{ فصل الإتيان بالمأمور به نوعان أداء هو تسليم عين الثابت } واجبا كان أو نفلا لم يقل بالأمر لأن الثبوت يكون بالسبب والأمر معرف له غالبا { وقضاء هو تسليم مثل الواجب } ولا اختصاص له بالموقت على ما تقف عليه في القضاء الشبيه بالأداء وإنما لم يقل من عنده لأن الدين قد يقضى تبرعا { وفيه نظر } لأن القضاء لا يستدعي سبق الوجوب بل يكفيه سبق السبب { ويطلق كل منهما على معنى الآخر مجازا شرعا } إنما قيد به لأن القضاء يطلق على الأداء حقيقة بحسب اللغة { والقضاء يجب بموجب الأداء إلا وجوبه إنما يعرف بنص جديد عند البعض لأن القرية عرفت في وقتها ومحلها فغاية الشرف } سواء كان شرف الوقت أو شرف المحل { لا يعرف مثالا له } أي للحائر للشرف { إلا بنص } لم يقل لا يعرف له مثل إلا بنص لأن الظاهر منه أن يكون كلامه في القضاء بمثل غير معقول وكلام العامة صريح في القضاء بمثل معقول فلا ينتظمان في سلك واحد { وعند عامة أصحابنا يعرف وجوبه } أي وجوب القضاء { بما عرف به وجوب الأداء لأن الواجب لا يسقط بفوت الوقت والمحل وله مثل من عنده يصرعه إلى ما عليه فما فات الأشرف الوقت بلا تبعة سوى الاثم إن كان عمدا لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وقوله عليه السلام ( من نام عن صلاة ) } أي غفل عنها نائما { ( أو نسيها فيصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها ) } استدل بالآية والحديث على أن الواجب من الصوم والصلاة لا يسقط بخروج الوقت وأما ضمان شرف الوقت فالنصان المذكوران ساكتان عنه { وفيه نظر } لأن القول بوجوب الصوم على المريض مع أن جواز الترك مجمع عليه وهو ينفي الوجوب مشكل وكذا الحال في صلاة النائم { وإذا ثبت في الصلاة والصوم وهومعقول } أي وإذا ثبت أن خروج الوقت غير مسقط فيهما { ثبت في غيرهما كالمنذورات والاعتكاف قياما } عليهما بجامع أن كلا منهما عبادة واجبة بالسبب { والنصان } المذكوران { لإعلام بقاء الوجوب السابق لا للإيجاب ابتداء } جواب دخل مقدر تقريره إن ما ذكرتم حجة عليكم لا لكم لأن وجوب القضاء فيما ذكر إنما ثبت بنص جديد وتقرير الجواب ظاهر القياس مظهر لا مثبت فلا تمشية للدخل المذكور فيه ولذلك لم يتعرض له في الجواب { وفيه نظر } لما عرفت فيما سبق أن الخلاف في الحاجة إلى نص جديد للعلم بوجوب القضاء لا لإيجابه ابتداء { فإن قيل ينبغي أن يجوز قضاء الاعتكاف في رمضان الواجب بالنذر في رمضان آخر } متعلق بالقضاء لا بالنذر { لأن النذر الموجب له لم يوجب صوما مخصوصا به والقضاء وجوبه بما يوجب الأداء قلنا بل النذر الموجب له أوجب صوما مخصوصا به لكنه سقط في رمضان الأول يعارض شرف الوقت فإذا فات } أي الشرف المسقط { بحيث لا يمكن دركه إلا بوقت مديد ليس الموت فيه ببعيد عاد السبب موجبا للشرط } وهو الصوم { كاملا } كماله بأن يكون للاعتكاف { فوجوب القضاء مع سقوط شرف الوقت أحوط من وجوبه مع ثبوته إذ عند سقوطه يجب صوم مقصود وهو أفضل من شرف الوقت } لأن ما في ثبوت شرف الوقت من الزيادة وهي أفضلية صوم رمضان على سائر الأيام مثوب بالنقصان وهو فوت فضيلة الصوم المقصود فلما مضى رمضان سقط وجوب رعاية تلك الزيادة لما ذكرنا من أن الموت قبل رمضان آخر ليس بنادر فينبغي أن يسقط ذلك النقصان المنجبر بتلك الزيادة أيضا { وفيه نظر } إذ الموجب ما ذرك أن لا يتأدى شرط الاعتكاف بصوم