم الذي أصاب فيه المجتهد فكونه منسوبا غلىالله تعالى ظاهر وكذا الذي أخطأ فيه منسوب إلى الله تعالى فإنه لما كان المجتهد ومن قلده مأمورين به كان ذلك الحكم بهذه الاعتبار منسوبا إليه تعالى { والمحكموم به وهو فعل المكلف والمحكوم عليه وهو المكلف } ليس المراد من المحكوم عليه والمحكوم به طرفي الحكم على ما هو المصطلح في المنطق بل من وقع الخطاب له وما تعلق به الخطاب كما يقال حكم القاضي على زيد بكذا { ونورد الأبحاث على ثلاثة أبواب باب في الحكم وهو قسمان أما أن يكون حكما يتعلق شيء بشيء آخر أو يكون } والمراد تعلق زايد علىالتعلق بالحاكم والمحكوم عليه والمحكوم به والا فالتعلق بهما حاصل في جميع الاحكام { كالحكم بأ، هذا علة له إن كان مؤثرا أو شرط له إن كان الشيء متوقفا عليه { أما القسم الأول فإ/ا أن يكون صفة لفعل المكلف أو أثرا له الثاني كالملك } فإن الملك أثر الفعل المكلف { وما يتعلق به } كملك المتعة في النكاح وملك المنفعة في الاجارة وثبوت الدين في الذمة وإنما جعل الملك حكما مع أن الحكم هو الخطاب أو الأثر الثابت به على ما سبق ذكره لأن ثبوت الملك لم كان بحسب وضع الشارع جعل الملك حكم الله الثابت بخطابه { والأول إما أن يعتبر فيه } أي في مفهومه وتعريفه { المقاصد الدنيوية اعتبارا أوليا } فإن صحة العبادة كونها بحيث توجب تفريغ الذمة فالمعتبر في مفهومها اعتبارا أوليا إنما هو المقصود الدنيوي وهو تفريغ الذمة وإن كان يتبعها الثواب مثلا { أو } يعتبر فيه المقاصد { الاخروية } كالوجوب وهو كون الفعل بحيث لو أتى به يثاب ولو ترك يعاقب فالمعتبر في مفهومه اعتبارا أوليا هو المقصود الاخروي وإن كان يتبعه المقصود الدنيوي كتفريغ الذمة { أ/ا الأول } وهو الذي يعتبر فيه المقاصد الدنيوية { فالمقصود الدنيوي في العبادات تفريغ الذمة في المعاملات الاختصاصات الشرعية } أي الاغراض المرتبة على القعود والفسوخ كملك الرقبة في البيع وملك المتعة في النكاح وملك المنفعة في الاجارة والبينونة في ال طلاق { فكون الفعل موصلا إلى المقصود الدنيوي يسمى صحة } لا يقال البيع الفاسد يوجب الملك بعد القبض فينبغي أن يكون صحيحا بل نافذا لترتب الأثر عليه لأن الأثر المقصود من البيع الملك المباح وما يثبت بالبيع الفاسد إنما هو الملك المخطور { وكونه بحيث لا يوصل إليه أصلا } بأن يكون عدم إيصاله إليه من جهة خلل في أركانه وشرائطه { يسمى بطلانا وكونه بحيث يقتضي أركانه وشرائطه الايصال إليه لا أوصافه الخارجية يسمى فسادا } فالمتصق بالصحة والفساد حقيقة هو الفعل لا نفس الحكم وإنما يطلق عليهما لفظ الحكم لثبوتهما بخطاب الشرع { ثم في المعاملات أحكام آخر منها الانعقاد وهو ارتباط أجزاء التصرف شرعا } أي ارتباط الايجاب والقبول { فالبيع الفاسد منعقد لا صحيح ثم النفاذ ترتب الأثر عليه كالملك فبيع الفضولي منعقد لا نافذ ثم اللزوم كونه بحيث لا يمكن رفعه فالنافذ أعم } من اللازم والصحيح أعم من النافذ والمنعقد أعم من الصحيح { وأما الثاني } أي ما يعتبر فيه المقاصد الاخروية { فإما أن يكون حكما أصليا } أي غير مبني على أعذا العباد { أو لا يكون أما الأول } وهو الحكم الأصلي { فإن كان الفعل أولى من الترك مع منعه } أي مع منع الترك { وإن كان هذا } أي كون الفعل أولى من الترك مع منع الترك { بدليل قطعي فالفعل فرض } أعلم أن الفرض على نوعين أصلي كقراءة مقدار ثلث آيات في الصلاة وملحق به كالزيادة عليهوالحد المذكور إنما هو للأول وأما الثاني فيشارك النفل في الحكم فتأمل { وبظني واجب } وعلىهذا يدخل الفرض الاجتهادي في حد الواجب { وبلا منعه فإن كان الفعل مما واظب عليه الرسول عم والخلفاء الراشدين من بعده } كالتراويح { فسنة } السنة بهذا المعنى هي الواسطة بين الواجب والمندوب وأما السنة بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين فيعمم تلك الواسطة وغيرها { وإلا فمندوب أ, نفل } والفرق بينهما أن الثاني يجامع الكراهة دون الأول { وإن كان على العكس } أي إن كان الترك أولى من الفعل { مع منع الفعل فحرام } وعلى هذا يدخل في حد المكروه كراهة تحريم ثم أن المنع المذكور قد يتخلف عن الحرام كما إذا ورد فيه الرخصة { ولامنعه فمكروه } أي كراهة تنزيه { وإن استويا فمباح } فهو أخص من الحلال لأن الحلال يجامع الكراهة دون الاباحة ومقابله المحظور وهو أعم من مقابل ا لحلال وهو الحرام لصدقه على المكروه كراهة تنزيه دون الحرام { فالفرض لازم عملا وعلما } لثبوته بدليل ظني { فلا يكفر جاحده بل يفسق إن استخف بدليله وإما إن كان مأولا فلا يفسق ولا يضلل } لأن التأويل في مضائه من سيرة السلف { ويعاقب } أي يستحق العقاب { تاركها } أي تارك الفرض والواجب { والشافعي لا يقول بالفرق بين لفظين الفرض والواجب في المعنى المنقول إليه } لا نزاع له في تفاوت مفهوميهما لغة ولا فيتفاوت ما ثبت بدليل قطعي كمحكم كتاب الله تعالى وبما ثبت بدليل ظني كمحكم خبر الواحد في الشرع وإنما يزعم أن الفرض والواجب لفظان مترادفان منقولان من معناهما اللغوي إلى معنى واحد هو ما يمدح فاعله ويذم تاركه شرعا سواء ثبت ذلك بدليل قطعي أو ظني فالنزاع لفظي { وقد يطلق الواجب عندنا على المعنى الأعم } من الفرض والواجب أيضا وهو أن يكون الفعل أولى من الترك مع منع الترك أعم من أن يكون هذه ا لمعنى بقطعي أو ظني { فيقال الزكاة واجبة وقد يطلق الفرض علىماثبت بظني } نحو الوتر فرض وتعديل الأركان فرض أيضا وكل من الاطلاقين شائع مستفيض { والسنة نوعان سنة الهدى وتركها يوجب إساءة وكراهة كالجماعة والاذان والاقامة ونحوها وسنة الزوايد وتركها لا يوجب ذلك كسير النبي عم في لباسه وقيامه وقعوده والسنة المطلقة } من غير قرينة { إنما تطلق على طريقة النبي عم عند الشافعي } وهو اختيار فخر الاسلام وكثير من أصحاب أبي حنيفة رحمه للعرف الطاري { وعندنا يقع علىغيرها أيضا } فلا ينصرف إلى طريقته عم بدون قرينة قيل فإن السلف كانوا يقولوا سنة العمرين ويرد عليه ان الكلام في السنة المطلقة وهذه مقيدة { وقد يراد بالسنة ما يثبت بها كما قال أبو حنيفة الوتر سنة } وكقول محمد عيد أن اجتمعا أحدهما فرض والاخر سنة { والنفل } وكذا المندوب { يثاب فاعله ولا يسيء تاركه } قيل وهو دون سنن الززوائد ويرد عليه أن النفل من العبادات وسنن الزوائد من العادات وهل يقول أحد أن نافلة الحج دون التيامن في التنفل والترجل { وهو } أي النفل { لا يلزم بالشروع عند الشافعي } حتى لو لم يمض فيه لا يؤاخذ بالقضاء ولا يعاقب على تركه { لأنه مخير فيما لم يفعل بعد } فله تركه تحقيقا لمعنى التخيير { فله إبطال ما أداه تبعا } لا قصدا فلا يكون إبطالا حينئذ لخلوه عن القصد بل هو بطلان المؤدى ضمنا وتبعا وجوابه منع التخيير في النفل بعد الشروع فإنه عين محل النزاع { وعندنا يلزم } أي النفل { بالشروع لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم } وفي عدم الاتمام إبطال للمؤدى { ولان ما أداه } من النفل { صار لله تعالى فوجب صيانته } لأن التعرض بحق الغير بالافساد حرام { ولا سبيل إليها } أي الصيانة ما أداه { إلا بلزوم الباقي } إذ لا صحة له بدونه فالترجيح بالمؤدى أولى من ا لعكس لأن العبادة مما يحتاط فيها } فلا تعارض بين وجوب صيانة المؤدى المقتضى لزوم الباقي وكون النفل مخيرا فيه المقتضى جواز إبطال المؤدىحتى يتساقطا { وأيضا لما وجب صيانة ما صار لله تعالى تسمية } بمنزلة الوعد { وهو النذر } وهو أدنى حالا مما صار لله تعالى فعلا وهو المؤدى من النفل { فما صار لله تعالى فعلا أولى } يعني إن بقاء ا لشيء وصيانته عن الابطال أسهل من ابتجاء وجوده وإذا وجب أقوى الأمرين وهو ابتداء الفعل لصيانة أدنى الشيئين وهو ما صار لله تعالى فعلا أولى بالوجوب { والحرام يعاقب على فعله وهو إما حرام لعينه } أي منشأ الحرمة عين ذلك الشيء كشرب الخمر أو أكل الميتة ونحوهما { وأما حرام لغيره كأكل مال الغير والحرمة هنا ملاقية لنفس الفعل لكن المحل قابل له وفي الأول } أي في الحرام لعينه { قد خرج المحل عن قبول الفعل شرعا } حتى كأنه الحرام نفسه فحسن نسبهة الحرمة وإضافتها إليه { فعدم الفعل لعدم المحل فيكون المحل هناك أصلا والفعل تبعا فيسب الحرمة إلى المحل ليدل على عدم صلاحيته للفعل } إذ خروج العين عن أن يكون محلا للفعل يستلزم منع الفعل بطريق أوكد وألزم { لأنه أطلق ا لمحل وقصد به الحال } على ما قال كثير منهم أي حرم أكل الميتة وشرب الخمر ونكاح الامهات لدلالة الفعل على ذلك { كما في الحرام لغيره } تفإنه إذا قيل هذا الخبز حرام يكون مجازا بإطلاق اسم المحل على الحال أي أكله حرام وإذا قيل الميتة حرام معناها أنها منشأ الحرمة لأن أكلها حرام بطريق ذكر المحل وإرادة الحال فالتجوز ثمة في المسند إليه وهنا في الاسناد حيث أسند الحرمة إلى منشئها { والمكروه نوعان كراهة تنزيه وهو إلى الحل أقرب ومكروه كراهة تحريم وهو إلى الحرمة أقرب هذا عندهما وعند محمد الأخير حرام لكن بغير القطعي كالواجب مع الفرض وأما الثاني } من قسمي ما يعتبر فيه أولا المقاصد الاخروية وهو أن لا يكون حكما أصليا بل يكون مبنيا على أعذار العباد { فيسمى رخصة } وهو ما يكون مشروعا مع قيام المحرم مباحا كان أو مندوباأو واجبا { وما وقع من القسم الأول } وهو الذي هو حكم أصلي { والرخصة أربعة أنواع نوعان من الحقيقة أحدهما أحق بكونه رخصة من الاخر ونوعان من المجاز أحدهما أثم في المجاز به } أي أبعد من حقيقة الرخصة من الاخر { أما الأول } وهو الذيهو رخصة حقيقة وهو أحق بكونه رخصة { فما شرع } ولم يقل فما استبيح لأن الاباحة لا تجامع الحرمة بخلاف المشروعية { مع قيام المحرم والحرمة كأجزاء كلمة الكفر مكرها } بالقتل أو القطع { فإن حرمة الكفر قائمة أبدا } لقايم الدلائل الدالة عليها { لكن حقه } أي حق العبد { يفوت صورة ومعنى وحق الله تعالى لا يفوت معنى لأن قلبه مطمئن بالإيان فله أن يجري على لسانه وإن أخذ بالعزيمة وبذل نفسه حسبة لله في دينه } أي طلبا للثواب فأولى من أجزاء كلمة الكفر { وكذا الأمر بالمعروف وأكل مال الغير أو الافطار } في رمضان في حق المقيم الصحيح { ونحوه من العبادات } فإن الحكم في الاكراه على واحد منهما أيضا كذلك { والثاني } وهو الذي رخصة حقيقة لكن الأول أحق منه بكونه رخصة { فما شرع مع قيام المحرم دون المحرمة كغفطار المسافر } فإن المحرم للافطار وهو شهود الشهر من غير سفر ومرض مع توجه الخطاب قائم لكن حرمة الافطار غير قائمة { رخص بناء على سبب } هو شهود الشهر { تراخي حكمه } وهو الصوم لقوله تعالى فعدة من أيام أخر { والعزيمة } هنا { أولى عندنا لقيام السبب ولأن في العزيمة نوع يسر لموافقة المسلمين } والعمل بالرخصة إنما شرع لليسر فالأخذ بالعزيمة موصل إلى ثواب مختص بالعزيمة ومتضمن ليس يختص بالرخصة فالأخذ بها أولىوعند الشافعي العمل بالرخصة أولى { الا أن يضعفه } استثناء من قوله والعزيمة أولى { فليس له بذل نفسه لأنه يصير قاتل نفسه نفسه بخلاف الفصل الأول } أي الاكراه على الإفطار فإن المكرة في الصبر مستديم للعبادة مستقيم على الطاعة فيؤجر وإنما كان الأول أحق بكونه رخصة من الثاني لأن في الثاني وجد السبب للصوم لكن حكمه متراخ فصار رمضان في حقه كشعبان فيكون في الافطار شبهة كونه حكما أصليا في حق المسافر بخلاف الأول فإن المحرم والحرمة قائمان فيه فالحكم الأصلي فيه الحرمة وليس فيه شبهة كونه مشروعية أجزاء كلمة الكفر حكما أصليا أصلا فيكون الأول أحق بكونه رخصة { والثالث } أي الذي هو رخصة مجازا واتم في المجازية { ما وضع عنا من الأمر والإعلال } مثل لثقل تكليفهم وصعوبته { يسمى رخصة مجازا لأن الأصل لم يبق مشروعا أصلا } فمن حيث أنها كانت واجبة على غيرنا ولم يجب علينا تخفيفا شابهت الرخصة فسميت بها لكن لما كان السبب معدوما في حقنا والحم غير مشروع أصلا لم يكن رخصة حقيقة بل مجازا { والرابع } أي الذي هو رخصة مجازا لكنه أقرب من حقيقة الرخصة من الثالث { ما سقط مع كونه مشروعا في الجملة فمن حيث أنه سقط كان مجازا ومن نحيث أنه مشروع في الجملة كان شبيها بحقيقة الرخصة بخلاف الفصل الثالث } كما بينا { كقول الراوي رخص في السلم } أوله نهى الرسول عم عن بيع ما ليس عند الانسان { فإن الأصل في البيع أن يلاقي عينا } ليتحقق القدرة على التسليم { وهذا حكم مشروع لكنه سقط في السلم حتى لم يبق التعيين عزيمة ولا مشروعا } للعجز عن التعيين فمن حيث أن العينية مشروعة في البيع في الجملة كان له شبه بحقيقة الرخصة { وكذا أكل الميتة وشرب الخمر ضرورة فإن حرمتها ساقطة هنا } أي في حال الضرورة { مع كونها ثابتة في الجملة لقوله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه فإنه استثناء من الحرمة } فبقيت مباحة بحكم الأصل { ولأن الحرمة } أي حرمة شرب الخمر { لصيانة عقله ولا صيانة عند فوت النفس } أي البنية الانسانية { وأما قصر الصلاة فهو عزيمة والاكمال مكروه } ومخالف للسنة ولكنه يسمى رخصةمجازا { وقال الشافعي القصر رخصة والاكمال عزيمة } صرح بهذا في التحفة وقال في البدائع روى عن أبي حنيفة رضيه أنه قال من أتم الصلاة في السفر فقد أساء وخالف السنة وهذا لأن الرخصة اسم لما تغير عن الحكم الأصلي بعارض إلى تخفيف ويسر ولم يجود هنا إذا الصلاة فيالأصل فرضت ركعتين في حق المقيم والمسافر جميعا ثم زيدت ركعتان في حق المقيم وأقرت الركعتان على حالهما في حق المسافر كما كانتا في الأصل فالعدم معنى التغيير في حقه وفي حق المقيم وجد لكن إلى الغلغلة والشدة لا على السهولة واليسر { ولا دلالة في كون الصلاة ال مقصورة صدقة } روى عن عمر رضيه أنه قال انقصر الصلاة ونحن آمنون فقال علم إن هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته { على ما ذكره } من كون القصر رخصة { فإن الصدقة ما عبر عنه مجازا } وهو قرار الركعتين على حالهما في حق المسافر { والفرق بين رخصة الترفيه ورخصةالاسقاط يتضمن الرفق وعدمه } تقديره أن الاخيار اللازم لأولى الرخصتين إنما يثبت للعبد إذا تضمن رفقا كما في إفطار المسافر فإن كلا من صومه وإفطاره يتضمن رفقا ومشقة من حيث أن الصوم على سبيل موافقة ال مسلمين أسهل وفي غير رمضان أشق فالتخيير يفيد { منقوض برخصة المسح فانها رخصة ترقيه } دل على ذلك أن الغسل مشروع وإن لم ينزع خفيه ولاجل ذلك يبطل مسحه إذا خاض الماء ودخل في الخف حتى انفسل أكثر رجله { مع أن الرفق متعين في المسح } ولا رفقفي العمل بالعزيمة { وأما القسم الثاني من الحكم } وهو الذي يكون نحكما يتعلق شيء بشيء آخر { فالشيء المتعلق إن كان داخلا في الاخر فهو ركن وإلا فإن كان مؤثرا فيه على ما ذكرنا في القياس } من أن المراد بتأثير الشيء ههنا هو اعتبار الشرع إياه بحسب نوعه أو جنسه القريب في الشيء الاخر لا الايجاد كما في العلل العقلية { فعله وإلا فإن كان موصلا إليه في الجملة فسبب وإلا فإن توقف عليه وجوده فشرط وإلا وإلا فلا أقل من أن يدل على وجوده فعلامة } لا يذهب عليك أن العمدة في هذه التقسيمات هو الاستقراء والذي ذكر في صورة الحصر لمجرد الضبط والا فقوله وإلا فلا أقل الخ مم لجواز التعلق بوجه ىخر مثل المانيعية كتعلق النجاسة لصحبة الصلاة { أما الركن فقد ظهر حده مما تقدم وقد شنع بعض الناس على اصحابنا فيما قالوا الاقرار ركن زايد } ووجه التشنيع إن قولنا ركن زايد بمنزلة قولنا ركن ليس بركن لأن الزايد خارج والركن داخل { فإنه إن كان } أي الاقرار { ركنا يلزم من انتفائه انتفاء المركب كما ينتفي العشرة بانتفاء الواحد فنقول الركن الزيد شيء اعتبره الشارع في وجود المركب } لا في حكمه { لكن إن عدم بناء على ضرورةجعل الشارع عدمه عفوا واعتبر المركب موجودا حكما } فصار شبيها بالامر الخارج عن المركب فسمى زايدا بهذ ... ا الاعتبار وهذا قد يكون باعتبار الكيفية كالاقرار في الايمان وقد يكون باعتبار الكمية كالاقل في المركب منه ومن الاكثر وإليه أشار بقوله { وقولهم للأكثر حكم الكل من هذا الباب وهذا نظير أعضاء الانسان فالرأس ركن ينتفي الانسان } أي حكم من الحياة وتعلق الخطاب ونحو ذلك { بانتفائه والبدر ركن لا ينتفي بانتفائه ولكن ينتقص وأما العلة } وهي ا لخارج المؤثر إلا أن لفظ العلة يطلق على معان آخر بحسب الاشتراك والمجاز فيقسم إلى أقسامه كما يقسم العين إلى الجارية والباصرة وغيرهما أو الأسد إلى السبع والرجل الشجاع باعتبار ما يطلق عليه اللفظ وبيانه أنهم اعتبروا في حقيقة العلة ثلاثة أمور وهي إضافة الحكم إليها وتأثيرها فيه وحصوله معها فيالزمان وأشار على هذ ... ا بقوله { وأما علة اسما ومعنى وحكما أي يضاف الحكم إليها بلا واسطة } هذا تفسير العلةاسما { وهي مؤثرة فيه } هذا تفسير العلة معنى { ولا يتراخى الحكم عنها } هذا تفسير العلة حكما { كالبيع المطلق للملك والنكاح للحل والقتل للقصاص فعندنا هي مقارنة للمعلول } بالزمان { كالعقلية } وإن كانت متقدمة عليه بالذات { وفرق بعض مشايخنا بينهما } أي بين العقلية والشرعية { فقالوا المعلول يقارن العقليةويتأخر عن الشرعية وأما إسما فقط كالمعلق بالشرط على ما يأتي في أقسام الشرط وأما إسما ومعنى كالبيع الموقوف والبيع بالخيار } فمن حيث أن الملك مضاف إليه علة إسما ومن حيث أنه مؤثر في الملك علةمعنى لكن الملك يتراخى عنه فلا يكون علة حكما { على ما ذكرنا } في آخر فصل مفهوم المخالفة { إن الخيار يدخل على الحكم فقط } لا على السبب الذي هو أكثر خطر من الحكم { ودلالة كونه } أي كون البيع الموقوف والبيع بالخيار { علةلا سببا } وإن كان ا لحكم يتراخى عن العلة اسما ومعنى كما يتراخى عن السبب { إن المانع إذا زال } بأن يأذن الملك في بيع الفضولي ويمضي مدة الخيار { وجب الحكم به } أي بالملك { من حين الايجاب } أي من وقت العقد حتى يملكه المشتري وزوايده المتصلة والمنفصلة في زمان