{ فصل في أن الكفار هل يخاطبون بالشرائع أم لا } وهو مذكور في آخر أصول فخر الإسلام { قال الإمام السرخسي لا خلاف في أن الكفار يخاطبون بالإيمان والعقوبات والمعاملات مطلقا بالعبادات في حق المؤاخذة في الآخرة بترك الاعتقاد وأما في حق وجوب الأداء فكذا عند العراقيين من مشايخنا } وهو مذهب الشافعي { لأنه لو لم يجب لا يؤاخذون في تركها وقد دل عليها } أي على المؤاخذة { قوله تعالى ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولأن الكفر لا يصلح مخففا ولا يضر كونها غير معتد بها مع الكفر } جواب عما قيل أن العبادات لما لم يكن معتدا بها مع الكفر لا تكون في وجوب الأداء فائدة { لأنه يجب عليه بشرط الإيمان كما يجب الصلاة على الجنب بشرط الطهارة خلافا لمشايخ ما وراء النهر } وهو المختار عند المتأخرين ولاخلاف في عدم جواز الأداء حال الكفر ولا في عدم وجوب القضاء بعد الإسلام { لقوله عليه السلام ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أجابوك فأعلمهم أن الله تعالى فرض خمس صلوات } علق عليه السلام الأمر بتبليغ وجوب الصلاة على تحقق شرط الإيمان ولو لم يكن وجوبها مشروطا به لما صح ذلك التعليق إذ ح يكون الواجب منه عليه السلام الأمر تبليغ وجوبها مطلقا وليس هذا استدلالا بمفهوم الشرط كما يفهم من ظاهره { ولأن الأمر بالعبادة لنيل الثواب والكافر ليس أهلا له } ما دام كافرا فلا يرد النقض بالأمر بالإيمان نعم يتجه إن يقال أن أريد أنه ليس أهلا له أصلا فمم فإنه يصير أهلا له بتحصيل شرط المقدور وإن أريد أنه ليس أهلا له بشرط الكفر فلا يجدي نفعا كما لا يخفى { وليس في سقوط العبادة عنهم تخفيف بل تغليظ نظيره أن الطبيب لا يأمر العليل بشرب الدواء عند اليأس وذلك ليس بنظير له بل عليه وكذا هنا وقد ذكر الإمام } أي شمس الأئمة { أن علمائنا لم ينصوا في هذه المسألة لكن بعض المتأخرين استدلوا من مسائلهم على هذا وعلى الخلاف بينهم وبين الشافعي فاستدل البعض بأن المرتد إذا اسلم لا يلزمه قضاء صلاة الردة خلافا له } فدل على أن المرتد غير مخاطب بالصلاة عندنا خلافا له { ورد بأنه يحتمل أن يجب ثم يسقط القضاء لقوله تعالى أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف والبعض بأنه إذا صلى في أول الوقت ثم ارتد ثم أسلم والوقت باق فعليه الأداء خلافا له لأن صحة ما مضى كانت بناء على الخطاب وهو ينعدم بالردة عندنا } فبطل ذلك الأداء فإذا أسلم في الوقت وجب ابتداء { لا عنده } فلا يبطل الأداء { ورد } هذا أيضا { بأن المؤدى إنما بطل لقوله تعلى { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله } فإذا أسلم } أي بعد ما حبط عمله إذا أسلم { في الوقت يجب لا محالة } فلا دلالة فيه على محل الخلاف { والبعض فرعوه على أن الشرايع ليست من الإيمان عندنا خلافا له وهم مخاطبون بالإيمان } فقط مم { قيل والاستدلال الصحيح على المذهب أن من نذر يصوم شهر ثم ارتد ثم أسلم لا يجب عليه فعلم أن الردة تبطل وجوب أداء العبادات ويرد عليه أن النذر المذكور من العبادات فيبطل بالردة بالنص المذكور } فلا فرق بين هذا الاستدلال والاستدلال المذكور ثانيا والله أعلم .
Sayfa 184