القضاء لكنه يتأدى به على ما ذكر من الكشف { والأداء إما كامل إن كان بالوصف الذي شرع كأداء الصلاة مع الجماعة أو قاصر إن لم يكن به كأدائها منفردا أو مسبوقا } نبه بذلك على تفاوت القصور زيادة ونقصانا { أو شبيه بالقضاء كأدائها لاحقا فإنه أداء لأنه في وقتها وقضاء لأنه يقضي ما انعقد له إحرامه من الإتمام خلف الإمام حقيقة بمثله لأنه خلفه حكما فعلى هذا إن اقتدى المسافر بمثله فيالوقت ثم سبقه الحدث ثم أقام } بنية الإقامة أو بدخول وطنه للتوضي { يبني ركعتين إن فرغ الإمام قبل إقامته اعتبار الشبه القضاء } فإن القضاء لا يتغير بالإقامة { والسفر ويتم أربعا إن لم يفرغ } لأن الإقامة اعترضت على الأداء فصار فرضه أربعا { وكذا } أي يتم أربعا أيضا { إن تكلم } أي تكلم ذلك المسافر سواء كان قبل فراغ الإمام أو بعده { لأنه أداء } حيث وجب عليه الاستئناف والمستأنف مؤدى من كل الوجوه فيتغير بالإقامة المعترضة عليه { وكذا إن كان } ذلك المسافر { مسبوقا } لأن النية اعترضت على قدر ما سبق به وهو مؤد له من كل الوجوه لأن الوقت باق ولم يلتزم أدائه مع الإمام حتى يكون قاضيا له بخلاف اللاحق فإنه مستلزم أداء جميع الصلاة مع الإمام فهو في المقدار الذي لم يؤده معه لسبق الحدث قاض { ولهذا } أي للفرق بين اللاحق والمسبوق من حيث أن الأول خلف الإمام حكما دون الثاني { لا يقرأ اللاحق ولا يسجد للسهو } في القدر الذي لم يصلح مع الإمام كالمقتدى { ويفعلهما المسبوق } لأنه منفرد فيما سبق به فيقرأ ويسجد للسهو { والقضاء إما بمثل معقول كالصلاة للصلاة وأما بمثل غير معقول كالفدية للصوم وكالإنفاق للحج } أن الحج يقع على الأمر في ظاهر المذهب مع أن الواجب عليه مباشرة الأفعال والصادر عنه الإنفاق ولمماثلة بينهما غير معقول { وكل ما لا يعقل له مثل قربة لا يقضي إلا بنص كالوقوف بالعرفة ومي الحجار والأضحية وتكبيرات التشريق فإنها على صنعه الجهر لم تعرف قربة إلا في هذا الوقت } لأن الأصل فيه الإخفاء قال الله تعالى { واذكر ربك } في نفسك { تضرعا وخفية } ودون الجهر { ولا يقضي تعديل الأركان } الفايت في الصلاة { لأن إبطال الأصل بالوصف بطل والوصف لا يعقل له مثل ولا يوجد له نص فلم يبق إلا الإثم وكذا صفة الجودة } أي إذا أدى الزيوف في الزكاة لا يقتضي صفة الجودة لما ذكر { فإن قيل } هذا اعتراض على قوله وكل ما لا يعقل له مثل قربة لا يقضي إلا بنص { فلم أوجبتم الفدية في الصلاة } يعني فلم أوجبتم على الشيخ الفاني الفدية إذا فاتت الصلاة له والفدية ليست بمثل معقول للصلاة { والتصديق بالعين أو القيمة في الأضحية } فإنهما ليسا بمثلين معقولين لإراقة الدم { ولا بنص في واحد منهما } والإمام السرخسي أورد السؤال على قولهم الفدية للصوم مثل غير معقول وقرره هكذا قد جعلتم الفدية مشروعة مكان الصلاة بالقياس على الصوم ولوكان ذلك غير معقول المعنى لم يجز تعديه حكمه إلى الصلاة بالرأي { قلنا ما أوجبنا الفدية في الصلاة } وما قطعنا بجوازها { ولكن أمرنا بها احتياطا لاحتمال التعليل في الصوم } فإنه يحتل أن يكون فيه معنى معقول ولا نقف عليه { ففيه إتيان بالمندوب أو الواجب ونرجوا القبول } نص على ذلك محمد وفي الزيادات وهذا استحسان منه ومن هنا انكشف سر وهو أن لنا حكما مترددا بين الوجوب والندب ووجها للاستحسان غير الأدلة الأربعة المشهورة { وفي الأضحية } عطف على ما سبق من جهة المعنى أي قلنا بمشروعية الفدية في الصلاة لما ذكر بمشروعية التصدق بالعين والقيمة في الأضحية { لأنها عبادة مالية } ثبت قربته بالكتاب والسنة { والأصل في العبادات المالية التصدق بالعين } مخالفة لهوى النفس بترك المحبوب { إلا أنه نفل } في الأضحية { إلى الإراقة قطبيا للطعام } بإزالة ما اشتمل عليه ما الصدقة من أوساخ الذنوب والآثام } وتحقيقا لضيافة الله تعالى } فإن بالإراقة ينتقل الخبث إلى الدماء فيصير ضيافة الله تعالى بالطيب ما عنده على ما هو عادة الكرام ويستوي فيه الغني والفقير { لكن لم تعمل بهذا التعليل المظنون في الوقت في معرض النص } الظرفان متعلقان بالفعل المنفي { وعملنا به بعد الوقت احتياطا } يعني لما احتمل أن يكون نفس التضحية والإراقة أصلا من غير اعتبار معنى التصدق لم تعمل في الوقت بالتعليل المظنون ولم نقل بجواز التصدق بالعين أو القيمة في أيام النحر لقيام النص الوارد بالتضحية وبعد الوقت عملنا بالأصل وأمرنا بالتصدق احتياطا في باب العبادة وأخذا بالمحتمل لا إيجابا بالرأي في موضع الحاجة إلى النص ولا عملا بالقياس فيما لا يعقل معناه { فلهذا } تفريع على قوله وعملنا به بعد الوقت { إذا جاء العام الثاني لم ينتقل التصدق } بالعين أو القيمة { إلى التضحية لأنها لما احتمل جهة أصالة ووقع الحكم به لم يبطل بالشك } أي باحتمال أن يكون الإراقة أصلا وقد قرر على المثل بمجيء أيام النحر { وأما قضاء يشبه الأداء } عطف على قوله وأما بمثل غير معقول { كما إذا أدرك الإمام في العيد راكعا كبر } أي كبر التكبيرات الزوايد { في ركوعه فإنه وإن فات موضعه وليس لتكبيرات العيد قضاء إذ ليس لها المثل قربة لكن للركوع مشبه بالقيام } من جهة بقاء الانتصاب والاستواء في النصف الأسفل من البدن وليس بقيام حقيقة لمكان الانحناء { فيكون مشبها بالأداء وحقوق العباد أيضا تنقسم إلى هذا الوجه } إلى يجيء بمعنى على كما في قوله عليه السلام من ترك كلا أو عيالا فإلى { والأداء الكامل كرد عين الحق في الغصب وتسليمه في البيع والصرف والسلم } لما وجب بعقد الصرف أوالسلم بدل الصرف أو المسلم فيه في الذمة كان ينبغي أن يكون تسليم بدل الصرف والمسلم فيه قضاء إذا العين غير الدين لكن الشرع جعله عين ذلك الواجب في الذمة لئلا يكون استبدالا في بدل الصرف والمسلم فيه فإنه حرام فيهما { والقاصر كرد المعصوب وتسليم المبيع مشغولا بجناية أو دين أو غيرهما } كما إذا كان حاملا أو مريضا { حتى إذا هلك بذلك السبب انتقض القبض عند أبي حنيفة وعندهما هذا } أي الشغل بالجناية أو الحمل أو المريض { عيب والعيب لا يمنع تمام التسليم } فالمشتري إنما يرجع بنقصان العيب { وكأداء الزيوف } لم يقل إذا لم يعلم به صاحب الحق لأن هذا القيد للتمكن من رد المقبوض لا لكون الأداء قاصرا { حتى لو هلك عنده بطل حقه أصلا عندهما لما مر } من أنه لا يجوز أبطال الأصل بوالصف ولا مثل للوصف منفردا { خلافا لأبي يوسف } فإنه قال يرد مثل المقبوض ويطالب المديون بالجياد { والأداء الذي يشبه القضاء كما إذا أمهر إياها فاستحق بالقضاء } فبطل ملكها وعتقه حتى وجب قيمته لها على الزوج { ولم يقض بها القاضي حتى ملكه ثانيا فمن حيث أنه عين حقها تسليمه } أي تسليم الزوج له إياها { أداء فلا يملك منعه } أي إذا طلبت المرأة من الزوج أن يسلمه إياها