التوقف { وكالاجارة } عطف على قوله كالبيع فإنها علة اسما ومعنى { حتى صح تعجيل الاجرة ولولم يكن كذلك } لما صح التعجيل كالتكفير قبل الحنث عندنا { وليست } الاجارة { علة حكما لأن المنفعة معدومة } فيكون الحكم وهو ملك المنفعة متراخيا عن العقد فلا يكون علة حكما { لكنها } أي لكن الاجارة { تشبه الاسباب لما فيها من الاضافة إلى وقت مستقبل } كما إذا قال في رجب اجرت الدار من غرة رمضان يثبت الحكم من غرة رمضان لا من حين العقد بخلاف البيع الموقوف فإنه إذا زال المانع يثبت حكمه من وقت البيع كما بينا فكانه ليس هناك تخلل زمان { وكذا كل إيجاب مضاف } إلى المستقبل صريحا { نحو انت طالق غدا } فإنه علة اسما ومعنى لاضافة الحكم إليه وتأثيره فيه لا نحكما لتراخي الحكم عنه لكن يشبه الاسباب { وكذا النصاب } علةلوجوبالزكاة اسما ومعنى لتحقق الاضافة والتأثير لا تحكماالتراخي الحكم إلى وجود النماء الذي أقيم حو لأن الحول مقامه ثم ان علة تشبه الاسباب لعدم مقارنة الحم وليس سببا حقيقيا لأن ذلك موقوف على أن يكون النماء علة حقيقية مستقلة وليس كذلك لأن المؤثر هو المال النامي لا مجرد وصف النماء فإنه قائم بالمال لا استقلال له اصلا فلا يصلح أن يكون النماء تمام المؤثر بل تمام المؤثر المال النامي وليس النصاب علة العلة بمنزلة شراء القريب لأنه إنما يكون كذلك لو كان النماء حاصلا بنفس ا لنصاب وليس كذلك لأن النماء الحقيقي إنما يحصل بزيادة الدر بالنسل والسمن في الاسامة وزيادة المال في التجارة والنماء الحكمي هو حولان الحول ولا يحصل شيء من ذلك بنفس النصاب { حتى يوجب النصاب صحة الاداء قبل تمام الحول } لكونه علة من غير أن يكون للنماء دخل في العلية { فيتبين بعد الحول أنه } أي المؤدى { كان زكاة وكذا مرض الموت والجرح فإنه يتراخى حكمه أي السراية وكذا ا لرمي والتزكية عند أبي حنيفة حتى إذا رجع } عن شهادة التزكيةوقال تعمدت الكذب { ضمن } الدية خلافا لأبي يوسفومحمد ولما كان هذه الامثلةمن قبيل علةالعلة عمم الحكم فقال { وكذا كل ما هو علة العلة كشري القري } فإنه علةللملك وهو علة للتعلق فالعلة في جميع هذه الصور يشبه الاسباب من جهةتراخي الحكم ومن جهة تخلل الواسطة التي ليست بعلة مستقلة بل حاصلة بالأول لكن لا يتحقق في شرى القريب التراخي فشبهه بالأسباب من جهة تخلل الواسطة لا غير { وأما } بكسرة ا لهمزة { ماله شبهة العلة كجزء العلة } وهذا هو العلة معنى لوجود التأثير لجزء العلة لا اسما لعدم الاضافة إليه ولا حكما لعدم الترتيب عليه ولا سببا لأن السبب طريق موضوع لثبوت الحكم بعلته وجزء العلة ليس كذلك والمراد بالجزء غير الجزء الأخير أو أحد الجزئين الغير المرتبين كالقدر والجنس وكذا قال فخر الاسلام أنه وصف له شبه العلية لأنه مؤثر والسبب المحض غير مؤثر وفيه نظر لأنه لا تاثير لأجزاء العلة في أجزاء المعلول علىما هو المقدر عندهم وإنما المؤثر هو تمام العلة في تمام المعلول ولذلك قال الامام السرخسي إنه سبب محض لأن أحد الظزئين طريق يفضي إلى المقصود ولا تأثير له ما لم ينضم إليه الجزء الآخر { فيثبت به } أي بجزء العلة { ما يثبت بالشبهة } لأن جزء العلة له شبهة العلة { كالربا النسية يثبت بأحد الوصفين } وهي إما القدر أو الجنس { وإما } العلة علة { معنى وحكما } لا إسما { كالجزء الاخير من العلة كالقرابة والملك للعتق } فإن لكل منهما أثرا في إيجاب الصلة إلا أن للملك ترجيحا بوجود الحكم عنده فيجعل علة معنى وحكما ويصير الأول بمنزلة العدم في حق ثبوت الحكم فيجعل وصفا له شبهة العلية وإليه أشاربقوله { فإذا تأخر الملك يثبت الحكم } العتق { به } قيل فيه نظر لأن الملك علة اسما ومعنى وحكما لأن إضافة الحكم إليه وثبوته به شائع في عبارة القوم وكيف لا يكون علة إسما مع إن الجزء الاول بمنزلة العدم في حق ثبوت الحكم ويصير الحكم مضافا إليه وأجيب عنه بأنه يجب فيما هو علة إسما أن يكون موضوعا للحم على ما صرح به الامام السرخسي وغيره والملك لم يوضع في الشرع للعتق وإنما الموضوع له ملكل القرابة وشراء القريب { حتى يصح نية الكفارة عند الشراء } لأن نية الكفارة تعتبر عند الاعتاق فيعتبر النية عند الشرى { ويضمن شريكا عندهما } ولا يضمن عند أبي حنيفة والخلاف فيما إذا اشترياه معا أما إذا ا شترى القريب بعد الاجنبي يضمن بالاتفاق والفرق له أن في الأول رضى الاجنبي بفساد نصيبه حيث اشترك القريب ولا يعتبر جهله وفي الثاني لم يرض { وإن تأخر القرابة } عن الشرى كما إذا اشترى إثنان عبدا مجهول النسب ثم ادعى أحدهما أنه ابنه { يثبت } العتق { بها } أي بالقرابة { معلومة } قبل الشضراء { لا يضمن بخلاف الشهادة } أي إذا أشهد واحد ثم واحد لا يضاف الحكم إلى الشضهادة الأخيرة بل على المجموع فأيهما رجع يضمن النصف { فإن الحكم يثبت بالمجموع لأنها إنما تعمل بالقضاء وهو يقع بهما وأما إسما وحكما وهي إما بإقامة السبب الداعي مقسام المدعو إليه كالسفر والمرض } فإنهما أقيما مقام المشقة { والنوم } أقيم مقام استرخاء المفاصل { والمس في النكاح } أقيم { مقام الوطىء } في ثبوت النسب وحرمة المصاهرة وما ذكر المدعو إليه في الثلاثة الأول لظهوره فيها { أو بإقامة الدليل مقام المدلول كالإخبار عن المحبة مقامها في قوله إن أحببتني فأنت كذا والطهر مقام الحاجة في إباحة الطلاق وحدوث الملك مقام الشغل في الاستبراء والداعي إلى ذلك } أي السبب المقتضى لإقامة الداعي مقام المدعو إليه والدليل مقام المدلول أحد الأمور المذكورة في قوله { أما دفع الضرورة كما في أحببتني وكما في الاستبراء وأما الاحتياط كما في تحريم الدواعي } أي دواعي الجماع من المس والتقبيل والنظر بشهوة حيث أقيمت مقام الزنا في الحرمة على الإطلاق إذا كانت مع الاجنبية وأقيمت مقام الوطىء في الحرمة حالتي الاعتكاف والاحرام إذا كنت مع الزوجة والأمة وهذا ما ذكره بقوله } في الحرمان العبادات وأما دفع الحرح كالسفر والطهر والتقاء الختانين } والفرق بين الحرج والضرورة أن في الأول لا يمكن الوقوف على ذلك الشيء كالمحبة فإن الوقوف عليها محال فالض ... رورة داعية إلى إقامة الأخبار عنها مقامها أما المشقة في السفر والانزال في التقاء الختانين فإن الوقوف عليهما ممكن لكن في إضافة الحكم إليها حرج لخفائهما } وبالتقسيم العقلي } الذي يرتقي إلى اقسام سبعة تنحصر فيه العلة { بقي قسمان علة معنى فقط وعلة حكما فقط } والتقسيم المذكور يقتضيهما والأحكام يدل على ثبوتهما إلا أ، القوم لم يصرحوا بهما { ولما جعلوا الجزء الأخير من العلة علة معنى وحكما لا إسما يكون الجزء الأول علة معنى لا إسما ولا حكما } لعدم الإضافة والمقارنة فما له شبهة العلة وهو الجزء الغير الأخير من العلة يكون هذا القسم بعينه } والعلة اسما وحكما إن كانت مركبة فالجزء الأخير علة حكما فقط } كالداعي مثلا إذا كان مركبا من جزئين فالجزء الأخير عله حكما لوجود المقارنة لا اسما لعدم الاضافة إليه ولا معنى لعدم التأثير إذ لات تأثير للسبب الداعي فكيف لجزئه وأيضا لما أرادوا بالعلة حكما ما يقارنه الحكم فالشرط الذي علق عليه الحكم كدخول الدار فيما إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق علة حكما فقط { وأما السبب فاعلم أنه لا بد أن يتوسط بينه وبين الحكم علة فإن كانت } العلة { مضافة غليه } أي إلى السبب وحادثة به كوطىء الدابة شيئا فإنه لهلاكه وهذه العلة مضافة إلى سوقها وحادثة به وهو السبب لأن السوق لم يوضع للتلف ولم يؤثر فيه وإنما هو طريق إليه { فالسبب } حينئذ { في معنى العلة } فيكون له حكم العلة فيما يرجع إلى بدل المحل لا فيما يرجع إلى جزاء المباشرة كالحرمان عن الميراث والكفارة والقصاص { فيضاف الحكم إليه } أي إلى السبب { فيجب الضمان } لم يقل فيجب الدية لأن المتلف لا يلزم أن يكون إنسانا { يسوق الدابة وقودها } ويجب { بالشهادة بالقياس إذا رجع } لا يجب { القصاص } على الشاهد { عندنا } كما إذا شهد أن عمرا قتل زيدا فاقتص ثم رجع الشاهد { لأنه } أي لأن القصاص { جزاء المباشرة } ولا مباشرة من الشاهد { وشهادته إنما صارت قتلا } أي مؤدية إليه { بحكم القاضي واختيار الولي } القصاص على الدية { وإن لم تكن } العلة المتوسطة بين السبب والحكم { مضافا إليه } أي إلى السبب { تنحو أن تكون } العلة { فعلا اختياريا فسبب حقيقي } فالسبب سبب حقيقي { لا يضاف الحكم إليه فلا يضمن ولا يشترك في الغنيمة الدال على مال يسرقه والدال على حصين في دار الحرب } لأنه توسط بين السبب والحكم علة هي فعل فاعل مختار وهو السارق في السرقة والغازي في الدلالة على الحصين فيقطع هذه العلة نسبة الحكم إلى السبب { ولا } يضمن { أجنبي قال لآخر تزوج هذه المرأة فإنها حرة ففعل فاستولدها فإذا هي أمة قيمة الولد بخلاف ما إذا زوجها الوكيل أو الولي على هذا الشرط } أي شرط أنها حرة فإنه يضمن الوكيل أو الولي قيمة الولد { ولا يلزم } علينا { أن المودع أو المحرم إذا دلا على الوديعة والصيد يضمنان مع أنهما سببان لأن المودع إنما يضمن بترك الحفظ الذي التزم والمحرم إنما يضمن بإزالة الا من الملتزم بعقد الاحرام إذا تقررت } الازالة { بافضاسئها إلى القتل } إذ قبل الافضاء لم يصر سببا للهلاك فلا يضمن وإن نحصلت بمجرد الدلالة والمراد بالدلالة إحداث العلم في الغير فيجب أن لا يكون المدلول عالما بمكان الصيد ثم بين أن إزالة الأمن سبب الضمان بقوله { فإن الصيد محفوظ بالبعد عن الناس بخلاف مال المسلم } إذا دل رجل السارق على مال مسلم لا يضمن لأن كونه محفوظا ليس لأجل البعد عن الناس فدلالته لا يكون إزالة الامن { وبخلاف صيد الحرم } إذا دل عليه غير المحرم رجلافقتله فإن الدال لا يضمن لأن كون صيد الحرم محفوظا ليس للبعد عن الناس بل لكونه في الحرم { ومن دفع إلىصبي سكينا ليمسكه للدفع فوجاء به نفسه لا يضمن } لأنه تخلل بين السبب وهو دفع السكين إلى الصبي وبين الحكم فعل فاعل مختار وهو قصد الصبي قتل نفسه { وإن سقط من يده فجرحه ضمن } الدافع لعدم تخلل فعل المختار بينهما { ومنه } أي من السبب { ما هو سبب مجازا كالتطليق والاعتاق والن1ر المعلقة } فالمعلقة صفة لهذه الثلثة نحو إن دخلت الدار فأنت طالق إن دخلت الدار فعبده حر إن دخلت الدار فلله على كذا { للجزاء } وهو وقوع الطلاق والعتق ولزوم المنذور به متعلق بقوله المعلقة { لأنها } أي لأن هذه الأمور المعلقة { رمبا لا يوصل إليه } أي إلىالجزاء بأن لا يقع المعلق عليه { لأن الشرط } معدوم { على خطرا الوجود } وتسمية هذه الصيغ أسبابا مجازية إنما هي قبل وقوع المعلق عليه { كاليمين بالله للكفارة } أي سبب للكفارة مجازا { لأنها } أي لأن اليمين { للبر } أي موضوع له { فلا توصل إلى الكفارة } وإنما يفضي إليها الحنث فلا يكون اليمين سببا لها حقيقة بل مجازا { ثم إذا وجد الشرط } في هذه الصور الثلاثة { يصير الايجاب السابق علة حقيقة } لتأثيره في وقوع الجزاء مع وجود الاضافة إليه والافضاء به { بخلاف اليمين للكفارة } فإنه إذا وجد الشرط لا يصير الايجاب علة { فإن الحنص علتها } لا البر { وعند الشافعي هي أسباب في معنى العلل حتى أبطل التعليق بالملك } بأن قال لا جنبية إن نكحتك فأنت طالق أو لعبد لغيره إن ملكتك فأنت حر يكون باطلا لعدم الملك عند وجود العلة { وجوز } الشافعي { التكفير باىلمال قبل الحنث } لجواز التعجيل قبل وجود الشرط إذا وجد السبب كالزكاة قبل الحول إذا وجد السبب وهو النصاب { ثم عند الثلاثة لهذا المجاز } المعلق بالشرط الذي سمى سببا مجازا { شبهة الحقيقة } أي شبهة السببية { وهذ ... ا يبين في أن التنجيز هل يبطل التعليق أم لا } كما إذا قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق ثلاثا { فعند زفر لا يبطل } التنجيز التعليق حتى إن تزوجها بعد التحليل ثم دخلت الدار يقع الطلاق وأشار إلى الاستدلال زفر بقوله { لأنه لما لم يكن الملك والحل عند وجود الشرط قطعي الوجود ليصح التعليق } فإنه يحتاج إلى الملك حال وجود الشرط لأن زمان وجود الشرط هو زمان وقوع الطلاق ووقوع الطلاق يفتقر على الملك وأما التعليق فلا يفتقر إليه حلة التعليق فإذا علق بالملك نحو إن تزوجتك فأنت طالق فالملك قطعي الوجود وعند وجود الشرط فيصح التعليق وإن علق بغير الملك نحو إن دخلت الدار فأنت طالق فشرط صحة التعليق وجود الملك عند وجود الشرط وذلك غير معلوم { شرطنا وجوده في الحال } أي وجود الملك في حال التعليق { ليترجح جانب الوجود } أي وجود الملك { عند وجود الشرط } بحكم الاستصحاب فيصح التعليق وينعقد الكلام يمينا وبعد ما صح التعليق بناء على نصب الدليل على وجود الملك عند وقوع الشرط وهو الاستصحاب { فكما لا يبطله } أي لا يبطل التعليق { زوال الملك } بأن يطلقها ما دون الثلث بناء على احتمال حدوثه عند وجود الشرط اتفاقا { لا يبطله زوال الحلل } بأن يطلقها الثالث بناء على هذا الاحتمال أيضا والحاصل أنه لا يشترط في ابتداء التعليق بقاء المحل كما إذا قال للمطلقة الثلاث إن تزوجتك فأنت طالق حتى لو تزوجها بعد الزوج الثاني يقع الطلاق فلان لا يشترط ذلك في بقاء ا لتعليق أولى لأن البقاء أسهل من الابتداء { قلنا اليمين سواء كانت بالله تعالى أو بغيره شرعت للبر } أي لتحقيق المحلوف عليه من الفعل أو الترك وتقوية جانبه على جانب نقيضه { فلا بد من أن يكون البر مضمونا بالجزاء } أي بلزوم المحلوف به من الطلاق أو العتاق أو نحوه إذا كان اليمين بغير الله تعالى كما إن اليمين به تعالى يصير مضمونا بالكفارة تحقيقا لما هو المقصود من الحمل والمنع { فيكون للجزاء شبهة الثبوت في الحال } أي قبل فوات البر { فلا بد من المحل } أي كما لا بد لحقيقة الشيء من المحل كذلك لا بد لشبهته منه ويكون المسبب ثابتا على قدر السبب فإذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق فالفرض أن لا تدخل الدار لأنها إن دخلت الدار يترتب عليه هذا الجزاء المخوف وهو وقوع الطلاق فيكون وقوعه مانعا من تفويت البر كالضمان يكون مانعا من الغصب { فيبطله } أي التعليق { زوال المحل } بأن طلقها ثلثا لفوات محل الجزاء لأن المرأة أجنبية عن الزوج في تلك الطلقات كما يبلط التعليق بطلان محل الشرط بأن يجعل الدار بستانا { لا } يبطله { زوال الملك } بأن طلقها ما دون الثلث لأنه يمكن الرجوع إليها { وأما التعليق بالتزوج } نحو إن تزوجتك فأنت طالق { فإن البر فيه مضمون بالجزاء لوجود الملك عند وجود الشرط } ضرورة أن التزوج يلزمه ملك النكاح فيكون البر مضمونا بالجزاء من غير حاجة إلى غثبات الشبهة ولا يخفى أن هذا الجواب يستغني عما ذكر من أن الشرط فيه أي هذا التعليق بمعنى العلة وليس للجزاء شبهة الثبوت قبلها أي قبل العلة وإنما هو جواب آخر تقريره إن الشرط ههنا أعني في صورة التعليق بالتزوج بمعنى العلة لأن ملك الطلاق إنما يستفاد بالنكاح وليس للجزاء شبهة الثبوت قبل العلة لأنه يمتنع ثبوت حقيقة الشيءقبل علة كالطلاق قبل النكاح فكذا شبهة اعتبار الشبهة الحقيقة بالحقيقة ولأن شبهة الشيء لا تثبت حيث لا نثبت حقيقة كشبهة النكاح في غير النساء { واعلم أن لكل من الاحكام سببا ظاهرا يترتب الحكم عليه على ما مر في فصل الأمر } وإنما يرتب الحكم عليه وإن كان بإيجاب الله تعالى تيسيرا أو تسهيلا علىالعباد ليتوصلوا بذلك إلى معرفة الاحكام بمعرفة الأسباب الظاهرة { فسبب الوجوب للايمان بالله تعالى } على ما ورد به النقل وشهد به العقل { تحدوث العالم أو إمكانه ولما كان هذا السبب في الآفاق وإلا نفس موجودا دائما } وإليه الاشارة في قوله تعالى سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم الاية { يصح إيمان الصبي } المميز { وإن لم يخاطب به } لتحقق سببه وجود ركنه { وللصلاة الوقت علىما مر } في فصل أن المأمور به نوعان { وللزكاة ملك المال } ولما اتجه أن يقال تكرر الوجوب بتكرر وصف يدل على سببية ذلك الوصف وهذا الوجوب يتكرر بالحول فيجب أن يكون الحول سببا لا النصاب تدارك دفعه بقوله { إلا أن الغني } المعتبر في أداء الزكاة بدلالة قوله عم لا صدقة إلا عن ظهر غني { لا يكمل إلا بمال نام } ليتصرف بسبب النماء إلى الحاجات المتجددة فيبقى أصل المال فيحصل الغني وتيسيرا الأد-اء { والنماء بالزمان } وهو أمر باطن { فأقيم الحول } الذي هو السبب المؤدى إلى النماء { مقامه فيتجدد المال تقديرا بتجدد الحول فيكرر الوجوب بتكرر المال تقديرا } ولما كان أحوال الناس في الغني مختلفة قدره الشارع بالنصاب { وللصوم أيام شهر رمضان كل يوم لصومه } بمعنى أن الجزء الأول الذي لا يتجزى من اليوم سبب لصوم ذلك اليوم { ولصدقة الفطر رأس يمونه ويلي عليه } يقال مان عياله إذا قام بكفاية أمرهم { وإنما الفطر شرط لقوله عم أدوا عمن تمونون وعن } أي لفظ عن { إما لانتزاع الحكم عن السبب } كما يقال أدى الزكاة عن ماله والخراج عن أرضه { أو لأن يجب عليه فيؤدى عنه } أي لوجوب شيء على محل قد أداه غيره عنه كأنه نائب عنه { كما في العاقلة } فإنها أدىالدية { والثاني باطل لعدم الوجوبعلى العبد } لأنه لا يملك شيئا { والصبي } لأنه غير مكلف { والفقير } لانه ممن يجب الصدقة له فلا يجبعليه { والكافر } لأنه ليس من أهل القربة { فيثبت الأول وأيضا يتضاعف الواجب بتضاعف الرأس فيكون } الرأس { هو السبب } ولما استشعر أن يقال الصدقة يضاف إلى الفطر فيدل على سببية الفطر تداركه بقوله { والاضافة إلى الفطر تعارضها الاضافة إلى الرأس } وإذا تعاضا تساقطا { وهي } أي الاضافة { تحتمل الاستعارة } لأن الحكم قد يضاف إلى غير السبب مجازا { بخلاف تضاعف الوجوب } فإن المجاز لا يجري فيه وهو بتضاعف غير السبب ليس بوارد في الشرع بخلاف الاضافة إلى غير السبب فإنها شائعة كحجة الاسلام وصلاة المسافر { وأيضا وصف المؤنة يرحج سببية الرأس } لأن تعليق الحكم بالوصف المذكور في الحديث يشعر بأن هذه الصدقة بحسب وجوب المؤنة والأصل فيه رأس يلي عليه كما في العبيد والبهائم { وللحج البيت } بدليل الاضافة { وأما الوقت والاستطاعة فشرط } الأول شرط لجواز الأداء والثاني لوجوبه { وللعشر الأرض النامية بحقيقة الخارج } فالأرض سبب للعشر بالنماء الحقيقي لأن العشر مقدر بجنس الخارج فلا بد من حقيقة { وبهذا الاعتبار هو } أي العشر { مؤنة الأرض وباعتبار الخارج وهو } أي والحال إن الخارج { يتبع الأرض عبادة } لأن العشر جزء من الخارج فأشبه الزكاة فإنها جزء من النصاب { وكذا الخراج } سبب وجوبه الأرض النامية { لأن النماء معتبر فيه تقديرا بالتمكن من ال زراعة } وذلك لأن الخارج مقدر بالدراهم فيكفي النماء التقديري { فصار مؤنة باعتبار الأصل } وهو الأرض { عقوبة باعتبار الوصف } وهو التمكن من الذزراعة لأن الذراعة عمارة الدنيا وإعراض عن الجهاد فصارت سببا للذلة { ولذلك أي ولأجل ثبوت وصف العبادة في العشر وثبوت وصف العقوبة في الخراج { لم تجمعنا عندنا } لتنافيها وإن كان كل منهما مؤنة باعتبار الأصل وهو الأرض خلافا للشافعي { وللطهارة إرادة ما لا يجوز بدونها } صلاة كان أو غيرها كمس مصحف والحدث شرط لوجوبها وليس بسبب لأن سبب الشيء وإن كان سببا لوجوبه ما يلائمه لا ما ينافيه { وللحدود والعقوبات ما نسبت إليه من سرقة وقتل وزنا } مراده أن السبب يكون على وفق الحم فأسباب الحدود والعقوبات المحضة يكون محظورات محضة { وللكفارات ما نسبت إليه من أمر دائر بين الخطر والاباحة } لما فيه من معنى العبادة والعقوبة { ولشرعية المعاملات } كالمناكحات المتعلقة ببقاء النوع والمبايعات المتعلقة ببقاء الشخص { البقاء المقدر للعالم } إلى قيام الساعة { وللاختصاصات الشرعية } التي هي آثار لأفعال العباد كالملك في البيع والحل في النكاح والحرمة في الطلاق { التصرفات المشروعة كالبيع والنكاح ونحوهما واعلم أن ما يترتب عليه الحكم إن كان شيئا لا يدرك العقل تأثيره ولا يكون بصنع المكلف كالوقت للصلاة يختص باسم السبب وإن كان بصنعه فإن كان الغرض من وضعه ذلك الحكم كالبيع للملك فهو علة يطلق عليه إسم السبب أيضا مجازا وإن لم يكن هو } أي ذلك الحكم { الغرض كالشراء لملك المتعة } فإن العقل لا يدرك تأثير لفظ اشتريت في هذا الحكم وهو بصنع المكلف وليس الغرض من الشراء ملك المتعة بل ملك الرقبة { فهو سبب وإن أدرك العقل تاثيره كما ذكرنا في القياس يختص باسم العلة وإما الشرط فهو إما شرط محض وهو حقيقي } يتوقف عليه الشيء في الواقع عقلا أو بحكم الشارع حتى لا يصح الحكم بدونه أصلا { كالشهادة للنكاح } أو لا يصح إلا عند تعذره وإليه أشار بقوله { والوضوء للصلاة أو جعلي } يعتبره ا لمكلف ويعلق عليه تصرفاته { وهو بكلمة الشرط } نحو إن دخلت الدار فإنت طالق { أو دلالتها } أي بدلالة الشرط { نحو المرأة التي أتزوجها طالق } لأنه في معنى إن تزوجت امرأة فهي طالق بعتبار أن ترتيب الحكم على الوصف تعليق له به كالشرط { وقد مر } في مفهوم المخالفة { إن أثر التعليق عندنا منع العلية وعنده منع الحكم وأما شرط في حكم العلة وهو شرط لا يعارضه على يصلح أن يضاف الحكم إليها فيضاف إليه } أي إلى الشرط { كما إذا رجع شهود الشرط وحدهم ضمنوا وإن رجعوا مع شهود التخيير } بأن شهدوا أن الزوج خير امرأته { والاختيار } بأن شهدوا أن المرأة اختارت نفسها فقضى القاضي بوقوع الطلاق ثم رجع الفريقان يضمن شهود الاختيار لأن شهود التهيير سبب مفض إلى الحكم فيالجملة شهود الاختيار علة يحصل بها لزوم المهر فالحكم يضاف إلى ا لعلة دون السبب { فإن قال } المولى { إن كان قيد عبده عشرة أرطال فهو حر ثم قال وإن حله أحد فهو حر فشهد شاهد أن أنه عشرة أرطال فقضى القاضي بعتقه ثم حله المولى فإذا هو ثمانية يضمنان قيمة عند أبي حنيفة رحمه لأ، القضاء بالعتق ينفذ ظاهرا وباطنا عنده } لابتنائه على دليل شرعي واجب العمل به ولا بد من صيانته عن البطلان بخلاف ما إذا بان الشهود عبيدا أو كفارا فإنه لا عبرة بالقضاء لا مكان الوقوف على حقيقة الصدق وفيما نحن فيه قد سقط حقيقة معرفة وزن القيد إذ لا يمكن المعرفة إلا بحل القيد وإذا حله يعتق العبد وإذا نفذ القضاء ظاهرا وباطنا تحقق العتق قبل الحل فلم يمكن إضافته إليه { والعلة } وهي التعليق { لا تصلح للاضافة إليها } لأنه تصرف من الملالك في ملكه من غير تعد ولا خيانة كما إذا باع مال نفسه فتعين الاضافة إلى الشرط وهو كون القيد عشرة أرطال والشهود قد تعدوا بالكذب المحض فيجب الضمان عليه { بخلاف رجوع الفريقين } أي شهود ا ليمين وشهود الشرط فإن العلة تصلح للضمان لأنها يثبت العتق بطريق التعدي { وعندهما لا يضمنان لأن القضاء لا ينفذ في الباطن } لأنه مبني على الحجة الباطلة وإنما ينفذ في الظاهر لأن العدالة ال ظاهرة دليل الصدق ظاهرا فيعتبر حجة في وجوب العمل وإذا لم ينفذ في الباطن كان العبد رقيقا بعد القضاء { فيعتق } العبد { بتحل القيد } فلا يضمن الشهود { وكذا حافر البئر } فإنه فيه شرطا يعارضه علة لا يصلح لاضافة الحكم إليها والشرط هو الحفر { فإن الثقل علة السقوط } لكن الأرض مانعة من السقوط فإزالة المانع صارت شرطا للسقوط { وهو أمر طبيعي والمشي مباح } وهو سبب يشارك العلة في الافضاء إلى الحكم والايصال به { فلا يصلحان لاضافة الحم } وهو الضمان إليهما { فيضاف } الحكم { إلى الشرط } لأن صاحب الشرط معتدلان الضمان فيما إذا حفر في غير ملكه ولا يضاف إلى السبب وهو المشي لأنه مباح محض { بخلاف ما إذا أوقع نفسخ } في بئر العدوان فإنه لا ضمان على الحافر لأن الايقاع علة متعدية صالحة للاضافة إليها فلا يضاف إلى الشرط { وأما وضع الحجر وإشراع الجناح والحائط المائل بعد الاشهاد فمن قسم الاسباب } إذ لا منعنى للسببية إلا الإفضاء إلى الحكم والتأدي إليه من غير تأثير وهو حاصل في هذه الأمور { وأما شرط في حكم السبب وهو شرط اعترض عليه فعل مختار غير منسوب } ذلك الفعل { إليه } أي إلى الشرط { كما إذا حل قيد عبد الغير فابق } العبد { لا يضمن عندنا فإن الحل } بيان لكون حل القيد في حكم السبب لا تعليل لعدم الضمان { لما سبق الا باق الذي هو علة التلف صار } الحل الذي هو الشرط { كالسبب فإنه يتقدم على صورة العلة } لأنه طرائق إلى الحكم ومفض إليه بأن يتوسط العلة بينهما وإنما لم يصر الشرط كالعلة لأنها مستقلة غير مضافة إلى السبب ولا حادثة به وإنما قال على صورة العلة لأن الشرط المحض يتقدم على ا نعقاده علة لما سبق أن التعليق يمنع العلة إلى وجوةد الشرط فلا بد أن يثبت الشرط حتى ينعقد العلة { والشرط } المحض { يتأخر عنها } أي عن صورة العلة وفيه نظر لأن تأخره عنها إنما هو في الشرط التعليقي لا الحقيقي كالشهادة في النكاح والطهارة في الصلاة والعقل في التصرفات { وكذا } لا يضمن عندهما { إذا فتح باب فقص أو } باب { اصطبل } فنفر الطائر أو البهيمة } خلافا لمحمحد رحمه } فإنه يضمن عنده { له إن فعل الطير والبهيمة تهدر } شرعا فلا يصلح لاضافة التلف إليه فيضاف إلى الشرط { وأيضا هما لا يصيران عن الخروج عادة ففعلهما } يلتحق بالافعال الطبيعية { بمنزلة سيلان المائع فإذا خرجا على فور الفتح يجب الضمان } فظهر أن كلا من كون فعلهما هدر أو كونه بمنزلة الأفعال الطبيعية مستقل في الاستدلال على الضمان فمن خلط بينهما فقط حبط { لهما أنه } أي فعلهما هدر { في إثبات الحكم به } وإضافته إليه { لا في قطعه } أي قطع الحكم { عن الغير } أي عن الشرط فإن فعلهما لا ينافي ذلك { كالكلب يميل عن سنن الارسال } أي أرسل صاحب الكلب إياه على صيد ثم مال عن سنن الصيد ثم أتبعه وأخذه فإنه لا يحل لأن فعله وهو الميل عن السنن هدر في إضافة الحكم إليه لكونه بهيمة لكنه معتبر في منع إضافة الفعل إلىالمرسل ولا شك أن هذا جواب عن الاستدلال الأول لمحمد رحمه { وإذا قال الولي } أي ولي الدم { سقط الماشي في البر وقال الحافر أسقط نفسه فالقول له } أي للحافر { لأنه يدعي صلاحية العلة للاضافة ويدعي قطع الاضافة عن الشرط فهو متمسك بالاصل } ولا يعارض هذا بأنالظاهر أن الانسان لا يلقى نفسه في البئر لأن التمسك بالظاهر إنما يصلح للدفع والولي يحتاج إلى استحقاق الدية على العاقلة فلا بد من إقامة البينة على أنه وقع في البئربغيرتعمد منه { بخلاف الجارح إذا ادعى الموت بسبب آخر لأنه صاحب علة وإما شرط اسما } لتوقف الحكم عليه في الجملة { لا حكما } لعدم تحقق الحكم عنده { كما إذا علق الطلاق شرطين فأولهما وجودا } أي باعتبار الوجود { شرط اسما لا حكما حتى إذا وجد } الشرط { الأول في الملك لا } الشرط { الثاني لا يطلق وبالعكس تطلق خلافا لزفر } كما إذا قال إن دخلت الاخرى يقع الطلاق عند الثلاثة { لأن الملك شرط عند وجود الشرط لصحة وجود الجزاء لا لصحة } وجود { الشرط فيشترط } الملك { عند } الشرط { الثاني لا الأول } ولذلك إن دخلت الدارين وهي في نكاحه طلقت اتفاقا وإن أبانها فدخلت الدارين أو دخلت أحديهما فأبانها فدخلت الاخرى لم تطلق اتفاقا { وأما العلامة فقد ذكروا في نظيرها الاحصان للرجم لأن الشرط ما يمنع انعقاد العلة كدخول الدار مثلا وهنا علية الزنا لا تتوقف على إحسان يحدث متأخرا عن وجود صورة العلة ويمنع انعقاد العلة إلى أن يوجد { هذا تفسير الشرط التعليقي } فإن لزوم التأخر عن صورة العلة إنما هو فيه { لا الشرط الحقيقي } المار تفسيره ومثاله قبل هذا فالشرط التعليقي متأخر عن صورة العلة أما الشرط الحقيقي فلا يجب تأخيره عن وجود العلة كالعقل والوضوء وغيرهما فكون الاحصان متقدما لا يدل علىأنه ليس بشرط ولما كان في كون الاحصان علامة نظر قال { ثم إن كان الاحصان علامة لا شرطا } أي على تقدير أن كونه علامة لا شرطا في معنى العلة { يثبت بشهادة الرجال مع النساء فإن قيل فيجب أن يثبت } الاحصان { أيضا } أي قياسا على ما ذكر { بشهادة كافرين شهدا على عبد مسلم زنا ومولاه كافر أنه أعتقه } فيكون الشهادة على مولاه الكافر فيقبل ويثبت عتقه والحرية من شرائط الاحصان فيثبت إحصانه بشهادة الكافر قيل لا يثبت عتقه بشهادتهما وإن كان شهادتهما حجة على هذا العتق لولا الزنا لأ، قبول الشهادة في الاعتاق قبل الزنا يستلزم إيجاب الرجم على المسلم ضرورة تحقق الاحصان وقيل يثبت بها العتق ولا يثبت سبق تاريخ الاعتاق على الزنا فيكون شهادتهما يتضمن ثبوت العتق وتقدمه على الزنا وضرر الأولى يرجع إلى الكافر فيقبل وضرر الثاني يرجع إلى العبد المسلم فلا يقبل وإلى هذا أشار بقوله { قلنا لشهادة النساء خصوص بالمشهود به } وهو الحد في عدم القبول { دون المشهود عليه لأنها } أي لأن شهادة الرجال مع النساء { لا تثبت العقوبة وههنا } أي في صورة ثبوت الاحصان بشهادة الرجال مع النساء { لا تثبتها لأن الاحصان ليس إلا علامة لكن يتضمن ضررا } وهو تكذيبه ورفع إنكاره { بالمشهود عليه } وهو المسلم { وهي } أي شهادة الرجال مع النساء { تصلح لذلك } الضرر علىالمشهود عليه المسلم { وشهادة الكفار بالعكس فإنها لا تصلح على المسلم وهي تتضمن ضررا بالمسلم } وهو العبد الذي أثبتوا حريته ليثبت عليه الرجم { فلا تصلح } شهادة الكفار { لذلك } الاضرار بالمسلم والحاصل أن امتناع قبول شهادة النساء لخصوصيته في المشهود به وذلك منتف في الاحصان لأنه علامة لا موجب وامتناع قبول شهادة الكفار لخصوصية في المشهود عليه وهو كونه مسلما والرق مع الحياة خير من العتق مع الرجم { وعلى هذا } أي بناء على أن العلامة ليست في حكم العلة فيجوز أن تثبت بما لا تثبت به العلة { قالا أن شهادة القابلة على الولادة تقبل من غير فراش } أي في المثوبة والمتوفى عنها زوجها { ولا حيل ظاهرا } عطف على قوله فراش { ولا إقراربه } أي بلا إقرار الزوج بالحل { لأنه لم يوجد هنا } أي في شهادة القابلة { إلا تعيين الولد وهي } أي شهادة القابلة { مقبولة فيه } أي في تعيين الولد { فأما النسب فإنما يثبت بالفراش السابق فيكون انفصاله علامة للعلوق السابق وعند أبي حنيف لا تقبل } شهادة القابلة في الصورة المذكورة { لأنه إذا لم يوجد سبب ظاهر كان النسب مضافا إلى الولادة } فلا تكون علامةبل بمنزلةالعلة المثبتة للنسب ضرورة أن لا نعلم ثبوت النسب إلا بها { فيشترط لاثباتها كمال الحجة } وهو رجلان أو رجل وامرأتان { بخلاف ما إذا وجد أحد الثلاثة المذكورة } وهي الفراش القائم والحيل الظاهر والاقرار من الزوج { وإذا علق بالولادة طلاق تقبل شهادة امرأة عليها في حقه } أي في حق الطلاق { وعندهما لأنه لما ثبت اللاولادة بها ثبت ما كان تبعا لها } من الطلاق وغيره { لا } تقبل { عند أبي حنيفة رحمه لأن الولادة شرط للطلاق فيتعلق بها الوجود فيشترط لاثباته } أي لاثبات الشرط { ما يشترط لاثبات حكمه } وهو الطلاق فلا يثبت الطلاق إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين والذي ذكر فيما إذا لم يكن الحيل ظاهرا ولاالزوج مقرا به إذ لو وجد أحدهما فعند أبي حنيفة رحمه يثبت بمجرد اقراها بالولادة كما في تعليق الطلاق بالحيض { كم في العلة } فإنه يشترط لاثبات العلة ما يشترط لاثباط حكمها { على أن هذا الحجة ضرورية } لا يقبل غلا فيما لم يطلع عليه الرجال كالولادة { فلا يتعدى } عنه إلى ما لا ضرورة فيه وهو الطلاق فيما نحن فيه ولا امتناع في ثبوت الولادة في نحق نفسها لا شفي حق الطلاق { كما في شهادةالمرأة على عدم بكارة امة بيعت على أنها بكر في حق الرد } فإن شهادتها لا تقبل فيه على البائع وإن كانت مقبولة في البكارة وعدمها بل يحلف البائع علىأنها ليست بثيب { وقال الشافعي الأصل في المسلم العفة فالقذف كبيرة ثم العجز عن إقامة ا لبينة يعرف ذلك } أي كونها كبيرة أي يتبين بالعجز عن إقامة البينة أن القذف تحين وجد كان كبيرة { لا أنه يصير كبيرة عند العجز فيكون العجز علامة لجنايته فيثبت سقوط الشهادة وهو حكم شرعي سابقا عليه } أي على العجز عن إقامة البينة فبمجرد القذف يسقط الشهادة عنده وإن لم يجلد وعندنا لا يسقط شهادته بمجرد القذفبل إنما يسقط إذا تحقق العجز عن إقامة البينة فأقيم عليه الجلد والما اتجه أن يقال الجلد ورد الشهادة قد رتبا على الرمي والعجز عن إقامةالبينة لقوله تعالى والذين يرمون المحصنات الاية فإذا كان العجز علامة في حق رد الشهادة فكذا في حق الجلد فكان ينبغي أن يقدم الجلد على العجز لا سيما أن القران فيالنظم يوجب القران في الحكم عند الشافعي أجاب عنه بقوله { بخلاف الجلد إذ هو فعل حسي } لا تردد له فإن أقيم قبل العجز فربما كان بغير حق فإن تحقق العجز يظهر أنه كان مقبول الشهادة وكان صادقا في ذلك القذف وأما عدم قبول الشهادة فإنه حكم شرعي يمكن سبقه { قلنا القذف في نفسه ليس كبيرة فإن الشهادة عليه مقبولة حسبة لله تعالى } ومنعا للفاحشة ولما اتجه أن يقال لما احتمل القذف الحسية ولم يكن جناية محضة ينبغي أن لا يتعلق به الد ورد الشهادة أجاب عنه بقوله { وهو } أي القذف وإن احتمل أن يكون حسبة { لا يحل } ولا يحوز الاقدام عليه وإن كان صادقا { إلا أن يوجد الشهود فإذا مضى زمان يتمكن فيه من إحضشارهم ولم يحضر صار القذف كبيرة } مقتصرة على حال العحز لا مستندة إلى الأصل لاحتمال أنه قذفوله بينة عادلة إلا أنه عجز عن إحضارهم لموتهم أو غيبتهم أو امتناعهم عن الأداء { فيكون العجز شرطا } لرد القاضي شهادة الرامي لا علامة { والفة أصل } في المسلم { لكن لا يصلح لاثبات رد الشهادة } لما عرفت ان الأصل لا يصلح حجة للاثبات بل للدفع فقط { ثم إن أتى بالبينة } على الزنا من غير تقادم العهد { بعد ما جلد } القاذف { يبطل رد شهادته ويحد الزاني وإن تقادم العهد } أي إذا أتى بالبينة على ا لزنا بعدما جلد القاذف لكن بعد التقادم { يبطل الرد } أي رد شهادة القاذف { ولا يثبت الحد } أي حد الزنا على الزاني لأن تقادم العهد هنا شبهة في درء الحد { باب المحكوم به } وهو فعل المكلف الذييتعلق به خطاب الشرع { وهو قسمان ما ليس له إلاوجود حسي } المراد بالحسي ما يعم مدركات العقل بطريق التغليب ليدخل فيه مثل تصديق القلب والنية في العبادات { وماله وجود آخر شرعي } مع وجوده الحسي ومعناه أن يعتبر الشارع أركانا وشرائطا يحصل من اجتماعهما مجموع مسمى باسم خاص يوجد بوجود تلك الأركان والشرائط وينتفي بانتفائها كالصلاة والبيع { فالأول بعد أن يكون متعلقا لحكم شرعي إما أن يكون سببا لحكم آخر } بأن جعل الشارع ذلك الفعل بالتعيين سببا لحكم شرعي وهو إما صفة لفعل المكلفأو أثر له { أو لم يكن } سببا له { كالزنا فإنه حرام وهو سبب لوجوب الحد وصفة لفعله وكالأكل ونحوه } فإنه تارة واجب وأخرى حرام وليس سببا لحكم شرعي { وكذا الثاني كالبيع فإنه مباح وهو سبب } لحكم آخر أثرله { وهو الملك بخلاف الأكل } فإن الشارع لم يجعل بالتعيين سببا لبطلان الصوم مثلا بل جعل الامساك من أركان الصوم فلزم بطلانه بانتفائه { وكالصلاة } فإنها واجبة وليست سببا لحكم آخر { والوجود الشرعي بحسب أركان وشرائط اعتبرها الشارع فإن وجد الكل فإن فإن حصل معهما الأوصاف المعتبرة شرعا الغير الذاتية يسمى صحيحا } بالأصل والوصف { وإلا } أي وإن لم يحصل معهما الأوصاف المذكورة { يسمى فاسدا وإن لم يوجد } الاركان أو الشارئط { يسمى باطلا } كبيع الملاقيح فإنه باطل لانتفاء الركن والنكاح بلا شهود لانتفاء الشرط { والفاسد صحيح بأصله دون وصفه فأما الصحيح المطلق } من غير قيد { فيراد به الأول } أي ما وجدت الأركان والشرائط وحصلت الأوصاف المذكورة وعند الشافعي الفاسد والباطل منزاد فإنولا مشاحة في الاصطلاح { ثم المحكوم به أما حقوق الله تعالى } وهو ما يتعلق به النفع العام منغير اخصاص بأحد فنسب إلى الله تعالى لتعظم خطره وشمولنفعه والا فباعتبار التخليق الكل سواء فيالاضصافة إلى الله تعالى قال الله تعالىولله ما في السموات والأرض وباعتبار التضرر والانتفاع هو متعال عن الكل { أو حقوق العباد } معنى حق العبد ما يتعلق به مصلحة خاصة