لا يملك الزوج أن يمنعه منها { ومن حيث أن تبدل الملك يوجب تبدل العين قضاء } روى أن رسول الله دخل على بريرة رضي الله عنه فأتت بريرة بتمرة والقدر كان يغلي باللحم فقال عليه السلام ( ألا تجعلين لنا من اللحم نصيبا فقالت هو لحم تصدق علينا يا رسول الله فقال هو لك صدقة ولنا هدية فقد جعل تبدل الملك موجبا لتبدل العين حكما ولأن حكم الشرع على الشيء بالحل والحرمة وغيرهما سواء كان بالنظر إلى شخص واحدا وإلى شخصين يتعلق بذلك الشيء من حيث الوصف ككونه مملوكا لا من حيث الذات فإذا تبدل الوصف المذكور تبدل المجموع المأخوذ فيه ذلك الوصف سواء أخذ جزأ أو قيدا وقد أراد بالعين هذا المجموع لأن العين الذي تعلق به حكم الشرع هذا المجموع { فلا يعتق قبل تسليمه إليها ويملك الزوج إعتاقه } أي إعتاق العبد { وبيعه قبله } أي قبل تسليمه إليها { وإن كان قضى القاض بقيمته عليه ثم ملكه لا يعود حقها فيه } أي حق المرأة في الأب { ومن الأداء القاصر ما إذا أطعم الغاصب عين المغصوب المالك جاهلا } يبرأ به الغاصب عن الضمان ونقل الشافعي ولم يوجد في كتب أصحابه { أنه لا يبرأ من الضمان لأنه مأمور بالأداء لا بالتعزير وما وجد منه تعزير لأنه ربما يأكل الإنسان في موضع الإباحة فوق ما يأكل من ماله ولنا أنه أداء حقيقة وإن كان فيه قصور فتم بالإتلاف وبالجهل لا يعذر } كما إذا أعتق المالك المغصوب جاهلا بأنه عبده { والعادة المخالفة للديانة لغو } جواب عن تعليل الخصم { والقضاء بمثل معقول أما كامل كالمثل صورة ومعنى وأما قاصر كالقيمة إذا انقطع المثل أولا مثل له لأن الحق في الصورة قد فات فبقي المعنى فلا يجب القاصر إلا عند العجز عن الكامل ففي قطع اليد ثم القتل } إذا كان القاطع والقاتل شخصا واحدا متعمدا ويكون القتل قبل البرء { خير الولي بين القطع ثم القتل وهو مثل كامل وبين القتل فقط وهو قاصر وعندهما لا يقطع } أي ليس للولي أن يقطع بل له أن يقتل { لأنه إنما يقتضي بالقطع إذا تبين أنه لم يسر } أي القتل بحكم النص { فإذا اقتضى إليه } بأن قتله متعمدا { يدخل موجبه } وهو القصاص بقطع اليد { وهو موجب القتل } وهو القصاص بقتل النفس { إذا القتل أتم موجب القطع } المراد بالموجب في الموضعين الأثر الثابت بالشيء إلا أن الأول ثابت شرعا والثاني حسا { فصار كما إذا قتله بضربات } والحاصل أنه جعل الإفضاء إلى القتل بمنزلة السراية إليه { وله } أي لأبي حنيفة { أن ما ذكر } من القتل أثم أثر القطع فاتحد الجنايتان فيتحد موجبهما { من حيث المعنى أما من حيث الصورة في جزاء الفعل } لأن الفعل وهو القطع والقتل من حيث الصورة متعدد فيتعدد ما هو جزاء الفعل وهو القصاص { وإنما يدخل في جزء المحل } أي إنما يدخل ضمان الجزء في ضمان الكل فيما هو جزاء المحل { كما يدخل أرش الموضحة في دية الشعر } وهذا لأن الدية جزاء المحل { والقتل قد يمحو أثر القطع } من حيث أن المحل يفوت به ولا إتمام بدونه { كما يتم } قال الله تعالى { وما أكل السبع إلا ما ذكيتم } جعل القتل ما جاء أثر الجرح فهذا منع لقوله أن القتل أتم أثر القطع { وإنما لا يجب } أي القصاص { بتلك الضربات إذ لا قصاص فيها } جواب عن قوله كما قتله بضربات { وإذا انقطع المثل يجب القيمة يوم الخصومة إذ ح يتحقق العجز عن الكامل بالقضاء } أي بقضاء القاضي وهذا عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يوم