كحرمة مال الغير { وأما اجتمعا فيه والأول غالب أو ما اجتمعا فيه والثاني غالب } ولا وجود لقسم آخر وهو ما اجتمع فيه الحقان على التساوي { أما حقوق الله تعالى فثمانية } بحكم الاستقراء { عبادات خالصة } كالايمان وفروعه { وكل من الايمان وفروعه مشتمل على الأصل والملحق به والزوايد } بمعنى أن في جملة الفروع هذه الثلاثة لا بمعنى أن كلا منها يشتمل عليها { فالايمان أصله التصديق } بمعنى إذعان القلب وشقبوله بجميع ما يجب تصديقه { والاقرار باللسان ملحق به } لكونه ترجمة عما فيالضمير ودليلا على تصديق القلب { حتى إن تركه } أي لم يقرباللسان { مع القدرة } عليه { لم يكن مؤمنا عند الله تعالى وعند الناس وهذا عند بعض علمائنا } كشمس الائمة وفخر الاسلام فهو عندهم ركن للايمان وملحق بأصله { أما عند البعض فالايمان التصديق والاقرار شرط لاجراء الاحكام الدنيوية } فمن صدق بقلبه ولم يقر باللسان مع تمكنه منه مؤمن عند الله تعالى دون الناس فلا يجري عليه الاحكام { وهو } أي الاقرار { أصل في حقها } أي في حقالأحكام الدنيوية { اتفاقا حتى صح إيمان المكره } على الإقرار باللسان مع قيام القرينة على عدم التصديق { في حق الدنيا ولا يصح ردته } أي ردة المكره لقيام المعارض وهو الاكراه { وزوايد الايمان الأعمال وعبادة فيها مؤنة كصسدقة الفطر فلم يشترط لها } بناءعلى أن فيها معنى المؤنة { كمال الأهلية } المشروطة في العبادات الخالصة { ومؤنةفيها عقوبة كالخراج فلا يتبدى } هذا النوع { على المسلم } لما فيه من معنى العقوبة والذل ولكنه يبقى عليه } حتى لواشترى مسلم من كافر أرضخراج كان عليه الخراج لا العشر { لأنه } أي لأن الخراج { لما تردد بين الأمرين } المؤنة والعقوبة { لا يبطل بالشك على أن الوصف الأول وهو المؤنة غالب على ما سبق أنه مؤنة باعتبار الأصل وهو الأرض عقوبة باعتبار الوصف ومؤنة فيها عبادة كالعشر فلا يبتدي } هذا النوع { على الكافر لكن فيه يبقى عليه عند محمد كالخراج على المسلم وعند أبي يوسف يضاعف } العشر { لأن فيه } أي في العشر { معنى العبادة } المشتملة على القربة { والكفر ينافيها من كل وجه فأما الاسلام فلا ينافي العقوبة من كل وجه فيضاعف إذ هي } أي المضاعفة { أسهل من الابطال أصلا } أي من إبطال العشر ووضع الخراج مقامه { وعند أبي حنيفة رحمه ينقلب العشر خراجا إذا التضعيف أمر ضروري } ثبت بإجماع الصحابة رضيهم على خلاف القياس في قوم بأعيانهم تذر أيحاب الجزية والخرج عليهم خوفا من الفتنة { فلا يصار إليه مع إمكان الأصل } وهو الخراج { وحققائم بنفسه } أي لا يجب في ذمة أحد { كخمس الغنائم والمعادن وعقوبات كاملة كالحدود } عقوبات { قاصرة كحرمان الميراث بالقتل فلا يثبت في حق الصبي } إذا قتل مورثه عمدا أوخطأ { لأنه لا يوصف بالتقصير والبالغ الخاطىء مقتصر } لكونه محل الخطاب وحكم الخطأ في حق العبد غير موضوع { فلزمه الجزاء القاصر ولا } يثبت حرمان الميراث { في القتل بسبب } كحفر البئر ونحوه { والشاهد إذا رجع } أي شهد علىمورثبالقتل فقتل ثم رجع هو عن شهادته { لأنه } أي لأن نحرمان الميراث { جزاء المباشرة } كما بينا قبل ولا مباشرة هنا { وحقوق دائرة بين العبادة والعقوبة كالكفارات فلا يجب } هذا النوع { على المسبب } كحافر البئر { لأنها } أي لأن هذه الحقوق { جزاء الفعل والصبي } عطف علىالمسبب { لأنه لا يوصف بالتقصير خلافا للشافعي فيهما } أي في المسبب والصبي { لأنها عنده ضمان المتلف } ولا فرق في التلف بين مالمباشرة والتسيب ومراجه بالمتلف هو الحق الثابت لصاحب الشرع الفائت بفعل يضاده كالاستبعاد الفائت بالقتل { وهذا لا يصح في حقوق الله تعالى } لأنه تعالى منزه عن أن يلحقه خسران يحتاج إلى جبره وإنما الضمان في حقوقه جزاء للفعل { ولا } يجب { على الكافر لوصف العبادة وهي } أي العبادة { غالبةفيها } أي فيالحقوق المذكورة { إلا كفارة الظهار } فإن وصف العقوبة فيها غالبة { لأنه } أي لأن الظهار { منكر من القول وزور } فيكون جهة الجناية غالبة فيه وفيه نظر ثم أنه على خلاف ما صرح به السلف من أن جهة العبادة في كفارة الظهار غالبة { وكذا كفارة الفطر } فإن وصف العقوبة غالبة فيها { لقوله عليه السلام من أفطر في رمضان متعمدا عليه مع } تقييد الافطار بالتعمد الذي به يتكامل الجناية ثم ترتيب الوجوب عليه دل على غلبة العقوبة { لاجماعهم على أنها } أي على أن الكفارة { لا يجب } علىالخاطىء ولو لم يعتبر في سببها كمال الجناية لما سقطت بالخطأ وفي كمال الجناية كمال العقوبة { ولأن الافطار عمدا ليس فيه شبهة الاباحة } بوجه ولما اتجه أن يقال فحينئذ ينبغي أن يكون كفارة الفطر عقوبة محضة أشار إلىدفعه بقوله { لكن الصوم لما كان حقا غير مسلمإلىصاحبه ما دام فيه فلا يكون الافطار بطال حق ثابت } إذ لا يتصورالجناية بالافطار بعد تمام ولكن تحقق بهذا الاعتبار قصور ما في جناية { بل هو منح عن تسليمه } أي تسليمالحق { إلى المستحق فأوجبنا الزاجر بالوصفين } أي العبادة والعقوبة ولم نجعل الزاجر عقوبة محضة { وهي } أي كفارة الصوم { عقوبة وجوبا } بمعنى أنها وجبت لجزية لأفعال يوجد فيها معنى الخطر كالعقوبات { وعبادة أداء } بمعنى أنها يتأدى بالصوم والاعتاق والصدقة وهي قرب { وقد وجدنا في الشرع ما هذا شأنه كإقامة الحدود } فإنها واجبة بطريق العقوبة ويؤديها الامام عبادة لأنه مأمور بإقامتها { ولم نجد على العكس } أي ما هو عقوبة أداء وعبادة وجوبا وإنما قال هذا جوابا لمن يقول لم لم يعكس { حتى يسقط لشبهة كالحدود } تفريع على أن كفارة الفطر عقوبة { وبشبهة قضاء القاضي في المنفرد } برؤية هلال رمضان إذا رد القاضي شهادته لتفرده أو لفسقه وحكم بأن اليوم من شعبان فصام المنفرد لقوله عليه السلام صوموا لرؤيته ثم أفطر عامدا ولو بالجماع لم يلزم الكفارة عندنا خلافا للشافعي { وتسقط إذا أفطرت عمد ثم حاضت } في يوم إفطارها { أو مرضت } وكذا أفطر ثم مرض { وكذا إن أصبح صائما ثم سافر وافطر } أما إذا أفطر ثم سافر فلا تسقط الكفارة { وأما قوق العباد فأكثر من أن يحصى وما اجتمعا فيه والأول غالب حد القذف ولهذا يفوض استيفاؤه إلى لأمام { ما اجتملب القصاص } ولهذا فوض استيفاؤه إلى الولي ويجوز فيه الاعتياض بالمال { وأما د قاطع الطريق فخالص عندنا } قطعا كان أو قتلا وعند الشافعي وإذا كان نقلا ففيه حق الله تعالى من جهة أنه حد يستوفيه الامام ولا يقط باللعفو وحق العبد من جهة أن فيه معنى القصاص من حيث أنه لا يجب إلا بالقتل { وهذه الحقوقتنقسم إلى اصل وخلف ففي الايمان أصله التصديق والاقرار ثم صار الاقرار خلفا } أي قائما مقام الأصل { في أحكام الدنيا ثم } صار { أداء أحد أبوي الصغير خلفا عن أدائه حتى لا يعتبر التبعية إذا وجد أداؤه } أي أداء الصغيرالعاقل مثلا إذا سبى صبي فإن أسلم هو بنفسه مع كونه عاقلا فهو الأصل فيحكم بإيمانه أصالة لا بكفره تبعية وإلا فإن سلم أحد أبويه فهو تبع له في الاسلام { ثم } صار { تبعية أهل الدار } أي دار الاسلام إن أخرج إليها { أو } تبعية { القائمين } خلفا لم يقل عن أداء أحدهما لعدم القطع به بل الظاهر أنه حينئذ أيضا خلف عن أدائه { إذا عدما } أي الأبوان { وكذا الطهارة والتيمم لكنه } أي التيمم { خلف مطلق عندنا بالنص } أي إذا عجز عن استعمال الماء يكون التيمم خلفا مطلقا يجوز ء الفرائض بتيمم واحد كما يجوز بوضوء واحد { وعنده } أي عند الشافعي { خلف ضروري } أي خلف عن الأصل عند العجز بقدر ما يندفع به الضرورة { حتى لم يجز أداء الفرائض بتيمم واحد وقال الشافعي في إنائين نجس وطاهر يتحرى } فيتوضأ بما يغلب علىظنه طهارته { ولايتيمم } بناء على أن التيمم خلف ضروري ولا ضرورة هنا { وعندنا يتيمم إذا ثبت العجز بالتعارض } بين النجس والطاهر ولا حاجة إلى الضرورة لأنه خلف مطلق لا ضروري { ثم عند الشيخين التراب خلف عن الماء } فبعد حصول الطهارة كان شرط الصلاة موجودا في كل واحد منهما بكماله { فيجوز إمامة المتيمم للمتوضى } كإمامة الماسح للغاسل { وعند التلميذين التيمم خلف عن الوضوء فلا يجوز } الإمامةالمذكورة إذ لا يجوز بناء صاحب الأصل القوى صلواته عن صلاة صاحب الخلف الضعيف حتى لا يصح إمامة المومي للمصلي بركوع وسجود { وشرط الخلفية إمكان الأصل } أي لابد في ثبوتالخلف منإمكان الأصل { ليصير السبب منعقدا له } أي لأصل { ثمعدمه } أيعدم الأصل فيالحال لعارض لأنه لا معنى للمصير إلىالخلف مع وجود الأصل { كما في مسألةمس السماء بحلاف الغموس } وقد سبق ذكرذلك { باب المحكوم عليه } وهوالمكلف الذي تعلقالخطاب بفعله { ولا بد من أهليته للحكم وهي لا يثبت إلا بالفعل } إذ لا تكليف على الصبي والمجنون { قالوا } أي مشايخنا { هو نور يضيء به يبتدي به } أي بذلك الطريق { من حيث ينتهي إليه درك الحواس } من جهة انتهاء إدراك الحواس إلى ذلك الطريق فإنه لا مجال فيه لدرك الحواس وهو طريق إدراك الكلبات إذ طريق إدراك المحسوسات يشترك فيه العقلاء والصبيان والمجانين بل الباهائم ولا يحتاج إلى العقل الذي نحن بصدده { فيظهر المطلوب للقلب كما أن العين مدركة بالقوة فإذا وجد النور الحسي يخرج إدراكها من القوة إلى الفعل فكذا القلب مع هذا النور العقلي } الظاهر من نص الكتاب والحديث إن محل الإدراك هو القلب وأما كيفية إدراكه فمجهولة وكونه عبارة عن النفس الانسانية مما لم يقم عليه شبهة فضلا عن الحجة ولا حاجة بنا إليه { وابتداء إدراك الحواس ارتسام المحسوس في الحواس الظاهرة ونهاية ارتسامه فيالحواس الباطنة يبدأ العقل بالتصرف فيه بأن يدرك الغائب من الشاهد أو ينتزع الكليات من تلك الجزئيات المحسوسةولهذا التصرف مراتب استعداده لهذا الانتزاع ثم علم البديهيات علىوجه يوصل إلى النظريات ثم علم النظريات منها } أي من البدهيات متى شاء ومن غير تجشم كسب جديد { ثم استحضارها بحيث لا تغيب وهذا نهايته } أي نهاية تصرف القلب { والمرتبة الثانيةهي مناط لاتغيب وهذا نهايته } أي نهاية تصرف القلب { والمرتبة الثانية هي مناط التكليف } وزيادة تفصيل في هذا المقام مما لا حاجة إليه في تحقيق المرام { ثم معلومات النفس إما أن يتعلق بها العمل كمعرفة الصانع تعالى ويسمى علوما نظرية وإما أن يتعلق بها العمل ويسمى علوما عملية فإذا اكتسبت } النفس { العملية حركت البدن إلى ما هو خير وعما هو شر } لأن النفس مائلة إلى الكمالات { فيستدل بهذا } التحريك { على وجود تلك القوة وعدمها وإذا لم تحركه } إلى الخير وعن الشر { علم عدم معرفتها بهما } أي بالخير والشر { إذ لو كانت عارفة لحركت فعلم إن وجود العقل وعدمه يعرفان بالأفعال والاطلاع على حصول ما ذكرنا أنه مناط التكليف متعذر } لنعذرالعلم بأن عقلكل شخصهل بلغ المرتبة التي هي مناط التكليف { فقدره الشرع بالبلوغ } إقامة للسبالظاهر مقام حكمه { إذ عنده يتم التجارب بتكامل القوى الجسمانية التي هي مراكب القوى العقلية ومسخرةلها بإذن الله الله تعالى وقد سبقفي باب الأمر الخلاف في إيجابه الحسن والقبح فعند المعتزلة الخطابمتوجه بنفس العقل } لا خلاف للمعتزلة فيأن العقل لا يستقل في كثير من الأحكام مثل وجوب الصوم في آخر رمضان وحرمته فيأول شوال وكذا لا خلاف للأشاعرة في أن الشرع يحتاج إلى العقل وأن للعقل مدخلا في معرفة الأحكام وإنما النزاع في أن العاقل إذا لم يبلغه الدعوة وخطاب الشارع إما لعدم وروده أو لعدم وصوله إليه فهل يجب عليه بعض الأفعال ويحرم بعضها بمعنى استحقاق الثواب والعقاب في الاخرة أم لا عند المعتزلةنعم بناء على مسألةالحسن والقبح وعند الأشاعرةلا إذ لا حكم للعقلولا تعذيب قبل البعث { فالصبي العاقل وشاهق الجبل البالغ } الساكن فيه غير مختلط بالخلق { مكلفان بالايمان حتى إن لم يعتقدا كفرا ولا غيمانا يعذبان عند الأشاعرة يعذر ان فلم يعتبر وأفر شاهق الجبل فيضمن قاتله ولا إيمان الصبي والمذهب عند الماتردية التوسط بينهما } أي بين المذهبين المذكورين { إذ لا يمكن إبطال العقل بالعقل } وهو ظالهر { ولابالشرع وهو } الشرع { مبني عليه } أي على العقل لأنه منبني علىمعرفة الله تعالى والعلم بواحد انيته والعلم بأن المعجزة دالة علىالنبوة وهذه الأمور لا تعرف شرعا بل عقلا دفعا للدور { لكن يتطرق الخطأ في العقليات } فإن مبادى الادراكات العقلية الحواس وقد يقع الالتباس بين القضايا الوهمية والعقلية فيتطرق الغلط في مقتضثيات الافكار كما ترى من اختلافات العقلاء بل اختلاف الانسان نفسه في زمانين فعلى هذا يكون الدليل على التوسط بني المذهبين وجهين أحدهما التوسط في مسألة الجبر والقدر ومسألة الحسن والقبح وثانيهما معارضة الوهم العقل في بعض الأمور العقلية وتطرق الخطأ فيهما { فهو } أي العقل { وحده غير كاف } فيما يحتاج الانسان إلى معرفته وورد به أمر الشارع بل لا بد من انضمام شيء آخر إما إرشاد أو تنبيه لينتوجه العقل إلى الاستدلال أوإدراك زمان يحصل له التجربةفيه فيعينه علىالاستدلال { فالصبي العاقل } تفريع على المذهب المذكور { لا يكلف بالايمان } لنعدم استيفاء مدة جعلها الله تعالى علما لحصول التجارب وكمال العقل { ولكن يصح } الايمان { منه } اعتبارا لأصل العقل ورعاية للتوسط فيجعل مجرد العقل كافيا للصحة وشرط الانضمام المذكور للوجوب { والمرأة المراهقةإنغفلت عن الاعتقادين } اعتقاد الايمان واعتقاد الكفر { لا تبين عن زوجها } لأنها لم تدرك المدة المذكورة فلم يجعل مجرد العقل كافيا في التوجه إلى الاستدلال { وإن كفرت تبين } لا إنما وضع البلوغ موضع كمال العقل والتمكن من الاستدلال إذا لم يتحقق التوجه إلىالاستدلال أما إذا تحقق ذلك فلا يبقى عذر وقد حصلت هنا مدة إفادتها التوجه بأن كفرت { وكذا } لا يكلف { الشاهق } في الجبل { قبل مضي زمان يحصل فيه التجربة } والتمكن من الاستدلال { وبعده يكلف فلا يضمن قاتله } بل يهدر دمه { ولو قتل قبل مدة التجربة فإنه } أي فإن القتل { لم يستوعب عصمة بدون دار الاسلام } أي بدون الإحراز بها { فصل } ثم الأهلية ضربان أهلية وجوب } أي صلاحية لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه { وأهلية أداء } أي صلاحيته لصدورالفعل منه على وجه يعتد به شرعا { أما الأولى فبناء على الذمة وهي في اللغة العهد وفي الشرع وصف يصير به الانسان اهلا لماله وعليه } فإن الله تعالى لما جعل الانسان محل أمانة أكرمه بالعقل والذمة حتى صار أهلا لوجوب الحقوق له وعليه وثبت له حقوق العصمة والحرية والمالكية وهذا هو العهد الذي جرى بين الله تعالى وعباده يوم الميثاق المشار إليه بقوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الاية ولا يذهب عليك أنه لا دلالة في الاية المذكورة ولا في قوله تعالى وحملها الانسان الاية الا على أن الانسان قد خص من بين الحيوانات بوجوب اشياء له وعليه وتكاليف يؤاخذ بها فلا بد فيه من خصوصية بها يصير أهلا لذلك وأما إن تلك الخصوصية أمر آخر وراء ذات الانسان العقل والتمييز فالنصان المذكوران ساكتان عنه فمن أنكر الذمة وقال أنها الأمر لا معنى له ولا حاجة إليه فيالشرع وأنه من مخترعات الفقهاء يعتبرون عنوجوب حكم علىالمكلف بثب في مقام المنع وأيضا لما كان مبنى الاستدلال على أن الانسان يلزمه ويجب عليه شيء فلا بد فيه منوصف يصير به أهلا لذلك لم يكن حاجة إلى التكلفات المذكونر في تقرير الاحتجاج بالنصوص المذكورة بلا دلالة قوله تعالى أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة على هذا المعنى اظهر وأما التمسك في هذا المقام بقوله تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها فمما لا وجه له أصلا كيف واستحقاق الرزق غير مختص بالانسان فيلزم ثبوت الذمة لكل دابة { فقبل الولادة له ذمة من وجه تصلح لوجوب الحق له } كالارث والوصية والنسب { لا عليه } حتى لو اشترى الولي له شيئا لا يجب عليه الثمن { فإذا ولد تصير ذمته مطلقة } لصيرورته نفسا مستقلا من كل وجه وأهلا للوجوب له وعليه وينبغي أن يجب عليه كل حق يجب على البالغ { لكن الوجوب غير مقصود بنفسه بل ا لمقصود منه حكمه وهو الأداء فكل ما يمكن أدؤه } عنه { يجب وما لا يمكن أداؤه } عنه { فلا } يجب { فحقوق العباد ما كان منها عزما وعوضا } يجب على المولود الصبي { لأن المقصود هو المال وأداؤه يحتمل النيابة وكذا } يجب عليه { ما كان صلة يشبه المؤن والاعواض كنفقة القريب } فإنها صلة تشبه المؤن { وكنفقة الزوجة } فإنها صلة تشبه الأعواض { لا صلة تشبه الا جزية فلا يحتمل الصبي العقل } أي الدية { وإن كان عاقلا } مميزا لأن الدية وإن كانت صلة إلا أنها تشبه جزاء التقصير في حفظ القاتل عن فعله والصبي لا يوصف بذلك وهذا معنى قوله { لأنه يشبه أن يكون جزاء أنه لم يحفظه عما فعل ولا العقوبة كالقصاص ولا الاجزية كحرمان الميراث علىما مر } في باب المحكوم به { وأما حقوق الله تعالى فالعبادات لا يجب عليه أما البدنية فظاهر } لضعف بنيته وعجزه { وأما المالية فلان المقصود } من شرعية العبادات المالية { هو الأداء } ليظهر المطيع عن العاصي { لا المال } لأن الله تعالى غني عن العالمين { فلا يحتمل النيابة الجبرية } فصارت كالبدنية وإنما قيد النيابة بالجبرية لأن العبادة المالية تحتمل النيابة الاختيارية كما إذا وكل غيره بأداء زكاته وهذا لأن فعل النائب في النيابة الاختيارية ينتقل إلى المنسوب عنه فيصلح عبادة بخلاف النيابة الجبرية كنيابة الولي { ولا العقوبات كالحدود ولا عبادة فيها مؤنة كصدقة الفطر عند محمد لرجحان معنى العبادة ويجب عندهما أجزاء } أي اكتفاء { بالأهلية القاصرة وما كان مؤنة محضة كالعشر والخراج } المراد بالمحضة ما بحسب الأصل والقصد لا بحسب الوصف فإن في العشر معنى العبادة بحسب الوصف وفي الخراج معنى العقوبة بحسبه كما سبق { يجب وعلى الأصل المذكور } وهو إن ما يمكن أداؤه يجب وما لا فلا { قلنا لو وجب أداء الصلاة على الحائض والحيض ينافيها يظهر ذلك في حق الققضاء وفي قضائها نحرج فيسقط أصل الوجوب بخلاف الصوم إذ ليس في قضائه حرج والأداء محتمل } أي يحتمل أن يكون أداء الصوم واجبا لأن الحدث لا ينافي الصوم وعدم جوازه منها } من الحائض { خلاف القياس فينتقل } الوجوب { إلى الخلف وهو القضاء { والجنون الممتد يوجب الحرج في الصلاة والصوم وحذا الاغماء الممتد } يوجب الحرج { في الصلاة دون الصوم لأنه } أي لأن الاغماء { يندر } حلا كونه { مستوعبا شهر رمضان وأما الثانية } أي أهلية الأداء { فقاصرة وكاملة وكل منهما يثبت بقدرة كذلك } أي أهلية الأداء القاصرة تثبت بقدرة قاصرة وأهلية الأداء الكاملة تثبت بقدرة كاملة { والقدرة القاصرة تثبت بالعقل القاصر وهو عقل الصبي والمعنوه البالغ و} القدرة { الكاملة تثبت { بالعقل الكامل مع قوة البدن } لأن المعتبر في وجوب الأداء ليس مجرد فهم الخطاب بل مع قدرة العمل وهو بالبدن { وهو عقل البالغ غير المعتوه فما ثبت بالقاصرة أقسام ستة } لأنها إما حقوق الله تعالى أو حقوق العباد والأول إما حسن لا يحتمل القبيح أو قبيح لا يحتمل الحسن أو متردد بينهما والثاني إما نفع محض أو ضرر محض أو متردد بينهما { فحقوق الله تعالى كالإيمان وفروعه يصح من الصبي لقوله عم مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم إذا بلغوا عشرا ولما اتجه أن يقال الضرب عقوبة والصبي ليس من أهلها تدارك جوابه بقوله { وإنما الضرب للتأديب والصبي أهل له ولأنه } أي ولأن الصبي { أهل للثواب ولأن الشيء إذا وجد شرعا لا ينعدم شرعا إلا بحجره } أي بحجر الشرع إياه { وهو } أي الحجر { باطل فيما هو حسن } فيه نفع محض كالايمان وفروعه فلا يليق بالشارع الحكيم الحجر عنه ولما استشعر أن يقال يحتمل الايمان وفروعه الضرر بالالتزام حيث يأثم بتركه تدارك دفعه بقوله { ولا ضرر إلا في لزوم أدائه وهو } أي لزوم أدائه { عنه } أي عن الصبي { موضوع } لأنه مما يحتمل السقوط بع ... ذر النوم والاغماء والاكراه وأما نفس الأداء وصحتهى فنفع محض لا ضرر فيه ولما التجه أن يقال نفس الأداء يحتمل الضرر في حق أحكام الدنيا كحرمان الميراث عن مورثه الكافر والفرقة بينه وبين زوجته المشتركة وكل منهما ضرر أجاب عنه بقوله { وأما حرمان الميراث والفرقة فيضافان إلى كفر الآخر وشركه } وهو الموروث والزوجية { لا إلى إسلامه } أي إسلام الصبي وفيه نظر { وأيضا هما من ثمرات الايمان } لا من أحكامه الأصلية الموضوع هو لها { وإنما يعرف صحة الشيء بحكمه الذي وضع له لا بما يلزم } وهو سعادة الدارين { ألا يرى أنهما } أي الحرمان والفرقة المذكورين { يثبتان تبعا } لأحد أبويه { ولم يعد ضررا } ولو كان ضررا لما لزم تبعا لأن تصرفات الأب لا يلزم الصغير فيما هو ضرر محض { وأما الكفر فيعتبر منه أيضا } وفيه نظر لأن اعتبار الكفر منه ضرر محض } وهو ليس محلا له لأن الضرر موضوع عنه ولأن الكفر سبب شقاوة الدارين { لأن الجهل لا يعد علما } ولو جعل مؤمنا لصار الجهل بما يتعلق به الايمان علما به { فيصح ردته فيلزم أحكام الآخرة } لأنها تتبع الاعتقادات وهي أمومر موجودة حقيقة لأمر دلها بخلاف الأمور الضشرعية { وكذا أحكام الدنيا } عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما { لأنها } أي لأن أحكام الدنيا { تثبت } بالكفر { ضمنا } فإن الأحكام القصدية في الاسلام والكفر هي الأحكام الأخروية ولما كانت ثبوتها ضمنا تثبت وإن كانت ضررا { ولذلك تثبت به } أي بسبب الكفر { تبعا لأحد الأبوين } وإن كان لا يلزمه تصرفاتهما الضارة قصدا { وأما حقوق العباد فما كان منفعا محضا كقول الهبة ونحوه يصح وأن يأذن وليه فإن اجر الصبي المحجور أو العبد المحجور نفسه وعمل يجب الأجر استحسانا } لأن عدم الصحة كان لحق المحجورحتى لا يلزمنه ضرر فإذا عمل فوجب الاجرة نفع محض لا ضرر فيه وإنما الضرر في عدم الوجوب وأما في القياس فلا يجب الاجرة لبطلان العقد { لكن في العبد يشترجط السلامة حتى إن تلف فيه } أي في العمل { يضمن } المستأجر { بخلاف الصبي } لأن الغصب لا يتحقق في الحر { وإذا قاتلا } أي الصبي والعبد المحجوران { يستحقان الرضح } وهو عطاء لا يبلغ لهم الغنيمة { ويصح تصرفهما وكيلين بلا عهدةإن لم يأذن الولي } لأن ما فيه احتمال الضرر لا يتملكه إلا بإذنه { إذ فيالصحة اعتبار الآدمية وتوسل إلىدرك المضار والمنافع واهتداء في التجارة بالتجربة قالاللهتعالى وابتلوا اليتامى وما كان ضررا محضا } عطف على قوله فما كان نفعا { كالطلاق والهبة والقرض ونحوها لا يصح منه وإن أذن وليه ولا يصح مباشرته } أي مباشرة الولي لهذه الأشياء من قبل الصبي لأن ولايته نظكرية وليس من النظر إثبات الولاية فيما هو ضرر محض { الا القرض للقاضي } فإنه يصح له دون غيره من الأولياء لأنه أقدر علىاستيفائه لعدم الحاجة حينئذ إلىدعوى وبينه ولما استشعر أن يقال أن ولايته أيضا نظرية وقد مر أنه ليس من ا لنظر إثبات الولاية فيه تدارك دفعه بإثبات نوع نظر لا يشعر به الضرر في غقراضش القاضي بقوله { فإن عليه } أي على القاضي { صيانة الحقوق العين } المنقولة { لا يأمن هلاكها } أي والحال انهار بما تهلك فيقرضها القاضي ليلزم في ذمة المستقرض فيأمن هلاكها { وما يتردد بينهما } أي بين النفع والضرر { كالبيع والشراء والاجارة ونحوها } فمن نحيث أنه يحتمل الربح نفع ومن حيث أنه يحتمل الخسران { ضرر يصح بشرط رأي الولي } فإنه بانضمام رأيه يندفع احتمال الضرر ظاهرا { لأنه } أي لأن الصبي { أهل الحمة } أي لحكم ما يتردد بين النفع والضرر إذا باشر وليه { فكذا إذا باشر بنفسه برأي الولي } فيحصل بهذا المذكور من مباشرة برأي الولي { ما يحصل بذلك } أي بمباشرة الولي { مع فضل تصحيح عبارته وتوسيع طريق حصول ا لمقصود } حيث يحصل بكل واحد من المباشرتين { ثم هذا } التصرف من الصبي براي الولي فيما يتردد بين النفع والضرر { عند أبي حنيفة رحمه بطريق إن احتمال الضرر في تصرفه يزول براي اللوي فيصير الصبي كالبالغ حتى يصح بغبن فاحش من الأجانب ولا يملكه الولي فإما } بيع الصبي { من الولي } معغ غبن فاحش { ففي رواية يصح لما قلنا } أنه يصير كالبالغ { وفي رواية لا } يصح { لأنه } أي لأن الصبي { فيالملك أصيل مطلقا وفي الرأي أصيل من وجه دونوجه لأن له اصل الرأي باعتبار أصل العقل دون وصفه } أي وصف العقل { غذ ليس له كمال العقل فثبت شبهة النيابة } أي نيابة الولي صار كان الولي يبيع من نفسه مال الصبي بالغبن { فاعتبرت شبهة النيابة في موضع التهمة } وهوأن يبيع الصبي من الولي { وسقطت فيغير موضعها } أي في غير موضع التهمةوهو ما إذا باع من الأجانب { وعندهما بطريق أنه } أي أن تصرف الصبي { يصير برأيه } أي برأي الولي { كمباشرته } أي كمباشرة الولي بنفسه { فلا يصح بالغبن الفاحش أصلا } أي لا من الولي ولامن الأجانب ولما كان منطة أن يقال الوصيةنفع محض لأنه سبب الثواب بعد الاستغناء عن المال بالموت بخلاف الهبة والصدقة فإن فيها ضررا بزوال الملك في الحياة فينبغي أن يصح وصية الصبي تدارك دفعه بقوله { وأما وصيته } أي وصية الصبي { فباطلة لأن الإرث شرع نفعا للمورث بقول عم لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم حالة يتكففون الناس } أي يمدون أكفهم سائلين وفي الوصية إبطال الإرث { حتى شرع في حق الصبي } ولو كان ضررا لما شرع في حقه تفريع على أن الإرث شرع نفعا للممورث وفيه نظر لأن موجب ما ذكر تضمن الوصية الضرر لا كونها ضررا محضا فلا يدل على بطلانها قطعا بل اللازم صحتها بإذن الولي ولا رواية في ذلك ودعوى الرجحان في جانب الضرر تكلف ظاهر وأيضا لا تمشية لما ذكر فيما إذا لم يكن للصبي ورثة وأما الاعتراض بأن يقال إن كانت الوصية ضررا لكونها إبطالا للإرث ينبغي أن لا تصح من البالغ أيضا خصوصا إذا كانت الورثة أطفالا لكونها ضررا بينا في حقهم فقد تدارك دفعه بقوله { الا أنها شرعت في حق البالغ } وإن كان ضررا { كالطلاق } يعني أن الضرر المحض قد شرع للبالغ لكمال الاهلية كالطلاق والعتاق ونحوهما } فكيف إذا كان مشوبا بالنفع { فصل } { الأمر المعترضة على الأهلية } المراد بالعارض هنا الصفة الذاتية لا الحادث بعد العدم لعدم صحته في الصغير { سماوية } إن لم يكن للعبد فيها اختيار واكتساب { ومكتسبة } إن كان له دخل فيها باكتسابها أو ترك إزالتها } أما السماوية فمنها الجنون } وهو زوال العقل أو اختلاله بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج الاستقامة إلا نادرا { وهو في القياس مسقط لكل العبادات لمنافاته القدرة } التي بها يتمكن من أداء العبادة على النهج الذي اعتبره الشرع { ولهذا عصم الانبياء عليهم السلام عنه وحيث لم يمكن الأداء سقط الوجوب لكنهم استحسنوا أنه إ ... ذا لم يمتد لا يسقط الوجوب { لعدم الخرج } في وجوب القضاء { على أنه لا ينافي أهلية نفس الوجوب فإنه يرث ويملك لبقاء ذمته } لأن الملك من باب الولاية ولا ولاية بدون الذمة { وهو } أي المجنون { أهل للثواب } لبقاء إسلامه والثواب من أحكام الوجوب { ثم عند أبي يوسف هذا } أي عدم سقوط الوجوب إذا لم يمتد المجنون { إذ اعترض } المجنون { بعد البلوغ أما إذا بلغ مجنونا فإنه يسقط مطلقا ومحمد لم يفرق } بين ما عرض بعد البلوغ وبين ما إذا بلغ مجنونا { فالممتد } في كل واحد من الصورتين { مسقط وغير الممتد غير مسقط } فيهما عنده { ثم الامتداد في الصلاة بان يزيد على يوم وليلة بساعة وعند محمد بصلاة فيصير الصلوات ستا } والامتداد { في الصوم بأن يستغرق } شهر { رمضان } وإنما اشترطوا في الصلاة التكرار ليتأكد الكثرة فيتحقق الحرج ولم يشترطوا في الصوم التكرار لأن من شرط المصير إلى التأكيد أن لا يزيد على الاصل ووكظيفة الصوم لا يدخل إلا بمضي أحد عشر شهرا { و} الامتداد { في الزكاة بأن يستغرق الحول } لأنه كثير في نفسه { عند محمد وعند أبي يوسف في أكثره } أي الجنون في أكثر الحول كاف لسقوط الزكاة تيسيرا وتخفيفا { وأما إيمانه فلا يصح لعدم ركنه } وهو الاعتقاد لعدم العقل أو لعدم صحته ولما اتجه أن يقال عدم صحة إسلامه إذا تكلم بكلمة التوحيد إنما يكون بطريق الحجر والحجر إنما شرع بطريق النظر ولا نظر في الحجر عن الاسلام لأنه نفع محض فلا يصح الجر عنه تدارك دفعه بقوله { وذلك لا يكون حجرا ويصح تبعا } لأحد أبويه لأن الاعتقاد ليس ركنا للايمان تبعا ولا شرطا { فإذا أسلمت امرأته عرض الاسلام على وليه } فإن أسلم بقي النكاح على حاله والا فرق بينهما { ويصير مرتدا تبعا لأبويه } فيما إذا بلغ مجنونا وأبواه مسلمان فارتدا ولحقا بدار الحرب معه بخلاف ما إذا تركاه في دار الاسلام فإنه مسلم تبعا للدار وبخلاف ما إذا بلغ مسلما ثم جن أو أو أسلم عاقلا ثم جن قبل البلوغ فإنه صار أهلا للايمان بتقرر ركنه فلا ينعدم بالتبعية أو بعروض الجنون { وأما المعاملات فإنه يؤاخذ بضمان الأفعال في الأموال لما قلنا } في الصبي وهو قوله فحقوق العباد ما كان منها غرما وعوضا يجب { ولما بينا أنه اهل لكن هذا العارض من اسباب الحجر وغنما هو } أي الحجر { عن الأقوال } بعدم الاعتداد به شرعا لانتفاء تعلق المعاني { فيفسد عباداته } فلا يصح أقاريره وعقوده وإن أجازها الولي بخلاف الافعال كما إذا اتلف مال إنسان فإنه يتحقق الفعل حسا مع أن المقصود هو المال وأداؤه يحتمل النيابة { ومنها الصغر } إنما جعل الصغر من العوارض مع أنه حالة أصلية للانسان في مبتداء الفطرة لأنه ليس لازما لمهية ولا نغني بالعارض علىالأهلية إلا أن حالة غير لازمة للانسان منافية لأهليته وللأن الله تعالى خلق الانسان لحمل اعياء التكاليف ولمعرفته فالأصل أن يخلقه على صفة تكون وسيلة إلى حصول ما قصد من خلقه وهي أن يكون من مبداء فطرته وافر العقل تام القدرة كامل القوى والصغر حاله منافية لهذه الأمور فيكون من العوارض { فقبل أن يعقل كالمجنون أما بعده فيحدث له ضرب من أهلية الأداء لكن الصبي عذر مع ذلك الضرب } من الأهلية { فيسقط منه ما يحتمل السقوط عن البالغ فلا يسقط نفس الوجوب في الايمان حتى إذا أداه كان فرضا لا نفلا حتى إذا بلغ لا يجب عليه الاعادة } أي إعادة الايمان { لكن التكليف والعهدة } عنه { ساقطان فلا يحرم الميراث بالقتل ولا يلزم على هذا الحرمان عنه بالكفر والرق } كما إذا ارتدا الصبي او استرق فإنه لا يستحق الإرث { لأنهما ينافيان الإرث } أما الأول فلأن الكافر لا ولاية له وهي السبب للإرث وأما الثاني فلأن الرقيق ليس أهلا للملك { فعدم الحق لعدم سببه أو لعدم الأهلية لا يعد جزاء } بخلاف الحرمان بسبب القتل فإنه بطريق الجزاء فإن القاتل يعجل أخذ الميراث فجوزي بحرمانه لكن الصبي ليس من أهل الجزاء بالشر فلم يحرم الميراث { ومنها العتة } وهواختلال في العقل بحيث يختلط كلامه فيشبه مرة بكلام العقلاء ومرة بكلام المجانين { وحكمه حكم الصبي مع العقل } فيما ذكرنا { وكما ان امرأة المعتوه إذا أسلمت لا يؤخر عرض الاسلام عليه إلى وقت كمال العقل كذلك امرأة الصبي إذا اسلمت لا يؤخر عرض الاسلام عليه إلى وقت كمال العقل } لأن إسلامهما صحيح وصح خطابهما وغلزامهما لأن ذلك لحق العبد وهوالزوجة وإنما سقط عنهما خطاب الأداء في خالص حق الله تعالى وتأخير عرض الاسلام إنما هو في حق الصغير خاصة كذا في شرح الجامع وغيره وإنما آخر العرض في حق الصغير دون المجنون والمعتوه لأن الضغر مقدر دون المجنون والعتة { ومنها النسيان } وهو معنى يعتري الانسان بدون اختياره فيوجب الغفلة عن الحفظ خاصة واحترز بقوله عن الحفظ خاصة عن النوم والاغماء ونحوهما من العوارض التي إيجابها غير مخصوص بالغفلة عن النحفظ { وهو لا ينافي الوجوب } لبقاء القدرة وكمال العقل فلا في الأهلية خلل { لكنه لما كان من جهة صاحب الشرع يكون عذرا في حقه } أي في حق صاحب الشرع { فيما يقع فيه لا بتقصير منه } النسيان ضربان ضرب يقع الانسان من غير تقصير منه وهو ما إذا لم يكن معه شيء من اسباب التذكر سواء كان الطبع داعيا إليه كالأكل في الصوم أو لم يكن كما في ترك التسمية عند الذبح وهذا النوع لا يصلح سببا للعتاب وضرب يقع فيه بالتقصير بأن لم يباشر سبب التذكر مع القدرة عليه كنسيان الانسان ما حفظه مع قدرته على تذكاره وتكراره وهذا النوع يصلح سببا للعتاب ولهذا يستحق الكوعيد من نسي القرآن بعدما حفظه { لا في حق العباد } لأنه محترم لحاجتهم وبالنسيان لا يفوت هذا الاحترام فلو اتلف مالا معصوما ناسيا يحب عليه الضمان { ومنها النوم } هو فترة طبيعية تحدث في الانسان بلا اختيار منه وتمنع الحواس الظاهرة عن العمل مع سلامتها { وهو لما كان عجزا عن الادراكات والحركات الارادية أوجب تأخيره الخطاب } بالاداء إلى وقت الانتباه لعدم الفهم والقدرة على الالتزام حالة النوم { لا } تأخير نفس { الوجوب } وإسقاطه حالة النوم { لاحتمال الأداء } وأراد بالاداء ما يعم القضاء { بعده بلا خرج لعدم امتداده } والعجز عن الأداء إنما يسقط الوجوب حيث يتحقق الخرج بتكثر الواجبات وامتداده الزمان والنوم ليس كذلك عادة ثم استدل على بقاء نفس الوجوب بالحديث حيث قال { قال عم من نام عن صلاة الحديث } فلم تكن واجبة لما أمر بقضائها { وأبطل } النوم { عبادته } أي عبادات النائم فيما يعتبر فيه الاختيار كالبيع والطلارق والعتاق والاسلام والردة { لعدم الاختيار } في النوم حتى أن كلامه بمنزلة أصوات الطيور ولهذ قيل أنه ليس بخبر ولا إنشاء { فإذا قرأ في صلواته نائما لا تجزئة } أي لا تنوب عن الفرض هذا مختار فخر الاسلام وفي النوادر أنها تجزئة { وإذا تكلم لا تفسد } صلاته وقيل تفسد لأن الشرع جعل النائم كالمستيقظ في حق الصلاة { وإذا قهقه لا يبطل الوضوء ولا الصلاة } وذكر في المغني أن عامة المتأخرين على أنها تبطلهما حميعا { ومنها الاغماء } وهو تعطل القوى المدركةوالمحركة حركة إرادية بسبب ما يعرض الدماغ من امتلاء بطونه من بلغم بارد غليظ والغشي مثله غلا أنه بسبب انحلال القوى التي في القلب ولا تعلق له بالدماغ وكأنهم ارادوا بالاغماء ما يعم الغشي وكذلك لم يذكروه عند تعدادهم العوارض { وهو ضرب من ا لمرض حتى لم يعصم عنه النبي عم وهو فوق النوم فيما ذكرنا } لأن النوم حالة طبيعية يتعطل معها القوى المذكورة بسبب ترقي البخار اللطيف إلى الدماغ وهو كثير الوقوع حتى عده الاطباء من ضروريات الحيوان استراحة لقواه والاغماء ليس كذلك فإن مواده غليظة بطيئة التحلل ولهذا يمتنع فيه التنبيه ويبطا لانتباه { فيبطل } الاغماء { العبادات ويوجب الحدث في كل حالة } سواء كان قائما أو راكعا أو ساجدا أو متكئا أو مستندا بخلاف النوم { ولما كان } الاغماء { نادرا } في الصلاة { لم يجز البناء } عليها قليلا كان أو كثيرا بخلاف ما إذا انتقض الوضوء بالنوم مضطجعا من غير تعمد فإنه يجوز له أن يبنى علىصلاته { وهو } أي الاغماء { في القياس لا يسقط شيئا من الواجبات كالنوم وفي الاستحسان يسقط ما فيه حرج وهو في الصلاة بأن يمتد وقته حتى يزيد على يوم وليلة وفي الصوم والزكاة لا يعتبر الاغماء لأنه يندر وجوده شهرا أو سنة ومنها الرق } هو في اللغة الضعف ومنه رقة القلب وثوب رقيق أي ضعيف النسج { وهو } في الشرع عجز { حكمي شرع في الأصل جزاء عن الكفر فيكون حق الله } ابتداء { لكنه في البقاء أمر حكمي به يصير الانسان عرضة للتملك فحينئذ يكون الرقيق حق العبد } بمعنى أن الشارع جعله ملكا من غير نظر إلىمعنى الجزاء وجهة العقوبة حتى أنه يبقى رقيقا وإن أسلم { وهو } أي الرق { لا يحتمل التجزي } لأنه أثر الكفر فلا يتصور فيه التجزي { حتى إن أقر مجهول النسب أن نصفه ملك فلان يجعل عبدا في شهادته وجميع أحكامه وكذا العتق الذي هو ضده } لا يحتمل التجزي { لأنه يلزم من تجزية تجزي الرق وكذا الاعتقاق عندهما } لا يحتمله لعدم تجزي لازمه وهو العتق لأنه مطجاوعة { وعند أبي حنيفة } الاعتقاق { متجز لأنه إزالة الملك لأن العبد إنما يتصرف في حقه } وحقه في الرقيق