الغصب وعند محمد يوم الانقطاع { والقضاء بمثل غير معقول كالنفس تضمن بالمال المنقوم فلا يجب عند احتمال المثل المعقول صورة ومعنى وهو القصاص خلافا للشافعي } فإن عنده ولى الجناية مخير بين القصاص وأخد الدية { وإنما شرع } أي المال عند عدم احتماله } أي القصاص { منة على القاتل بأن سلم نفسه وعلى الفتيل بأن لم يهد حقه بالكلية وما لا يعقل له مثل لا يقضي إلا بنص } قد ذكر هذه المسألة في حقوق الله تعالى وإنما أعادها ههنا ليتفرع عليها فروعها { فلا يضمن المنافع بالمال المتقوم لأنها غير متقومة إذ لا تقوم بلا إحراز والإحراز } وهو الصيانة والادخار لوقت الحاجة { لا يتصور بالمنافع } لم يقل ولا إحراز بلا بقاء ولا بقاء للإعراض لأنه محل مناقشة فإن عدم بقاء العرض محل الخلاف بين العقلاء ولم يقم حجة قاطعة للخلاف { وإنما يرد عقد الإجارة على المنافع بإقامة العين مقامها } جواب سؤال تقديره ظاهر { فإن قيل هي متقومة في عقد النكاح لأن ابتغاء البضع مع أنه لا يجوز إلا به } أي بالمال التقوم لقوله تعالى أن تبتغوا بأموالكم { يجوز بمنفعة الإجارة فهي في نفسها كذلك لأن ما ليس بمقوم لا يصير متقوما بورود العقد عليه } ولما استشعر أن يقال أن تقومها في العقد بضرورة العقد تداركه بقوله { وتقومها ليس لاحتياج العقد إليه لأنه قد يصح بدونه كالخلع } فإن منافع البضع غير متقومة في حال الخروج عن العقد وإن كانت متقومة حال الدخول فيه ومع ذلك يصح مقابلتها بالمال في عقد الخلع فعلم أن العقد لا يحتاج إلى تقومها فتقومها فيه ليس لضرورة صحته { قلنا تقومها في العقد ثبت بالرضى } يعني لا ثم أن ما ليس متقوم لا يصير بورود العقد عليه متقوما بل يصير متقوما بالرضى الذي به يتم العقد { بخلاف القياس } لما مر أنه لا تقوم بلا إحراز { فلا قياس عليه } يشتمل على معنيين أحدهما أنه لا يقاس تقوم المنافع بالغصب على تقومها في العقد ولثاني أنه لا يقاس كون المنافع مقابلا بالمال في الغصب على كونها مقابلا به في العقد { لهذا } أي للكون التقوم في العقد بخلاف القياس وهذا دليل على بطلان القياس على المعنى الأول { أو للفارق وهو الرضى } هذا دليل على بطلان القياس على المعنى الثاني { فإن له أثرا في إيجاب المال مقابلا بغير المال ولا يضمن الشاهد بعفو الولي القصاص إذا قضى القاضي به ثم رجع } تفريع آخر على الأصل المار ذكره وصورة المسألة شهد شاهد أن بعفو الولي القصاص فقضى القاضي به ثم رجعا عن الشهادة لم يضمنا { ولا } أي ولا يضمن { غير ولي القتيل إذا قتل القاتل } لأن الشهود وقاتل القاتل لم يفوتوا لولي القتيل شيئا إلا استيفاء القصاص وهو معنى لا يعقل له مثل { والقضاء الشبيه بالأداء كالقيمة فيما إذا أمثر عبدا غير عين فإنها قضاء حقيقة لكن لما كان الأصل مجهولا من حيث الوصف ثبت العجز } أي عن أداء الأصل وهو تسليم العبد { فوجب القيمة فكلها صل ولما كان } أي الأصل وهو العبد { معلوما } من حيث الجنس { يجب هو } أي الأصل وهو العبد { فيخير بينه وبين القيمة فأيهما أدى تجبر المرأة على القبول } ولما اتجه أن يقال بمجرد العجز عن الأصل لا يتحقق أصالة البدل لجريانه في جميع صور القضاء فإنه لا يكون إلا عند تعذر الأداء تدارك دفعه بقوله { والواجب من الأصل الوسط وذا يتوقف على القيمة فصارت أصلا من وجه فقضاؤها يشبه الأداء } .
Sayfa 157