هو المالية والملك وهو متجز فكذا إزالته ثم يلزم من إزالة كله زوال الق وهو العتق } لأن الملك لازم للرق وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم وزواله بعض الملك لا يستلزم العتق لبقاء المملوكية في الجملة { فاعتاق البعض ايجاد شطر العلة } لثبوت العتق وهو لا يوجب العتق ولما اتجه أن يقال في إزالة كل الملك عن الرقيق إزالة حق الله تعالى وليس للعبد ذلك تدارك دفعه بقوله { ففي الابتداء } أي ابتداء الرق { ثبوت حق العبد يتبع ثبوت نحق الله تعالى } جزاء عن الكفر { وفي البقاء على العكس لأن الاصل هو المالكية والمالية ولهذا لا يزول الرق بالاسلا م ففي الاعتاق إزالة حق العبد قصدا وأصلا ولزم منه زوال حق الله تعالى ضمنا وتبعا وهذا معنى قوله { حتى أن زواله } أي زوال حق الله تعالى { يتبع زوال حق العبد ومعتق البعض مكاتب عنده } أي عند أبي حنيفة فيكون أثره فساد الملك في الباقي حتى لا يملك المولى بيعه ولا إبقائه في ملكه ويصير هو أحق بمكاسبه ويخرج إلى الحرية بالسعاية وبالجملة يصير كالمكاتب { الا في الرد إلى الرق } فإن ال مكاتب يرد إلىالرق بالعجز عن المال لأن السبب فيه عقد يحتمل الفسخ وهذا لا يرد لأن سببه إزالة الملك لا إلىمالك آخر وهي لا يحتمل الفسخ { والرق يبطل مالكية المال لأنه مملوك مالا } قيد المالكية والمملوكية بالمالية لأنه لا تنافي بين المملوكية متعة والمالكية مالا وبالعكس وليس مراده أنه مملوك من حيث أنه مال فلا يصير مالكا لمال حتى يرج عليه أنه لم لا يجوز أن يكون مملوكا من جهة أنه مال مبتذل ومالكا من جهة أنه آدمي مكرم وأشار إلى نتيجة الخلاف بقوله { فلا يملك المكاتب التسرى } لابتنائه على ملك الرقبة دون المتعقة { ولا يصح منهما } أي من الرقيق والمكاتب الحج حتى إذا اعتقا ووجب الحج عليهما لا يقع المؤدى قبل العتق من الواجب بخلاف الفقير { لأن منافع بدنهما ملك المولى إلا ما استثنى في الصلاة والصوم } فلا يكون أصل القدرة حاصلا له { ويصح من الفقير لأن أصل القدرة ثابت له وإنما الزاد والراحلة لنفي الجرح لا يبطل } الرق { مالكية غير المال كالنكاح والدم والحياة } لأن الرقيق ليس بمملوك في حكم هذه الأشياء بل هو بمنزلة المبقي على أصل الحرية إلا أنه يحتاج في النكاح إلى إذن المولى لما فيه من نقصان المالية بوجوب المهر المتعلق برقية العبد { فيصح } منه { إقراره بالحدود والقصاص } لأن الحياة والدم حقه لاحتياجه إليهما في البقاء ولهذا لا يملك المولى إتلافهما { وبالسرقة المستهلكة } سواء كان مأذونا أو محجورا إذا ليس فيها إلا القطع { ويصح إقراره بالقائمة } أي بالسرقة القائمة الموجبة للقطع ورد المال لا المستهلكة { من الماذون } فيقطع لأن الدم ملكه ويرد المال لوجود الاذن { وأما من المحجور فيصح عند أبي حنيفة مطلقا } أي في القطع والرد جميعا { وعند محمد لا يصح مطلقا وعند أبي يوسف يصح في حق القطع دون المال } وهذا كله إذا كذبه المولى وقال المال مالي أما أن صدقه فيقطع في هذه المسائل كلها { وينافي } الرق { كمال أهلية الكرامات البشرية } الدنيوية { كالذمة والحل والولاية فيضعف } الرق { الذمة حتى لا تحتمل الدين فلا يطالب به غلا إذا ضمت إليها } أي إلى الذمة { مالية الرقبة والكسب } يتعلق الدين بها فيستوفى من الكسب والرقبة { فيباع } إن أمكن البيع { في دين لا تهمة في ثبوته كدين الاستهلاك } أي استهلاك مال إنسان { والتجارة } وأما إذا لم يمكن البيع كما في المدبر والمكاتب فيستسعى { لا فيما في ثبوته تهمة كما إذا أقر } الرقيق { المحجور } بدين { أو تزوج بغير إذن من المولى ودخل بل يؤخر } المطالبة { إلى عتقه وينصف الحل بتنصيف المحل في حق الرجال } أي يحل للحر أربع وللرقيقثنتان { وباعتبار الاحوال في حق النساء كما مر } في فصل الترجيح أي يحل الامة إذا كانت مقدمة على الحرة ولا تحل إذا كانت مؤخرة عنها أو مقارنة له { وينصف الحل } القابل للتنصيف كالجل\د دون القطع { والعدة والقسم والطلاق لكن الواحدة لا تقبله } أي التنصيف { فيتكامل } ضرورة { وعدد الطلاق عبارة عن اتساع المملوكية } فإنه متى كان حل المرأة أزيد كان محلية الطلاق أوسع { فاعتبر } تنصيف عدد الطلاق { بالنساء } لا بالرجال فإن قيل يلزم من اتساع المملوكية اتساع المالكية أيضا فكما يعتبر بالنساء يجب أن يعتبر بالرجال ايضا فيلزم تنصيف الطلاق برق الرجل ايضا لنقصان مالكيته قلنا قد اعتبر مالكية الزوج مرة حتى انتقص عدد الزوجات فإن انتقص مالكيته في هذا العدد يلزم النقصان من النصف { ولما كان أحد الملكين وهو ملك النكاح والطلاق ثابتا له } أي للرقيق بكماله والتوقف على إذن المولى لدفع الضرر في ماله لا لنقصان في مالكية الرقيق { والملك الاخر وهو ملك المال ناقصا غير منتف بالكلية لانه يملك اليد } أي التصرف { لا الرقبة } لانتفاء الملك عنه { أوجب ذلك } النقصان { نقصانا في قيمته فانتقص ديته عن دية الحر بشيء هو معتبر شرعا في المهر والسرقة وهو عشرة دراهم } وعند الشافعي يجب القيمة بالغة ما بلغت { وأما المرأة فهي مالكة لأحدهما وهو المال } بكماله { دون الاخر } وهو النكاح إذ ثبوته بالزكاة { فيتنصف } باعتبار دية الرجل { ديتها } بخلاف الرقيق فإنه قد ثبت له مالكية النكاح بكمالها ولم ينتف عنه مالكية المال بالكلية حتى يتنصف ديته أيضا ولا ينبغيأن ينقص من قيمته الربع توزيعا علىمالكية النكاح والطلاق ومالكية المال رقبة ويدا وقد انتفى عن الرقيق أحد شقيها وهو مالكية الرقبة لأن مالكية اليد أقوى منها لأن الانتفاع والتصرف هو المقصود وملك الرقبة وسيلة إليه بخلاف ملك المال وملك النكاح فإن كلا منهما مستقل فكانا على التناصف قيل لو كان العلة لنقصان دية العبد من دية الحر هذا الأمر لوجب أن لا يختص هذا الحكم بالدية بل يكون مطردا في جميع الصور ولا يكون الرق منصفا لشيء من الأحكام بأن يوجب نقصانا والواقع خلاف ذلك كما في الطلاق والنكاح وأيضا ثبوت أحد الملكين بكماله يوجب الاكمال فيما هو من باب الازدواج والنكاح كعدد الزوجات والعدة والقسم والطلاق لأنها مبنية على مالكية النكاح وهي كاملة في الرقيق وأجيب عن الأول بأن تنصيف عدد الزوجات مثلا ليس باعتبار نقصان خطر النفس أعني المالكية حتى يلزم أن يكون النقصان بأقل من النصف كما في الدية بل باعتبار الحل المبني على الكرامة والرقيق ناقص عنه نقصانا لا يتعين قدره فقدره الشرع بالنصف اجماعا بخلاف الدية فإنها باعتبار خطر النفس المبني على المالكية ونقصان الرقيق في ذلك اقل من النصف وعن الثاني بأن تنصيف عدد الزوجات ليس لنقصان المالكية بل لنقصان الحل وكمال مالكية النكاح وإن لم يوجب نقصان عدد الزوجات لكنه لا ينافيه أن يوجب أمر آخر هو نقصان الحل { وقيل إنما انتقص دية العبد } عن دية الحر { لأن ال معتبر فيه المالية فلا ينصف لكن في الاكمال } أي إذا بلغت قيمته دية الحر أو زادت عليها { شبهة المساواة له بالحر } أو زيادته عليه وشبهة الشيء معتبرة بحقيقته فكما أن نحقيقة المساواة منتفية فكذ ... لك شبهتها { فينقص } من قيمته شيء اعتبره الشرع في صورة أخرى كعشرة دراهم احترازا عن تلك الشبهة { وهو } أي العبد { أهل للتصرف في المال } فلا ينافي الرق مالكية اليد والتصرف { حتى أن المأذون } في نوع من التجارة { يتصرف لنفسه بأهليته عندنا } بطريق الأصالة { وعند الشافعي لا } أي ليس تصرفه لنفسه بأهليته { بل هو كالوكيل } ويده في الاكتساب يد نيابة كالمودع فلا يعمم اذنه سائر الأنواع إذا أذن العبد في نوع من التجارة { لأنه لما لم يكن أهلا للملك لم يكن أهلا لسببه } وهو التصرف لأنه وسيلة إليه { وقلنا هو أهل التكلم } لأنه عاقل يقبل رواياته في الاخبار وشهادته فيهلال رمضان { والذمة } لأنه أهل للايجاب والاستيجاب ويصح إقراره بالحدود والقصاص { فيحتاج إلى قضاء ما يجب في ذمته } فيجب أن يكون له طريق إلى قضائه دفعا للخرج اللازم من أهلية الايجاب في الذمة { وادنى طرقه اليهد } أي ملك اليد فيلزم ثبوته للعبد وهو المطلوب { على أنها } أي أن اليد { ليست بمال } فلا يكون الرق منافيا لملك اليد وإنما هو مناف لملك المال لكونه مملوكا حال كونه مالا { وهي } أي { الحكم الأصلي } أي الغرض المقصود { في التصرفات } لأن الانسان محتاج إلى الانتفاع بما يكون سببا لبقائه ولا يمكن الانتفاع إلا بكونه في يده فشرع التصرفات كالشراء ونحوه لحصول ملك اليد وملك الرقبة وسيلة إليه لأنه اختصاص الملك بالشيء فيقطع طمع الطامعين والتنازع فهو إنما يثبت ضرورة إكمال ملك اليد فبطل ما قال لما لم يكن أهلا للملك لم يكن أهلا لسببه لأن مباشرة سبب الملك لا يكون خالية عن المقصود الأصلي لأنه ملك اليد وهو حاصل للعبد { فأما الملك } أي ملك الرقبة { فإنما هو حكم ضروري } أي ليس مقصود الذاته وإنما يثبت ضرورة أن يثبت شيء آخر فعدم أهليته لما هو مقصود لذاته يوجب عدم أهليته لما شرع لأجله أما عدم أهليته لما هو مقصود بالغير فلا يوجب عدم أهليته لم ا شرع لأجله أما عدم أهليته لما هو مقصود بالغير فلا فلا يوجب عدم أهليته لما يكون وسيلة إليه لا سيما إذا كان أهلا لذلك الغير المقصود لذاته كملك اليد في مشألتنا { فاليد يثبت له } أي ينعقد التصرف فيكون حمه له لأنه نتيجة تصرفه { والملك للمولى } لأنه لم يبق أهلا للملك بعد ما وقع الملك له { خلافه عنه } أي عن العبد لأنه أقرب الناس إليه لكونه مالك رقبته { وهو } أي العبد المأذون { كالوكيل في الملك } أي إذا اشترى شيئا يقع الملك للمولى مالا كما يقع للموكل ابتداء { وفي } حال { بقاء الاذن في مسائل مرض المولى وعامة مسائل المأذون } أي المأذون بمنزلة الوكيل في هاتين الصورتين في نحال بقاء الاذن لا في حال ابتدائه يكون تصرفه كتصرفه ويصح فيما يصح ويبطل فيما يبطل أما صورة مرض المولى ان ا لمأذون ان تصرف في مرض المولى وحابى محاباة فاحشة وعلى المولى دين لا يصح تصرفه أصلا وإذا لم يكن عليه دين والمسألة بحالها يعتبر من الثلث فهو في حال مرض المولى كالوكيل ولو كان هذا التصرف في حال الصحة يصح ويعتبر من جميع المال ففي حال صحته ليس كالوكيل وأما عامة مسائل المأذون فكما إذا أذن العبد المأذون عبدا من كسبه في التجارة ثم حجر المولى المأذون الأول لا ينحجر الثاني بمنزلة الوكيل إذا أوكل غيره وعزل الوكيل الأول لم ينعزل الثاني وكذا إذا مات المأذون الأول لا ينحجر الثاني كالوكيل إذا مات الموكل { وهو معصوم الدم كالحر لأنها } أي لأن العصمة { بناء على الاسلام وداره } والعبد يساوي الحر في ذلك { فيقتل الحر بالعبد } لأن مبني الضمان أي القصاص أو الدية على العصمة والمالية لا تحل بها خلافا للشافعي { والرق يوجب نقصانا في الجهاد على ما قلنا في الحج } من أن منافعه للمولى إلا ما استثنى من الصلاة والصوم { فلا يستحق السهم الكامل } إذا جاهد بإذنه أو بغير إذنه بل يرضخ له { وينافي الولايات كلها } لأنه لا ولاية له علىنفسه فكيف يتدى إلى غيره { فلا يصح } أمان الرقيق { المحجور لأنه تصرف على الناس ابتجاء } والتصرف على الغير ولاية { وأما امان المأذون فليس من باب الولاية لأنه يصح اولا في حقه إذ هو شريك } للغزات { في الغنيمة ثم يتعدى } إلى الغير ولزم سقوط حقهم لأن الغنيمة لا تتجزى في حق الثبوت والسقوط { كما في شهاده بهلال رمضان } فإن صوم رمضان يثبت أولا في حقه ثم يتعدى إلى كافة الناس وليس هذا من الولاية { وينافي ضمان ما ليس بمال } لأنه صلة والرقيق ليس بأهل لها { فلا يجب الدية في جناية العبد } إذا كانت خطأ لأن الدية صلة في حق الجاني وعوض في حق المجني عليه { بل يجب } على المولى { دفعه جزاء } فإن كون الدم مما لا ينبغي أن يهدر يوجب الحق للمتلف عليه فصارت رقبته جزاء { الا ان يختار المولى الفداء } فإنه حينئذ لا يجب عليه دفع العبد وإن أفلس وعجز عن الأداء { فيصير عائدا إلىالاصل فإن الارش أصل فيالباب } أي في باب الجناية خطأ لا لأنه الثابت بالنص إذ لا تأثير له في الأصالة بل لأن المصير إلى الدفع ضرورة أن العبد ليس أهلا لأن يجب على الارش لأنه صلة وقد ارتفعت الضرورة باختيار المولى الفداء فعاد الامر إلى الأصل { حتى لا يبطل بالافلاس } أي بإفلاس المولى بعد اختيار الفداء ولا يجب الدفع عند أبي حنيفة رحمه { وعندهما يصير } اختيار المولى الفداء { كالحوالة } فغذا لم يسلم الحق لصحاحبه عاد إلى الاصل وهو الدفع { ومنها الحيض والنفاس } إنما جعلهما بمنزلة عارض واحد لاتحادهما صورة ومعنى وحكما { وهما لا يعدمان أهليته } أي لا يسقطان أهلية الوجوب ولا أهلية الأداء { الا أن الطهارة عنهما شرط للصلاة والصوم } على ما مر ثم في قضاء الصلاة لدخولها في حد الكثرة فيسقط وجوبها لذلك لا لعدم الأهلية ولا خرج فيقضاء الصوم فلم يسقط وجوبه فيلزم قضاؤه دون قضائها { ومنها المرض } غير ما سبقمن الجنون والاغماء والنفاس { وهنو لا ينافي أهلية لكنه لما فيه من العجز شرعت العبادات فيه بقدرة الممكنة ولما كان سبب الموت وهو } أي الموت { علة للخلافة } أي قيام الغير مقامه { كان المرض سبب تعلق حق الوارث والغريم فيوجب الحجر إذا اتصل بالموت } حال كون الحجر { سند إلى أوله } أي إلىأول المرض { في قدر ما يصان به حقهما } أي حق الغريم والوارث { فقط } قوله في قدر متعلق بالحجر { فيجوز النكاح } للمريض { بمهر المثل } إذا لم يتعلق حقهما به لأن المريض يحتاج إلى النكاح لبقاء نسله وفي كل ما يحتاج إليه المريض لا يتعلق به حق الغير { وكل تصرف يحتمل النسخ يصح في الحال ثم ينقض أن احتيج إليه } أي إلى النقض { وما لا يحتمله } كالاعتاق الواقع على حق الغريم بأن يعتق المريض عبدا من ماله المستغرق بالدين أو على حقوق الوارث بأن يعتق عبدا يزيد قيمته على الثلث { يصير كالمعلق بالموت والقياس في الوصية } من المريض { البطلان لكن الشرع جوزها نظرا له } أي للمريض ليتدارك تقصيرات أيام الحياة { في القليل } أي الثلث { ليعلم أن الحجر وترك إيثار الأجنبي على الوارث اصل ولما ابطل الشرع الوصية للوارث إذ تولى الله بنفسه } حيث قال يوصيكم الله في أولادكم الاية ونسخ به قوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف { بطلت } الوصية للوارث { صورة } بأن يبيع المريض عينا من التركة من أحد ورثته بمثل القيمة فإنه وصيته بصورة العين لا بمعناه هذا عنده خلافا لهما { ومعنى } بأن يقر لأحد الورثة فإنه وصية معنى { وحقيقة } بأن أوصى لأحد الورثة { وشبهة } بأن باع الجيد من الأموال الربوية يردى منها { وتقومت الجودة } عطف على بطلت { في حقه } أي في حق الوارث { كما في الصغار } أي إذا باع الولي مال الصبي من نفسه تقومت الجودة حتى لا يجوز الا باعتبار القيمة { ولما تعلق حق الورثة بماله صورة ومعنى في حقهم } أي فيحق الورثة { حتى لا يجوز لأحدهم أن يأخذ التركة ويعطى الباقي القيمة } لما ذكرنا وأما إذا أقضى المريض حق بعض الغرماء شاركهم البقية من جهة أنه ممنوع عن نإيثار البعض بقضاء دينه لا من جهة أن حقهم تعلق بعين المال فيما بينهم { ولا يجوز للمريض أن يبيع من أحدهم بمثل القيمة } هذا مختص بالورثة وذلك لأن حق الغريم إنما تعلق بالمعنى وهو المالية لا بالصورة نحتى أنه يجوز للوارث أن يستخلص العين لنفسه ويقضي الدين من مال آخر بخلاف الورثة فإن حقهم تعلق فيما بينهم بالمالية والعينية جميعا { ومعنى فقط في حق غيرهم لا ينفذ اعتاق المريض } جواب لما وهو تفريع على قوله ومعنى فقط في حق غيرهم فإن حقهم لما تعلق بالتركة من حيث المعنى فقط بالنسبة إلى غيرهم والعبد غيرهم فبالنسبة إليه تعلق حقهم بماليته لا بصورته فيصنح اعتاق المريض2 من حيث الصورة فيصير العبد مستحقا للحرية ولا يمكن نقض الاعتاق لكن لا ينفذ من حيث المعنى وهو المالية حتى يجب السعاية في الكل إذا استغرق الدين وفيما وراء ثلث المال إذا لم يستغرق فيكون بمنزلة المكاتب إلا أنه لا يمكن رده إلى الرق { بخلاف اعتاق الراهن } فإنه ينفذ { لأن حق المرتهن في ملك اليد فقط } فإن كان الراهن غنيا فلا سعاية على العبد وإن كان فقيرا يسعى في الأقل من قيمته ومن الدين ولكن يرجع على المولى بعد غناه ويقبل شهادة معتق الراهن قبل السعاية لأنه حر مديون بخلاف معتق المريض قبل السعاية فإنه لا يقبل شهادته لأنه بمنزلة المكاتب { ومنها الموت وهو عجز كله والأحكان هنا } أي في حق الموت { دنيوية وأخروية أما الأولى فكل ما هو من باب التكليف يسقط به الا في حق الاثم وما شرع عليه لحاجة غيره إن كان متعلقا بالعين يبقى ببقائها كالوديعة لأنها } أي لأن العين { هي المقصودة وإن كان دينا لا يبقى بمجرد الذمة } لأنها قد ضغطت بالموت فوق ما ضعفت بالر إذ الرق يرجى زوإلا أن يضم إليها } أي إلى الذمة { مال أو كفيل } فإنه يقوى الذمة { فلا يجوز الكفالة عن ميت إلا عند وجود أحدهما } أي إلا إذا بقي عنه مال أو كفيل عند أبي حنيفة لأن الكفالة التزام المطالبة ولا مطالبة فلا التزام وعندهما تصح لأن الموت لا تبرىء الذمة عن الحقوق ولهذا يطالب بها في الاخرة اجماعا { ويلزمه الدين مضافا إلى سبب صحيح في حياته كما إذا بئرا فوقع حيوان بعد موته لا ما شرع صلة كنفقة المحارم إلا أن يوصى فيصح من الثلث وأما شرع لحاجته فيبقى ما ينقضي به الحاجة فيبقى التركة على حكم ملكه حتى ترتب منها حقوقه } أي منها يجهز ثم يقضي ديونه ثم ينفذ وصاياه من ثلث الباقي { ولهذا يبقى الكتابة بعد موت المولى لحاجته إلى الثواب } لحاص الكتابة { بعد موت المكاتب عن وفاء لحاجته إلى الثواب } الحاصل بعد الاعتاق { وكذا } يبقى الكتابة { بعد موت المكاتب عن وفاء لحاجته إلى انقطاع أثر الكفر } وهو الرق { وإلى جرية أولاده } ولما اتجه أن يقال قد ذكر أن ما يحتاج إليه الميت يبقى بعد موته ضرورة قضاء حاجته فكل ما لا يحتاج إليه لا يبقى لقيام الدليل على عدم بقائه والضرورة الموجبة للبقاء غير ثابتة وعقد الكتابة إنما يمكن بقاؤه إذا بقي مملوكية الميت ولا حاجة له إلى بقاء المملوكية فلا يبقى فعقد الكتابة لا يبقى تدارك دفعه بقوله { وأما المملوكية فتابعة هنا } أي في باب الكتابة والمقصود من بقاء عقد الكتابة بقاء المالكيةأبدا والمملوكية رقبة تبقى ضمنا لا قصدا { ويثبت الإرث نظرا له خلافه } لأنه يحتاج إلى من يخلفه في أمواله نظرا له { والخلافة إذا ثبت سببها وهو مرض الموت بحجر الميت } أي المريض مرض الموت { عن إبطالها فكذا إذا ثبت } الخلافة { نصا } بأن قال أوصيت لفلان بكذا { فيما لا يحتمل الفسخ لتعليق العتق به } بأن قال لعبده أنت نحر بعد موتي أو إذا مت فأنت نحر فإن كلا من الايصاء وتعليق العتق بالموت استخلاف وإنما يثبت به الخلافة لأن التعليق بالموت وصية والموصى له خليفة للميت في الموصى به { فيكون } التعليق بالموت سببا في الحال } للعتق { بخلاف سائر التعليقات لأنه } أي لأن الموت { كائن بيقين } ولا يلزم على هذا أن لا يجوز بيع عبد علق عتقه بأمر كائن يقينا قياسا على بيع العبد المعلق عتقه بالموت لأن عدم جواز بيعه لمجموع الأمرين الاستخلاف والتعليق بأمر كائن لا محالة لا كل واحد منهما على انفراده { فلا يجوز بيع المدبر ويصير كام الولد في استحقاق الحرية دون سقوط التقوم } لأن الاحراز للمالية أصل في الامة والتمتع تبع ولم يوجد في المدبر ما يوجب بطلان هذا الأصل بخلاف أم الولد { لأن تقومها إنما سقط لأنه } أي لأن المولى { لما استفرشها } واستولدت صار { التمتع فيها اصلا والمال تبعا } وصارت محرزة للمتعة فسقط تقومها { على عكس ما كان قبل } أي قبل الاستفراش { وعلى هذا الأصل } وهو أن ما يحتاج إليه الميت يبقى دون مالا يحتاج إليه { قلنا المرأة تغسل الزوج في عدتها بخلاف العكس لأن مالكيته حق له فتبقى بخلاف مملوكيتها لأنه حق عليها وأما ما لا يصلح لحاجته فالقصاص } لأنه عقوبة وجبت لدرك الثأر عند انقضاء الحياة والميت لا يحتاج إلى هذا بل الورثة محتاجون إليه { فإنه يجب حقا للورثة ابتداء حتى يصح عفوهم قبل موت المجروح لكن السبب انعقد في تحقالميت حتى صح عفوه أيضا } استحسانا { ولهذا } أي ولأجل أن القصاص يجب ابتداء للورثة { قال أبو حنيفة رحمه القصاص غير موروث حتى لا ينتصب بعض الورثة خصما عن البقية } وقالا أنه موروث لأنه خلفه وهو المال موروث إجماعا والخلف لا يخالف حكم الأصل وأشار إلى الجواب عن هذا بقوله { لكن إذا انقلب } القصاص { مالا } بالصلح { وهو يصلنح لحوائج الميت يصرف إليها } لأن ثبوته حقا للورثة ابتداء إنما هو لضرورة عدم صلاحه لحوائج الميت وقد ارتفعت الضرورة بانقلابه مالا { ويورث منه } ما فضل من حوائجه { وأما أحكام الاخرة فكلها ثابتة في حقه وأما العوارض المكتسبة فهي إما من نفسه وإما من غيره أما الأول فمنها الجهل وهو إما جهل لا يصلح عذرا كجهل الكافر بالله تعالى } ووحدانيته وصفات كماله ونبوة محمد عليه السلام كافة للناس { لأنه مكابرة بعد ما وضح الدليل فديانته } أي اعتقاده { في حكم لا يحتمل البدل كعبادة الصنم باطلة فلا يكون للكفر حكم الصحة أصلا وأما في حكم يحتمله كتحريم الخمر } فإن حلها محتمل عقلا { فدافعة للتعرض له فقط عند الشافعي } لقوله عم اتركوهم وما يدينون { فلا يحد الذمي بشرب الخمر وعند أبي حنيفة هي دافعة له } أي للتعرض { ولدليل الشرع في حكم الدنيا استدراجا ومكر أو زيادة لا ثمه وعذابه كان الخطاب لم يتناوله فيه } أي في حكم الدنيا والاستدراج تقريب الله تعالى العبد إلى العقوبة بالتدريج فيكون ديانته دافعة لدليل الشرع في أحكام الدنيا فيوهم تخفيفا لكنه تغليظ في الحقيقة كما بينا في فصل خطاب الكفار بالشرائع فصورة التخفيف توقعهم في زيادة ارتكاب المعاصي وتوهمهم الاهمال قال الله تعالى إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب اليم وقال علم أمهلناهم فظنوا أننا اعملناهم { فثبت عنده } أي عند أبي حنيفة { تقوم الخمر والضمان باتلافها وجواز البيع ونحوها وصحة نكاح المحارم حتى إن وطىء فيه } أي في نكاح المحارم { ثمأسلم يكون محصنا } فإن القفة من الزنى شرط لاحصان القذف فعنده إن وطئه في هذا النكاح لا يكون زنا { فيحد قاذفه } تفريع علىثبوت الاحصان { ويجب } عطف على يكون لا على يحد أي بنكاح المحارم { النفقة } تفريع على صحة النكاح { ولا يفسخ } نكاح المحارم ما دام الزوجان كافرين برفع أحد الزوجين الأمر إلى القاضي وطلب حكم الاسلام { إلا أن يترافعا } يفسخ ثم أقام الدليل على ثبوت تقوم الخمر في حقهم وثبوت الاحصان بنكاح المحارم بقوله { لان تقوم المال واحصان النفس من باب العصمة وهي الحفظ } عن التعرض لا من باب التعدي إلى الغير { فيكون في ثبوتهما الحفظ عن التعرض } فكانت الأحكام المذكورة من ضرورات ذلك وفي ذ ... لك إشارة إلى جواب ما قال الشافعي أن ديانتهم يعتبر دافعة للتعرض لا للخطاب فلا يثبت إيجاب الضمان على متلف الخمر ولا صحة بيعها اولا ايجاب النفقة علىناكح المحرم ولا الحد على قاذفه ولما اتجه أن يقال إن ديانتهم معتبرة في ترك التعرض فيجب أن يتركوا على ديانتهم في باب الربا تدارك الجواب عنه بقوله { ولا يلزم الربا لأنهم قد نهوا عنه } فليس معتقدهم في الربا هو الحل والمراد بمعتقدهم ما كان شائعا من من دينهم متفقا عليه فيما بينهم سواء ورد به شريعتهم أم لا وسواء كان حقا أو باطلا فإنه دافع للتعرض ولدليل الشرع كنكاح المحارم فإنه وإن كان باطلا غير ثابت في كتابهم إلا أنه شائع فيما بينهم لم يثبت حرمته عندهم فيكون ديانة لهم بخلاف الربا عند اليهود فإن حرمته ثابتة في التوراة فارتكابه فسق منهم لا ديانة اعتقدوا حله { فإن قيل ديانتهم ليست حجة متعدية اجماعا فلا يوجب ضمان الخمر وحد القذف والنفقة كما في مجوسي خلف بنتين أحديهما زوجته لا يرث بالزوجية } فالحكم في المقيس عدم وجوب هذه الثلثة أي الضمان وحد القذف والنفقة وفي المقيس عليه عدم الارث وهما مختلفان بالنوع ولكنهما تحت حم هو بمنزلة الجنس لهما وهو أن ديانتهم غير متعدية { قلنا يثبت بديانتهم بقاء تقوم الخمر على ما كان فليس فيه إلا دفع دليل الشرع ثم هو } أي التقوم { شرط للضمان لا علة وكذا الاحصان } أي إحصان المقذوف شرط لوجوب الحد على القاذف { فلا يكون في إثباتهما } أي غثبات التقوم والاحصان { إثبات الضمان والحد } وإنما الضمان والحد يثبتان باتلاف الخمر وبالقذف وإنما يلزم القول بتعدى ديانتهم لو اثبتنا الضمان والحد باعتقادهم التقوم والاحصان ولم نفعل كذلك { وأما النفقة فإنما يجب دفعها للهلاك فتكون دافعة لا متعدية ولأنهما لما تناكحا دانا ديانة } بصحته { فيؤخذ الزوج بديانته } ثم اشار إلى وجوب القياس علىالمجوسي بقوله { ولا كذلك من ليس في نكاحهما كالوارث الآخر } وهو البنت التي ليست زوجته فإن إرث البنت التي هي زوجته ضرر بالأخرى فيكون متقدية هنا هذا عنده { وأما عندهما فكذلك ايضا } ديانتهم دافعة للتعرض ولدليل الشرع في أحكام الدنيا { إلا أن نكاح المحارم ليس حكما أصليا بخلاف تقوم الخمر بل كان حكما ضروريا } في عهد آدم عم لتحصيل النسل إذ في شريعته لم يحل نكاح الاخت من بطن واحد وكانت السنة الآلهية ولادة ذكر مع أنثى ببطن واحد والمشروع أن يتزوج كل أنثى ذكرا من بطن آخر وكان النكاح بين التوأمين حراما لأنهما مخلوقان من ماء اندفق دفعة بخلاف الولدين من بطنين فإنهما مخلوقان من مائين اندفقا دفعتين ولما كانت الضرورة تنقضي بالبعدي لم تحل القربى فعلم أن الأصل في نكاح المحارم الحرمة وقد ثبت الحل في وقت آدم عم بالضرورة فلما ارتفعت الضرورة بكسرة النسل نسخ حل الأخوات فعلى تقدير كون ديانتهم دافعة لدليل الشرع لا يثبت لهم حل نكاح المحارم إذ بعد قصر دليل الشرع عنهم يبقى الحكم على ما كان وهو الحرمة في نكاح المحارم بخلاف الخمر إذ بعد قصر دليلنا عنهم يبقى الحكم علىما كان وهو الحل وإذا ثبت هذا فنكاح المحارم لا يكون مثبتا للاحصان ولا يحد قاذف من نكح المحارم ووطىء ثم اسلم { وأيضا حد القذف يندرىء بالشبهة } أي علىتقدير تسليم هذا النكاح صحيح في حقهم لكن شبهة عدم الصحة ثابتة فيندرىء حد القذف بها وقوله وأيضا عطف علىقوله أن نكاح المحارم الخ وكل منهما دليل على عدم وجوب الحد علىالقاذف المذكور { ولا يجب النفقة أيضا } عطف على المفهوم من الدليلين المذكورين وهو عدم وجوب الحد عليه أما على الدليل الأول فظاهر لأنه يوجب بطلان النكاح فلا يجب النفقة وأما على الدليل الثاني فالنكاح وإن صح لكن النفقة صلة مبتدأة فلا يجب النفقة به كالميراث إذ لو وجبت يصير الديانة متعدية { والجواب } لأبي حنيفة في النفقة { أنها لدفع الهلاك } فإيجاب النفقة بناء على ديانتهم لا يكون قولا بأن ديانتهم متعدية بل ديانتهم دافعة وذلك لأن الزوج حابس للزوجة وحبسها بلا نفقة يكون تعرضا لها بالاهلاك ولما كان مظنة أن يقال إيجاب النفقة ليس لدفع الهلاك بدليل وجوبها مع غني المرأة تدارك دفعه بقوله { وعناها لا يدفع الحاجة الدائمة بدوام الحبس } لأن المال يقل ويكثر والحاجة دائمة { وأما جهل كما ذكرنا } أي لا يصلح عذرا { لكنه دونه } لاأي دون الأول { كجهل صاحب الهوى } في صفات الله تعالى وأحكام الاخرة لأنه مخالف للدليل الواضح من الكتاب والسنة والمعقول لكنه لما كان مؤلا للقرآن كان ندون الأول ولما كان مسلما ملتزما لأحكام الشرع معترفا بحقيقة القرآن ونبوة محمد عم لزمنا مناظرته وإلزامه فلا يترك على ديانته فلزمه جميع أحكام الشرع { وكجهل الباغي } وهو الخارج عن طاعة الامام بتأويل فاسد وشبهة طارية { فيضمن بالاتلاف مال العادل } أو نفسه لأنه لا مانع من تبليغ الحجة وإلزام الحكم فيؤخذ بالضمان الا أن يكون له منعه وامتناع على من يرومه فيسقط ولاية الالزام فيما يحتمل السقوط بخلاف الاثم { ويجب علينا محاربته } لأن البغي منكر ونهى المنكر فرض { ولم يحرم الميراث بقتله لأن الاسلام جامع } بيننا وبينه فلا مانع من جهة الاختلاف في الدين { والقتل حق } فلا مانع من جهة أيضا { وكذا } لا يحرم الباغي { إن قتل عادلا } هذا إذا قال كنت على الحق وأنا الآن على الحق على ما أشير إليه في التعليل بقوله { لأنه حق في زعمه } بناء علىتأويله { وولايتنا منقطعة عنه } لوجود المنعة { ولما كان الدار واحدة والديانة مختلفة يثبت العصمة من وجه فلا يملك ماله } حتى إذا تكسرت شوكة البغاة ترد عليهم أمومالهم لاتحاد الدار { ولكن لا يضمن بالاتلاف } لأن اختلاف الدياننة مع وجود المنعة يوجب اخلاف الدار فيوجب سقوط العصمة من وجه وإنما لم يعكس لا لما فيه من التناقض فإن إثبات الملك معناه عدم الضمان لأنه مم فإنه قد يجمع الملك مع ضمان البدل كما في المغصوب بل لأنه لو ملك لم يجبرده بعينه فتعين القول بعدم الملك مع عدم الضمان { وكجهل من خالف في اجتهاده الكتاب كمتروك التسمية عمدا } فإن فيه مخالفة قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه { والقضاء بالشاهد واليمين } أي يمين المدجعى فإن فيه مخالفة قوله تعالى فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان { أو السنة المشهورة } إنما قيد بالمشهورة احترازا عما دونها إذ لا بأس في مخالفته بالاتهاد لا عما فوقها لثبوت الحكم فيه بطريق الأولى فإن قلت أليس يلزم الكفر بمخالفة السنة المتواترة قلت ذلك إذا كانت قطعية الدلالة والمبحث خلو معن اعتبار هذا الشرط دل على ذلك التمثيلان المذكوران { كالتحليل بدون الوطىء } على مذهب سعيد بن المسيب فإن فيه مخالفة حديث العسيلةوهو حديث مشهور { والقصاص في مسألة القسامة } فإنه إن وجد لوث أي علامة القتل استخلف الأولياء خمسين يمينا عمدا كان الدعوى أو خطأ عند الشافعي وفيه مخالفة قوله عم البينة على المدعى واليمين على من أنكر وهذا أيضا من المشاهير { أو الاجماع كبيع أم الولد } فإن اجماع الصحابة رضيهم انعقد على بطلانه { حتى لا ينفذ قضاء القاضي فيه } أي في واحد من هذه المسائل المذكورة لكونه مخالفا للكتاب أو السنة المشهورة أو الاجماع { وأما جهل يصلح شبهة كالجهل في موضع الاجتهاد الصحيح } أي الذي لا يكون مخالفا لواحد من الثلاثة المذكورة { أو } كالجهل { في موضع الشبهة كمن الظهر بلا وضوء ثم صلى العصر به زاعما صحة ظهره ثم تذكر أنه صلى الظهر بلا وضوء وقضىالظهر } عند التذكر { ثم صلى المغرب } على ظن أن العصر جائزة بناء على جهله فلا يجب عليه إعادة المغرب كما يجب قضاء العصر عندنا لأنه أداه زاعما صحة ظزهره وهذا زعم بخلاف الاجماع وعند الشافعي لا يجب قضاء العصرلعدم فرضية الترتيب عنده هذا إذا كان يزعم وقت المغربأن عصره جائز أما لو علم وقت المغرب أن عصره لم يجز فعليه إعادة المغرب كما يجب قضاء العصر { وإن لم يقض الظهر وصلى العصر على ظن أن الظهر جائزة } بناء علىأنه غيرعالم بعدم الوضوء فإن من صلى صلاة بغير وضوء جاهلا أن لا وضوء له ثم توضأ وصلى فرضا آخر ثم تذكر أنه على غير وضوء فالفرض الثاني غير صحيح في ظاهر الرواية خلافا لزفر وحسن بن زياد { ولم يصح العصر } لأن زعمه مخالف للاجماع والمسألة المجتهد بها هي الأولى لا الثانية وإنما ذكرهاتتميما وتكميلا لأولى لا مثالا { وإذا عفى أحد الوليين ثم اقتص الآخر على ظن أن القصاص لكل واحد منهما على الكمال فلا قصاص عليه } وإما عليه الدية { لأنه موضع الاجتهاد } فإن عند البعض لا يسقط القصاص فصار هذا شبهة في درء القصاص عن قاتل القاتل وما قيل الظاهر أن هذا مخالف للاجماع فلا يكون اجتهادا صحيحا ليس بشيء لأن صحة الاجتهاد ليست بشرط في الشبهة المسقطة للقصاص { وكذا المحتجم إذا ظن أنه فطره فأكل عمدا فلا كفارة عليه } لأن هذه الكفارة مما تندرىء بالشبهة وهذا إذا استفتى ففيها فأفتاه بفساد الصوم فحصل له الظن بذلك أو بلغه الحديث وهو قوله عم أفطر الحاجم والمحجوم ولم يعرف تأويله والا فعليه الكفارة بالاتفاق { ومن زونى بجارية امرأته أو والده على ظن أنها تحل له لا يحد لأنه موضع الاشتباه } فيصير شبهة في درء الحد وهي شبهة الفعل { لا في النسب والعدة } أي لا يثبت واحد منهما بهذه الشبهة وإن كانا يثبتان بالوطىء بشبهة { وكذا حربي أسلم ودخل دارنا فشرب خمرا جاهلا بالحرمة } لا يحد لأن جهله يكون شبهة { لا إن زنى هو } أيس زنى حربي فإنه يحد لأن جهله بحرمة الزنا لا يكون شبهة لأنه حرام في جميع الأديان { أو شرب الخمر ذمي اسلم } فإنه يجب الحد لأن حرمة الخمر شائعة في دار الاسلام والذمي ساكن فيها فلا يعذر بالجهل بحرمتها فلا يصير شبهة لدرء الحد وأشار إلى النوع الرابع من الجهل بقوله { وأما جهل يصلح عذرا كجهل مسلم { في دار الحرب { لم يهاجر بالشرائع } فجهله بالأحكام من الصلاة والصوم ونحو ذلك عذر له في الترك حتى لا يجب عليه القضاء بعد الاقامة في دار الاسلام لأنه لا بد من سماع الخطاب حقيقة أو تقديرا كشهرته في محله { وكذا إذا نزل خطاب ولم ينتشر بعد في ديارنا } كما في قصة أهل قبا فإنهم لما بلغهم تحويلالقبلة وكانوا في الصلاة استداروا إلى الكعبة فاستحسن رسول الله عليه السلام وكانوا يقولون كيف صلواتنا إلى بيت المقدس قبل علمنا بالتحويل فإنزل الله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم أي صلواتكم إلى بيت المقدس { وقصة تحريم الخمر } قيل لما نزل تحريم الخمر والميسر قال أبو بكر يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وأكلوا الميسر وكيف بالغائبين عنا في البلدان لا يشعرون وهم يطعمونها فنزل قوله تعالى ليس علىالذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وأمنوا { فأما إذا انتشر في دارنا فقد تم التبليغ فمن جهل هنا يكون لتقصيره } فلا يكون جهله عذرا { كمن لم يطلب الماء في العمرانات ويتمم وكان الماء موجودا لا يصح } التيمم وفيه نظر لأن عدم صحة التيمم في هذه الصورة لأن العمران معدن الماء فكان الطلب واجبا ثم وجود الماء ليس بشرط في جواب المسألة وبالجملة ما ذكر ليس من أن الجهل ليس بعذروكذا الجهلبأنه وكيل أو مأذون يكون عذرا حتى إن تصرفا لا يصح من المؤكل فإن اشترى الوكيل قبل العلم بالوكالة يقع عن الوكيل ولو باع مال الموكل قبل العلم بالوكالة تتوقف كبيع الفضولي { وكذا جهل الوكيل بالعزل أو المأذون بالحجز } عذرحتى إن تصرفا قبل العلم بالعزل والحجر يصح تصرفهما { و} كذا جهل { الشفيع بالبيع } عذرحتى لو باع الشفيع الدار المشفوع بها بعد ما بيع دار بجنبها لكن قبل علمه بيعها لا يكون مسلما للشفعة { و} كذا جهل { الامة المنكوحة بالاعتاق عذرحتى لا يبطل خيارها إذا سكتت عن فسخ النكاح { أو بالخيار } أي جهلها بأن لها خيار العتق فإنه لا يبطل خيارها أيضا { و} كذا جهل { البكر بالنكاح } فيما إذا زوجها ولى غير الأب والجد من الكفو بمهر المثل أو زوجها أحدهما من غير كفو أو بغبن فاحش عذر حتى يبطل خيارها إذ جهلها بالاحكام الشرعية في دارالاسلام ليس بغذر { لأن الدليل مشهور في حقها } الاشتهار العلم في دار الاسلام وفراغها للطلب وهو واجب عليها فبالجهل لا تعذر { وفي تحق الامة مخفي } لأن خدمة المولى يشغلها عن التعلم فيعذر بالجهل { ولأن البكر تريد إالزام الفسح } علىالزوج { والامة تريد } بالفسح { دفعة زيادة الملك } لأن طلاق الامة ثنتان وطلاق الحرة ثلاثة والجهل عدم اصلي يصح للدفع لا للالزام وهذا الفرق أولى إذ يرد علىالأول أن البكر قبل البلوغ لم يكلف بالشرائع لا سيما في المسائل التي لا يعرفها الاحذاق الفقهاء { حتى يشترط القضاء ثمه } أي في فسح البكر بعد البلوغ { لا هنا } أي في فسح المعتقة تفريع على أن فسح النكاح بخيار البلوغ إلزام ضرر وبخيار العتق دفع ضرر { ومنها السكر وهو إما بطريق مباح كسكر المضطر } غلىشرب المسكر { والسكر بدواء } كالبيخ والأفيون { وما يتخذ من الحنطة والشعير والعسل وهو كالاغماء يمنع صحة التصرفات كلها حتى الطلاق والعتاق منه } وأما بطريق محظور كالسكر من شراب محرم } قليله وكثيره { أو من شراب مثلث لأنه إنما يحل } عند أبي حنيفة { بشرط أن لا يسكر فإن ال سكر به يصير الكسكر بالمحرم فيحد به وهو } أي القسم الثاني من السكر { لا ينافي الخطاب لقوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فهذا خطاب متعلق بحال السكر } فهو قيد لما يتعلق به الخطاب والمعنى أنهم خوطبوا في حالة الصحو بأن لا تقربوا الصلاة حالة السكر فيلزم كونهم مكلفين بذلك حال السكر فلا يكون السكر منافيا لتعلق الخطاب وإنما يكونمنافيا لو كان قوله تعالى وأنتم سكارى قيدا للخطاب وليس كذلك { فهو لا يبطل الأهلية } أي أهلية الخطاب { أصلا } لتحقق العقل والبلوغ { فيلزمه كل الأحكام } وإن كان لا يقدر على الأداء أو لا يصح فيه الأداء { ويصح عبارته } في عامةالتصرفات { وإنما ينعدم به القصد } ولا يفوت الا قدرة فهم الخطاب بشرب هو معصية فيجعل في حكم الموجود زجرا له ويبقى التكليف متوجها عليه { حتى إن تكلم بكلمة الكفر لا يرتد استحسانا } لعدم ركنه وهو القصد لأن الاعتقاد لا يرتفع إلا بالقصد إلى تبدله { كما إذا اراد أن يقول اللهم أنت ربي وأنا عبدك فجرى على لسانه عكسه لا يرتد وإذت اسلم } أي السكران { يصح } ترجيحا لجانب الاسلام وكون الأصل هو الاعتقاد { كالمكره } فإنه يصح اسلامه ولا يثبت ارتداده { وإذا أقر بما يحتمل الرجوع كالزنا وشرب الخمر لا يحد حتى يصحو فيقر لأن السكر دليل الرجوع } لأن السكران لا يستقر على أمر { وإذا أقر بما لا يحتمله كالقصاص والقذف وغيرهما } من حقوق العباد { أو باشر سبب الحد } بأن زنى أو قذف في حالة السكر يلزمه الحد { لكن إنما يحد إذا صحا } ليحصل الانزجار { وحده } أي حد السكر أي الحالة المميزة بين السكر والصحو { اختلاط الكلام وزاد أبو حنيفة أن لا يعرف الأرض من السماء لوجوب الحد فقط } وأما في غير وجوب الحد من الأحكام فالمعتبر عنده أيضا الاختلاط فقط { ومنها الهزل وهو أن يذكر اللفظ قصدا } لا بد من هذا القيد احترازا عن صورة الخطأ { ولا يراد به معناه لا الحقيقي ولا المجازي وهو ضد الجد وهو أن يراد به أحدهما وشرطه أن يشترط باللسان } أي شرط الهزل أن يجري المواضعة قبل العقد بأن يقال نحن نتكلم بلفظ العقد هازلا { ولا يعتبر دلالته ولا يشترط كونه } أي كون الشرط { في نفس العقد } بل يكفي أن يكون الموضعة سابقة على العقد { وهو } أي الهزل { لا ينافي الأهلية ولا اختيار المباشرة } وهو القصد إلى الشيء وإرادته { و} لا { الرضاء بها } وهو الإثار والاستحسان { بل } ينافي { اختيار الحكم والرضاء به فوجب النظر في التصرفات } الشرعية { كيف ينقسم فيهما } أي في الاختيار والرضاء { وهي إما من الانشاءات أو الإخبارات أو من الاعتقادات } لأن التصرفات إن كان أحداث حكم شرعي فإنشاء وإلا فإن كان القصد منها إلى بيان الواقع فأخبار وإلا فاعتقاد { أما الانشاءات فأما أن يحتمل النقض أو لا فالأول كالمبيع والإجارة فإما أن يتواضعا } أي المتعاقدان { في أصل العقد } أي يجري المواضعة قبل العقد بان يتكلم بلفظ البيع عند الناس ولا يريد البيع { فإن اتفقا علىالأعراض } أي قلاالا بعد البيع انا قد أعرضنا عن الهزل وقت البيع وبعنا بطريق الجد { صح البيع وبطل الهزل إعراضهما } عنه { وإن انفقا على بناء العقد على المواضعة صار كخيار الشرط لهما } أي للمتعاقدين { مؤبدا لوجود الرضاء بالمباشرة لا بالحكم } هذا دليل على كونه بمنزلة خيار الشرط فإنه إذا بيع بالخيار فارضاء بالمباشرة حاصل لا بالحكم وهو الملك { فيفسد العقد } كما في الخيار المؤبد { لكن لا يملك بالقبض2 فيه لعدم الرضاء بالحكم } وإن كان الملك يثبت بالقبض في البيع الفاسد { فإن نقضه أحدهما انتقض وإن أجازاه في الثلاثة } أي في ثلاثة أيام { جاز عند أبي حنيفة } أي ينقلب جائز الارتفاع المفسد كما في الخيار المؤبد { لا أن أجاز أحدهما } لأنه كخيار الشرط للمتعاقدين فيتوقف على إجزتهما { وعندهما لا يشترط في الثلاثة } أي لا يتقيد الاجازة بها فكما أجازه جاز البيع كما في الخيار المؤبد { وإن اتفقا على أن لا يحضرهما شيء } أي أن لم يقع في خاطرهما وقت العقد أنهما بنيا على المواضعة أو أعرضا { أو اختلفا في البناء والاعراض يصح العقد عنده عملا بالعقد } فإن الأصل في العقد الشرعي اللزوم والصحة حتى يقوم المعارض { وهو أولى بالاعتبار من المواضعة التي لم يتصل به } أي لا بالعقد { لا } أي لا يصح العقد { عندهما فاعتبر العادة } فإن العادة تحقق المواضعة ما أمكن وما ذكر أن الأصل في العقد الصحة واللزوم معارض بأن المواضعة سابقة وإلى هذا اشار بقوله { والموضعة أسبق } والسبق من اسباب الترجيح { قلنا الآخر } وهو العقد { ناسخ } للمواضعة السابقة لأن أحد المتعاقدين يدعي عدم المضي على المواضعة فالعقد باعتبار أن أصله الجد واللزوم من غير تحقق معارض يكون ناسخا للمواضعة السابقة فعلى اصل ابي حنيفة يجب أن يكون عدم الحضور كالاعراض عملا بالعقد فيصح في الصورتين وعلى أصلهما عدم الحضور كالبناء ترجيحا للموابضعة بالعادة والسبق فلا يصح العقد في شيء من الصورتين { وأما أن يتواضعا على البيع بألفين على ان الثمن الف فهما يعملان بالمواضعة إلا في صورة إعراضهما } عن المواضعة { وأبو حنيفة يعمل بظاهر العقد في الكل } أي في صورة الاعراض وغيرهما { والفرق له بين البناء هنا } أي في صورة المواضعة على قدر الثمن { والبناء ثمة } أي في صورة المواضعة على نفس العقد { هو أن العمل بالمواضعة هنا يجعل قبول أحد الالفين شرطا لوقوع البيع بالآخر فيفسد العقد } لتوقف انعقاده على شر ليس من مقتضياته وفيه نفع لأحد العاقدين { وقد جدا في أصل العقد فهو أولى بالترجيح من الوصف } وهو الثمن لأنه وسيلة لا مقصودة فلو اعتبرناه وحمناه بفساد العقد لزم إهدار الأصل لاعتبار الوصف وهو باطل فلا بد من القول بصحة العقد ولزوم الالفين اعتبارا للتسمية { وأما أن يتواضعا على أن الثمن جنس آخر } بأن باعا بمائة دينار وقد تواضعا على أن يكون الثمن الف درهم { فالعمل بالعقد اتفاقا } فالبيع صحيح واللازم مائة دينار سواء بنيا علىالمواضعة أو اعراضا أو لم يحضرهما شيء أما أبو حنيقة فعلى اصله من عدم اعتبار المواضعة ترجيحا لاصل وتصحيحا للعقد بما سيما من البدل ضرورة افتقاره على تسمية البدل وأما أبو بوسف ومحمد فقد احتاجا إلى الفرق بين الموابضعة في جنس الثمن والمواضعة في قدره وهو ما أشار غليه بقوله { والفرق لهما بين هذا والمواضعة في القدر أن العمل بها } أي بالمواضعة { مع صحة العقد ممكن ثمة لاهنا } لأنالبيع لا يصح بدون تسمية البدل وإذا اعتبرت المواضعة كأن البدل ألف درهم وهو غير مذكور في العقد والمذكور فيه مائة دينار وهو غير البدل بخلاف المواضعة في القدر فإنه يمكن تصحيح البيع مع اعتبارها بأن ينعقج البيع بالالف الموجود في الالفين ثم ذكر جوابهما عن قول ابي حنيفة رحمه أن العمل بالمواضعة هنا بقوله الخ { والهزل بأحد الألفين ثم شرط لا طالب له } لاتفاق المتقاعدين على أن الثمن ألف لا ألفان وإذا لم يكن للشرط طالب { فلا يفسد العقد } كما إذا اشترى حمارا على أن يحمله حملا خفيفا مثلا لا يفسد العقد لعدم الطالب ولأبي حنيفة رحمه في رد الجواب المذكور أن الشرط في مسألتنا وقع لأحد المتعاقدين وفيه نفع له وهو الطالب لكنه لا يطالب هنا للمواضعة وعدم الطلب بواسطة الرضاء لا يفيد الصحة كالرضاء بالربا والثاني وهو ما لا يحتمل النقض ومعنى عدم احتمال النقض عدم جريان الفسخ بعد المام والاقالة فيه { فمنه مالا مال فيه وهو الطلاق والعتاق والعفو عن القصاص واليمين والنذر وكله صحيح والهزل باطل لقوله عم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق واليمين } فإنه يبين الحكم المذكور في هذه الثلاثة عبارة وفي الباقي دلالة { ولأن الهازل راض بالسبب لا الحكم وحكم هذه الأسباب لا يحتمل التراخي والرد حتى لا تيحتمل خيار الشرط } والمراد بالاسباب ههنا العلل { ومنه ما يكون المال فيه تبعا كالنكاح فإن كان الهزل في الأصل فالعقد لازم وإن كان في قدر البدل } أي المهر بأن يذكر في العقد الفان ويكون المهر ألفا { فإن اتفقا على الأعراض } عن المواضعة { فالمهر الفان } وهما المسمى في العقد { وإن اتفقا على البناء } أي بناء النكاح على المموابضعة { فألف } أما عندهما فظاهر كما في البيع وأما عند أبي حنيفة فيحتاج إلى الفرق بين النكاح والبيع حيث يعتبر في النكاح المواضعة دون التسمية وفي البيع بالعكس وأشار على ذلك بقوله { والفرق لأبي حنيفة رحمه بين هذا والبيع أن البيع يفسد بالشرط } والعمل بالموابضعة يجتعله شرطا فاسدا فلم يعمل بها تصحيحا للعقد بخلاف النكاح فإن الشرط يفسده { وإن اتفقا على أن لم يحضرهما أو اختلفا ففي رواية محمد عن أبي حنيفة المهر ألف } لأن المهر غير مقصود في النكاح { بخلاف البيع } فإنه لا يصح إلا بتسمية الثمن والنكاح يصح وإن لم يسم المهر { لأن الثمن مقصود بالايجاب فيرجح به } أي بالثمن { وفي رواية أبي يوسف عنه ألفان قياسا على البيع وإن كان الهزل في جنس البدل فإن اتفقا علىالاعراض فالمسمى في العقد } لازم { و} إن اتفقا { علىالبناء فمهر المثل } لازم { اجماعا } لأنه بمنزلة التزوج بدون المهر { وإن اتفقا علىأن لم يحضرهما شيء أو اختلفا } في الاعراض والبناء { ففي رواية محمد مهر المثل } لأن الأصل على روياته بطلان المسمى عند الاختلاف وعدم الحضور في الموابضعة في قدر المهر على ما ذكر وكذا في المواضعة في جنسه لكن في الموابضعة في قدر المهر العمل بالمواضعة ممكن لأن ما تواضعا عليه وهو الألف داخل في المسمى وهو الالفان بخلاف المواضعة في الجنس فإنه غير ممكن فيه فلما بطل المسمى وجب مهر المثل { في رواية أبي يوسف المسمى } لازم قياسا على البيع { وعندهما مهر المثل } لازم بناء على أصلهما من ترجيح المواضعة بالسبق والعادة فلا يثبت المسمى لرجحان المواضعة وعدم ثبوت المال بالهزل ولا المتواضع عليه { ومنه ما يكون والمال فيه مقصودا } حتى لا يثبت بدون الذكر { كالخلع والعتق على مال والصلح عن دم عمد سواء هزلا في الأصل القدر أو الجنس ففي الاعراض } أي في الاتفاق عليه { يلزم الطلاق والمال وكذا } يلزم الطلاق والمال { في الاختلاف } في الاعراض والبناء { وفي عدم الحضور أما عند ابي حنيفة رحمه فلترجيح الايجاب } أي العقد علىالمواضعة { وأما عندهما فلعدم تاثير الخيار } فإنه إذا شرط في الخلع الخيار لها فعندهما الطلاق واقع والمال لازم والخيار باطل لأن قبول المرأة شرط لليمين فلا يحتمل الخيار كسائر الشروط وعند أبي حنيفة رحمه لا يقع الطلاق ولا يجب المال تحتى تشاء المرأة يعني أن ردت الطلاق في ثلاثة أيام بطل الطلاق وإن اختارت أو لم ترد حتى مضت المدة فالطلاق واقع والمال لازم فمسألة الهزل في الخلع على كلا المذهبين بمنزلة مسالة الخلع بشرط الخيار على مذهبهما { وكذا } يقع الطلاق ويلزم ويلزم المال { في البناء } على المواضعة { عندهما على أن المال يلزم تبعا } لأن المال في الخلع والعتق على مال والصنلح عن دم عمد يجب عندهما بطريق التبعية والمقصود هو الطلاق والعتق وسقوط القصاص والهزل لا يؤثر في هذه الأمور فيثبت ثم يجب المال ضمنا لا قصدا فلا يؤثر الهزل في وجوب المال } الطلاق { على مشيتها } لا مكان العمل بالمواضعة بناء على أن الخلع لا يفسد بالشروط الفاسدة بخلاف البيع { وأما تسليم الشفعة } بطريق الهزل { فقيل طلب المواثبة يكون كالسكوت } لأنه لما اشتغل بالهزل عن طلب المواثبة فقد سكت عن الطلب فيبطل الشفعة { وبعده التسليم باطل لانه } أي لأن التسليم { من جنس ما يبطل بالخيار } حتى لو قال سلمت الشفعة على اني بالخيار ثلاثة أيام يبطل التسليم ويكون طلب الشفعة باقيا { وكذا } يبطل { الابراء } أي إبراء الغريم أو الكفيل بالهزل كما يبطل الابراء بشرط الخيار { وأما الاخبارات فالهزل يبطلها سواء كان فيما يحتمل الفسخ } كالبيع والنكاح فإ،ه يحتمل الفسخ قبل التمام وإن لم يحتمله بعد التمام { أو لا يحتمله } كالطلاق والعتاق { لأنه } أي لأن الاخبار { يعتمد صحة المخبر به } والهزل ينافي ذلك { الا يرى ان الاقرار بالطلاق والعتق مكرها باطل فكذا هازلا } لأن الهزل دليل الكذب كالاكراه { وأما الاعتقادات فالهزل بالرد كفر } لأنه استخفاف بالدين { فيكون } الهازل بالردة { مرتدا بعين الهزل } لقوله تعالى إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم { لا بما هزل به } وهو اعتقاد معنى كلمة الكفر التي تكلم بها هازلا فإنه غير معتقد معناها { وأما الاسلام هازلا فيصح لأنه انشاء لا يحتمل حكمه الرد والتراخي } ترجيحا لجانب الايمان كما في الاكراه { ومنها السفه } وهو خفة تعتري الانسان للفرح أو الغضب فبعثة علىالعمل بخلاف موجب العقل وقال فخر الاسلام هو العمل بخلاف موجب الشرع من وجه اتباع الهوى وخلاف دلالة العقل وإنما قال من وجه لأن التبذير أصله مشروع وهو البر والاحسان إلا أن التجاوز عن الحد حرام والفرق بين ا لسفه والعتة أن المعتوه يشابه المجنون في بعض افعاله وأقواله بخلاف السفيه فإنه لا يشابهه { وهو لا ينافي الأهلية ولا شيئا من الاحكام واجمعوا على منع ماله في أول البلوغ لقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم { ثم علق الايتاء بإيناس رشد منكر } أي مفيد للتعليل لأن التنوين يفيده في قوله تعالى فإن آنستم منهم رشدا أي عرفتم إليهم صلاحا ف العقل وحفظا للمال { إلا نادرا } وهي خمس وعشرون سنة لأن أقل مدة البلوغ اثنتا عشرة سنة وأقل مدة الحمل نصف سنة فيكون اقل سن يمكن فيه أن يصير المرء فيه جدا خما وعشرين سنة { فيقط المنع } هذا عند أبي حنيفة رحمه فإنه أقام السبب الظاهر للرشد وهو أن يبلغ هذا المبلغ مقامه فيدفع إليه المال بعد مضي هذه المدة سواء حصل منه إيناس أم لا وقالا لا يدفع غليه المال ما لم يونس منه الرشد تمسكا بظاهر الاية { واختلفوا في لاسفيه } الذي صار سفيها بعد البلوغ { فعندهما يجر } الحجر منع نفاذ التصرفات القولية { لأن النظر واجب حقا له لدينه } وإسلامه وإن لم يستحق النظر له من جهة أنه فاسق وهذا الحجر بطريق النظر لا العقوبة { فإن العفو عن صاحب الكبيرة حسن } وإن أصر عليها كالقتل عمدا وغاية فعل السفيه ارتكاب الكبيرة { وقياسا } عطف على قوله حقا له { على منع المال } فإنه إنما منع عنه ليبقى ملكه ولا يزول بالاتلاف فلا بد من منع نفاذ التصرفات القولية وغلالبطل ملكه باتلافه بها { وأيضا صحة العبارة لأجل النفع له } بتحصيل المطالب { فإذا صارت } العبارة { ضررا } عليه { يجب دفعها } وكان نفعه في الحجر { وأيضا } النظر واجب { حقا للمسلمين } فإن السفهاء إن لم حجروا اسرفوا فيركب عليهم الديون فيضيع أموال المسلمين في ذمتهم مثل أن يشتري جارية بالف دينار ولا فلس له فيعتقها في الحال فإنه وإن كان احتيالا فيالوصول إلى المقصود لكنه سفه من جهة أنه لا يملك فلسا قد اعتق جارية بألف دينار { وقيل هذا بناء على أن الانسان يمنع عن التصرف في ملكه بما يضر جاره عند أبي يوسف } ويرد عليه أنه شيء استحسنه مشايخ بلخ غير منقول عن ائمتنا ثم أن الظاهر من قوله حقا للمسلمين أنه من قبيل الحجر لدفع ضرر العامة { وعند أبي حنيقة لا حجر للسفيه لأن السفه لما كان مكابرة وتركا للواجب } صادرا { عن علم } ومعرفة { لم يكن سببا للنظر } كمن قصر فينحقوق الله تعالى لا يستحق وضع الخطاب عنه نظرا له { وما ذكر من النظر حقا له فذلك } النظر { جائز } لدينه { لاو واجب } كما ذكر في صاحب الكبيرة فإن العفو عن القصاص جاسز لا واجب ولما كاممظنة أن يقال في ترك الحجر ضرر بالمسلم من غير نفع لأحد فيجب الحجر بخلاف العفو عن القصاص فإن فيه حياة تدارك دفعه بقوله { وإنما يحسن } أي حجر السفيه بطريق النظر { إذا لم يتضمن ضررا فوقه وهو اهدار الأهلية } وإبطالها والحاقه بالبهائم { والعبارة والأهلية نعمة أصلية واليد } والتصرف نعمة { زائدة فيبطل قياس الحجر عىل منع المال } لأنه قياس القوى بالضعيف { ثم إذا كان الحجر بطريق النظر له } عندهما وهذا يختلف بحسب الاحكام { يلحق } السفيه { في كل حكم إلىمن كان في إلحاقه إليه نظرا له من الصبي والمريض والمكره } ففي الاستيلاد يجعل كالمريض فإنه إن ولدت جارية فادعاه ثبت نسبه منه وكان الولد حرا والجارية أم ولد لان توفيرالنظر في الحاقه بالمصلح في حكم الاستيلاد فإنه محتاج إليه لابقاء نسله وصيانة مائة فيلحق بالمريض فإن المريض المديون إذا ادعى نسب ولد جاريته يكون في ذلك كالصحيح حتى تعتق من جميع ماله بموته ولا تسعى هي ولا ولدها لأن حاجته مقدمة على حق العزماء ولو اشترى هذا المحجور عليه ابنه وهو معروف وقبضه كان شراؤه فاسدا ويعتق الغلام حين قبضه ويجعل في هذا الحكم بمنزلة المكره فيثبت له الملك بالقبض وإذا ملكه بالقبض فالتزام الثمن أو القيمة بالعقد منه غيرصحيح لما في ذلك الضرر عليه وهو في هذا الحكم ملحق بالصبي وإذا لم يجب علىالمحجور شيءلميسلم له شيء وكانت سعاية الغلام في قيمته للبائع { وهذا الحجر } المختلف فيه الذي يكون للمكلف عن التصرف فيماله نظار له { عندهما أنواع أما بسبب السفه } في ذاته { فينحجر بنفسه } أيبنفس السفه بلا احتياج غلىحجر القاضي { عند محمد ويحجر القاضي عند أبي يوسف وأما بسبب الدين بأن يخاف أن يلجىء أمواله } التلجئة هي المواضعة المذكورة مفصلة { بيع أو إقرار فيحجر على أن لا يصح تصرفه إلا مع الغرماء } فيتوقف على قضاء القاضي اتفاقا بينهما لأ،ه لأجل النظر للغرماء فيتوقف على طلبهم وإنما يتم بالقضاء { وإن لم يكن سفيها } متصل بقوله فيحجر وهذا إنما يكون في المال الذي يكون في يده وقت الحجر والما فيما يكسب بعدد فينفذ تصرفه فيه مع كل أحد { وأما بأن يمنع عن بيع ماله لقضاء الديون } فيبيع القاضي أمواله عروضا كانت أو عقارا { فهذا ضرب حجر } لأنه في أمر خاص { ومنها السفر وهو خروج مديد }
Sayfa 380